لم أتمكن أبدا من أخذ قيلولة. محاولاتي المتفرقة بين الحين والآخر لأخذ قيلولة تنتهي دائما بالإحباط بعد عشر دقائق أو نحو ذلك من الاستلقاء دون حراك وتهيئة نفسي لفقدان الوعي دون جدوى. صدمني بحث جديد نشره الأسبوع الماضي فريق من كلية لندن الجامعية وجامعة الجمهورية في أوروجواي كضربة مطرقة.
وجد البحث، الذي ورد في مجلة “سليب هيلث”، “علاقة سببية متواضعة بين القيلولة المعتادة وحجم الدماغ الكلي الأكبر”. اكتشف الباحثون أن الفرق في حجم الدماغ، في المتوسط، بين من يأخذون قيلولة بشكل معتاد والذين لا يأخذونها مثلي يعادل ما بين 2.6 و6.5 عام من الهرم. يبدو أن القيلولة المنتظمة يمكن أن “تحمي من التنكس العصبي من خلال التعويض عن قلة النوم”.
أشارت البروفيسورة تارا سبايرز جونز، رئيسة جمعية علم الأعصاب البريطانية، إلى أن البحث يجب أن يمحو العار الأخلاقي الذي يرتبط أحيانا بالغفوة أثناء النهار. “أنا أستمتع بقيلولة قصيرة في عطلات نهاية الأسبوع. لقد أقنعتني هذه الدراسة أنه ينبغي ألا أتكاسل عن القيلولة. إنها حتى قد تحمي عقلي”، كما قالت.
من المثير للاهتمام، رغم ذلك، أن فيكتوريا جارفيلد، وهي أحد مؤلفي الدراسة، ليست من محبي القيلولة. قالت لقناة بي بي سي: “بصراحة، أفضل قضاء 30 دقيقة في ممارسة الرياضة بدلا من القيلولة”. في الواقع، وجدت ورقة بحثية نشرت في مجلة “ذا جورنال أوف فيسيولوجي” في كانون الثاني (يناير) هذا العام أن التمارين المكثفة، خاصة ركوب الدراجات الهوائية، لها “تأثيرات قوية في حماية الأعصاب” مشابهة للتأثيرات التي يدعى أنها للقيلولة المنتظمة. هذه أخبار سارة للأشخاص الذين يشعرون بسعادة وهم يركبون الدراجة أكثر من التمدد على أريكة الاسترخاء.
تجدر الإشارة أيضا إلى أن دراسة كلية لندن الجامعية لم تلاحظ وجود اختلافات بارزة في المقاييس الأخرى لصحة الدماغ والوظيفة المعرفية – بما في ذلك وقت ردة الفعل والمعالجة البصرية – بين من يأخذ القيلولة وبين من لا يأخذها. وربما الأهم من ذلك كله، أن المقارنة التي استند إليها الأمر برمته لم تكن بين الذين يختارون القيلولة ومن لا يختارونها، بل كانت بين الأشخاص الذين لديهم ميل وراثي لفعل ذلك ومن ليس لديهم ذلك الميل. بعبارة أخرى، مهما حاول بعضنا جاهدا إغلاق عينيه في النهار، ستهزمنا جيناتنا دائما.
لذا، سواء كنت ممن يأخذون القيلولة أم لا، فإن ذلك لا علاقة له بمضمون شخصيتك أو قوة إرادتك. إنها مجرد حقيقة فسيولوجية قاسية.
مع ذلك، هذا لم يمنع الفيلسوف الفرنسي تييري باكوت ذات مرة من تكريس موضوع عن “فن القيلولة”، وهي ممارسة يصفها بأنها “القمة في فن الحياة (…) وأنه يجب الدفاع عنها وتعميمها وممارستها بفرح وجدية”.
كما يجادل باكوت بأن القيلولة هي “تصرف ينم عن مقاومة” ضد طغيان كل ما هو “إلزامي واعتيادي وآلي”. إن الدلالة الضمنية لحجة باكوت، التي تستند إلى “حق الكسل”، وهو كتيب نشره بول لافارج صهر كارل ماركس في ثمانينيات القرن الـ19، هو أن الذين لا يستطيعون، أو لا يريدون، أخذ قيلولة في منتصف النهار هم مجرد أشخاص مخدوعين لما يسميه “الجدول الزمني التأديبي” للرأسمالية.
أشعر بالغضب تجاه هذا الاستنتاج. لكن تعريف باكوت للقيلولة يعد واسعا بشكل مطمئن. إذ يمكن، كما يقول، “أن تتم ممارستها بألف طريقة وطريقة: إما عن طريق النوم العميق، أو الغفوة لبضع دقائق، أو عن طريق إفراغ العقل لبضع ثوان”.
في الواقع، يخلص باكوت إلى أن أفضل طريقة لفهم القيلولة هي أنها “تعبير مجازي” لقدرتنا على “التحكم في استخدامنا للوقت”. وذلك في الواقع لا ينطوي بالضرورة على أن ننام في منتصف النهار أو نغفو إطلاقا – وهو أمر يريح بالي حقا.