الرئيسيةتكنولوجيا

تقرير يكشف تعزيز الاستبداد الرقمي لبكين في ظل سعي الصين للمنافسة في مجال الإنترنت الفضائي

هاشتاق عربي

أظهر تقرير مطول نشرته مجلة “ناشونال إنترست“، أن سعي الصين للمنافسة في مجال الإنترنت الفضائي، يأتي في إطار تعزيز “الاستبداد الرقمي” لبكين، على غرار مبادرة الحزام والطريق، التي تهدف من خلالها إلى زيادة نفوذها الاقتصادي والسياسي في الخارج.

وكتب لوك هوغ (Luke Hogg)، وهو مدير التواصل في مؤسسة الابتكار الأميركية (Foundation for American Innovation)، التقرير، وذكر أنه “في يونيو 2020، حددت لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC) رسميا مصنعي معدات الاتصالات الصينيين هواوي (Huawei) وزد تي إي (ZTE) كتهديدات للأمن القومي، مما يحظر فعليا معداتهم في الولايات المتحدة. وعلق مفوض لجنة الاتصالات الفيدرالية، بريندان كار، قائلا إنه لا يمكننا التعامل مع Huawei وZTE على أنهما أي شيء أقل من تهديد لأمننا الجماعي. لقد طويت أميركا صفحة النهج الضعيف والخجول تجاه الصين الشيوعية في الماضي (…) ولن تتوقف جهودنا هنا”.

والآن، يواجه العالم تهديدا جديدا من مزودي الاتصالات المدعومين من الحزب الشيوعي الصيني (CCP). لكن التهديد هذه المرة لا يكمن في أبراج الهواتف المحمولة، ولكن في المدار الأرضي المنخفض، وفقا لهوغ.

وتشتد المنافسة في مجال صناعة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، إذ شهدت طفرة في السنوات الأخيرة. ويخطط الحزب الشيوعي الصيني لإطلاق ما يقرب من 13000 قمر صناعي، بقصد زيادة توسيع نفوذه في العالم النامي. وإذا أرادت الولايات المتحدة وحلفاؤها موازنة النفوذ الصيني المتزايد وتعزيز حرية الإنترنت دوليا، فمن الضروري أن تنشئ نظاما يعزز المنافسة المحلية في مجال الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، وفق التقرير.

وقبل أقل من عقد من الزمان، كانت شبكات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية تقدم خدمة متقطعة نسبيا ومنخفضة السرعة ولم تكن مناسبة للاستهلاك التجاري الشامل. ولكن في عام 2019، كان مشروع Starlink من شركة SpaceX هو أول من اتخذ نهجا جديدا.

وبدلا من تشغيل عدد قليل من الأقمار الصناعية التي تحلق على ارتفاع عال كما فعل الآخرون، استفادت شركة سبيس ٌإكس من انخفاض تكاليف الإطلاق، ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى نجاح صاروخ فالكون 9 في إطلاق مجموعات تتكون من عدد كبير من الأقمار الصناعية في مدار أرضي منخفض (LEO).

وغيرت شبكات الإنترنت عبر هذا المدار الجديد قواعد اللعبة، حيث تقدم خدمة أفضل للمستهلكين وزمن وصول أقل وتغطية عالمية أكثر من الشبكات القديمة.

ومع وجود نحو 3500 قمر صناعي نشط وأكثر من مليون مشترك، يحقق مشروع Starlink العديد من المكاسب، لكنه ليس المشروع الوحيد الذي يتنافس في هذا السوق المتنامي.

وأكملت شركة OneWeb ومقرها لندن تقريبا المرحلة الأولى من كوكبة الأقمار الصناعية الخاصة بها، وستوفر تغطية عالمية بحلول نهاية العام. وهناك أيضا مشروع كايبر (Kuiper) من أمازون، الذي يهدف لإطلاق أول أقمار صناعية في أوائل العام المقبل والبدء في تقديم الخدمات للمستهلكين بعد فترة وجيزة.

وتخطط الصين لإطلاق كوكبتها الخاصة. وبسبب الانزعاج من سرعة وحجم مجموعات الأقمار الصناعية الغربية، أصبحت استجابة الصين للابتكارات الغربية واضحة في أواخر عام 2020، عندما قدمت الدولة ملفا لتخصيص النطاق إلى الاتحاد الدولي للاتصالات – وهو فرع من فروع الأمم المتحدة مكلف بتنسيق القضايا المتعلقة بشبكات الاتصالات. ويشير هذا الإيداع إلى خطط الصين لإنشاء “نظام ضخم” خاص بها في المدار الأرضي المنخفض.

وأضاف الحزب الشيوعي الصيني الإنترنت عبر الأقمار الصناعية بشكل متزامن إلى قائمة مشاريع “البنية التحتية الجديدة” التي تعتبر أهدافا لاستثمارات كبيرة وأبحاث وتطوير.

بعد فترة وجيزة، تم إنشاء شبكة من الأقمار الصناعية الصينية المملوكة للدولة للإشراف على مشروع الكوكبة المعروف باسم “Guowang”. ويتناسب هذا المشروع الجديد تماما مع استراتيجية الحزب المستمرة لتصدير تكنولوجيا الإنترنت والاتصالات حول العالم.

ولأكثر من عقد من الزمن، شارك الحزب الشيوعي الصيني في ما وصفه مجلس العلاقات الخارجية بأنه “أحد أكثر مشاريع البنية التحتية طموحا على الإطلاق”. ويعرف هذا المشروع باسم مبادرة الحزام والطريق (BRI)، وهو عبارة عن مجموعة من مشاريع التنمية والاستثمارات في جميع أنحاء العالم التي تمولها أو تشارك في تمويلها الصين مباشرة.

ويحذر خبراء السياسة الخارجية والأمن القومي بانتظام من أن مبادرة الحزام والطريق هي ممارسة لما يعرف بالقوة الناعمة، حيث تعمل الحكومة الصينية على دعم المشروعات والاستثمارات لزيادة تأثيرها وتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي في الخارج.

وأحد المكونات الرئيسية لمبادرة الحزام والطريق هي شبكات الاتصالات، إذ استثمرت الصين بكثافة في بناء البنية التحتية للاتصالات، لا سيما في أفريقيا وجنوب شرق آسيا وأميركا اللاتينية.

وقد حذر تقرير صادر عن الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في عام 2020، من “صعود الصين كلاعب رئيسي في المجال الرقمي، ومن استخدام نفوذها لتعزيز الاستبداد الرقمي، وهو ما يمثل مخاوف أساسية تتعلق بالأمن والخصوصية وحقوق الإنسان للولايات المتحدة والمجتمع الدولي ككل”.

ويعتقد هوغ أن “شبكات الاتصالات هي عنصر أساسي في الاستبداد الرقمي الصيني”، ويقول “الاعتقاد السائد أن الرقابة الاستبدادية تحدث على التطبيقات والمنصات، لكن الرقابة أيضا يمكن أن تحدث على الشبكات التي تشغلها. وتراقب سلطات الحزب الشيوعي الصيني بفاعلية شبكات الإنترنت لديها، وتستخدم المراقبة لقمع السكان المحليين ودعايات الدول الأجنبية”.

ويختم تقريره المطول قائلا إنه “عندما يتعلق الأمر بمواجهة الاستبداد الرقمي المتنامي للصين في الخارج، فإن أحد أقوى أسلحة أميركا يظل التزامها بالمنافسة الحرة والعادلة. ويعد تعزيز المنافسة المحلية في صناعة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية جانبا حاسما للمنافسة الجيوسياسية مع الصين، وعنصرا أساسيا في السعي لتحقيق حرية الإنترنت العالمية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى