يمكن للطلاب المتقدمين للوظائف المخصصة لحملة الشهادات الجامعية هذا الصيف الاستفادة من مدرب شخصي جديد في المقابلات الشخصية. إذا أرسلوا وصفا وظيفيا محددا، فيمكنهم الحصول على أسئلة وإجابات مخصصة للمقابلة -كذلك الملاحظات على إجاباتهم- وكل ذلك مجانا.
هذا المدرب، الذي يقدمه محرك أدزونا للبحث عن الوظائف، ليس بشريا لكنه روبوت ذكاء اصطناعي يعرف باسم بريبر. يمكنه أن يولد أسئلة مقابلات لأكثر من مليون وظيفة شاغرة في الشركات الكبيرة، في صناعات تراوح بين التكنولوجيا والخدمات المالية إلى التصنيع وتجارة التجزئة.
لوظيفة مخصصة لحملة الشهادات الجامعية في ممارسات إدارة المخاطر لشركة برايس ووترهاوس كوبرز، يطرح روبوت المحادثة أسئلة مثل: “ما المهارات التي ترى أن على المستشار الاكتواري امتلاكها؟” و”كيف تشرح المفاهيم الاكتوارية لعميل ليس من خلفية مالية؟”. عندما يجيب المستخدم عن سؤال، يعطي روبوت بريبر علامة من 100، ويخبرهم بأي الأجزاء كانت جيدة وما الذي كان ناقصا.
يعد “بريبر” جزءا من موجة جديدة من روبوتات محادثة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، من شات جي بي تي إلى بارد وكلاود. يتم تدريب روبوتات المحادثة على مجموعات كبيرة من النصوص مصدرها الإنترنت، بما فيها الكتب والصحف والمدونات ومقاطع الفيديو والتعليقات التوضيحية للصور. يمكنها إنتاج نصوص معقولة ورفيعة المستوى لا يمكن تمييزها إلى حد كبير عن الكتابة البشرية.
يقول أندرو هانتر، الشريك المؤسس لشركة أدزونا “في الشهور الـ12 إلى الـ18 الأخيرة، جن الجنون حولها. بالطبع هناك كثير من الضجة المثارة حولها في الوقت الحالي، لكن توجد أدوات ذكية كثيرة للمساعدة على التوظيف، ومساعدة الناس في العثور على وظائف بسهولة أكبر”.
إن الذكاء الاصطناعي ليس أداة جديدة في التوظيف والبحث عن عمل. فعلى مدى العقد الماضي، تم استخدامه في المقام الأول لجعل الإجراءات أكثر كفاءة وأرخص لأصحاب العمل، من البحث عن الكلمات الرئيسة في السير الذاتية إلى تصفية مقابلات فيديو مع المرشحين.
لكن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي تعيد توازن ديناميكية القوة لمصلحة المتقدمين للعمل. يقول توماس تشامورو بريموزيش، عالم النفس المهني والخبير في تكنولوجيات التوظيف “كثير من التحسينات الأخيرة التي شهدناها في الذكاء الاصطناعي تصب في مصلحة المرشح. قبل بضعة أعوام، كان أرباب العمل يتظاهرون باستخدام الذكاء الاصطناعي كي يبدوا رائعين حتى لو لم يكونوا يستخدمونه. أما الآن فيتظاهرون بعدم استخدامهم الذكاء الاصطناعي”.
عندما حاول تشامورو بريموزيش في الآونة الأخيرة توظيف شخص لأحد المناصب، سأل أحد المرشحين عما إذا كان قد جرب الذكاء الاصطناعي التوليدي؟ أجاب “لولا شات جي بي تي، لما كنت جالسا أمامك الآن”. فقد تمت كتابة سيرتهم الذاتية وخطاب التقديم ونموذج الطلب باستخدام الذكاء الاصطناعي.
تشامورو بريموزيش، الذي احترم صدق ذلك الشخص وقرر أن الأمر يستحق قبول شخص ماهر في التكنولوجيا، عين ذلك المرشح. إلا أن آخرين أقل حماسة منه، محذرين من احتمال أن يؤذن الذكاء الاصطناعي بنهاية إجراءات التقدم للوظائف التقليدية.
يقول مات جونز، من شركة سيلو لتكنولوجيا التوظيف “يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي إنشاء ملفات تعريف جيدة جدا، قد تضم بعض الأخطاء لكن صاحبها فقط هو الذي يستطيع التعرف عليها، وليس صاحب العمل. هذا يثير تساؤلا عن أهمية مراجعة السير الذاتية وخطابات التقديم ونماذج الطلبات، ولا سيما في المرحلة المهنية المبكرة. أتساءل عما إذا كان هذا هو ناقوس نهاية السيرة الذاتية”.
أما لحملة الشهادات الجامعية في سوق عمل يحتدم التنافس فيها، تعد روبوتات المحادثة وسيلة للتعامل مع عملية قد تكون مرهقة. يقول أيوشمان ناث، طالب في السنة الثانية في جامعة كامبريدج، “إن عديدا من أقرانه جربوا شات جي بي تي، روبوت المحادثة المتاح لعامة الناس الذي أطلقته أوبن أيه آي المدعومة من مايكروسوفت، حيث طلبوا منه كتابة خطابات تقديم لشركات معينة. وهو يعرف أشخاصا أحرزوا تقدما خلال الجولات الأولى من التوظيف أو ضمنوا تدريبا باستخدام خطابات تقديم ونماذج طلبات عمل كتبها شات جي بي تي”.
يقول ناث عن عمليات التوظيف الحالية “من تجربتي، الذكاء الاصطناعي جيد في تخطي الحواجز الأولية. إن جولات التصفية الأولية ليست شخصية، إذ تبدو غير مباشرة وتخلو من العنصر الإنساني. كل شيء مؤتمت للغاية”.
خضع ناث وأقرانه أيضا لمقابلات فيديو آلية يديرها مزودو تكنولوجيا التوظيف مثل شركة هاير فيو، التي تسجل إجابات المتقدمين عن أسئلة محددة مسبقا، وعادة مع مهلة زمنية محددة لكل إجابة. يشاهد التسجيلات في بعض الأحيان مديرو التوظيف في الشركة الباحثة عن موظفين، أو تعمل خوارزميات الذكاء الاصطناعي للمنصة على تقييم أداء كل مرشح، والبحث عن كلمات رئيسة مختلفة من الوصف الوظيفي.
لم تطلق الشركة أي منتجات ذكاء اصطناعي توليدي بعد، لكن ليندسي زولواجا خبيرة علم البيانات، تقول “إن فريقها يجرب أدوات مثل روبوتات محادثة التحضير للمقابلات وطرائق جديدة لاستخلاص معلومات من مقابلات الفيديو”. وتضيف “هذه الأنظمة قوية، لكنها قد تخطئ أيضا. كيف يمكننا تطبيقها بعناية وبتركيز على مسألة الأخلاق؟”.
جريس لوردان، خبيرة اقتصادية في كلية لندن للاقتصاد ومديرة “مبادرة الشمول”، التي تدرس التنوع في بيئات الشركات، تقول “إن الشركات، وخصوصا مجموعات التكنولوجيا، تجري تجارب على الذكاء الاصطناعي التوليدي لإجراء مقابلات أولية”.
وتضيف “إن أحد أكبر مجالات التحيز هو فعليا في المقابلة. يحدث هذا عندما يتدخل تحيز القرابة لدى الأشخاص، أو التحيز المظهري، الذي يعني اختيار الأشخاص الذين يشبهون الآخرين في المؤسسة”.
تقول “إن المقابلات التي يجريها الذكاء الاصطناعي يمكن أن تقطع شوطا ما في التخلص من هذا التحيز. الذكاء الاصطناعي التوليدي مقنع تماما كونه تجسيدا غير بشري. إن استخدام الذكاء الاصطناعي نقطة مرجعية أخرى مهمة سيسمح للآلات بمقاومة التحيز البشري”.
يستخدم مزيد من أرباب العمل أيضا أساليب تقييم جديدة لتوسيع دائرة المرشحين التي يوظفون منها، وسط نقص عالمي في المهارات والعمالة في الوقت الذي يدفعون فيه إلى تحسين التنوع. يمكن للأنظمة الآلية المصممة لتوظيف قوة عاملة أكثر تنوعا العثور على مرشحين ربما سيتم تجاهلهم لولاها بسبب المشكلات الصحية أو الفجوات بين الوظائف التي شغلوها أو لافتقارهم إلى شهادة دراسية أو لانتمائهم إلى خلفية غير تقليدية.
لكن على الرغم من أن “شات جي بي تي” يعد نقطة انطلاق مفيدة لخطاب تقديم أو للتعلم عن خلفية شركة محتملة، يقول القائمون بالتوظيف “إنه ليس بديلا عن كتابة الطلب بنفسك”.
يقول ناث، الطالب في جامعة كامبريدج “إن الشركات تبحث عن صلة بالناس هناك، مثل التواصل مع شخص ما في الشركة أو معلومة غير موجودة على موقعها الإلكتروني. ولا يمكن تنمية هذه الأشياء إلا من خلال التفاعلات الشخصية، وليس نماذج الذكاء الاصطناعي”.
يتفق هنتر من “أدزونا” مع ذلك “إن التحذير الذي أود أن أقدمه للباحثين عن عمل هو أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون بمنزلة مساعد طيار جيد، لكن لا تدع التكنولوجيا تحاول وتفعل كل شيء عنك (…) إنها تكنولوجيا ناشئة للغاية، وستقدم إجابات متشابهة. إذا سمحت للذكاء الاصطناعي بإدارة التفاعلات الأولية مع صاحب العمل بالكامل، فلن تكون قادرا على أداء الوظيفة”.