قضى بعض كبار المهندسين في وادي السيليكون العقد الماضي في كتابة التعليمات البرمجية للسيارات ذاتية القيادة للمناورة بمهارة حول أكثر الشوارع تعقيدا في سان فرانسيسكو.
لكن، في مواجهة مخروط مروري برتقالي اللون تم وضعه بشكل متعمد على غطاء المحرك، تواجه سيارات الأجرة ذاتية القيادة ما يشابه تحول شاشة حاسوب إلى اللون الأزرق عند حدوث خطأ فني: حيث تصاب بالشلل وتعيق حركة المرور.
النشطاء من مجموعة سيف ستريت ريبيل المناهضة للسيارات ليسوا متأكدين من الذي أتى بفكرة “وضع مخروط أمام سيارة” – لكن بمجرد أن أدركوا مدى سهولة إيقاف أي من مئات سيارات الأجرة ذاتية القيادة في المدينة، قاموا بتصوير التعطيل، ونشره على شبكة الإنترنت وشجعوا الآخرين على فعل الشيء نفسه. تعد التصرفات الغريبة، المعروفة باسم “أسبوع وضع المخروط أمام السيارة”، جزءا من رد فعل أوسع ضد سيارات الأجرة ذاتية القيادة في سان فرانسيسكو، وهي واحدة من أولى المدن الأمريكية حيث يمكن الآن لهذه السيارات العمل على مدار الساعة.
يقول أليكس، أحد منظمي المجموعة الذي رفض استخدام اسمه الحقيقي، إنه يريد من مسؤولي المدينة تخصيص مزيد من التمويل لوسائل النقل العام، وليس دعم السائقين الآليين الذين من المحتمل أن يتسببوا في مزيد من الازدحام المروري. ويقول إن حملة وضع المخروط أمام السيارات تدور حول توعية مزيد من الناس بأن المركبات ذاتية القيادة تخضع لإشراف الهيئات التنظيمية على مستوى الدولة دون أي تمثيل ديمقراطي.
يقول: “تشارك كثير منا في حالة من الإحباط، وشعور بالعجز حول سيارات الأجرة ذاتية القيادة هذه. لقد رأينا ما يمكنك القيام به بمجرد وضع مخروط المرور، وأردنا ربط ذلك باستعادة بعض القوة، هل تفهمني؟ لجلب بعض القوة إلى الناس”.
سيكون من السهل تجاهل الاحتجاج بوصفه حيلة متطرفة على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن بعض إحباطاتهم تتم مشاركتها على نطاق واسع من قبل كبار مسؤولي المدينة وخدمات الطوارئ لدرجة أن التصويت للموافقة على توسيع استخدام سيارات الأجرة ذاتية القيادة في سان فرانسيسكو – الذي ينظر إليه على أنه لحظة رئيسة في رحلة القبول الوطني – تأخر مرتين هذا الصيف. ثم استمر نحو سبع ساعات من الجدل الخلافي وسط مظاهرات في الخارج.
على مدى العقد الماضي، برزت سان فرانسيسكو كمقر غير رسمي للسيارات ذاتية القيادة. يقع مقر كل من شركة كروز المملوكة لشركة جنرال موتورز وشركة زوكس المملوكة لشركة أمازون هناك، في حين أن شركة وايمو المملوكة لشركة ألفابت كانت تقوم بالتجربة هناك منذ أعوام. تعد فوضى المدينة جزءا من جاذبيتها: تتعلم الخوارزميات بشكل أسرع عندما تواجه ما هو غير متوقع.
يروج مديرو السيارات ذاتية القيادة لإمكانية تحقيق تحسينات كبيرة في السلامة. لا تشعر الروبوتات بالنعاس، أو التشتت أو الغضب. كما أنها لا تقود السيارات وهي مخمورة، أو تتحدث على الهاتف أو تسرع للذهاب إلى العمل. بالنسبة إلى الركاب الذين يشعرون بعدم الأمان لاستقلال سيارة أجرة مع شخص غريب، ولا سيما في وقت متأخر من الليل، يمكن أن تكون السيارة ذاتية القيادة نوعا من الملاذ.
لكن ما يؤكده النقاد هو مشكلات الروبوتات فقط. عدم قدرتها على التعرف على المخروط وإزالته هو مجرد مثال واحد. في كثير من الأحيان، تتشوش السيارات ذاتية القيادة وتنحرف فجأة إلى جانب الطريق، أو، أسوأ من ذلك، تقف في منتصف تقاطع حتى يتمكن موظف عن بعد من إخراجها عن الطريق. هذا الأسبوع، علقت سيارة أجرة ذاتية القيادة في أسمنت مبلل.
هذه الحوادث ليست منتشرة على نطاق واسع، نظرا إلى أن عددا كبيرا من سيارات الأجرة ذاتية القيادة على الطريق لا تزال في وضع الاختبار، وفي الأغلب ما يكون هناك مهندس سلامة خلف عجلة القيادة. لكن من المرجح أن تزداد الإحباطات مع نزول مزيد من السيارات ذاتية القيادة إلى الطرقات.
لقد أعاقت سيارات الأجرة ذاتية القيادة خدمات إدارة مكافحة الحرائق في سان فرانسيسكو 55 مرة في العام الماضي، حسب ما أخبرت جينين نيكلسون، رئيستها، لجنة المرافق العامة في كاليفورنيا. وتقول: “هذا غير مقبول ببساطة. ليست مهمتنا رعاية مركباتهم”.
جعلت هذه التحفظات من الصعب على لجنة المرافق العامة في كاليفورنيا أن تقرر ما إذا كان بإمكان شركتي وايمو وكروز تشغيل خدمات تجارية، على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، مع ركاب يدفعون مقابل نقلهم.
رغم منح التصاريح في النهاية في العاشر من أغسطس، فإن صعوبة الحصول عليها في واحدة من أكثر مدن العالم تقدما في مجال التكنولوجيا يمكن أن ينذر بتحديات أعمق حيث تخطط هذه المجموعات لتوسيع خدماتها حول العالم.
كشف استطلاع نشر العام الماضي من مركز بيو ريسيرش نطاق المشكلة. فقد ذكر أن عدد الأمريكيين الذين يعتقدون أن “الاستخدام واسع النطاق للسيارات ذاتية القيادة” سيكون “فكرة سيئة” أكبر من أولئك الذين شعروا أنها ستكون “فكرة جيدة”. حيث قال أكثر من نصف الرجال، و72 في المائة من النساء، أنهم لن يدخلوا حتى سيارة أجرة ذاتية القيادة إذا سنحت لهم الفرصة.
يعتقد المسؤولون التنفيذيون في الصناعة أن هذه الأرقام ستتحول لمصلحتهم حيث يتزايد عدد الأشخاص الذين يجربون سياراتهم ويتعرفون على مزايا السلامة فيها.
لكن هذا أبعد ما يكون عن اليقين. إذ تخطط شركة كروز وحدها لإنزال مليون سيارة أجرة ذاتية القيادة على الطريق بحلول 2030. لذلك حتى لو انخفض معدل الحوادث بشكل كبير، فإن الانتشار المتزايد لسيارات الأجرة ذاتية القيادة من شأنه أن يرفع العدد الأولي لحوادث السيارات ذاتية القيادة، التي سيولد كل منها الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي التي يمكن أن تؤثر في الرأي العام ضدها.
قال أمنون شاشوا، الرئيس التنفيذي لمجموعة موبايل أي لتكنولوجيا مساعدة السائق ومقرها إسرائيل، في مؤتمر عقدته “فاينانشيال تايمز” أخيرا: “كل حادث فريد ونادر – يولد كثيرا من الاهتمام ويذهب إلى المحكمة. هذه حقا هي العقبة التي تعيق نشر هذه السيارات بشكل أوسع”.
“أكبر من جوجل”
هذه المعوقات مهمة جزئيا لأنها يمكن أن تسبب مزيدا من التأخير.
منذ أكثر من عقد من الزمان، عندما كان المهندسون يبرهنون لأول مرة على أن السيارات ذاتية القيادة يمكن أن تندمج بثقة مع حركة المرور في منطقة خليج سان فرانسيسكو، توقع لاري بيج، المؤسس المشارك لشركة جوجل: “إذا نجح نموذج العمل هذا، فقد يصبح أكبر من جوجل”.
أقنعت الفكرة المستثمرين بضخ مبالغ مذهلة في تكنولوجيا القيادة الذاتية على مدار العقد الماضي – أكثر من 50 مليار دولار، وفقا لشركة ماكنزي. كان الجميع من الشركات الناشئة الصغيرة إلى شركات صناعة السيارات القديمة إلى شركتي أبل وبايدو في الصين، كانوا معجبين بالفكرة.
في الأعوام التي تلت ذلك، كان من السهل الاستهزاء بالتوقعات الأكثر تفاؤلا، مثل قول ليفت ذات مرة إن “أغلبية” الرحلات ستكون بلا سائق بحلول 2021. لكن حتى مع تأجيل حلم السيارات ذاتية القيادة، فلم يتم تعديله حقا.
أخبرت ماري بارا، الرئيسة التنفيذية لشركة جنرال موتورز، المستثمرين بأنها تتوقع أن تحقق شركة كروز مليار دولار من الإيرادات في 2025 – عندما يتوقع أن تكون لها عمليات تجارية في الولايات المتحدة، والإمارات واليابان – و50 مليار دولار سنويا بحلول 2030.
يقول كايل فوجت، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة كروز: “إننا على الطريق الصحيح لتجاوز هذه التوقعات. لا نريد فقط الحصول على مزايا الأمان، والراحة والتكلفة مقابل المنفعة هذه في الولايات المتحدة. بل نريد أن نفعل ذلك أينما يسافر الناس، وذلك في كل مكان على هذا الكوكب”.
يجادل بأن الناس سيتفاجأون بمدى سرعة وصول خدمات القيادة الذاتية ثم بتوسعها. ويضيف فوجت: “سنصل إلى النقطة حيث يقطع كل ميل تقريبا في الولايات المتحدة بوساطة مركبة ذاتية القيادة. هناك 3.7 تريليون ميل يتم قطعه (سنويا). لذا، قم بالحساب في هذه الحالة: حتى بدولار لكل ميل، فهذه صناعة ضخمة. إنها أكبر بكثير من شركة جوجل”.
“وهكذا يصبح السؤال، ما مدى سرعة القيام بذلك؟ (…) في هذه المرحلة، لا يزال هناك القليل جدا من المخاطر التكنولوجية”.
تشير الأبحاث التي أجرتها شركة ماكينزي إلى أن هذه التوقعات وردية للغاية. وتتوقع أنه بحلول 2030، ستصل الإيرادات العالمية على مستوى الصناعة لتكنولوجيا القيادة الذاتية إلى 25 مليار دولار على الأكثر – أي نصف ما تعتقد شركة كروز أنها ستكسبه وحدها.
لكن، بشكل مشابه لشركة كروز، تفترض شركة ماكينزي أنه بمجرد أن تصبح التكنولوجيا جاهزة حقا للاستخدام السائد، ستتسارع الإيرادات ما بين 170 مليار دولار إلى 230 مليار دولار في غضون خمسة أعوام.
ستمثل سرعة هذا الانتشار نقلة نوعية للمدن.
أمامنا طريق طويل
لكي يحدث هذا الانتشار واسع النطاق، ستحتاج مجموعات السيارات ذاتية القيادة إلى ضغط الوقت الذي يستغرقه العمل في بيئات جديدة بشكل جذري: حيث تطلب الحصول على التصاريح اللازمة لتشغيل خدمة في سان فرانسيسكو أعواما عديدة من الاختبار.
يقول ساسوات بانيغراهي، كبير مسؤولي المنتجات في شركة وايمون، إن التوسع إلى لوس أنجلوس استغرق “عدة أشهر” – حيث تختبر الشركة بشكل مستقل مع ودون سائق احتياطي – و”عدة أسابيع فقط” للتوسع إلى سكوتسديل، فينيكس، حيث يمكن لأي شخص أن يستقل رحلة ذاتية القيادة بالكامل.
يقول بانيغراهي: “هذا المعدل يتسارع بالتأكيد. وهذا يثبت أن هؤلاء السائقين قابلون للتعميم في مدن لم يسبق لهم زيارتها من قبل”.
يقول أليكس كيندال، الرئيس التنفيذي لشركة وايف المستقلة الناشئة في لندن، إن شركته تستخدم نهج التعلم الآلي الذي سيسمح لمركباتها بفهم المدن التي لم تقد فيها من قبل. تهدف الشركة إلى نشر مركبات ذاتية القيادة بالكامل بعد التوقعات أن تسمح التشريعات المحلية بذلك في 2025.
يقول: “ترى ملكية سيارات شخصية أقل بكثير في أوروبا والمملكة المتحدة، واستخداما أكبر لوسائل النقل العام والحلول الأخرى. أعتقد أننا سنرى سوقا هناك أكثر انفتاحا، وتفاعلا و”تبنيا مبكرا”، إذا كانت الظروف التنظيمية مناسبة”.
لكن حتى لو كانت التكنولوجيا قادرة على تحقيق هذا التقدم السريع، فإن التجربة في سان فرانسيسكو تؤكد احتمالية حدوث رد فعل عكسي أوسع في المدن الجديدة. تم اختبار سيارات الأجرة ذاتية القيادة بشكل واضح في سان فرانسيسكو لأعوام، ومع ذلك كافحت شركتا وايمو وكروز للحصول على تصاريح للتسويق التجاري، فلماذا قد تتقبلها المدن الأخرى بسهولة؟
في وقت سابق من هذا العام، أجرت شركة يوجوف الاستطلاعية استقصاء رأي للمستهلكين في 18 بلد ووجدت أن 42 في المائة من المشاركين كانوا قلقين من تكنولوجيا القيادة الذاتية. في الصين، حيث فازت سيارات الأجرة ذاتية القيادة أبولو غو التابعة لشركة بايدو بتراخيص للعمل في أربع مدن على الأقل، وكان 37 في المائة من المشاركين في الاستطلاع يشعرون “بالقلق”.
يجادل شاشوا من شركة موبايل أي بأن مثل هذه الشكوك هي واحدة من العيوب الكبيرة في استراتيجية سيارات الأجرة ذاتية القيادة. وهو، مثل إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، يعتقد أن تطوير تكنولوجيا مساعدة السائق من “عدم التدخل” إلى “عدم المراقبة” سيكون أفضل في كسب الناس بمجرد أن يتمكنوا من تجربتها بأنفسهم.
يقول: “إنك بحاجة إلى كثير من آلاف أو مئات الآلاف من المركبات التي تتمتع بقدرة “عدم المراقبة” من أجل توليد البيانات (…) لتثبت للجمهور والهيئات التنظيمية أن هذا النظام يفي بمتطلبات السلامة. لن يأتي ذلك عبر وجود 200 مركبة تتجول في سان فرانسيسكو”.
ويقول بريسكوت واتسون، الشريك العام في ريد بلو كابيتال، وهو صندوق مغامر يركز على النقل، إن مجموعات سيارات الأجرة ذاتية القيادة لا تزال مرتبطة جدا بالحلم الأصلي قبل عقد من الزمان، حيث يبني المهندسون دماغا، بشكل أساسي، يمكن إسقاطه في أي بيئة ويبدأ القيادة.
هذا هو نوع التفكير الذي دفع مؤسس شركة أوبر، ترافيس كالانيك، في 2016، إلى النظر في شراء 100 ألف سيارة مرسيدس، معتقدا أنه يمكن أن يجهزها بتكنولوجيا القيادة الذاتية ثم تحقيق الأرباح. ويقول واتسون إن الصناعة كانت مستعدة لإنفاق 20 مليار دولار مقدما، لأنهم اعتقدوا أن التوسع قد يحدث بتكاليف هامشية.
يقول واتسون: “تبين أن الأمر ليس كذلك. إنك تصنع دماغا، لكن عليك تدريب هذا الدماغ لمدة ستة أشهر للقيادة في فينيكس، وتدريب هذا الدماغ لمدة عامين للقيادة في كولومبوس، أوهايو. ويعد نشر السيارات في كل من هذه المدن مشروعا ضخما آخر”.
مكاسب محتملة
إذا كانت مجموعات السيارات ذاتية القيادة قادرة على الانتشار في مدن متعددة كل عام، وفي النهاية العشرات كل عام، فإن إقناع السياسيين والجمهور بفوائد السلامة الخاصة بها سيكون أمرا محوريا.
بعد أن أصبحت بريدجيت دريسكول، في 1896، أول شخص تصدمه وتقتله عربة بلا أحصنة تسير بسرعة لا تتجاوز ثمانية أميال في الساعة، أعرب الطبيب الشرعي عن رغبته في “ألا يتكرر مثل هذا الشيء مرة أخرى”.
بدلا من ذلك، أصبحت حوادث السيارات شائعة لدرجة أنها لم تعد أخبارا. على الصعيد العالمي، يموت 1.3 مليون شخص في حوادث السيارات كل عام، أو نحو 3،700 حالة وفاة يوميا. وفي الولايات المتحدة وحدها، بلغ إجمالي الوفيات نحو 43 ألف في 2021، وهو أعلى مستوى خلال 16 عاما.
كتب رودني بروكس، عالم الروبوتات في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، في ورقة بحثية في 2017، أن هذه “أعداد كبيرة بشكل مروع”، لكن على مدار الـ120 عاما الماضية “قررنا، نحن الجنس البشري، أن هذه الأعداد الكبيرة من الوفيات مقبولة لقاء الفائدة التي توفرها السيارات”.
قال بروكس إن المجتمع غير مستعد للوفيات الناتجة عن السيارات دون سائق، حتى لو كانت الأرقام تشير إلى تحسينات كبيرة. وكتب أيضا: “قد تعد عشر وفيات سنويا كثيرة جدا. لن يكون الأمر عقلانيا. ولكن هذه هي الطريقة التي سيتكشف بها الأمر”.
وقد أدرك ماسك مالك شركة تسلا المعضلة نفسها، حيث تحاول شركة صناعة السيارات الكهربائية تطوير تكنولوجيا مساعد السائق “أوتو بايلوت” الخاصة بها في شبكة سيارات الأجرة ذاتية القيادة الخاصة بها. وقال في مؤتمر لـ”فاينانشال تايمز” العام الماضي: “الأشخاص الذين تم إنقاذ حياتهم من خلال القيادة الآلية أو التحكم الذاتي لا يعرفون أن حياتهم قد تم إنقاذها”.
وبالنسبة إلى شاشوا من “موبايل آي”، فإن القياس المناسب للمسألة هو اللقاحات. ويقول إن اللقاح الذي أنقذ حياة الأغلبية العظمى من السكان يمكن أن يتفاعل بشكل سيئ مع أقلية صغيرة من الناس. “سيموت شخص ما، تماما كما هو الحال مع اللقاحات. كيف تتعاملون مع ذلك؟”.
حتى الآن، كانت حوادث السيارات دون سائق نادرة، وفي معظم الحوادث المبلغ عنها يكون السائق البشري هو المخطئ. وفي تقرير من شركة وايمو يلخص تجربتها حول مسافة مليون ميل “للركاب فقط” في وقت سابق من هذا العام، كان هناك 18 “حادث تصادم” وفي أكثر من نصف الحوادث صدمت سيارة وايمو المتوقفة من قبل مركبة أخرى.
فقط اثنان من الحوادث استوفيا التعريف التنظيمي لـ”الاصطدام”، ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات، ولم تقع حوادث تتعلق بالمشاة أو راكبي الدراجات الهوائية. ويقول بانيغراهي: “كان عشرة منها لشخص ما يصدم سيارة وايمو من الخلف”.
ومع ذلك، أنشأت عديد من مكاتب المحاماة في كاليفورنيا بالفعل تخصصا في حوادث السيارات ذاتية القيادة. إن النداء، بخلاف مساعدة الضحايا، واضح: إذا كانت التكنولوجيا من أمثال شركة ألفابت وكروز وتسلا هي المسؤولة، فإن الاهتمام العام والمدفوعات المحتملة يمكن أن تكون هائلة.
“على قدر ما يبدو الأمر جنونيا، إلا أن ضحايا حوادث المرور يحتاجون الآن إلى معرفة من كان يقود السيارة التي صدمتهم: هل هو جهاز حاسوب أم إنسان؟” كما يشرح مارتن جاسباريان، من شركة مايزون لو، على موقعه على الإنترنت. إذا كان الخطأ يكمن في التكنولوجيا، فإن “شركة السيارات يمكن أن تكون مسؤولة بالكامل”.
هذه النتيجة هي التي يستعد لها البعض في الصناعة بالفعل. وقال ماسك لـ”فاينانشال تايمز” إن استراتيجية “تسلا” تتمثل في إعطاء الأولوية لجعل التكنولوجيا أكثر أمانا، ومكافحة الدعاوى القضائية والاستمرار في العمل: “سنتحمل الضغط وكفى”.
سيؤدي التعامل مع حقول الألغام القانونية إلى زيادة الضغط على الشركات التي تتنافس للسيطرة على صناعة سيارات الأجرة الآلية. المحصلة بالنسبة إلى واتسون هي أن مجموعات سيارات الأجرة الآلية ستحتاج إلى موارد هائلة لتوسيع نطاقها في العقد المقبل، وهذا ما يجعله قلقا بشكل خاص حول شركة كروز.
يمكن القول إنها المرشح الأوفر حظا اليوم، ولكن في حين أن شركتي وايمو وزوكس مدعومتان من قبل عمالقة التكنولوجيا المجهزين بمطابع للنقود، فإن كروز مدعومة من قبل شركة صناعة سيارات تتصارع بالفعل مع النقابات حيث تنفق مليارات الدولارات على تنشيط محفظتها.
ويقول: “إن الطريق نحو الربحية سيكون طويلا جدا أمام هذه الشركات. إنها بحاجة إلى أن يكون لديها مالكون على استعداد لتحمل هذا الجدول الزمني”.
كيف تعمل سيارات الأجرة ذاتية القيادة؟
تستخدم سيارة أجرة ذاتية القيادة نموذجية، كما في مثال سيارات شركة وايمو، ثلاثة أنواع رئيسة من أجهزة الاستشعار لبناء صورة ثلاثية الأبعاد للبيئة من حولها.
ليدار
تكنولوجيا استشعار تنقل الملايين من نبضات الليزر في الثانية، ويبني اتجاه وبعد النبضات المنعكسة نموذجا افتراضيا مفصلا ثلاثي الأبعاد بزاوية 360 درجة.
رادار
نظام يشبه الليدار لكن باستخدام الموجات الكهرومغناطيسية لاكتشاف الوجود (وجود أشياء، أجسام، أشخاص) والحركة. وهو مفيد بشكل خاص عندما تكون الرؤية منخفضة، على سبيل المثال في المطر، أو الضباب أو الثلج.
الكاميرات البصرية
أجهزة تفيد في الكشف عن لون الأشياء وتمييزها مثل إشارات المرور ومناطق البناء ومركبات الطوارئ.
إضافة إلى ذلك، توفر وحدة قياس القصور الذاتي تمركزا دقيقا لتحديد المواقع وأجهزة استشعار تكميلية تكشف عن عناصر مثل صفارات الإنذار الخاصة بمركبات الطوارئ.
تعالج البرمجية بيانات المستشعر وتحولها إلى منظر في الوقت الفعلي ويستخدم قاعدة بيانات واسعة من المعلومات الحالية المكملة بالذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي للتنبؤ بسلوك المركبات والأشخاص المحيطين من أجل تخطيط حركتها الخاصة.