من ليس لديه قائمة ندم بالاستثمارات التي رفضها؟ أسهم “أبل” عندما انضم ستيف جوبز مرة أخرى في 1997. بيتكوين قبل عشرة أعوام بسعر عشرة دولارات. أخبرني زميل سابق بأن والدته المجرية رفضت استثمار مبلغ من المال مع إرنو روبيك مقابل لعبة اخترعها.
فرص ضائعة؟ لدي كثير منها، هذا محرج. أسوأها كان ميامي. قبل إلقائي نكتة عن أن المدينة ستغمرها المياه وفقداني وظيفتي بوقت طويل، فرطت في ثروة بعدم شرائي عقارات هناك. هل هذا المكان مدين لي.
كان ذلك عندما كنت أعيش في نيويورك أثناء أحلك ساعات الأزمة المالية. الأسواق في حالة سقوط حر. البنوك تنهار. لافتات “للإيجار” في كل مكان. كان انهيار سوق الرهن العقاري في فلوريدا يهز العالم.
في تلك الأثناء، فقد المستثمرون السيطرة على الواقع. ميامي انتهت. لن يعيش أحد في ولاية الشمس المشرقة، فلوريدا، مرة أخرى. انظر فقط إلى تقييمات شركات تأجير السيارات والسفن السياحية وشركات الطيران، كان السفر شيئا من الماضي.
من الواضح أن هذا كان كلاما فارغا، وانقضت أموال الخبراء. اشترى صديق شقة تطل على المياه من أكبر شرفة رأيتها في حياتي، مقابل مبلغ من خمس خانات. قال الجميع “إنه دفع أكثر مما تستحقه الشقة”.
لكن ميامي لم تتغير. كانت شواطئها لا تزال بيضاء، طقسها مذهل. وظلت أمريكا اللاتينية تلوح في الأفق. تعافت المدينة وسجلت أسعار المنازل 130 شهرا من المكاسب السنوية المتتالية حتى أيلول (سبتمبر) من العام الماضي.
لم أشتر، لكني قطعت وعدا بأن أتبع درسي المستفاد. ومن ثم أذناي تنبهتا لأن الجميع يتوقعون نهاية العقارات التجارية. أتذكر الانهزامية العالمية والاستقراءات غير المنطقية. أشم رائحة صفقة مألوفة.
الخوف هو أن فيروس كورونا قد أصاب العقارات التجارية بضربة قاتلة، ولا سيما المكاتب، التي تمثل ما يقارب نصف القطاع من حيث القيمة. تماما مثلما لم تنتقل طيور الثلج “المهاجرون الأمريكيون إلى المناطق الدافئة” إلى ميامي مرة أخرى، فقد انتهى الموظفون من العمل في المباني.
مثلا، ارتفعت معدلات شغور المكاتب في الولايات المتحدة مرة أخرى فوق أعلى مستوياتها المسجلة في الجائحة في الربع الرابع من العام الماضي. في المملكة المتحدة، نحو 30 في المائة فقط من المكاتب مشغولة، نصف مستويات ما قبل كورونا.
الأمر أقل سوءا للمباني الجديدة التي تحتوي على صالات رياضية وغرف استرخاء. لكن لما يسمى بالمكاتب “الثانوية” في الأحياء الفقيرة، فقد انتهى الأمر. أو هكذا يقول المتشائمون. تعاني العقارات الصناعية واللوجستية وعقارات التجزئة أيضا.
هذا نصف الأمر فقط، كما يدعي المتشككون. تعتمد مبيعات العقارات التجارية على تمويل الديون. ارتفاع أسعار الفائدة والمقرضين المتوترين بعد “سيليكون فالي بنك” يخنقون التمويل. وسجلات القروض المصرفية تحت الضغط.
هذا هو السبب في أن السندات التجارية المدعومة بالرهن العقاري متأثرة أيضا. المستثمرون الأمريكيون قلقون من أن خمس الرهون العقارية غير المسددة ميعاد استحقاقها هذا العام، وفقا لبيانات “موديز”، ربعها مدعوم بالمكاتب.
إذا كان على المالكين إعادة تمويلها بقرض ذي معدلات فائدة أعلى، فسيحتاجون إلى رفع الإيجارات كثيرا للحفاظ على نسب تغطية سداد الديون. حظا سعيدا في ذلك، كما قيل لنا، خاصة أن قيم رأس المال تنخفض أيضا. عاد مصطلح “أزمة الائتمان” إلى التداول على الألسنة.
حسنا، بالتأكيد، هناك أخطار. لكن ما يهم المستثمرين هو إذا ما كانت في السعر أم لا. لقد فقدت الصناديق العقارية الأمريكية الكبرى بالفعل ما بين ربع قيمتها ونصفها. متوسط العائد الأولي للعقارات التجارية في المملكة المتحدة أعلى من 5 في المائة.
هناك حاجة إلى شرح سريع هنا. غالبا ما تستخدم الصناعة تعريفين للعائد. العائد الأولي هو ريع الإيجار بعد التكاليف مقسوما على ما تم دفعه مقابل العقار. يستخدم ما يسمى بـ”سقف الفائدة” التقييم الحالي للمقام بدلا من ذلك.
على أي حال، كلاهما ليس أكثر جاذبية مما كانا عليه من قبل فحسب، بل أيضا أكثر جاذبية مقارنة بالأصول الأخرى المدرة للدخل، مثل السندات الحكومية.
من ناحية أخرى، الفارق بين ائتمان الشركات عالي الجودة وسندات الرهن العقاري التجارية هو الأوسع منذ ما يزيد على 12 عاما. بالطبع، قد يعني هذا أن الائتمان عالي الجودة مبالغ فيه. لكنه يشير أيضا إلى زيادة التشاؤم في العقارات التجارية وحولها، على الأقل مقابل التاريخ.
في حين إن فروق الأسعار ليست منخفضة على نحو صارخ، لا تنس أنها مؤشرات مجمعة، التي تشمل أجزاء من العقارات التجارية الصامدة، مثل المخازن. أنا فضولي أكثر بالمكاتب الثانوية. توجد هذه إما في المباني القديمة أو هيكسفيل.
وفقا لأحدث استطلاع أجرته “سي بي آر إي” العقارية، فإن سقف الفائدة لمثل هذه المكاتب يقارب أرقاما زوجية في أمريكا. هذا يستحق نظرة في رأيي. خاصة أني لا أصدق الحجة المنتشرة في كل مكان بأن المباني القديمة عفا عليها الزمن، الأصول العالقة، في اللغة العصرية.
هذا مهم لأن المكاتب التي بنيت قبل 1980 تشكل نحو ثلث المخزون في الولايات المتحدة، مثلا. و80 في المائة منها هي ما يصنفه المستثمرون العقاريون “ب” أو “ج”، “أ هو الأفضل”. إنه الشيء نفسه على مستوى العالم أيضا. هل هذه المباني البالية -كما قيل لميامي قد انتهى أمرها حقا؟
قطعا لا. لقد رأيت مستودعات مهجورة على نهر التايمز تتحول إلى منصات رائعة. وول ستريت سكني الآن. وهل يهتم الموظفون بعمر مبناهم؟ تعمل الشركات الناشئة من مرائب أو أماكن صناعية بوجود أنابيب في كل مكان. فقط ادفع أجرا جيدا وكن لطيفا، أيها الرئيس، سنأتي.
لا، لن أرتكب خطأ ميامي مرة أخرى. المكاتب لم تنضم إلى الديناصورات حتى الآن. لكن هل يعرف أحد من القراء أي صناديق عقارية تركز حصرا على النهاية المفترضة المحكوم عليها بالفشل في سوق المكاتب العالمية؟ لا يمكنني إيجاد أي منها.