منوعات

أزمة مالية تهدد أركان جامعات إنجلترا

هاشتاق عربي

وزراء الحكومة البريطانية مغرمون بتذكير الناخبين بأن لدى المملكة المتحدة ثاني أكبر عدد من الحائزين على جائزة نوبل من بين الدول وأربعا من أفضل 20 جامعة في العالم.
إنها رواية مضادة مطمئنة في حقبة يبدو فيها أن الدولة تكافح لمواكبة أقرانها من الدول المتقدمة في كل شيء، من نمو الإنتاجية إلى نتائج الرعاية الصحية.
حاليا، المملكة المتحدة تبلي بلاء حسنا يفوق قدرتها بالفعل، حيث لا تزال مؤسسات النخبة مثل أكسفورد وكامبريدج وإمبريال كوليج لندن تحتل مراتب عالية في تصنيف الجامعات العالمية.
لكن نواقيس الخطر تدق بشأن استدامة الموارد المالية للقطاع الأوسع. يحذر خبراء في التعليم ومحللون ونواب رؤساء جامعات من أن إعادة نظر جدية في التمويل طويل الأجل ضرورية ولا سيما للجامعات الإنجليزية – تختلف نماذج التمويل في المناطق ذات الحكم الذاتي.
تواجه الجامعات الإنجليزية عجزا يبلغ 2.500 جنيه استرليني تقريبا في المتوسط لكل طالب جامعي مواطن هذا العام الدراسي، وفقا لتحليل أجرته مجموعة راسل جروب لجامعات تركز على الأبحاث. تشير المسارات الحالية إلى احتمال نمو هذا العجز إلى خمسة آلاف جنيه استرليني بحلول 2029 – 2030، ما دفع الجامعات لتحذر من أن القطاع يواجه عودة أزمة تمويل حادة تشبه التي حدثت في منتصف التسعينيات والتي أنذرت بإدخال رسوم الدراسة الجامعية.
وفقا لسيمون مارجينسون، أستاذ التعليم العالي في جامعة أكسفورد، يوجد في صلب التحدي الوشيك “ضربة ثلاثية” تتمثل في الارتفاع المفاجئ في التضخم، وخسارة تمويل الاتحاد الأوروبي، وتزايد عدم اليقين حول مستقبل سوق الطلاب الأجانب مع تعرض علاقات الصين مع الغرب لضغوط متزايدة.
يرفع التضخم تكاليف التشغيل، بما فيها فواتير الطاقة والأجور، مع تآكل القيمة الحقيقية لرسوم التعليم للطلاب المواطنين. شركة داتاهي للاستشارات حسبت أن رسوم تسعة آلاف جنيه استرليني التي تم فرضها أصلا في إنجلترا عام 2012 ستصبح أكثر من 12 ألف جنيه استرليني الآن لو أنها زادت بما يتماشى مع الأسعار الاستهلاكية، لكنها الآن 9.250 جنيها استرلينيا.
الطلاب الأجانب، الذين يدفعون عادة نحو ضعف الرسوم التي يدفعها المواطنون، هم المصدر الأساسي للدخل الإضافي الذي يمكن جامعات كثيرة من تغطية نفقاتها. تمثل رسوم الطلاب الأجانب 20 في المائة تقريبا من دخل الجامعات – ارتفاعا من نحو 10 في المائة منذ أكثر من عقد بقليل.
أسهمت هذه الأموال في تمويل الأبحاث فترة طويلة، لكن يتم الآن تحويلها لتعويض النقص في رسوم الطلاب المواطنين. وفي الوقت نفسه، قطع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إمكانية الاستفادة من مصادر تمويل الاتحاد الأوروبي الذي بلغ متوسطه الإجمالي 800 مليون جنيه استرليني سنويا لمؤسسات التعليم العالي في المملكة المتحدة بين 2010 و2020، ما جعل القطاع أكثر اعتمادا على الطلاب الأجانب لموازنة الحسابات.
توجد تهديدات أخرى قادمة. حسابات “فاينانشيال تايمز” المستندة إلى التوقعات السكانية لمكتب الإحصاء الوطني تشير إلى أن المملكة المتحدة ستحتاج إلى إيجاد 45 ألف مقعد إضافي في 2030 إذا ظلت معدلات المنخرطين في التعليم العالي الحالية على حالها.
يحذر مارجنسون من أنه دون اتخاذ أي إجراء، فإن التاريخ معرض لخطر تكرار نفسه. بين 1975 و2000، انخفض مبلغ التمويل لكل طالب في جامعات المملكة المتحدة إلى النصف تقريبا. تسبب هذا في تعجيل الأزمة التي أدت إلى إدخال حكومة توني بلير العمالية رسوم ثلاثة آلاف جنيه للدراسة أوائل الألفية الحالية. وسط رد الفعل العنيف، جادل الحزب بأنها أعدل طريقة لتمويل نظام تعليم عال شامل يطمح إلى إلحاق 50 في المائة من السكان بشكل من أشكال التعليم العالي قبل بلوغهم الثلاثين.
يجادل مارجنسون أنه إذا استمر التراجع الحالي في القيمة الحقيقية للرسوم فستجد حتى أرقى المؤسسات في المملكة المتحدة نفسها بميزانية متقلصة في غضون عشرة أعوام. يمكن أن يتفاقم هذا أكثر عندما تضخ دول مثل الصين – وهي مصدر رئيس للطلاب الأجانب المربحين – الأموال في أنظمتها للتعليم العالي.
تحذر فيفيان ستيرن، الرئيسة التنفيذية لجماعة يونيفرسيتيز يو كيه، وهي مجموعة ضغط بريطانية تمثل 140 مؤسسة: “المسار الذي نسير فيه غير مستدام”. تقول إن انخفاض التمويل سيؤدي لا محالة إلى نسب موظفين إلى طلاب أسوأ، ومنشآت متدهورة، وقدرة أقل على جذب الاستثمارات والبحوث عالمية المستوى.
“لا يتعلق الأمر بالجامعات نفسها، بل بالبنية التحتية الوطنية. لا يمكننا أن نكون الجيل الذي يبدد الميزات الموجودة في نظام جامعاتنا. هناك حاجة ماسة لعقد نقاش وطني حول كيفية تمويل الجامعات”.

نظام به خلل

يتبين أن بدء هذا النقاش صعب. فكرة إعطاء مزيد من الأموال للجامعات، في ظل المناخ الاقتصادي الحالي، سواء من الخزانة العامة أو بزيادة الرسوم الدراسية، ليست في صالح دافعي الضرائب والطلاب، ولا السياسيين.
وما أثار استياء قادة الجامعات مثل ستيرن الشديد، تجنب وزير التعليم العالي، روبرت هالفون، الحديث عن وجود أزمة أثناء تقديم الأدلة لمجلس اللوردات في أيار (مايو). حسب رأيه، قال هالفون، مشيرا إلى أن جامعات المملكة المتحدة تتلقى نحو 40 مليار جنيه استرليني من جميع مصادر التمويل: “لم يكن أداء القطاع سيئا للغاية ماليا”.
في حين تواجه ما بين 30 أو 40 مؤسسة صعوبات مالية، زعم هالفون أن قضايا “الإدارة والقيادة” هي في الأغلب المصدر وراء مشكلاتها، أكثر من احتمال تسبب نظام التمويل بها.
لا ينبغي للجامعات أن تأخذ التعاطف العام أمرا مسلما به أيضا، وفقا للسير كريس هسباندز، نائب رئيس جامعة شيفيلد هالام المنتهية ولايته، الذي سيتنحى نهاية هذا العام. وفقا لمعهد الدراسات المالية، سيزيد نيل درجة علمية من متوسط الدخل الوظيفي الإجمالي بـ130 ألف جنيه استرليني للرجل و100 ألف جنيه استرليني للمرأة في جانب الرتب الأدنى من الطيف الجامعي، إلا أن الفوائد المالية من تجميع نحو 60 ألف جنيه استرليني على شكل قروض دراسة وإعاشة أقل وضوحا بكثير.
كما شككت الحكومات المحافظة الأخيرة في قيمة القطاع الموسع، وهاجمت المقررات الجامعية “منخفضة القيمة” في حين سعت إلى إعطاء الأولوية للمهارات غير الأكاديمية.
الإثنين، قال رئيس الوزراء ريشي سوناك إنه سيأمر الجهة التنظيمية في إنجلترا بالحد من أعداد الطلاب في المقررات التي لن تفضي في الأغلب إلى عمل بأجر واف أو إكمال دراسة، وفي المؤسسات الرفيعة ذات معدلات التسرب العالية.
كما تسبب تعامل القطاع مع كوفيد – 19 في إلحاق ضرر كبير بسمعته. ففي وقت ما من 2020، حبس آلاف من الطلاب الجدد في المهاجع أثناء الإغلاق، ويسعى الآن أكثر من مائة ألف طالب في دعوى جماعية إلى تلقي تعويض عن تجربتهم السيئة أثناء الجائحة مع تحول المحاضرات إلى منصات عبر الإنترنت فترات طويلة.
لقد تسببت خمسة أعوام من وقائع إضراب أعضاء هيئة التدريس الاستنزافي في الجامعات في ضياع وقت المحاضرات، وتسببت أخيرا في إضراب آخر عن تصحيح الامتحانات أدى إلى تأخير بعض حفلات التخرج. لا يزال حجم أجور بعض نواب رؤساء الجامعات يثير استياء أيضا في وايتهول، وفقا لما ذكرته البروفيسورة أليسون وولف، وهي عضوة مستقلة وخبيرة تربوية، كانت حتى شباط (فبراير) مستشارة بدوام جزئي في شؤون المهارات في رئاسة الوزارة. وحذرت في المؤتمر السنوي للمركز العالمي للتعليم العالي في أيار (مايو) قائلة إن القطاع “فقد الثقة” في الطبقة السياسية في البرلمان شيئا فشيئا.
في مواجهة بيئة اقتصادية معادية وعراك سياسي لا يمكن كسبه كما يبدو بشأن الحاجة إلى زيادة الرسوم الدراسية، يخشى هسباندز، من شيفيلد هالام، من أن القطاع قد وضع نفسه في موقف يدافع فيه ضمنيا عن نظام يعرف أن دعمه غير ممكن.
ربما هذا الموقف مجد للمؤسسات المرموقة التي تثق في قدرتها على جذب عدد كاف من الطلاب الأجانب لتغطية التكاليف، لكنه لا يرضي ما يسميه “الوسط المضغوط” في القطاع – العدد الأكبر من المؤسسات غير المشمولة في مجموعة راسل والتي ستكون ركيزة القوى العاملة لخريجي المستقبل في المملكة المتحدة.
يقول: “من الواضح أننا في مرحلة تغيير ولم يفكر أحد بعد في هيكل القطاع بعد 15 إلى 20 عاما. يجب أن يتغير هذا”.

نموذج مستقبلي

قادة الجامعات واضحون في أن ضمان القدرة التنافسية المستقبلية للتعليم العالي في إنجلترا سيتطلب إعادة هيكلة مادية ومالية.
يعكس النظام الحالي بيئة السياسة الحميدة التي نشأت منها الرسوم الدراسية المرتفعة نسبيا، والتضخم المنخفض، والمنح الحكومية السخية للأبحاث، وتمويل المنشآت من الاتحاد الأوروبي، والنمو القوي في أعداد الطلاب الأجانب.
تقول كارين كوكس، نائبة رئيس جامعة كينت، إن هذه الظروف تتغير الآن، تبحث الجامعات عن طرائق لتنظيم نفسها تنظيما أفضل. تتساءل كوكس عما إذا كان من الضروري أو المجدي أن يكون لدى المملكة المتحدة أكثر من 150 مؤسسة تعليم عالي منفصلة تعمل جميعها بشكل مستقل عن بعضها بعضا.
ومثل نواب رؤساء الجامعات الآخرين، فإن كوكس متيقنة بأنه ما لم تتم معالجة مشكلات التمويل المزمنة “فمن المحتمل أن نخسر شيئا قيما جدا لاقتصاد المملكة المتحدة”، محذرة، مثلما حذر هسباندز، من أن “يقع القطاع في هذا المأزق بينما نلهو جميعا متفادين الحديث عن هذه المشكلة”.
توجد بالفعل دلائل على ما قد يبدو عليه مستقبل أكثر كفاءة. تذكر كوكس كلية الطب في جامعتي كنت وميدواي، التي نشأت نتيجة تعاون بين جامعة كنت وجامعة كانتربري كريست تشيرش. لقد تشاركتا الهياكل المالية وهياكل القبول في الإدارة، إلى جانب الخبرة التدريسية المشتركة – فمثلا لم توفر جامعة كنت سابقا مقررات تمريض وقبالة – حيث يحضر الطلاب المحاضرات في كلا الحرمين الجامعيين.
ترى كوكس بأن هذه العمليات المشتركة نموذج للمستقبل، ربما بكونها بادرة لتشكيل مجموعات متعددة الجامعات، على غرار اتحاد أكاديميات مدارس ثانوية متعددة، التي تشرف عليها هيئة إدارية واحدة وتوجد فرصا لتبادل المعرفة والموارد. تقول: “لدى الجامعات هويتها الفريدة، لكني لا أعتقد أنها ستبدو على هذا النحو في 20 عاما. ستعقد شراكات تعاونية أكثر تغير الطريقة التي تبدو عليها”.
حسبما قاله جيمس بورنيل، فإن التعاون التنظيمي ووفورات أخرى في التكاليف، مثل تقليص عدد المقررات المقدمة، لن يكون كافيا لمواجهة أزمة التمويل القادمة. وزير الثقافة العمالي السابق هو الآن نائب رئيس جامعة الفنون في لندن، التي تخسر ثلاثة آلاف جنيه استرليني على كل طالب مواطن تعلمه.
بورنيل من بين الذين لم يتشاءموا تماما تجاه احتمالات التوصل إلى حل أفضل، لكن من الواضح أيضا أنه ليس بمقدور المملكة المتحدة عدم فعل شيء ورغم هذا تظل جذابة للطلاب الأجانب الذين يمكنهم اختيار إنفاق مدخراتهم التعليمية في وجهات منافسة مثل ألمانيا أو كندا أو أستراليا أو أمريكا.
على الرغم من السياسة الصعبة، يعتقد بورنيل أن بإمكان حكومة عمالية مستقبلية اتخاذ بعض الخطوات لحماية مستقبل الجامعات. وتشمل اقتراحاته ربط الرسوم الدراسية بالتضخم أو عدم تسييسها بالسماح لهيئة استشارية مستقلة بتحديدها، إضافة إلى تمويل الحكومة الكامل للمنح التي لا تغطي في الوقت الحاضر سوى 70 في المائة تقريبا من المشاريع البحثية.
يقول: “لن يعالج ذلك كل التراجع الذي حدث في الأعوام الأخيرة، لكن في الوقت نفسه علينا أن ندرك الوضع المالي. حتى السياسيون الأكثر تشككا بشأن مسألة الجامعات يجب أن يعترفوا بأنه إذا أبقينا الرسوم عند 9.250 جنيها استرلينيا، فيجب أن نتخلى عن شيء ما في المقابل”.

أمر غير مقبول سياسيا

استنادا إلى استطلاعات الرأي السياسية في المملكة المتحدة، من المرجح أن يقع تحديد شكل هذا “الشيء” على عاتق حكومة عمالية بقيادة السير كير ستارمر.
سيتعين على حزبه العثور على إجابات للمواضيع الشائكة الصعبة حول تمويل الجامعات وكذلك تكاليف المعيشة للطلاب والحصول على منح إعاشة أفضل للأقل دخلا.
في شباط (فبراير) 2022، أصلحت حكومة المحافظين نظام قروض الطلاب لتقليل عبء القروض غير المسددة على الخزانة العامة. وإدراكا منها للتأثير السياسي لزيادة الرسوم الدراسية أثناء ضغوط تكلفة المعيشة، عدلت الحكومة سعر الفائدة على القروض لضمان سداد الخريجين ما يقترضونه بعد تعديله حسب التضخم.
لكنها خفضت أيضا حد الدخل لبدء السداد من 27.295 جنيها استرلينيا إلى 25 ألف جنيه استرليني وأطالت أجل السداد من 30 إلى 40 عاما. ستوفر هذه الإصلاحات للحكومة نحو ثلاثة مليارات جنيه استرليني على كل دفعة سنوية من الطلاب المقبولين، وفقا لتحليل أجرته لندن إيكومنكس، وهي شركة استشارية متخصصة في مجال السياسات، لكنها لا تسهم بأي شيء لمعالجة أزمة التمويل الجامعي المتصاعدة.
لم يقدم حزب العمال بعد أي أفكار كبيرة لإصلاح نموذج التمويل. تراجع ستارمر بالفعل عن وعد حزب العمال القديم بإلغاء الرسوم الجامعية بالكامل وتعهد فقط بتقديم نظام “عادل أكثر”.
يشير مطلع على سياسة التعليم العالي في حزب العمال أنه في خضم أزمة تكلفة المعيشة، سيكون من “غير المقبول” سياسيا حتى زيادة الرسوم الجامعية. يقول المطلع: “ما كنا نبحث فيه هو كيف نصلح النظام الحالي”، مشيرا إلى أن التغييرات التي طرأت هذا العام على نظام القروض الطلابية ستضر الخريجين ذوي الدخل المنخفض والمتوسط وتفيد ذوي الدخل المرتفع.
يقول الشخص أيضا: ” ستكسب الممرضة العادية أكثر، وسيكسب المحامي العادي أقل منها بكثير”، مضيفا أن حزب العمال يبحث في تغيير مستوى أسعار الفائدة المدفوعة اعتمادا على الدخل وإعادة معايرة حد السداد لإنشاء “نظام أكثر تقدما”.
لكن ليس واضحا ما إن كان سيعالج قضايا التمويل في النظام. نيكولاس بار، أستاذ الاقتصاد العام في كلية لندن للاقتصاد، الذي كان له دور فاعل في الإصلاحات التي أدت إلى فرض رسوم قدرها ثلاثة آلاف جنيه استرليني في إنجلترا عام 2006، من بين المدافعين عن نظام يخفض رسوم 9250 جنيها استرلينيا أو يثبتها، مع خفض الحد الذي يبدأ الخريجون عنده في السداد وتقليل نسبة السداد الأولي – المقتطعة – عن نسبة 9 في المائة الحالية.
سيكون الأمر حساسا من الناحية السياسية، لأنه قد يطلب أيضا من أصحاب المداخيل الأعلى أن يدفعوا أكثر مما اقترضوا – أي 120 في المائة من قروضهم، مثلا – للمساعدة في تقاسم عبء تكلفة القروض غير المسددة، التي يتحملها دافعو الضرائب بالكامل في الوقت الحاضر.
يجادل بار بأنه في عالم لا تستطيع فيه القروض تمويل النظام بأكمله بشكل مستدام، فإن حكومة راغبة في الدفاع عن المعايير الموجودة في نظام المملكة المتحدة ستضطر في النهاية إلى زيادة تمويل دافعي الضرائب أيضا، ولا سيما في المجالات المكلفة مثل علوم المختبرات أو الهندسة.
وكما هي الأمور حاليا، فإن حكومة المملكة المتحدة تنفق أقل من نصف ما تنفقه ألمانيا لكل طالب جامعي. ويضيف بار: “الحل هو خفض التكلفة المستعصية للطلاب وضبط نظام القروض من أجل استعادة توازن الرسوم الدراسية والمنح التعليمية الحكومية. والنتيجة هي أنه لا يتم الدفع للجامعات من الرسوم الدراسية وحدها، بل من الرسوم الدراسية والدعم المباشر”.
بقي أن نرى ما إذا كانت حكومة عمالية، في ظل جميع الضغوط المالية الأخرى، ستجعل التعليم العالي “رابحا” في أول مراجعة للإنفاق. لكن مع أن الجامعات قد تتخبط بضعة أعوام، إلا أنه يجب اتخاذ قرارات سياسية صعبة في مرحلة ما، كما يقول تيم برادشو، رئيس مجموعة راسل جروب.
“إذا كنت ترغب في اقتصاد قائم على الأفكار والابتكار، فعليك في مرحلة ما أن تقرر إذا كنت تريد الاستثمار في ذلك المسعى وإعطاءه الأولوية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى