الذكاء الاصطناعيالرئيسية

هل ستسمح لطبيب الذكاء الاصطناعي بالكشف عليك؟

هاشتاق عربي

إن ما يعد به الذكاء الاصطناعي هو أنه سيغير الإنتاجية. لا يوجد مكان يحتاج إلى ذلك أكثر من الرعاية الصحية. مع شيخوخة السكان، والقيود الصارمة على الإنفاق، والطواقم الطبية المنهكة في كثير من الأنظمة الصحية، لا يمكن أن تحدث ثورة الإنتاجية بالسرعة الكافية. كتبت الدكتورة مارجريت مكارتني في مقال لها على “إف تي ويكند” بمناسبة الذكرى الـ75 لخدمة الصحة الوطنية في بريطانيا، أن وظيفة الطبيب العام اليوم “غير قابلة للتنفيذ بشكل أساسي”.
لكن مختصي التكنولوجيا يعدون بتغيير الرعاية الصحية منذ عقود، مع تحقيق نتائج متباينة. إنه قطاع مليء بالغطرسة والخداع والآمال الزائفة. أشهرها عندما زعمت شركة أي بي إم أن حاسوبها واطسون فائق الأداء، الذي فاز في 2011 بلعبة الاختبار جيباردي!، يمكنه أيضا معالجة السرطان، لكنه فشل في أن يكون “حلا شاملا ومتعدد الاستخدامات”. كما لا يزال عامة الناس أيضا متشككين بشدة من استخدام الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية. وجد استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث في وقت سابق من هذا العام أن 60 في المائة من المشاركين في الولايات المتحدة كانوا “غير مرتاحين” لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأمراض أو التوصية بالعلاج.
هل يمكن للوعد الأخير بإحداث ثورة في الرعاية الصحية المدعومة بالتكنولوجيا، والتي تسارعت مع ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي، أن يتحقق هذه المرة؟
أحد الخبراء الذين يعتقدون أن ذلك سيحدث هو لويد ماينور، عميد كلية الطب في جامعة ستانفورد، الذي يجادل بأن التطورات الأخيرة في الذكاء الاصطناعي ستمكننا من فعل ما تصوره مؤسسو حاسوب واطسون. لطالما تم استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات محددة من الرعاية الصحية، كالمساعدة على مراقبة التفاعلات المحتملة بين الأدوية وتحليل عمليات فحص الآفات الجلدية. لكن ماينور يقول إن نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي اليوم ستؤثر في كل جانب من جوانب الرعاية الصحية، من رعاية المرضى والإدارة الروتينية إلى التدريب الطبي واكتشاف الأدوية. كما يقول إنه في حين أن شبكة الإنترنت مكنتنا من الوصول إلى المعلومات، فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيسمح لنا باستيعاب المعرفة. “هناك نقاط تحول في تاريخ البشرية: كاللغة والمطبعة والإنترنت. وأعتقد أن الذكاء الاصطناعي التوليدي هو نقطة تحول مشابهة”.
لتحقيق أقصى استفادة من هذه الفرصة تعاونت كلية الطب في جامعة ستانفورد الشهر الماضي مع معهد الجامعة للذكاء الاصطناعي المرتكز على الإنسان لمعالجة القضايا الأخلاقية والسلامة المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي. وستعمل مبادرتها المشتركة رايز-هيلث على تتبع التطبيقات الواعدة للذكاء الاصطناعي في علوم الحياة والرعاية الصحية، وتسريع البحث والمساعدة على تثقيف المرضى ومقدمي الرعاية الصحية حول الاستخدامات المسؤولة للتكنولوجيا.
كما يعمل الذكاء الاصطناعي بالفعل على فتح الإمكانات لتقديم الرعاية الصحية بعدة طرق أكثر فاعلية. ومن هذه المجالات الجراحة. صورت شركة بروكسيمي، وهي شركة ناشئة أسستها الجراحة نادين هاشاش هارام، أكثر من 20 ألف إجراء، بموافقة كل من الطاقم الجراحي والمرضى، والذي أدى إلى إنشاء مورد طبي رقمي جديد وأيضا بنية تحتية. تتمثل مهمة الشركة في بناء منصة عالمية يمكنها مشاركة أفضل الممارسات بشكل فوري وتحسين التدريب ومراجعات الحالات وسلامة المرضى. كما يمكن لـ”بروكسيمي” استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتوفير ملخصات غنية بالبيانات حول الإجراءات وتتبع الأدوات الجراحية وإنشاء تقارير عن المرضى.
تقول هاشاش هارام إن هناك ضجة كبيرة حول الذكاء الاصطناعي ولكن يجب استخدامه فقط في حالات محددة تفيد المرضى والطاقم الطبي بشكل واضح. كان التحدي الذي تواجهه هو إقناع “الأطباء والإداريين” بأن التكنولوجيا يمكن أن تحقق نتائج أفضل وتوفر المال. لكنها اضطرت أيضا إلى إقناع المرضى بأن استخدام التكنولوجيا التدخلية يمكن أن يحسن السلامة مع الحفاظ على الخصوصية. “يمكننا استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحليل البيانات بطريقة آمنة. إن البيانات تنقذ الأرواح”، كما تقول.
كما تدرب بعض شركات التكنولوجيا الكبرى، التي تشوبها سمعة سيئة بشأن استخدام البيانات الشخصية، نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي المتخصصة لقطاع الرعاية الصحية. تجرب شركة جوجل برنامج الدردشة الطبي ميد-بالم 2، الذي يقدم المشورة المتخصصة للأطباء في مستشفى مايو كلينك في الولايات المتحدة. وتتوخى “جوجل” الحذر، وهي محقة في ذلك من إطلاق هذا النموذج على نطاق أوسع قبل إصلاح العيوب المحتملة فيه.
لكن أحد الباحثين الذين عملوا في المشروع متحمس للكيفية التي يمكن بها للتكنولوجيا، بعد ثبوتها، أن تغير الرعاية الصحية العالمية. قال فيفيك ناتاراجان، الباحث في الذكاء الاصطناعي في جوجل هيلث، في مؤتمر آر أيه أيه أي إس في لندن أخيرا إنه عندما نشأ في الهند، كان يعرف أشخاصا لم يسبق لهم زيارة الطبيب في حياتهم. “أين سيكون تأثير الذكاء الاصطناعي الأكبر؟ (…) في إمكانية الحصول على الرعاية الصحية”. وذلك سيسمح لنا أن نتخيل “طبيبا عالي المستوى في جيوب المليارات من الناس”.
هذا الاحتمال محير. ولكن في قطاع يدور حول التعقيد التنظيمي والحساسية الشخصية واتخاذ القرارات المتعلقة بالحياة والموت، فإنه من الأفضل لنا استخدام الذكاء الاصطناعي بحكمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى