الذكاء الاصطناعيالرئيسية

كيف صور الذكاء الاصطناعي شكل منازل المستقبل؟

هاشتاق عربي

تظهر التقارير الرسمية أن ما يقرب من 20 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في المملكة المتحدة تأتي من الطاقة المستخدمة في المنازل، لذا يعتقد المتخصصون بأن أفضل وقت لتحويلها إلى بيوت أكثر استدامة هو الوقت الحالي، ويبدو أن الذكاء الاصطناعي لم يغفل عن هذه الحاجة الطبيعية والبشرية.

عمارة حديثة

في وقت سابق من العام الفائت، حين أصبحت الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي في متناول عدد أكبر من البشر من تحويل النص إلى صورة وصولاً إلى إنشاء نص يحاكي أسلوب الإنسان، قام روبوت ذكاء اصطناعي (OpenGPT) باختيار اتجاهات التصميم لعام 2023، متوقعاً ما يمكن أن يحققه الذكاء الاصطناعي في الهندسة المعمارية على المدى القريب، وعند سؤاله عن رأيه في خصوص الاتجاهات الرئيسة في العمارة هذا العام، كان جوابه أنه من الصعب التنبؤ بشكل مؤكد باتجاهات محددة، إذ يتطور مجال الهندسة المعمارية باستمرار وتعيد تشكيله مجموعة واسعة من العوامل مثل التغيرات الثقافية والاقتصادية والتكنولوجية، ومع ذلك هناك بعض الاتجاهات العامة التي ظهرت خلال الأعوام الأخيرة وربما تستمر في تشكيل أنماط هذا المجال في المستقبل مثل الاستدامة وكفاءة الطاقة والتركيز المتزايد على تصميم المباني الصديقة للبيئة واستخدام التكنولوجيا بشكل أكبر في تصميم وبناء المباني، من النمذجة والطباعة ثلاثية الأبعاد إلى BIM وإنترنت الأشياء (IOT) وأيضاً التصميم البيوفيلي (Biophilic) الذي يدمج عناصر الطبيعة في المباني.

المنازل المستقبلية

وأخيراً تعاونت مواقع معمارية عدة مع شركات مختصة بالذكاء الاصطناعي ليقدم الأخير تصوراً عن شكل المنازل المعاصرة، منتجاً رسومات مختلفة باستخدام برامج توليد الصور من خلال النصوص مثل “ميدجورني” (Midjourney) أو “دال-إي” (DALL-E).

وبالتقصي عن الطريقة التي سيتطور فيها التصميم ومواد البناء المستقبلية، توقع الذكاء الاصطناعي أن يتم التركيز على إنشاء منازل أكثر انسجاماً مع الطبيعة، وعكست النتائج الحاجة إلى التكيف مع المتطلبات المتغيرة وأنماط الطقس من خلال بحث ركز على خمس مدن رئيسة في المملكة المتحدة هي لندن ومانشستر وبلفاست وإدنبره وكارديف، وخمس مدن دولية هي باريس ودبي وأمستردام ونيويورك وتورنتو، حيث قام بهذا البحث فريق التأمين على المنازل في شركة “كومبير ذا ماركت” (Compare the market) بالتعاون مع المهندس المعماري كريس لوسون، المدير العام لشركة CK Architectural المعمارية.

وسلطت نتائج التصاميم المبتكرة من قبل الذكاء الاصطناعي الضوء على زيادة استخدام العمارة الخضراء مثل الجدران الحية ومواد البناء المصنوعة من الفطريات المركزة التي يمكنها تخزين الكربون، الأمر الذي يساعد المدن على أن تصبح أكثر استدامة وكذلك يساعد المنازل التي ستطبق هذه التدابير في العيش بشكل أكثر انسجاماً مع الطبيعة.

توقعات تدعم الاستدامة

وتوقع الذكاء الاصطناعي أن تبنى المنازل في لندن من الأخشاب سريعة النمو لمنع استخدام الأشجار المعمرة في صناعة البناء وأن تظهر العمارة الخضراء بقوة، ففي بلفاست أظهر منزلاً مكسواً بمواد معدنية، أما في منزل كارديف، فتوقع الذكاء الاصطناعي أن تصبح توربينات الرياح شائعة للاستخدام المنزلي مع بدء استعمال طاقة الرياح، وبالنسبة إلى الألواح الشمسية التي تعمل من دون أشعة الشمس المباشرة ظهرت كميزة رئيسة في منزل إدنبره، بينما تميز منزل مانشستر بألواح عاكسة كبيرة تعمل كلوحات شمسية تلتقط وتعكس الطاقة الضوئية الزائدة على الألواح السفلية، بحيث يساعد انعكاس الطاقة في أجزاء مختلفة من المنطقة المحيطة على تعزيز بيئة أكثر تنوعاً من خلال السماح لأشعة الشمس بالوصول إلى الأماكن الأكثر ظلمة.

التصميمات الخاصة بمدينتي لندن وإدنبره تميزت بجدران حية وفطريات مركزة كعنصر بناء، والمنزل المستقبلي في تورنتو ظهر بناء كتلة كربونية، وفي باريس من المحتمل أن يتم بناء منازل شاهقة بجدران حية للمساعدة في استبدال التنوع البيولوجي في جميع أنحاء المدينة، أما في دبي، فكانت الألواح الشمسية من السمات الرئيسة لمنزل هذه المدينة، وعلق كريس لوسون أنه في المستقبل يمكن أن تتلقى جميع مباني دبي التبريد بشكل طبيعي من الاتصال بالأرض وستكون محمية من الرياح في الوقت ذاته.

تصاميم معاصرة

من جهة أخرى قام موقع “أرش ديلي” بهذه التجربة بالتعاون مع استوديوUlises لإنتاج مجموعة صور تراوحت بين الواقع والخيال، وقدمت الهامات حول ما يسمى في الفكر المعماري “الممارسة المكانية” التي تجمع ما بين الفن والعمارة وكيفية خلق صورها.

وكانت الخطوة الأولى للبحث هي الطلب من “ميدجورني” تخيل منزل معاصر معروض على موقع “أرش ديلي”، ونتيجة ذلك أظهر “ميدجورني” صوراً متشابهة جداً في الأسلوب مع اختلافات قليلة من حيث المواد المستخدمة والسياق العام، مرجعاً سبب هذا التجانس الناتج إلى الأنماط المعمارية الغالبة في قاعدة بيانات البرنامج التي يستمد منها نمطاً محدداً من خلال التطابق أو التصنيفات التي يتم إنشاؤها أثناء التدريب، فعلى سبيل المثال ظهرت معظم الأبنية بطابقين وخطوط متعامدة مع وظائف مشتركة في الطابق الأرضي ومنطقة أكثر خصوصية في المستوى العلوي مع فتحات زجاجية كبيرة.

وللوصول إلى مقاربة أوسع لكيفية إدراك الذكاء الاصطناعي للمنازل المعاصرة، أعيدت التجربة باستخدام تفاصيل جديدة في محاولة لكسر الصورة المهيمنة في بيانات البرنامج، ولهذا الغرض تم اختيار 15 دولة ليتوقع شكل المنزل المعاصر فيها، وهي البرازيل وتشيلي والصين والهند وألمانيا وغانا وإندونيسيا واليابان، إلى جانب المكسيك ونيجيريا وإسبانيا وسويسرا وهولندا والولايات المتحدة وفيتنام، الأمر الذي جعل النتائج أكثر تخصيصاً.

النتائج التي ظهرت في التوقعات التي قدمها الذكاء الاصطناعي ليست إلا تذكيراً بضرورة التحول إلى نمط بناء أكثر استدامة، بدءاً بالاستثمار في الألواح الشمسية التي يمكن أن تعمل في الأيام الغائمة، وصولاً إلى ضمان عزل المنزل تماماً والتحقق من الجدران المجوفة والأرضيات والأسطح وتركيب المضخات الحرارية التي تستخدم الطاقة الحرارية الأرضية وتركيب الأجهزة الموفرة للطاقة مثل الصنابير الموفرة للمياه التي تجمع بين الهواء والماء والحد من الاستخدام، وإنشاء الأسقف الخضراء التي ستخفض بمجملها فواتير الطاقة في المستقبل.

المصدر: إندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى