منوعات

هل يمكن للمخترقين المساعدة في حالات تعطل الأقمار الصناعية؟

هاشتاق عربي

سيواجه مليارات الأشخاص وقتا عصيبا إذا تعطلت شبكات الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية التي تحيط بكوكبنا يوما ما. ستتوقف الهواتف المحمولة عن الطنين، وستنهار أنظمة الملاحة، وستظلم شاشات التلفاز، وستفشل المعاملات المالية. الطرق الثلاث الأكثر احتمالا لحدوث ذلك هي: عاصفة مغناطيسية أرضية شديدة ناجمة عن انفجار شمسي كتلك التي حدثت في 1859 المعروفة باسم حدث كارينجتون، أو تصادم متتال للحطام الفضائي ويسمى تأثير كيسلر، أو هجوم سيبراني متعمد.
في يوم الأحد الماضي، انطلق صاروخ لشركة سبيس إكس من قاعدة كيب كانافيرال بحمولة خاصة مصممة لتقليل آخر تلك المخاطر. كان على متن الصاروخ قمر مونلايتر الصناعي التابع للحكومة الأمريكية، الذي وصف بأنه “صندوق اختبار الاختراق الأول والوحيد في العالم في الفضاء”. حالما يطلق القمر، ستحاول خمسة فرق ممن يدعون قراصنة “القبعة البيضاء” -أو الأخلاقيون- في منافسة هاك-أيه- سات 4 في لاس فيجاس، اختراق “مونلايتر” والفوز بجائزة قدرها 50 ألف دولار لكشف نقاط ضعفه. قال أحد قادة المشاريع لموقع ذا ريجيستر لأخبار التكنولوجيا، “مع مونلايتر، نحاول مواجهة المشكلة قبل أن تصبح مشكلة”.
في الحقيقة، هبطت المشكلة بالفعل. العام الماضي، في اليوم الذي بدأت فيه حرب روسيا وأوكرانيا، شن المخترقون هجوما بالبرمجيات الضارة ضد القمر الاصطناعي كيه إيه-سات التابع لشركة فياسات. وعطلوا مؤقتا اتصالات آلاف من مستخدمي الاتصال عريض النطاق في أوكرانيا، وكذلك في بولندا وإيطاليا وألمانيا، حيث تأثرت أيضا 5800 من توربينات رياح.
قالت كيمبا والدن، القائمة بأعمال إدارة الأمن السيبراني الوطني في أمريكا، “إننا جميعا مدركون أن أول طلقة في الصراع الحالي في أوكرانيا كانت هجوما سيبرانيا ضد شركة فضاء أمريكية”.
حذرت معلومات استخباراتية مسربة من وكالة الاستخبارات المركزية، أوردتها “فاينانشيال تايمز” هذا العام، من أن الصين تبني أيضا أسلحة إلكترونية متطورة “لاستغلال أو اختراق” أقمار الأعداء الاصطناعية. لم تكشف الولايات المتحدة عن قدراتها الهجومية في هذا المجال. لكن مناطيد التجسس الصينية ليست وحدها ما يقلق واشنطن.
بينما كان الفضاء حكرا على الدول القومية فقط، فإن الشركات الخاصة تهيمن بشكل متزايد على المجال مع انخفاض تكاليف الإطلاق وتقلص أحجام الأقمار الاصطناعية. في العام الماضي، أطلقت الولايات المتحدة 1796 جسما إلى الفضاء، أي أكثر 32 مرة من عام 2000. كما أن الخطوط الفاصلة بين الاتصالات العسكرية والمدنية أصبحت غير واضحة نتيجة للتطبيقات ذات الاستخدام المزدوج، كأنظمة تحديد المواقع العالمية، ما يجعل الأقمار التجارية هدفا. وبسبب صعوبات إصلاح الأقمار الاصطناعية في الفضاء، يضيف المصممون أجزاء احتياطية كثيرة، ما يزيد أسطح الهجوم (نقاط الضعف) التي يمكن للمخترقين استغلالها.
تقول “فياسات”، “إنها تعلمت دروسا من هجوم العام الماضي وعززت دفاعاتها”. تعد الممارسات الأساسية لحماية المعلومات الإلكترونية ضرورية في كل رابط في سلسلة الاتصالات “وصل المخترقون إلى جهاز شبكة خاصة افتراضية أرضية مهيأ بشكل خاطئ”. والحذر الدائم مطلوب: تعرضت الشركة الأمريكية للهجوم باستمرار منذ بدء الحرب. ويجب أن تكون فرق الاستجابة السريعة جاهزة لإعادة السيطرة إذا تعرض نظام للخطر.
“أي شخص يدعي الأمن التام إما أنه يكذب أو أنه لا يعرف ما الذي يتحدث عنه، عليك أن تكون قادرا على الاستجابة بسرعة كبيرة.”، كما قال كريج ميلر، رئيس الأنظمة الحكومية في “فياسات”.
هناك ثلاث طرق رئيسة لاختراق قمر اصطناعي، وفقا لجيمس بافور، مهندس الأمن السيبراني في شركة إيستاري الأمريكية الناشئة. إن الهدف الأول هو البنية التحتية الأرضية، سطح الهجوم الأكثر سهولة للوصول إليه لكن عادة ما يكون الأكثر حماية. بعد ذلك، يمكن أن يهدف المخترقون إلى اعتراض الاتصالات اللاسلكية بين المحطات الأرضية والأقمار الاصطناعية، أو محاكاتها. والنهج الثالث، وهو الأصعب، هو ملاحقة “القمر الاصطناعي في مداره” عبر بناء أبواب خلفية أمنية، أو استغلالها، في مكونات الأقمار الاصطناعية. لذلك يجب على المشغلين تأمين سلسلة إمدادهم بالكامل.
من الصعب تتبع معظم هجمات الاختراق. لدى أربع دول فقط القدرة المعروفة على تدمير قمر اصطناعي بصاروخ -الولايات المتحدة والصين والهند وروسيا- على الرغم من أن هذه الهجمات تخاطر بتحفيز تأثير كيسلر. لكن يمكن لأي شخص من أي مكان وفي أي وقت اختراق البرمجيات.
يقول بافور “إن قراصنة القبعة البيضاء هم مجتمع قيم بشكل خاص في المساعدة على تأمين البنية التحتية المهمة للأقمار الاصطناعية. “هناك فكرة تشير إلى أن الأمن يكون عن طريق الغموض. لكن الخصم المتحمس بما فيه الكفاية سيجد ثغرة”. من الأفضل بكثير اكتشاف نقاط الضعف هذه أولا وإصلاحها بدلا من محاولة الاحتماء خلف الغموض.
تبدو فكرة حشد المصادر الأمنية تناقضا. لكن قراصنة القبعة البيضاء فازوا على المتشككين على مدار العقد الماضي. يقول مطورو برامج “بوجود أعين كثيرة، فإن جميع الثغرات سطحية”. قد تنطبق هذه القاعدة حتى في الفضاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى