اتصالاتالرئيسية

ما ضرورة إشراك قطاع التكنولوجيا في محاربة الإحتيال؟

هاشتاق عربي

في كل دقيقة تقضيها في قراءة هذا المقال، تفقد 2300 جنيه استرليني بسبب الاحتيال في المملكة المتحدة.

إذا خدعت لتحويل الأموال إلى محتال ما، فإن مناشدة البنك الذي تتعامل معه لتغطية الخسائر هو أملك الوحيد في الحصول على تعويض. لكن إذا تصرف رؤساء البنوك على هواهم، فسيتعين على مواقع التواصل الاجتماعي، التي يقولون إن إغلبية محاولات الاحتيال هذه تنشأ فيها، أن تتحمل حصة من فاتورة الاحتيال.

في العام الماضي، خسر العملاء 1.2 مليار جنيه استرليني من أموالهم للمحتالين وفقا للأرقام الصادرة الأسبوع الماضي، مع وقوع نحو ثلاثة ملايين شخص ضحية لعمليات الاحتيال.

هذا أقل من مستويات 2021 بقليل، لذلك تستحق البنوك الثناء لاكتشاف عمليات احتيال بقيمة 1.2 مليار جنيه استرليني أخرى ومنع حدوثها. لكن تكلفة التحقيق والرقابة على المعاملات المشبوهة تتزايد.

يقول أحد المقرضين الكبار “إن الاحتيال يمثل الآن تكلفة أكبر من تكلفة شبكة فروعه”.

المحتالون بارعون للغاية في استغلال أكبر نقطة ضعف في النظام المصرفي، المشاعر الإنسانية “التعلق بالمال”. صممت عمليات الخداع المعقدة على نحو متزايد لإثارة الجشع أو الخوف أو الذعر مع سرقة أكثر من 485 مليون جنيه استرليني عبر ما يسمى بالاحتيال المجاز في 2022.

بموجب القواعد الحالية، ليس هناك حق تلقائي في استرداد الأموال، يتعين على العملاء إثبات أنهم فعلوا ما يكفي للتشكيك في محاولة الاحتيال.

مع ذلك، ارتفع معدل السداد لرد أموال الضحايا الذين خدعوا في عمليات الاحتيال إلى 59 في المائة، مع إعادة البنوك مبلغ 285 مليون جنيه استرليني من أصل 485 مليون جنيه استرليني سرقت من العملاء في 2022.

هذه بشرى سارة للضحايا، لكن في الوقت الذي يشير فيه رؤساء البنوك جاهدين إلى أن التكاليف المتزايدة لعمليات الاحتيال يتحملها في النهاية العملاء والمساهمون، وليس عملاء شركات التكنولوجيا والاتصالات.

تعد استراتيجية مكافحة الاحتيال الحكومية الجديدة بتحويل مزيد من أموال دافعي الضرائب إلى مكافحة ما أصبح الآن أكثر الجرائم شيوعا في المملكة المتحدة، لكن هناك أملا ضعيفا في تعقب المليارات المفقودة واستعادتها. يمكن للعصابات الإجرامية الدولية نقل الأموال عبر النظام المالي بشكل أسرع بكثير مما يمكن لسلطات مكافحة الجريمة الوطنية مواكبته، التي تعاني نقص الموارد.

لإحداث تأثير ذي مغزى، نحتاج إلى تركيز أكبر بكثير على منع الاحتيال، وهذا هو الجانب الذي يجب أن تجبر فيه منصات التكنولوجيا على مضاعفة جهودها.

إن نحو 80 في المائة من عمليات الاحتيال تنشأ عبر الإنترنت، وفقا لبحث أجرته هيئة التجارة المصرفية يو كيه فاينانس.

كما امتنعت عن تسمية أسوأ الجناة وفضحهم، لكنها قالت “إن منصات وسائل التواصل الاجتماعي تمثل تقريبا ثلاثة أرباع هذا المجموع”.

أيضا يمكن للمحتالين استغلال التسوق عبر الإنترنت، وتطبيقات المواعدة، وخدمات المراسلة إضافة إلى تزوير أرقام الهواتف لتسهيل انتحال الهوية والخداع التي تعد جذر كثير من عمليات الاحتيال.

قد تدعي شركات التكنولوجيا والاتصالات أنها تبذل ما في وسعها لمكافحة الاحتيال، لكنها بحاجة إلى بذل مزيد من الجهد إذا كانت المبالغ التي تتم خسارتها بسبب الاحتيال ستنخفض بشكل كبير.

يقول ديفيد بوستينجز، الرئيس التنفيذي لهيئة “يو كيه فاينانس”، “إن الاعتماد على القطاع المصرفي وحده لتعويض ضحايا الاحتيال يعني أن منصات الإنترنت التي تسهل أغلبية عمليات الاحتيال ليس لديها حافز مالي لإيقافه”.

في الواقع، قد يستفيد بعض من ذلك، رغم أن قانون الأمان عبر الإنترنت الذي طال انتظاره سيحتوي على واجب قانوني للمنصات لمنع ظهور الإعلانات المزيفة المدفوعة على الإنترنت.

عندما كشفت حكومة المملكة المتحدة الأسبوع ما قبل الماضي النقاب عن تفاصيل استراتيجيتها لمنع الاحتيال، بددت الآمال بأن شركات التكنولوجيا والاتصالات ستجبر على المساهمة في تكاليف تعويض الضحايا، واقترحت بدلا من ذلك اتفاقيات طوعية أضعف بكثير.

من الواضح أن هناك توترا خاطئا بشأن إغضاب شركات التكنولوجيا الكبرى، لكن ماذا عن البؤس الذي يلحق بملايين المستهلكين الذين يكافحون لاسترداد أموالهم من البنوك؟

يقول بوستينجز “هناك أيضا مزيد من الأمور التي يمكن لمنصات الإنترنت فعلها باستخدام بياناتها الخاصة لحجب الجهات السيئة المحتالة وراء عمليات الاحتيال في الشراء والاحتيال الاستثماري”، مشيرا إلى فقد 67 مليون جنيه استرليني و114 مليون جنيه استرليني بسبب عمليات الاحتيال هذه على التوالي في 2022.

أيضا ناقشت في مادة سابقة عن كيف أن الوتيرة البطيئة للغاية التي تستجيب بها مواقع التواصل الاجتماعي لتقارير الاحتيال تتسبب في إثارة غضبي.

لكن ضرورة إشراك قطاع التكنولوجيا في مكافحة الاحتيال ينبغي أن تكون أكبر لأن الذكاء الاصطناعي يقدم طرقا جديدة مرعبة للمحتالين للنصب علينا.

إن استخدام الذكاء الاصطناعي لاستنساخ صوت شخص ما “سيكون أمرا سهلا للغاية” وفقا لبوستنجز. ربما تكون قد سمعت عن خدعة تطبيق واتساب “مرحبا يا أمي”، حيث يتم خداع الآباء لإرسال الأموال إلى المحتالين الذين يرسلون الرسائل ويتظاهرون بأنهم أبناؤهم الواقعون في ضائقة. في المستقبل، هل يمكن للمحتالين استخدام الذكاء الاصطناعي لاستنساخ أصواتنا والاتصال بأقاربنا؟

عادة ما يستخدم المحتالون وجوه المشاهير مثل مارتن لويس وديبورا ميدن والسير ريتشارد برانسون، ويرسلون مخططات استثمار وهمية عبر الإنترنت. هل يمكن أن تتضمن حالات التقمص المستقبلية من خلال الذكاء الاصطناعي مكالمات مقنعة أو رسائل صوتية من المشاهير؟ إنه احتمال مرعب.

كما أشعر بالقلق من أن المحتالين قد يستخدمون الذكاء الاصطناعي لتضليل مزيد من الضحايا وجعلهم يقعون في جرائم الاحتيال الرومانسي، فقد مبلغ 31 مليون جنيه استرليني العام الماضي، مع خداع الضحية العادية لإجراء ثماني عمليات تحويل منفصلة على مدى فترة طويلة من الزمن.

يمكن أيضا استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض حسنة، مثل المساعدة على اكتشاف الاحتيال ومنعه. في كثير من الأحيان، توقف الأنظمة الداخلية للبنوك المعاملات الكبيرة المشبوهة، لكن حتى عندما يتم تحذير العملاء من مخاطر الاحتيال، لا يرغب بعض في أخذ مشورة البنوك ويصرون على إرسال الأموال.

تلتزم البنوك الآن قانونيا بإجراء الدفع في غضون 24 ساعة. وتريد تمديد المدة إلى 72 ساعة، ما يمنح الشرطة والوكالات الأخرى فرصة أكبر لكسر تعويذة الاحتيال، وتعد استراتيجية مكافحة الاحتيال بإصدار تشريعات ثانوية.

إضافة إلى إيقاف عمليات الاحتيال بشكل أسرع، تريد هيئة يو كيه فاينانس من شركات التكنولوجيا أن تتعاون وتشارك مزيدا من البيانات مع البنوك. هذا من شأنه أن يساعد في تضييق الخناق على أنشطة مثل النقل غير الشرعي للأموال، حيث تجند العصابات الإجرامية مجموعات ضخمة من الأفراد وتوجههم لغسل عوائد الجريمة عبر الإنترنت من خلال شبكات الحسابات المصرفية المخترقة.

نظرا لأن أكثر من نصف الأشخاص في المملكة المتحدة يستخدمون تطبيقات الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول، فإن القدرة على تحويل الأموال عبر الإنترنت لم تكن أبدا بهذه السهولة من قبل. كان هناك ارتفاع يبلغ 33 في المائة في عمليات الاحتيال المصرفي عبر الهاتف المحمول العام الماضي، مع خسارة 34 مليون جنيه استرليني حيث استخدم المجرمون تفاصيل الحسابات المصرفية المخترقة للوصول إلى أموالنا.

إنني قلقة أيضا من العدد المتزايد للتقارير التي تفيد بوصول المجرمين إلى التطبيقات المصرفية من خلال سرقة الهواتف المحمولة.

بالطبع تحتاج البنوك وشركات التكنولوجيا والهيئات التنظيمية إلى بذل مزيد من الجهد، لكن من واجبنا أيضا حماية أنفسنا.

اقض بضع دقائق في عطلة نهاية الأسبوع هذه لتعديل إعدادات هاتفك وإخفاء الإشعارات من شاشة القفل حتى لا يتمكن أي شخص يعبث بهاتفك المحمول من رؤية رموز الحماية النصية. يعد إعداد قفل لشريحة الجوال إجراء احترازيا آخر معقولا.

فكر دائما في أن أي رسالة تتلقاها عبر الإنترنت تطلب منك النقر على رابط أو إدخال بيانات شخصية هي عملية احتيال، وطبق المنطق الاحترازي نفسه على الإعلانات على منصات الإنترنت.

نصيحة بسيطة، ربما، لكن فقدان مبلغ 2300 جنيه استرليني في الدقيقة يظهر أن رسالة منع الاحتيال لم تصل إلى الناس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى