كن مستعدا! هذا شعار الكشافة. لكن لأي شيء تكون مستعدا؟ في فيلم الرسوم المتحركة الأسد الملك، تعد أغنية “كن مستعدا” احتفالا مستفزا بقتل الأخ لأخيه، في حين كانت أغنية توم ليرر التي تحمل العنوان نفسه تقدم نصائح للكشافة.
من الواضح أن الإعداد ليس كافيا، بل يجب على المرء أن يستعد للقيام بالشيء الصحيح. لقد بدأ تحقيق المملكة المتحدة حول كوفيد-19 أخيرا بجلسات استماع حول “مرونة واستعداد” البلاد. لقد حان الأوان لذلك.
في عالم يفتقر إلى الاستعداد، في الأغلب ما يكون الاعتقاد بأن المملكة المتحدة كانت أسوأ استعدادا من معظم البلدان، ربما بسبب الضغوط الناجمة عن التقشف والارتباك بسبب عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
أشار هيوجو كيث، كبير مستشاري التحقيق، في اليوم الأول من الإجراءات قائلا: “من الواضح أننا ربما لم نكن مستعدين جيدا على الإطلاق”، بينما أعلن المستشار لمجموعة تمثل العائلات المحرومة: أن التخطيط السليم، وتوفير الموارد الكافية والعمل السريع ينقذ الأرواح. من وجهة نظر العائلات، لم يكن لدى المملكة المتحدة أي من هذه الأشياء الثلاثة”. أنا متعاطف مع هذه الآراء، لكن إليكم سؤالا: من الذي كان مستعدا بشكل جيد، ليس بعد فوات الأوان، ولكن قبل الجائحة؟
في 2019، مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي الذي يحظى باحترام كبير قام بجمع فريق دولي من الخبراء لتجميع “مؤشر للأمن الصحي العالمي” (جي إتش إس). ويعتمد مؤشر الأمن الصحي العالمي على أكثر من 100 مقياس، تراوح من “هل لدى البلاد خطة وطنية للاستجابة الطارئة للجائحة؟” و “هل يمكن لنظام المختبرات في البلاد إجراء خمسة اختبارات أساسية أو أكثر لمنظمة الصحة العالمية؟” إلى “هل يوجد في البلاد شبكة طرق مناسبة؟”.
ووفقا لمؤشر الأمن الصحي العالمي، كانت الدولة الأفضل استعدادا في العالم هي الولايات المتحدة، في حين كانت غينيا الاستوائية الأسوأ استعدادا. لكن معدل الوفيات من فيروس كوفيد في الولايات المتحدة كان أعلى بكثير من معدل الوفيات في غينيا الاستوائية. إذن ما الفائدة التي اكتسبتها الولايات المتحدة من استعدادها؟
في الحقيقة أن هذه المقارنة وحدها قد تكون مضللة. فقد كان كبار السن أكثر عرضة لخطر الوفاة من كوفيد، وهناك المزيد منهم في الولايات المتحدة. وربما كانت الكثير من الوفيات المرتبطة بفيروس كوفيد في غينيا الاستوائية غير معروفة أو لم يتم تقييدها.
مع ذلك، في دراسة مقلقة نشرت في أواخر العام الماضي، ألقى الاقتصاديان روبرت تاكر أومبيرج وأليكس تابروك نظرة فاحصة أكثر على هذا السؤال ووجدوا أن “أي شكل من أشكال الاستعداد للجائحة لم يساعد تقريبا في تخفيف الجائحة أو جعلها أقصر”. وهذا كان صحيحا سواء نظر المرء إلى مؤشرات الاستعداد الطبي، أو العوامل الثقافية الأقل قابلية للقياس مثل مستويات الفردية أو الثقة. وقد استجابت بعض البلدان بشكل أكثر فاعلية من غيرها بالطبع – لكن لم يكن هناك تنبؤ عن البلدان التي سترقى إلى مستوى التحدي، من خلال النظر في المؤشرات المنشورة 2019.
من أحد الردود على هذه النتيجة غير البديهية هي أن مؤشر الأمن الصحي العالمي ليس كفؤا في قياس الجاهزية. لكنه مع ذلك، بدا منطقيا في ذلك الوقت وما زال يبدو معقولا الآن. ورد آخر هو أن الاستعداد للجائحة ربما كان ناجحا للغاية ضد مسبب مختلف للمرض. حيث انتشر فيروس سارس-كوف-2 على نطاق واسع حتى من الأشخاص الذين لم تظهر عليهم أعراض، وكان مميتا بما يكفي لقتل الملايين بينما كان في الأغلب خفيفا بدرجة كافية بحيث استمر الناس في التجوال ونقل العدوى للآخرين عن غير قصد. في المرة القادمة، قد تكون إنفلونزا الطيور مثلا، وقد يكون نظام الصحة العامة المعد جيدا أكثر حسما.
لكن قد نحتاج إلى أخذ دراسة أومبيرج وتابروك على محمل الجد: ربما لن تساعد الاستعدادات التقليدية كثيرا بالفعل. ماذا يترتب على ذلك؟
أحد الاستنتاجات هو أننا يجب أن نستعد ولكن بطريقة مختلفة. فهناك أشياء أصبحت واضحة الآن لم تكن واضحة في 2019، حتى للعديد من الخبراء. مثلا، يجادل جوشوا جانس، الخبير الاقتصادي ومؤلف كتاب حل مسألة معلومات الجائحة (2021)، بأننا تعلمنا أنه يمكن اعتبار الجوائح مشكلات في المعلومات والحوافز. إذا كان بإمكانك حشد ما يكفي من الفحوص الدقيقة بشكل معقول، وتقديم حوافز للناس لإجراء تلك الفحوص والتصرف بشكل مناسب بناء على نتائجها، يمكنك حينئذ عزل عديد من الحالات المرضية ومنع انتشار المرض دون إغلاق كل شيء. إن إعداد نظام ذكي للفحوص وتعويض الأشخاص الذين يعزلون أنفسهم لم يكن ليؤخذ في الحسبان في عديد من خطط الجائحة في 2019. لكنه سيؤخذ الآن.
هناك شكل آخر من أشكال الاستعداد الذي قد يؤتي ثماره، وهو مراقبة مياه الصرف الصحي، والتي يمكن أن تكتشف عودة ظهور مسببات الأمراض القديمة وظهور مسببات الأمراض الجديدة بشكل فعال من حيث التكلفة، وقد تعطي تحذيرا كافيا لمنع بعض الجوائح في المستقبل قبل أن تبدأ. يقول تابروك: “اللقاحات، اللقاحات، اللقاحات”. كلما زادت سرعة أنظمتنا في صنع اللقاحات واختبارها وإنتاجها، كانت فرصنا أفضل؛ كل هذه الأشياء يمكن تحضيرها وإعدادها.
لكننا نحتاج أيضا إلى أن نكون قادرين على الرجوع خطوة للخلف والنظر إلى الصورة الشاملة. فهناك مؤشر واحد للجاهزية كان مرتبطا بانخفاض عدد الوفيات، وهو الأوسع دون البقية – وهو “طاقة الدولة”، أو قدرة الدولة على إنجاز الأمور.
وقد قام عالما السياسة جوناثان كي هانسون وراشيل سيغمان بقياس قدرة الدولة من خلال الجمع بين المؤشرات مثل القدرة على زيادة الضرائب المعقدة وتوفر إحصاءات جيدة. (وكما هو متوقع، تأتي الدنمارك على رأس القائمة، والصومال أسفلها، في حين كان أداء المملكة المتحدة والولايات المتحدة أقل من ألمانيا وكوريا الجنوبية لكنه أفضل من فرنسا وإيطاليا).
قد يكون تكرارا عندما أقول إن الدول يجب أن تهدف إلى تحسين قدراتها الخاصة، ولكن حتى الأقوال المكررة يمكن أن تكون جديرة بالتذكر. إن التحقيق يقوم بمهمة أساسية في تقييم استعداد المملكة المتحدة للجائحة الأخيرة ولكن قد تكون الجائحة القادمة مختلفة تماما، وربما لن تكون الأزمة التالية جائحة على الإطلاق.
من هذا المنظور، تعني عبارة “كن مستعدا” ببساطة “اجمع شتات نفسك”. وهي ليست موجهة للكشافة بالتحديد، لكنها مهمة للدولة البريطانية.