أعلنت شركة “مايكروسوفت” عن نمو ضعيف للمبيعات خلال الربع الأخير من العام المالي الماضي، جراء تباطؤ الطلب على خدمات الحوسبة السحابية، بينما تنتظر شركة تصنيع البرمجيات صعود الإيرادات بفضل منتجات جديدة تقوم على الذكاء الاصطناعي.
أوضحت شركة تصنيع البرمجيات، في بيان أمس الثلاثاء، أن الأرباح خلال المدة الزمنية المنتهية 30 يونيو الماضي بلغت 2.69 دولار للسهم الواحد، وتقدمت المبيعات 8% لتحقق 56.2 مليار دولار.
ورغم تفوق نتائج الأرباح الإجمالية على توقعات المحللين، إلا أن نمو إيرادات خدمة الحوسبة السحابية “أزور” (Azure) تباطأت إلى 27%، مع عدم احتساب تأثير تقلبات سعر صرف العملة، مقارنة بـ31% خلال الربع السابق.
كشف الرئيس التنفيذي للشركة، ساتيا ناديلا، عن مجموعة برمجيات جديدة للذكاء الاصطناعي تستند لنماذج من شركة “أوبن آي” -شريكة “مايكروسوفت”- وتتداخل مع أغلب خطوط الإنتاج الأساسية لشركته، ويتنامى الطلب على الخدمات القائمة على الإنترنت التي تتيح للعملاء استخدام تكنولوجيات “أوبن آي”.
رغم ذلك، فإن حزمة برمجيات “أوفيس” لإنتاج المحتوى المزودة بخدمات الذكاء الاصطناعي غير متاحة على نطاق واسع حتى الآن، كما بدأ إجمالي الإنفاق على خدمات “أزور” وتطبيقات “أوفيس” في التراجع بعد أعوام عديدة من زيادة استثمارات الشركة.
في غضون ذلك، هبطت شحنات تصدير أجهزة الكمبيوتر الشخصي للربع السادس توالياً، ما قلص مبيعات برامج “ويندوز” وأجهزة “سيرفيس” (Surface).
تحسين أعمال الحوسبة السحابية
قال مارك موردلر، محلل “سانفورد سي. بيرنشتاين أند كو ” (Sanford C. Bernstein & Co): “عاد العملاء الذين كانوا متحمسين للحوسبة السحابية وقالوا إنه من الأفضل تحسين ما اشتريناه. في الوقت نفسه، لن تتولد قوة دافعة هائلة من الذكاء الاصطناعي، بل ستكون تدريجية”.
تراجعت الأسهم بنحو 1% بعد صدور التقرير، بعد صعودها إلى 350.98 دولاراً عند الإغلاق في بورصة نيويورك. تقدم السهم 18% في الثلاثة شهور المنتهية يونيو الماضي، متفوقة على ارتفاع 8.3% لمؤشر “ستاندرد أند بورز 500” في تلك الفترة. بلغت أسهم “مايكروسوفت” الأسبوع الماضي مستوىً قياسياً، بفضل التفاؤل إزاء استراتيجيات ومنتجات الذكاء الاصطناعي الجديدة.
أوضحت إيمي هود، المديرة المالية لـ”مايكروسوفت” أن معدل نمو “أذور” في الفترة الأخيرة وصل لأعلى نطاق توقعاتها، مشيرة إلى أنها “سعيدة للغاية بهذا الرقم”. وأضافت في مقابلة أن سعي العملاء للوصول لأقصى استفادة من المنتجات القائمة على الحوسبة السحابية التي اشتروها فعلاً أمر معتاد، لكنها تتوقع تأثيراً أقل على نتائج “مايكروسوفت” خلال الفترات الربع سنوية المقبلة.
أرباح ومصروفات “مايكروسوفت”
بالنسبة للربع الأخير من السنة المالية، قدر محللون متوسط أرباح 2.56 دولار للسهم الواحد و55.5 مليار دولار للمبيعات، بحسب استطلاع رأي لبلومبرغ.
بينت الشركة أن نمو المبيعات السنوي تراجع إلى 7% خلال 2023، بعد 5 أعوام متتالية من الارتفاعات فوق 10%. وسرحت “مايكروسوفت” 10 آلاف عامل في الربع الأول من العام الحالي، بما فيها الشركات الرئيسية على غرار “إذور” وبرمجيات الأمان. كما سرحت الشركة التي يقع مقرها بمنطقة ريموند في واشنطن، مزيداً من العمالة عبر عدد أقل من عمليات تقليص الموظفين في يوليو الجاري، وذلك بأقسام مثل المبيعات وخدمات دعم العملاء.
تسعى الشركة لزيادة الإنفاق لتوسيع مراكز البيانات وشراء الرقائق الإلكترونية اللازمة لتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي المعقدة. لتعويض الاستثمارات الهائلة، كما تقدم “مايكوسوفت” وسائل لجني مكاسب من تلك المنتجات، حيث حددت بوقت سابق من الشهر الحالي سعراً قدره 30 دولاراً شهرياً لكل مستخدم لأدواتها من برمجيات “أوفيس” القائمة على الذكاء الاصطناعي، والتي تسمى “مايكروسوفت 365 كوبيلوت” (Microsoft 365 Copilot) –علاوة على ما يسدده أغلب عملاء الشركة فعلياً مقابل حزمة أدوات إنتاجية الأعمال، التي تتضمن “وورد” و”إكسل” والبريد الإلكتروني وبرنامج عقد الاجتماعات عبر الإنترنت.
استثمارات الذكاء الاصطناعي
استثمرت “مايكروسوفت” 13 مليار دولار في شركة “أوبن إيه آي” الناشئة، وهي الشراكة التي قفزت بالشركة المصنعة للبرمجيات التي تأسست قبل 48 سنة إلى صدارة طرح تطبيقات جديدة تمكن العملاء من إنشاء محتوى باستخدام بياناتهم الحالية علاوة على المعلومات المحذوفة من الإنترنت. وتشهد منتجات “مايكروسوفت” عمليات تحديث -بما فيها “أوفيس” و”ويندوز” و”إذور” و”بينغ” والتي تعتمد جميعاً على أحدث طراز لغوي مقدم من “أوبن إيه آي”، و”جي بي تي-4” بجانب تكنولوجيا روبوت دردشة مشابهة لتطبق “تشات جي بي تي” التابع للشركة الناشئة.
قالت هود: “أشعر بتشجيع كبيرة بسبب وتيرة تبنينا لأدوات الذكاء الاصطناعي”.
بلغت الإيرادات في وحدة “إنتلجينت كلاود” (Intelligent Cloud) التابعة لـ”مايكروسوفت” المكونة من “أذور” وبرمجيات الخوادم، 24 مليار دولار، ما يفوق بقليل متوسط توقعات محللين البالغ 23.8 مليار دولار.
مبيعات برامج الحاسوب
تراجعت مبيعات “مايكروسوفت” من برمجيات نظام التشغيل الحاسوب “ويندوز” المباعة مسبقاً على أجهزة كمبيوتر 12% في خلال الفترة الربع سنوية المنتهية يونيو الماضي، كما شهدت هذه الفترة تراجعاً في شحنات تصدير أجهزة الكمبيوتر العالمية 13%، بحسب شركة بحوث السوق “آي دي سي” (IDC).
رغم أن هذا التراجع في القطاع يشكل الانكماش الربع سنوي السادس على التوالي للسوق، إلا أن إجمالي مبيعات الوحدات كان أفضل من المتوقع، بحسب “آي دي سي”.
وأشارت هود إلى أن بعض مبيعات أجهزة الكمبيوتر الشخصية الخاصة بموسم العودة إلى المدرسة جاءت في الفترة الربع سنوية المنتهية في يونيو الماضي ما دعم أيضاً النتائج، لكن الاتجاهات العامة في سوق أجهزة الكمبيوتر لم تتبدل.
على صعيد قسم الحوسبة القائمة أكثر على استخدامات الحوسبة الشخصية بالشركة، وهي الوحدة التي تشتمل على برمجيات “ويندوز” وأجهزة “سيرفيس” وأعمال “إكس بوكس”، انخفضت المبيعات إلى 13.9 مليار دولار، بالمقارنة مع متوسط تقديرات 13.6 مليار دولار.
أما بالنسبة لقسم برمجيات الإنتاجية، التي تضم أغلبها مبيعات برامج “أوفيس”، بلغت الإيرادات 18.3 مليار دولار، ما يتجاوز بقليل 18.1 مليار دولار كانت متوقعة.
صعدت عوائد محتوى وخدمات “إكس بوكس” التابعة لـ”مايكروسوفت” 5%. وسجلت الشركة نمواً ضعيفاً خلال الفترات الربع السنوية القليلة الماضية بعد طفرة في استخدام الألعاب الإلكترونية أثناء حقبة وباء كورونا.
صفقة ” أكتيفيجن” المنتظرة
كان من المنتظر في بداية الأمر أن تكتمل صفقة شركة تصنيع البرمجيات بقيمة 69 مليار دولار للاستحواذ على شركة نشر الألعاب الإلكترونية “أكتيفيجن بليزارد”، والتي كانت تجري وسط صعوبات تنظيمية، مع حلول نهاية يونيو الماضي، لكن الشركتين مددتا الأسبوع الماضي اتفاق الاندماج حتى 18 أكتوبر المقبل لمنح “مايكروسوفت” مزيداً من الوقت لستوية العقبات النهائية.
على مدى الأسبوعين الماضيين، تبدلت القوة الدافعة لتصبح في صالح الصفقة، حيث خسرت لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية محاولة لوقفها في المحكمة، وقالت هيئة المنافسة والأسواق في المملكة المتحدة إنها ستتخذ خطوة استثنائية بإعادة الانخراط في محادثات مع الشركتين لإعادة هيكلة الصفقة.
اختتمت هود: “سنركز على العمل عن طريق باقي الهيئات التنظيمية وجهود اتمام الصفقة، هذا هو ما ينصب عليه كامل تركيزنا حالياً”.