تستهدف شركة “تيك توك” التابعة لشركة “بايت دانس” (ByteDance Ltd)، مضاعفة حجم أعمالها للتجارة الإلكترونية على مستوى العالم بأكثر من 4 مرات لتصل مبيعاتها من البضائع خلال العام الجاري إلى 20 مليار دولار، وذلك اعتماداً على النمو السريع في منطقة جنوب شرق آسيا، بحسب أشخاص على دراية بالموضوع.
أشار الأشخاص، الذين طلبوا عدم الإفصاح عن هوياتهم نظراً لمناقشة بيانات داخلية، إلى أن هذه الزيادة تعد سريعة مقارنة بالقيمة الإجمالية للبضائع المباعة خلال العام الماضي، والتي بلغت 4.4 مليار دولار، وهو إجمالي قيمة البضائع المباعة عن طريق العروض على موقع “تيك توك شوب”. تراهن “تيك توك” على أسواق مثل إندونيسيا، إذ يبيع المؤثرون منتجات متنوعة، من ملابس الجينز وصولاً إلى أحمر الشفاه، من خلال عرضها في مقاطع فيديو البث المباشر.
السوق الأميركية
أكد الأشخاص أن “تيك توك” تعمل على زيادة مبيعاتها أيضاً في الولايات المتحدة وأوروبا، رغم أن هذه الأسواق تمثل حصة محدودة من الـ20 مليار دولار المستهدفة. تحاول أكبر شركة ناشئة من حيث القيمة على مستوى العالم، الاستحواذ على شريحة أكبر في مجال التجارة عبر الإنترنت، الذي تبلغ قيمته 17 تريليون دولار، إذ تتراجع أنشطتها الإعلانية التي تمثل القوة الدافعة الرئيسية لتوليد الإيرادات عندما يكون هناك ركود اقتصادي.
ربما تبدو مجهودات “تيك توك” لتوسيع عملية التجارة الإلكترونية في الولايات المتحدة الأميركية خلال هذه الفترة، غير منطقية، بالنظر إلى تهديدات المسؤولين السياسيين الأميركيين بحظر التطبيق نهاياً جراء مخاوف مرتبطة بالأمن القومي. رغم ذلك، فإن بناء علاقات مربحة مع التجار والعلامات التجارية الأميركية، قد يساعد “تيك توك” في كسب حلفاء بنفس قدر التصدي للانتقادات في واشنطن وداخل أروقة المحاكم.
تعتزم الشركة المملوكة لأطراف صينية تصدير نموذجها التجاري إلى الولايات المتحدة وإلى 150 مليون شخص يشكلون عدد مستخدميها هناك. اقترحت اتخاذ مجموعة تدابير للتصدي لمخاوف الأمن القومي الأميركي، تتضمن عزل بيانات المستخدمين الأميركيين، والسماح لشركاء على غرار “أوراكل” بمراجعة التكنولوجيات المستخدمة لديها. رغم ذلك، فرضت ولاية مونتانا حظراً على تحميل التطبيق بداية من 2024، وتقدم المشرعون بمشاريع قوانين مشابهة لحظر شامل على مستوى البلاد.
امتنع متحدث باسم “تيك توك” عن التعليق على البيانات المالية للشركة.
تطور هائل
تطورت “بايت دانس” التي أسسها تشانغ يي مين و”ليانغ روبو” منذ أكثر من 10 سنوات، لتصبح شركة رائدة في مجال الإنترنت تتجاوز قيمتها 200 مليار دولار، بفضل انتشار منصات الفيديو القصيرة “تيك توك” و”دوين” (Douyin). ومع أن التسوق عبر البث المباشر لم ينتشر في الولايات المتحدة وأوروبا رغم محاولات “إنستغرام” وغيرها، إلا أن “تيك توك” تعتمد في توقعاتها على النجاح الذي حظيت به نظيرتها الصينية محلياً “دوين”.
يتيح “تيك توك شوب” للمستخدمين شراء المنتجات أثناء تصفح بث لا ينتهي لمقاطع فيديو قصيرة وبث مباشر عبر تطبيق وسائل التواصل الاجتماعية البارز، على أمل أن يستخدمه المستهلكون باعتباره بديلاً لشركة “أمازون.كوم” أوشركة “شوبي” (Shopee) التابعة لشركة “سي” (Sea). ساعد هذا التنسيق -يمزج بين الترفيه والشراء الاندفاعي- فعلاً “دوين” على انتزاع حصة ضخمة من إنفاق المستهلكين الصينيين من شركة “علي بابا غروب هولدينغ” وشركة “جيه دي دوت كوم”، لا سيما بعد أن دفعت قواعد إغلاق البلاد في أثناء وباء كورونا الأشخاص لقضاء وقت أكثر على منصات الإنترنت.
خلال 2021، بدأت “تيك توك” توفير خدمة مشابهة للأسواق، تشمل إندونيسيا وفيتنام والمملكة المتحدة.
الإيرادات
ما زالت “تيك توك شوب” تشكل جزءاً أساسياً من إيرادات “بايت دانس” البالغة 80 مليار دولار أميركي. على سبيل المقارنة، نما إجمالي حجم البضائع المباع بالتجزئة عبر الإنترنت لشركة “سي”، أكبر شركة إنترنت في منطقة جنوب شرق آسيا، بنسبة 18% مسجلاً 73.5 مليار دولار في العام الماضي.
لكن إذا حققت هدفها القوي، فإن ذلك قد يساعد في إبراز أن التجارة عبر البث المباشر باستطاعتها أن تتجاوز الجمهور المتخصص، ومن المحتمل أن تبدأ حصتها بالنمو على حساب التسوق التقليدي عبر الإنترنت خارج آسيا.
فاق إجمالي حجم البضائع المباع بالتجزئة في “تيك توك شوب” في إندونيسيا وحدها، 2.5 مليار دولار، وتخطى المليار دولار خلال الربع الأول فقط من 2023، بحسب شركة بحوث التجارة الإلكترونية “كيوب آسيا” (Cube Asia). وفي غضون ذلك، قلصت “تيك توك” هدفها بمقدار ملياري دولار تقريباً لعام 2022 على صعيد مبيعات الإعلانات، الأمر الذي يعكس تراجع أنشطتها التجارية الأساسية.