الذكاء الاصطناعيالرئيسية

ما تأثير الذكاء الاصطناعي على قيمة الأراضي؟

هاشتاق عربي

شارك هذا الموضوع:

توجد قائمة طويلة من المجالات التي سيغيرها الذكاء الاصطناعي جذرياً، وبترتيب القائمة تنازلياً سنجد أن هذه المجالات تضم الطفولة والديمقراطية والإنترنت والشطرنج وكيفية تحديدنا لوجهة العطلة. واليوم أود أن أتناول مجالاً آخر سيؤثر بصفة خاصة علينا وهو: السياسة الاقتصادية.

في البداية سأركز على الإنتاج، وهو إطار عمل بسيط يظهر كمحصلة نهائية لمزج عدة عناصر بداية من الأرض والقوى العاملة ورأس المال وغيرها. ووفرة أحد تلك العناصر تعني ندرة البقية بطريقة نسبية، وبذلك ترتفع قيمتها الهامشية. أما الذكاء الاصطناعي المتطور فيوفر المعلومات القابلة للانتشار والتفسير على نطاق واسع. وسيحسن ذلك من الإنتاجية ككل، لكن في المقابل سيزداد شح العوامل الأخرى.

عنصر الأرض
لنبدأ بالأرض، فمع كل الذكاء الإضافي ستظهر الحاجة والرغبة لتنفيذ العديد من المشروعات الجديدة، تتراوح ما بين العروض المسرحية الإبداعية إلى ألواح الطاقة الشمسية الأكثر كفاءة واكتظاظاً. كما يمكن أن تعلن هذه المشروعات بداية عالم من الطاقة الخضراء الأرخص ثمناً، ما سيزيد من قدرة البشر على استغلال البيئة الطبيعية.

لذلك سترتفع قيمة الأرض. إحدى نتائج هذه السياسة هي زيادة أهمية الحملة الحالية لإصلاح عملية ترخيص الطاقة النظيفة، إذ إن هذا الإصلاح يسعى لمعالجة العقبات والتأخيرات العديدة التي تواجه مشروعات البنية التحتية بما فيها مشروعات الطاقة الخضراء. وفي وجود الذكاء الاصطناعي، يجب أن يصبح لذلك الإصلاح الأولوية القصوى في الوقت الحالي، وإلا سنجد مئات أو آلاف الأفكار الرائعة الجديدة دون أن تكون هناك طريقة لتنفيذها في الوقت المناسب.

على صعيد متصل، ستزداد أهمية حركة “يمباي” (YIMBY) المهتمة بالإسكان. من الصعب توقع الآثار الدقيقة للذكاء الاصطناعي على بيئات الحضر والضواحي، لكن الأرجح أنها ستحتاج لتغييرات كبيرة مثل زيادة الزراعة الرأسية في المدن، أو ربما زيادة مباني المكاتب، أو طرق مصممة للمركبات ذاتية القيادة، من بين فرص أخرى. مجدداً، ستفرض زيادة على المباني والمرونة التنظيمية، ما يتوافق مع فكر “يمباي”.

عنصر الطاقة
سيزيد الذكاء الاصطناعي من القوة العاملة الذكية، كما سنحتاج لرأس مال أكبر لتمويل تلك الأفكار والمشروعات الجديدة. يشير ذلك بدوره إلى تطوير المعاملة الضريبية لرأس المال وتشجيع الادخار. يُرجح أن تتزايد جاذبية تلك الإصلاحات في السنوات القليلة المقبلة.

مجال آخر يستحق تغييرات كبيرة هو سياسة الكهرباء، والتي ما زالت بعيدة عن المجالات الاقتصادية الأعلى مكانة، مع ذلك فكل العمليات الحسابية التي تجريها أجهزة الذكاء الاصطناعي ستحتاج لكميات متزايدة من الكهرباء، ما سيلقي بكل الضغوط الإضافية على سياسة الطاقة الخضراء، مثلما حدث في أسعار العملات المشفرة المرتفعة. ففي كثير من الدول الفقيرة، قد تصبح موثوقية إمدادات الكهرباء مشكلة أكبر.

في هذا العالم الجديد، قد يصبح سعر الكيلو واط/ساعة من الكهرباء معروفاً للجمهور مثل سعر لتر البنزين أو ربما سعر برميل النفط أو سعر الفائدة الفيدرالية. إذا انتهى الأمر بمستخدمي نماذج المحول التوليدي المدرب مسبقاً –”جي بي تي”- (GPT) بالدفع مقابل كل سؤال، وهو أمر مرجح، قد يصبح سعر الكهرباء موضوعاً للمحادثات اليومية، مثل الطقس.

القوى العاملة والهجرة
إذاً، ما القضية السياسية التي قد تتراجع أهميتها؟ توقعي أنها الهجرة. يجتاز “تشات جي بي تي-4” (ChatGPT-4) شريحة واسعة من الاختبارات المهنية، تتنوع ما بين اختبارات نقابة المحامين واختبارات الكفاءة الطبية وحتى اختبارات الاقتصاد.

ستحتاج الخدمة لمزيد من التكامل مع الأدوات البرمجية الأخرى، لكن في المستقبل المنظور سيتعين على الولايات المتحدة إضافة ما يوازي ملايين العقول الذكية –وإن كانت بلا أجساد- لقوتها العاملة.

لطالما أيدت زيادة تدفق الهجرة إلى أميركا بنحو ثلاثة أضعاف لتوفر للولايات المتحدة عدداً يضعها على قدم المساواة مع المهاجرين في كندا وأستراليا. ما زالت هذه فكرة جيدة، لكن يجب تنفيذها بطريقة مختلفة. فبدلاً من زيادة الهجرة عالية المهارات، قد تكون الأولوية الجديدة لزيادة المهاجرين منخفضي الأجور. قد تفضل الولايات المتحدة سياسة هجرة “متوازنة”، ما سيعطي الأولوية لباحثي ومهندسي الذكاء الاصطناعي في الطرف مرتفع الأجور، والعمال مثل عاملي البناء في الطرف منخفض الأجور.

بابتكار الباحثين لذكاء اصطناعي أكثر وأفضل، سيعملون كبديل للكثير من المهاجرين المحتملين عاليي المهارة. لكن كل تلك الأفكار الجديدة في حاجة لمن يحولها إلى مشروعات فعلية في العالم المادي. وعلى النقيض، ستتراجع أهمية استيراد أساتذة العلوم الإنسانية من أوروبا، ما دام بإمكانك سؤال الذكاء الاصطناعي.

نهايةً، وبدون تعمق أكثر في التفاصيل، هناك قطاع من الاقتصاد يتكون من الكتابة عن السياسة الاقتصادية والتفكير بها، أظن أن البشر سيحتاجون مقالات عنه وسيقدرونها، لكنني على دراية بأنها قد تصبح مجرد بيانات تدريبية للآلات في النهاية.

بلومبرغ الشرق

اقتصاد الشرق مع بلومبِرغ هي أحد الخدمات الإخبارية الناطقة بالعربية والمتخصصة بتوفير الأخبار والقصص الاقتصادية من حول العالم، والتي تتبع الشرق للأخبار التي انطلقت في 11 نوفمبر 2020 لتقديم تغطيات إخبارية من حول العالم باللغة العربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى