أخبار الشركاتالرئيسية

حماس مستثمري ” نفيديا” يحجب عنهم رؤية الواقع

هاشتاق عربي

تضاعف سعر سهم شركة نفيديا أكثر من ثلاث مرات هذا العام. توقعات الطلب غير المسبوق على رقائق الذكاء الاصطناعي أوصلت شركة تصميم الرقائق الأمريكية إلى قيمة سوقية تزيد على تريليون دولار.
إذا لماذا أعلنت شركات تصنيع الرقائق في آسيا – الشركات التي تصنع جميع رقائق “نفيديا” – أقل أرباح لها منذ أعوام؟
ينبغي أن تعطي الأخطار التي تواجه صناعة الرقائق العالمية المتقدمة رؤية ضرورية للواقع للمستثمرين الذين يعتقدون أن صعود “نفيديا” المحطم للأرقام القياسية يمكن أن يستمر.
تعد رقائق “نفيديا” المتقدمة ضرورية لتشغيل الجيل الجديد من تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، من تشات جي بي تي إلى القيادة الذاتية. إن هذه الرقائق، أو وحدات معالجة الصور، أسرع آلاف المرات من رقائق الأغراض العامة عند استخدامها في نماذج الذكاء الاصطناعي وتمثل معظم مبيعاتها.
تعزز الشركات قوة الحوسبة بزيادة عدد شرائح “نفيديا” التي تستخدمها في مراكز البيانات. بدأ هذا الاتجاه للتو، ما يعني أن هناك مجالا واسعا للنمو. هذا يفسر سبب توقع “نفيديا” لإيرادات تبلغ 11 مليار دولار للربع الحالي، بزيادة تقارب الثلثين عن العام السابق.
صنع رقائق “نفيديا” المتطورة يتطلب أكثر تكنولوجيات تصنيع الشرائح المتاحة تقدما. تنتج شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات، “تي إس إم سي”، وشركة سامسونج معا 100 في المائة من معروض العالم من الرقائق المتقدمة، والتي تستخدم عملية تصنيع بدقة 5 نانومتر أو أدق.
لذا يجب أن تكون حظوظ “تي إس إم سي” و”سامسونج” و”نفيديا” في النجاح متشابكة تشابكا مستحكما. حيث يتم تصنيع جميع رقائق الذكاء الاصطناعي من “نفيديا “في “تي إس إم سي”. وتصنع “سامسونج” شرائح ضرورية لتشغيل الخوادم اللازمة للذكاء الاصطناعي التوليدي.
هذا يشير إلى أن المستثمرين الذين يشترون أسهم” نفيديا “يجدر بهم أن يستثمروا في” تي إس إم سي “و “سامسونج” باندفاع مماثل. ويجب أن تضفي أسعارهما الرخيصة نسبيا مزيدا من الجاذبية.
بيد أن ارتفاعات أسعار أسهمها تبدو تافهة بجانب “نفيديا”. كان وارن بافيت أحد أبرز المستثمرين الذين تخلصوا من حصصهم في
“تي إس إم سي” هذا العام، حيث تخارج بالكامل في الربع الأول. كما أن الطلب القياسي على رقائق الذكاء الاصطناعي لم يفعل شيئا يذكر لتعويض ضعف الأرباح في أكبر شركتين متقدمتين في صناعة الرقائق في العالم. فقد انخفضت أرباح “سامسونج” في الربع الثاني 96 في المائة، وهو أدنى مستوى لها منذ 14 عاما. وانخفض صافي أرباح” تي إس إم سي” 23 في المائة، وهو أول انخفاض ربع سنوي لها منذ أربعة أعوام.
يعود جزء من السبب في ذلك إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يزال قطاعا صغيرا، إذ يقدر المحللون أن أقل من 5 في المائة من الطلب العالمي على الرقائق مصدره استخدامات متعلقة بالذكاء الاصطناعي. في” تي إس إم سي”، ما يقارب 90 في المائة من المبيعات مصدره الإلكترونيات الاستهلاكية والهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب والسيارات.
إن الفارق الزمني يحدث فرقا أيضا. يتم تقديم طلبات الرقائق مقدما، عادة مرة واحدة في العام. عندما كان هناك نقص في معروض الرقائق العامين الماضيين، خزنتها الشركات. والآن، فيما تعمل مستخدمة هذا المخزون، تناقصت الطلبيات.
لكن السبب الأكبر الذي يجعل حملة الأسهم في شركات تصنيع الرقائق الآسيوية لا يتشاركون الحماسة نفسها التي يشعر بها مستثمرو “نفيديا” هو أنهم جميعا على دراية كاملة بقيود إنتاج الرقائق.
إن الطلب غير المسبوق أقل إثارة حين يكون للإنتاج حد أقصى. صناعة إنتاج الرقائق تستهلك رأسمال كبير. ويكلف بناء منشأة تصنيع رقائق أكثر من 20 مليار دولار. ويجب تحديث القطع باستمرار بسبب وتيرة تغير تكنولوجيا الرقائق السريعة، وتعني الأرباح الضعيفة وجود أموال أقل لزيادة الطاقة الإنتاجية.
في الوقت الحالي، هوامش الربح الإجمالي لشركتي نفيديا وتي إس إم سي متساوية عند 60 في المائة تقريبا. وفي المستقبل، ستتمتع “نفيديا” بالأفضلية. برامجها وملكيتها الفكرية تضاعف القيمة وبذلك تتدارك التكاليف الباهظة المدفوعة لصانعي الرقائق.
لكن على الجانب الآخر، يعني هذا أن نمو” نفيديا” مقيد أيضا بالطاقة الإنتاجية. حيث ستظل رقائق الذكاء الاصطناعي جزءا صغيرا من مبيعات شركات تصنيع الرقائق لأعوام. ويجب أن تشارك” نفيديا “مواردها من صناعة الرقائق مع عملاء بارزين مثل شركة أبل. فإطلاق آيفون جديد مثلا، يعني طلبات لمئات الملايين من الرقائق المتطورة.
العرض الزائد الحالي على الرقائق صرف النظر عن الأخطار المقبلة. علاوة على ذلك، فإن قطاعي الألعاب والعملات المشفرة، حيث تعد رقائق “نفيديا” بالغة الأهمية، يتنافسان على معروضها. ينبغي أيضا أن تؤخذ أخطار الاضطراب الناجم عن نقص مهندسي الرقائق الأكفاء وتزايد التوترات العسكرية بين تايوان والصين.
مع تزايد تعقيد نماذج التعلم الآلي المستخدمة في مهام مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي، لا يمكن تلبية متطلبات قدرة المعالجة المتزايدة إلا بمزيد من الرقائق. “نفيديا” في وضع يمكنها من أن تكون المستفيد الأكبر من موجة الذكاء الاصطناعي على المدى الطويل. لكن في الوقت الحالي، يجب على المستثمرين أخذ أخطار قيود العرض في الحسبان وتقليل توقعاتهم عن السرعة التي يمكن أن تنمو بها السوق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى