لن نبالغ مهما قلنا عن أهمية طرح شركة آرم لتصميم الرقائق في سوق الأسهم لأول مرة لباقي شركات التكنولوجيا الأخرى التي تأمل إدراج أسهمها.
بعد شح في الطروح العامة منذ بداية 2022، سيكون الطرح الأولي العام، الذي قد يحدث في سبتمبر المقبل، مقياسا لتجدد اهتمام السوق بالتكنولوجيا هذا العام.
ولن نبالغ أيضا مهما تكلمنا عن الصعوبة التي تواجهها “سوفت بنك”، الشركة المالكة لآرم، في الحصول على التقييم الممتاز الذي تحتاجه ليساعدها على ترميم صورتها المشوهة بصفتها مستثمرة في التكنولوجيا.
إنها تطرح “آرم” للاكتتاب العام فيما انعدم النمو في السوق الأساسية لشركة الرقائق، ونموذج عملها في تحول، وهي عالقة في معركة قانونية مع أحد أكبر عملائها.
كما أن قطاع الرقائق، مثل معظم عالم التكنولوجيا، في خضم تحول في تقييماته مع محاولة المستثمرين معرفة أي الشركات ستستفيد من طفرة الذكاء الاصطناعي المترقبة، وأيها ستترك على قارعة الطريق. ستعقد أي مشكلة من هذه المشكلات الطرح الأولي العام، لكنها مجتمعة تجعل طرح الأسهم تحديدا صعبا.
لا عجب في أن تحاول “سوفت بنك” صيد مجموعة من المستثمرين الأثرياء الرئيسين لوضع حد أدنى لسعر الطرح. ظهر الأسبوع الماضي أنه فيما كانت “أمازون” تخوض نقاشات حول الحصول على حصة في “آرم”، كانت “سوفت بنك” تتودد خلف الكواليس إلى عدد من عملاء “آرم” الذين يعتمدون على تكنولوجيتها في تصاميمهم للرقائق.
تبدأ صعوبات “آرم” بوصول سوق الهواتف الذكية إلى النضج، حيث إن تصاميمها للمعالجات منخفضة الطاقة هي السائدة. باستثناء بعض النجاحات في مراكز البيانات والسيارات، لم تتحقق آمال “سوفت بنك” في إدخال تكنولوجيا “آرم” إلى أسواق جديدة وانخفضت إيراداتها 11 في المائة في آخر ربع أخير لها بسبب ضعف الطلب على الهواتف الذكية – ليس أمرا مبشرا بخير قبل طرح أولي عام.
مع استخدام تكنولوجيتها لصنع وحدات المعالجة المركزية – رقائق لأغراض عامة لازمة لمجموعة من المهام التي تجريها أجهزة مثل الهواتف الذكية – إن “آرم” ليست إلا على هوامش طفرة الذكاء الاصطناعي. أدى طلب معالجة البيانات الضخمة لتعلم الآلة إلى ارتفاع في مبيعات أشياء مثل وحدات معالجة الرسومات ورقائق الشبكات التي يمكن أن تسرع معالجة البيانات ونقلها. تلعب الرقائق التي تستخدم تكنولوجيا “آرم” دورا مساعدا فقط على إدارة هذه المهام.
تلقت “سوفت بنك” بالفعل درسا قاسيا في عاقبة تفويت الاتجاهات الرائجة في الاستثمار في الرقائق. اشترت قبل ستة أعوام ثلاثة مليارات دولار من أسهم “إنفيديا”، رائدة سوق الذكاء الاصطناعي. لو أنها احتفظت بها بدلا من بيعها لتحقيق أرباح قصيرة المدى، لكانت ستقدر الحصة بـ50 مليار دولار الآن، ربما أكبر من قيمة “آرم” كاملة عندما تطرح.
نموذج عمل “آرم” عند مفترق طرق تقريبا. حققت “آرم” تسعة سنتات في المتوسط لكل جهاز من أجهزة الحوسبة المحتوية على تكنولوجيتها التي يفوق عددها 30 مليار وشحنت العام الماضي. لتحصل على قطعة أرباح أكبر، طرحت فكرة فرض رسوم على مصنعي الأجهزة مباشرة بدلا من السعي وراء صانعي الرقائق لتحصيل رسوم الترخيص والحقوق. لكن فيما تجهز للطرح العام، لا يوجد ما يشير إلى أن هذه الخطة ستنجح.
في الوقت نفسه، تتعرض الشركة لضغوط حيث يتولى بعض عملائها مزيدا من الأعمال بصناعة الرقائق بناء على تصاميمها. إلى جانب بيع مخططات تكنولوجيتها، تبيع “آرم” نوى حاسوبية، لبنات بناء الرقائق الأساسية.
اتجهت شركة أبل، مثلا، إلى صناعة نواها الخاصة، ما يعني أنها لا تدفع لـ”آرم” إلا مقابل الترخيص الأساسي أو “الهندسي”. تتحرك شركة كوالكوم، أحد أكبر عملاء “آرم”، في الاتجاه نفسه بعد شرائها لشركة نوفيا الناشئة التي تصمم رقائقها الخاصة استنادا إلى تكنولوجيا “آرم”.
وفقا لبعض التقديرات، شراء الترخيص الهندسي فقط يمكن أن يخفض مقدار ما يدفعه العميل إلى النصف. يتضاعف التهديد مع حقيقة اعتماد “آرم” اعتمادا كبيرا على عدد صغير من العملاء الكبار.
رغبة “آرم” في أخذ “كوالكوم” إلى المحاكم تظهر حجم ما هو على المحك هنا. فيما يبدو نزاعا على رسوم الترخيص، قدمت الشركة دعوى بحجة أن اتفاقية ترخيص “آرم” تنص على أن “كوالكوم” لا يسمح لها باستخدام تكنولوجيا “نوفيا”، ما حض على رفع دعوى مضادة.
كل هذا يضيف إلى أهمية سعي “سوفت بنك” في ضم بعض عملاء “آرم” الكبار كمستثمرين. إلى جانب إسهامها في تثبيت السعر، ستكون خطوة مثل هذه بمنزلة إثبات قوي لجدوى شركة آرم في وقت يكتنفه عدم اليقين. لكن حتى مع ظهور تقارير عن المحادثات التي دارت لأسابيع، لا توجد إشارة بعد على أنها تستطيع إبرام الصفقة.