الرئيسيةتكنولوجيا

خطة في الهند لجلب الريف إلى العصر الرقمي

هاشتاق عربي

قبل عقد من الزمان، اشترك تيج بال في مخطط الهوية الحيوية الهندي، “آدهار”، وحصل على بطاقة هويته الوطنية الأولى.

وبعد بضعة أعوام، استخدم الرجل البالغ من العمر 44 عاما، الذي يبيع الفاكهة بالقرب من دلهي، هذه البطاقة لفتح حسابه المصرفي الأول. وفي العام الماضي، حصل على قرض لشراء أول هاتف ذكي له للتسجيل في واجهة المدفوعات الموحدة “يو بي آي”، نظام النقود الرقمية في الهند.

والآن بال، الذي نشأ في قرية شمال الهند الخالي من البنوك أو الخطوط الأرضية، يتسلم المدفوعات مقابل الموز أو المانجو مباشرة إلى حسابه المصرفي عبر تطبيقات مثل جوجل باي أو فون بي المملوك لشركة وولمارت.

يقول “في السابق، عندما كنت أذهب إلى المنزل إلى قريتي، كان علي إخفاء كل النقود -حرفيا كل مدخراتي لعدة أشهر- في جواربي، حتى لا أتعرض للنشل في القطار”. لقد أصبحت الحياة “أسهل بكثير”.

تكررت قصة بال ملايين المرات في الأعوام الأخيرة في الهند، حيث أطلقت السلطات حملة غير مسبوقة لجلب سكانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة إلى الإنترنت.

في صميم هذا الجهد، يوجد ما يسمى إنديا ستاك: واجهات برمجة التطبيقات المدعومة من قبل الحكومة، التي يمكن للأطراف الأخرى أن تبني عليها برامج لها إمكانية الوصول إلى الهويات الحكومية، وشبكات الدفع والبيانات.

هذه البنية التحتية الرقمية قابلة للتشغيل المتبادل و”مكدسة” معا، ما يعني أن الشركات الخاصة يمكنها إنشاء تطبيقات مدمجة مع خدمات الدولة لتزويد المستهلكين بوصول سلس إلى كل شيء بدءا من مدفوعات الرعاية الاجتماعية إلى طلبات القروض.

يجادل المؤيدون بأن الهند وجدت حلا ينافس عالميا لبناء وتنظيم شؤون الإنترنت العامة الذي يعد أكثر إنصافا من نهج عدم التدخل في الولايات المتحدة، وأكثر ابتكارا من نموذج الاتحاد الأوروبي المنظم بشدة وأكثر شفافية من النموذج الشمولي الصيني.

الآن، بينما تستضيف نيودلهي رئاسة مجموعة العشرين هذا العام وتتفوق على الصين في كونها البلد الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم، أصبحت البنية التحتية الرقمية العامة في الهند جزءا أساسيا من جهود ناريندرا مودي رئيس الوزراء، لتقديم الهند قوة اقتصادية عظمى وليدة، ووجهة استثمارية بديلة للصين والصوت الرائد في جنوب العالم.

في الجلسات والفعاليات التي تضم قادة الحكومات والشركات العالمية، أطلقت حكومة مودي حملة دبلوماسية رقمية للترويج لقالب البنية التحتية الرقمية كنموذج جديد للتنمية حول العالم، وحققت نجاحا نسبيا. واعتمدت بلدان من بينها الفلبين وبوتان عناصر البنية التحتية المصممة في الهند.

يقول أشويني فايشناو، وزير تكنولوجيا المعلومات الهندي “هذا النوع من نهج الشراكة بين القطاعين العام والخاص ليس موجودا في الغرب ولا في الشرق. نعتقد أن هذه مساهمة كبيرة من جانبنا للعالم، ولهذا السبب جعلناها متاحة للعالم”.

لكن مع نمو نطاق وطموح الدفع الرقمي للهند، كذلك زادت المخاوف. حيث تقوم حكومة وشركات الهند بجمع كميات غير مسبوقة من البيانات بدون وجود قانون لحماية البيانات، ما يوفر فرصا كبيرة للمراقبة وإساءة الاستخدام في بلد اتهمت فيه جماعات الحقوق المدنية الدولة بالإفراط في التجسس على المواطنين.

وبينما يصف بعضهم الرقمنة بأنها عامل مساواة كبير بالنسبة إلى الشريحة الأفقر في الهند، يقول النقاد “إن نمو الخدمات الرقمية لا يكفي للتعويض عن عدم المساواة في المهارات والوصول إلى الإنترنت الذي يترك مئات الملايين على الجانب الخطأ من الفجوة الرقمية في البلد”.

يقول براتيك واجر، مدير السياسات في مؤسسة حرية الإنترنت “لا يمكن للتكنولوجيا أن تحل محل الفجوات الأساسية الموجودة، مثل عدم كفاية الخدمات المقدمة وانخفاض مستوى المعرفة الرقمية”.

رهان على تكنولوجيا المعلومات

تجادل حكومة الهند بأن جلب الشريحة الأفقر في العالم إلى الإنترنت هو إحدى أسرع وسائل التنمية العالمية. فهناك نحو 850 مليون شخص على مستوى العالم ليس لديهم هوية قانونية و1.4 مليار ليس لديهم حسابات مصرفية، وفقا للبنك الدولي.

لا تتفرد الهند بالبنية التحتية الرقمية. يقول صندوق النقد الدولي “إن 99 في المائة من سكان إستونيا الرائدين في مجال التكنولوجيا الرقمية لديهم بطاقة هوية، بينما يستخدم نحو 80 في المائة من السكان في كينيا البالغين المدفوعات الرقمية، وذلك بفضل شبكة الأموال عبر الهاتف المحمول في البلد”. لكن المحللين يقولون “إن حجم البنية التحتية الرقمية في الهند وترابطها لا مثيل لهما”.

يقول لويس بروير، الممثل المقيم الأول لصندوق النقد الدولي في الهند، “إن نموذج الهند مبتكر جدا. إنه مختلف عما تراه في معظم البلدان الأخرى في العالم. الهند كبلد وضع رهانا كبيرا على تكنولوجيا المعلومات”.

بدأت برمجية إنديا ستاك بمخطط آدهار للهوية الرقمية، الذي تم إطلاقه عام 2009 -ورغم أنه مثير للجدل لدى المدافعين عن الخصوصية- فإنه يغطي الآن جميع السكان البالغين تقريبا. وفوق “طبقة الهوية” هذه توجد “طبقة مدفوعات”، تتضمن نظام النقود الرقمية لواجهة المدفوعات الموحدة و”طبقة بيانات” حيث يمكن للمواطنين، مثلا، تخزين الوثائق الرسمية افتراضيا.

ذا إنديا ستاك

الهوية: يقوم المواطنون الهنود والمقيمون الأجانب بالتسجيل في “آدهار”، قاعدة بيانات الهوية الحيوية الحكومية الهندية. ويتم تخصيص رقم هوية مكون من 12 رقما لكل شخص، ويتم ربطه بصورة، وبصمة إصبع ومسح قزحية العين في قاعدة بيانات تديرها هيئة التعريف الفريدة في الهند. يتم إصدار بطاقة بهذه التفاصيل، التي يمكن ربطها بهاتف محمول.

تمكن هذه الهوية المعترف بها عالميا البنوك، وشركات الاتصالات وغيرها من التحقق من هوية العميل الجديد على الفور، ما تقول الحكومة “إنه يقلل من مخاطر الاحتيال وتكاليف عمليات التحقق، ويسمح للحكومة بإرسال مدفوعات الفوائد المباشرة إلى حسابات مصرفية مرتبطة بقاعدة آدهار”.

المدفوعات: تربط واجهة المدفوعات الموحدة الأشخاص بالبنوك وتطبيقات الأموال عبر الهاتف المحمول التي طورها قطاع التكنولوجيا المالية في الهند في نظام معاملات واحد كبير. وهذا يعني أنه حتى صغار التجار يمكنهم قبول المدفوعات عبر الهاتف المحمول مقابل البضائع، ويمكن إرسال الحوالات المالية على الفور وبتكلفة أقل.

البيانات: تشمل الطبقة الثالثة تخزين البيانات المهمة، من تفاصيل بطاقة آدهار إلى رخص القيادة، وتسجيل المركبات، والمؤهلات الأكاديمية والوثائق الطبية، في قاعدة بيانات رقمية تسمى ديجي لوكر. يمكن بعد ذلك التحقق من هذه البيانات أو مشاركتها بشكل جماعي.

على الرغم من دعم حكومة مودي، بدأت برمجية آدهار عندما كان حزب المؤتمر الوطني الهندي المعارض في السلطة، وساعد القطاع الخاص أيضا على تطوير البنية التحتية الرقمية للهند. وقد انتشرت التطبيقات والخدمات المستندة إليه، من شهادات تلقي اللقاح غير الورقية لكوفيد – 19 إلى نظام سقف واحد لدفع فواتير الخدمات إلى نظام أساسي لمشاركة المناهج الدراسية رقميا.

يقول المؤيدون “إن هذا التحول الرقمي يوفر الوقت والمال”. حيث دفعت السلطات 66 مليار دولار من مدفوعات المزايا عبر الإنترنت في العام المنتهي في عام 2021، مقارنة بمبلغ 1.2 مليار دولار في عام 2014، ما ساعد على الحد من الهدر والتسرب.

ويمكن أن تنخفض التكلفة التي تتحملها البنوك للتحقق من هوية العملاء باستخدام “آدهار”، وقد ساعد ذلك البنوك على فتح مئات الملايين من الحسابات الجديدة خلال العقد الماضي، ما أدى إلى مكاسب مهمة في الشمول المالي.

بدأت عدة بلدان بالفعل العمل مع الهند على برامجها الخاصة. تستخدم الفلبين والمغرب مخططات الهوية الرقمية المصنوعة في الهند، بينما استخدمت جامايكا تكنولوجيا البلد للحصول على شهادات تلقي اللقاح لكوفيد – 19. وربطت سنغافورة أخيرا نظام المدفوعات الرقمي الخاص بها بنظام الهند للسماح بالتحويلات الفورية عبر الحدود من قبل سكانها البالغ عددهم 400 ألف من أصل هندي.

يقول سوبنيندو موهانتي، كبير مسؤولي التكنولوجيا المالية في سلطة النقد في سنغافورة، “يمكنني أن أراهن على أن العملية لا تتم بالسرعة نفسها في أي مكان آخر في العالم، عند نقطة السعر هذه. يمكن لعامل مهاجر فقير الآن إرسال الأموال بقيم صغيرة -10 دولارات، أو 20 دولارا- على الفور (…) هذا يوجد تأثيرا هائلا في قاعدة الهرم”.

قدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي العام الماضي أن البنية التحتية الرقمية العامة يمكن أن تضيف ما يصل إلى 1.4 في المائة من النمو إلى البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط بحلول عام 2030، ما يسمح لها بتسريع الشمول المالي و”تجاوز” البلدان الأخرى.

ويقول ناندان نايلكاني، المؤسس المشارك لشركة تكنولوجيا المعلومات متعددة الجنسيات، إنفوسيس، الذي يساعد على قيادة دفع البنية التحتية الرقمية في الهند، “إن كثيرين في الهند لديهم اعتقاد شائع بأن البنية التحتية العامة الرقمية وسيلة لتغيير البلد. الآن لدينا أدلة عملية على هذا”.

نموذج جديد للأعمال الرقمية

جعلت الهند بعض التكنولوجيات المستخدمة في بنيتها التحتية الرقمية متاحة للجميع ليستخدمها الآخرون.

يقول المسؤولون “إن هذا يحمي من سيطرة الدولة الزائدة والاستيلاء على السوق من قبل عمالقة شركات التكنولوجيا الكبرى مثل أمازون وجوجل في الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة”.

لقد أثبت هذا بالفعل كونه أداة قوية للشركات للابتكار. حيث تعني قابلية التشغيل البيني لواجهة المدفوعات الموحدة أن العملاء يستخدمونها لإجراء المعاملات مع أي بنك أو تطبيق يختارونه.

قامت شركات مثل جوجل وفون بي بدورها ببناء تطبيقات مدفوعات ناجحة فوقها، ما ساعد الخدمة على الانطلاق، مع إجراء أكثر من ثمانية مليارات معاملة شهريا.

يقول أمباريش كنجي، نائب الرئيس في تطبيق جوجل باي، “إنه مع نمو المدفوعات الرقمية تتاح مجموعة من الفرص، تراوح بين السماح للعملاء بدفع الفواتير عبر التطبيق والحصول على قروض”. ويضيف “سترى أننا نقوم بتمكين التجارة، ونمكن الخدمات إضافة إلى المدفوعات. هذا هو أملي”.

تقوم السلطات الهندية الآن بتجربة مزيد من المبادرات الطموحة. ومن بين هذه المبادرات الشبكة المفتوحة للتجارة الرقمية، خطة للتجارة الإلكترونية قابلة للتشغيل البيني، التي بدأت السلطات اختبارها في مركز التكنولوجيا الهندي في بنجالور العام الماضي.

وبينما تدير منصات مثل أمازون كل شيء من البائع إلى العميل، عبر الشبكة المفتوحة للتجارة الرقمية، يمكن للمشتري طلب البقالة باستخدام خدمة المدفوعات الرقمية بايتم من متجر مسجل إلى تطبيق مختلف، مثل بيتسيلا. ويمكن لتطبيق ثالث، مثل دونزو، توصيل الطلب.

وتجادل الهند بأن فتح البنية التحتية بهذه الطريقة سيساعد على التحقق من قوة شركات التكنولوجيا الكبرى عبر الحد من قدرتها على إملاء الشروط، والمساعدة على خفض التكاليف وتنمية السوق. يقول نيتين ناير، مدير تنفيذي في الشبكة المفتوحة للتجارة الرقمية في بنجالور، “إن نموذج التجارة الإلكترونية التقليدي أحادي الجانب بشكل كبير”، مضيفا أن “الشبكة المفتوحة للتجارة الرقمية ستجعل هذه العملية أكثر ديمقراطية إلى حد ما”.

كما تم إطلاق تطبيق مفتوح المصدر لمشاركة الرحلات، ناما ياتري، باستخدام الشبكة المفتوحة للتجارة الرقمية في المدينة العام الماضي لإيصال السائقين مباشرة بالعملاء دون عمولات.

“إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فستكون هي الثورة التالية على الإنترنت”، كما يقول نياس إم كيه، الذي بدأت مؤخرا سلسلة البقالة الخاصة به، إم كيه ريتايل، التي يبلغ عمرها 100 عام في بنجالور، تجربة الشبكة المفتوحة للتجارة الرقمية. “لم يكن لدي كثير من الثقة بها. لكن الآن أعتقد أنها ستكون الشيء الكبير التالي”.

مع ذلك، يشك بعض النقاد في ادعاءات الهند أنها تصنع نموذجا جديدا للأعمال الرقمية. رغم الادعاء بتقويض الشركات الاحتكارية، إلا أن بضعة أسماء كبيرة تمكنت من احتلال مناصب قيادية في المجال الرقمي: تمثل تطبيقات فون بي وجوجل باي أكثر من 80 في المائة من معاملات واجهة المدفوعات الموحدة بينهما، وفقا للبيانات الرسمية.

يقول واجر من مؤسسة حرية الإنترنت “إذا نظرت إلى واجهة المدفوعات الموحدة، فستجد أن الفكرة وراءها كانت منع الاحتكارات. لكن فيما يتعلق بالتطبيقات المهيمنة، فإن الأمر يمثل احتكارا ثنائيا بين تطبيقي جوجل باي وفون بي”.

كما يجادل النقاد بأن نجاح هذه الخدمات لم يكن مجرد نتيجة للنمو العضوي فحسب، بل لأن الهند تستخدم قوتها التنظيمية لجعل الأمور في مصلحتها. على سبيل المثال، تدعم الحكومة التجار الذين يستخدمون واجهة المدفوعات الموحدة لتعزيز نموها، ما أدى إلى تآكل الطلب على البطاقات من شركات مثل فيزا وماستر كارد. وانخفضت قيمة معاملات بطاقات الخصم بأكثر من 15 في المائة في آذار (مارس) مقارنة بالعام الذي سبقه، وفقا لبيانات من بنك الاحتياطي الهندي.

يقول ألكسندر سلاتر، المدير العام لمجلس الأعمال الأمريكية-الهندية، “إن التأثير الأكبر لواجهة المدفوعات الموحدة يأتي عندما يتمكن اللاعبون من القطاع الخاص من الاستفادة من التكدس على أساس غير تمييزي لتقديم خدماتهم، بحيث يتمكن المستهلكون من اختيار المنتج الذي يناسب أذواقهم”.

الخصوصية والوصول إلى المعلومات

متجر ديليب كومار في منطقة هايدرجار الريفية، في ولاية أوتار براديش شمال الهند، هو رمز للمعلومات الرقمية ومحدوديتها في الهند.

فمن واجهة متجره الصغيرة، يجني الشاب البالغ من العمر 27 عاما 300 إلى 400 روبية يوميا لمساعدة الهنود الذين لا يملكون هواتف ذكية على التنقل في متاهة الخدمات عبر الإنترنت التي أصبحت مركزية جدا في حياتهم.

يقول كومار “سواء أكانت شهادة ميلاد أو شهادة وفاة، أو تقديم طلبات للوظائف، أو نسخة إلكترونية من صورة فوتوغرافية مطلوبة لاستمارة عبر الإنترنت، يلجأ الناس إلي من أجل ذلك”.

ويسلط متجر كومار الضوء على كيف أنه حتى مع انتشار الخدمات الرقمية، فإن ضعف إمكانية الوصول إلى الإنترنت والمهارات اللازمة لذلك يعني أن كثيرا من السكان -بالتحديد سكان الريف والنساء- معرضون لخطر التخلف عن الركب.

أقل من نصف سكان الهند قادرون على استخدام الإنترنت، وفقا لصندوق النقد الدولي، بينما لدى 15 في المائة فقط من الأسر الريفية و42 في المائة من الأسر الحضرية إمكانية الوصول إلى الإنترنت. ومن بين النساء اللواتي يمتلكن هواتف محمولة، لا يستطيع ثلثهن قراءة الرسائل النصية.

المشكلة هي أن الناس غير متعلمين. يقول صديق كومار، بينتو سينج، وهو مزارع عمره 25 عاما، “إنهم لا يعرفون كيفية القيام بهذه الأشياء بأنفسهم. فكل شيء متصل بالإنترنت، لذا يتعين عليهم القيام بذلك. وإذا لم يتمكنوا من القيام بذلك بأنفسهم، فعليهم الحصول على المساعدة، وعليهم دفع ثمنها”.

يقول بروير من صندوق النقد الدولي “إن التحدي الأكبر هنا هو نشر التكنولوجيا وإلى أي مدى ستصل إلى النصف السفلي من الهرم. وإلى الحد الذي تؤدي فيه البنية التحتية الرقمية العامة إلى مكاسب في الإنتاجية، فقد تتفاقم بعض مشكلات عدم المساواة”.

فقد تم الكشف عن الثغرات في الثقافة الرقمية خلال جائحة كوفيد، عندما باع المحتالون برامج القروض عبر الإنترنت للهنود الذين فقدوا وظائفهم.

كما أن الرقابة التنظيمية لم تواكب سرعة تبني التكنولوجيا الرقمية والترويج لها في الهند. مثلا، تم تسريب عشرات الملايين من سجلات “آدهار” في سلسلة من انتهاكات البيانات. يقول آدباف تيواري، رئيس سياسة المنتجات العالمية في مؤسسة موزيلا “إن أهمية الخصوصية والأمان هي فكرة متخلفة عن الركب إلى حد كبير، وليست شيئا مدمجا في هذه المشاريع”.

وبينما لدى الدولة بعض اللوائح التنظيمية للبيانات، إلا أنها تفتقر إلى مشروع قانون شامل لحماية البيانات رغم أعوام من المناقشة. وتتضمن مسودة مشروع قانون معلقة صلاحيات للسلطات للتطفل على المواطنين، وهو أمر يحذر المنتقدون منه.

يقول سرينيفاس كودالي، وهو ناشط في مجال الحقوق الرقمية تقدم بعريضة إلى المحكمة العليا في الهند بشأن القضايا المتعلقة بـ”آدهار”، “إن الأمر يتعلق برقمنة مجتمعنا بأكمله. وعندما يتم بناء أساس مجتمعك الرقمي بالكامل على الهوية، فلن تتمتع بالخصوصية”.

بالنسبة إلى بال، بائع الفاكهة، لم يكن التكيف مع “الهند الرقمية” سهلا، مهما كانت الفوائد. فما زال يسدد الديون التي أخذها لشراء هاتفه الذكي ولم يستوعب بالكامل شبكة مدفوعات “بو بي آي”، نظرا إلى أنه يجد صعوبة في القراءة والكتابة.

يقول “من المتعب بالنسبة إلي أن أفهم نظام الدفع، لكن ليس لدي خيار آخر. إنه مناسب بالنسبة إلي، لأنني لا أستطيع تحمل خسارة العملاء. عليك أن تواكب الزمن”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى