منوعات

كيف تنشأ الثقوب السوداء في الفضاء؟

هاشتاق عربي

رصد علماء صورة جديدة لثقب أسود يبعد عن الأرض 54 مليون سنة ضوئية، والذي تبلغ كتلته 6.5 مليار ضعف كتلة الشمس.

وقال العلماء إن الصورة الجديدة تظهر “الأحداث العنيفة” التي تجري حول هذه الظواهر الكونية، والتي ينبثق عنها جسيمات عالية الطاقة في الفضاء.

وحصل العلماء على الصورة باستخدام 16 تلسكوبا من مواقع مختلفة من الأرض، والتي شكلت مجتمعة رصدا لثقب أسود ضخم.

والثقوب السوداء هي من “أغرب الأشياء وأكثرها روعة في الفضاء، حيث لديها جاذبية قادرة على سحب الضوء لداخلها”، بحسب تقرير لموقع “سبيس”.

وتشرح وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” ان الثقب الأسود هو عبارة عن “مكان في الفضاء يتركز فيها سحب الجاذبية بشكل مكثف حتى الضوء لا يستطيع الابتعاد عنه أو الخروج منه”.

ويعتقد العلماء أن الثقب الأسود يحصل عندما يحتضر أحد النجوم، وهو ما يولد جاذبية قوية جدا في نقطة محددة.

ولا يمكن رؤية الثقوب السوداء بالعين المجردة، إذ لا يمكن رصدها إلا من خلال التلسكوبات الفضائية المزودة بأدوات خاصة، والتي لديها القدرة على رصد “تحركات النجوم القريبة من الثقوب السوداء” ومعرفة طريقة تحركها بشكل مختلف عن النجوم الأخرى.

ويمكن أن تحوي مجرة درب التبانة لوحدها على أكثر من 100 مليون ثقب أسود، رغم صعوبة اكتشاف هذه الكتل “الشرهة”، بحسب ناسا.

مصطلح “الثقب الأسود”

ألبرت أينشتاين كان قد تنبأ بوجود الثقوب السوداء في عام 1916، والتي ترافقت مع نظريته العامة حول النسبية، ولكن مصطلع “الثقب الأسود” صاغه عالم الفلك الأميركي، جون ويليز في 1967، إذ رغم ترجيحات العلماء بوجودها إلا أنها كانت باقية في إطار النظريات حول الفضاء.

وأول ثقب أسود تم اكتشافه على الإطلاق في مجرة درب التبانة عرف باسم “سيغنوس إكس -1” عام 1964 حيث تم رصد مصدر مشع بشكل لافت بحسب ناسا، بحسب صور التقطتها الأشعة السينية، ولكن في عام 1971 قرر علماء الفلك أن هذا الضوء المشع يدور حول جسم غامق غريب، والذي اعتبروه ثقبا أسودا.

كبيرة أم صغيرة؟

ويرجح العلماء أن الثقوب السوداء تأتي في أحجام عدة كبيرة أو صغيرة، ولكن حتى تلك التي قد تكون بحجم ذرة واحدة فقط، إلا أن لها كتلة جبل كبير، وهو ما يمثل مقدار “المادة” في هذا الثقب الأسود.

ويطلق على بعض الثقوب السوداء اسم الثقوب “النجمية”، والتي قد تصل كتلتها إلى 20 ضعف كتلة الشمس، حيث يوجد العديد من الثقوب السوداء ذات الكتلة النجمية في مجرة درب التبانة التي تضم كوكب الأرض أيضا.

وهناك ثقوب سوداء تعرف باسم “الثقوب فائقة الكتلة” والتي قد يزيد حجمها عن ملايين أضعاف شمسنا التي نعرفها، والتي يمكن أن تتسع في بعض الآحيان على ملايين الكواكب من حجم كوكب الأرض الذي نعيش عليه.

كيف تتشكل الثقوب السوداء؟

ويميز العلماء بين طرق تشكل الثقوب السوداء، إذ أن الثقوب السوداء الصغيرة وحتى الثقوب فائقة الحجم ظهرت مع تكون الكون.

أما الثقوب النجمية تشكلت بعد سقوط مركز نجم كبير ما يتسبب في انهياره على نفسه، ما يشكل نوعا من النجم المتفجر.

ويؤكد العلماء أنهم غير قادرين على رؤية الثقوب السوداء، خاصة وأن جاذبيتها تسحب كل الضوء إلى المنتصف، ولكن رصدها يعتمد على حركة الجاذبية التي تظهر على النجوم حول الثقب الأسود.

كما يستطيع العلماء من رصد اقتراب ثقب أسود مع النجوم، إذ يظهر في الفضاء ضوء عالي الطاقة، لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، ولكن التلسكوبات والتقنيات الحديثة جعلت من رؤيتهم ممكنة.

الثقوب السوداء هل تدمر الأرض؟

ورغم قدرة الثقوب السوداء على سحب كل ما يعترض طريقها في الفضاء، إلا أن خطر سقوط الأرض في ثقب أسود لا يزال بعيدا، حيث لا يوجد ثقب أسود قريب بما يكفي من النظام الشمسي قرب الأرض.

وحتى لو استطاع ثقب أسود له كتلة موازية لكتلة الشمس بما يسمح بأخذ مكانها، فهذا لا يعني أنها ستسحب كوكب الأرض لداخلها، إذ ستبقى حركة الدوران للأرض والكواكب الأخرى بذات الحركة الحالية.

هل ستتحول شمسنا لثقب أسود؟

ويستبعد العلماء تحول الشمس إلى ثقب أسود، وحتى بعد مليارات السنوات عندما تنتهي الشمس ستصبح نجمة عملاقة حمراء، وستتخلص من طبقاتها الخارجية وتتحول إلى حلقة متوهجة من الغاز يطلق عليها اسم السديم الكوكبي، ليتبقى منها نجم قزم أبيض بحسب “ناسا”.

أول صورة لثقب أسود

في أبريل 2019، كشف فريق من العلماء عن الصورة الأولى لثقب أسود، وهو كناية عن دائرة قاتمة وسط هالة متوهجة في مجرة “أم 87” على بعد نحو 50 مليون سنة ضوئية من الأرض.

ونشرت الصورة ضمن مشروع “تلسكوب أفق الحدث”.

الباحثة عن الثقب الأسود

الباحثة كاتي بومان تحولت في عام 2019 إلى شخصية مشهورة على الصعيد العالمي لدورها في تشكيل الصورة الأولى عن ثقب أسود، التي نشرت في أبريل.

وكانت الشابة تعمل في حينه كباحثة في مرحلة ما بعد الدكتوراه في معهد الأبحاث الفلكية هارفرد-سيمثسونيان. وهي متخصصة بتركيب الصور عبر بناء خوارزميات دقيقة ومعقدة.

وفي 2017، سجل المشروع الذي تعمل ضمنه رصدا متزامنا من ثمانية “راديو-تلسكوب” موزعين في أنحاء الأرض، لثقبين اسودين. وأنتج الرصد كميات هائلة من البيانات المعلوماتية التي يتوجب العمل عليها لانتاج الصورة الأولى عن ثقب أسود.

وكانت كاتي بومان مسؤولة عن تطوير البناء الخوازمي الذي يسمح ببناء صورة واحدة كالتي اكتشفها العالم في 10 أبريل.

وجرى تخليد تلك اللحظة التي اكتشفت خلالها الصورة للمرة الأولى بالتقاط صورة للباحثة أثناء جلوسها خلف حاسوبها. وقالت إن تلك اللحظة كانت “واحدة من الذكريات الأسعد في حياتي”.

نظريات علمية عن الثقوب السوداءفي دراسة نشرتها مجلة نيتشر العلمية في 2012 قالت إنه إذا وقعت ثقب أسود ستقوم الجاذبية “بمد طول جسدك ليصبح نحيفا مثل السباغيتي”، ولكن ستتعرض أيضا للحرق والموت على الفور.
الثقوب السوداء لا تمتص الأجسام، ولكن عملية الجذب تحدث عن طريق سحب شيء ما في الفراغ، حيث تسقط الأشياء فيها كما تسقط باتجاء أي شيء لديه جاذبية مثل الأرض.تراهن العالم الفيزيائي ستيفن هوكينغ وزميله كيث ثورن على أن “سيغنوس إكس -1” الذي أعتبر أنه أول ثقب أسود، بأنه ليس كذلك، ولكن في 1990 اعترف هوكينغ بالهزيمة أمام زميله، بأن “سيغنوس إكس -1” هو ثقب أسود.
الثقوب السوداء المصغرة قد تكون تكونت بعد الانفجار العظيم، وتوسع الفضاء بشكل سريع قد سبب ضغطا على بعض المناطق القريبة من الثقوب السوداء الصغيرة التي كتلتها أقل من كتلة الشمس.
إذا مر نجم بشكل قريب من ثقب أسود، من المرجح أن يتشظى ويتمزق هذا النجم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى