الرئيسيةدولي

ما السر وراء تحول تطبيق “تيك توك” إلى خلاف دولي بين أمريكا و الصين؟

هاشتاق عربي

شارك هذا الموضوع:

تختلف وجهات النظر نحو تطبيق “تيك توك” من النقيض للنقيض على حسب الطرف الذي تسأله، فأحد الأطراف سيقول لك إنَّ تطبيق الفيديوهات القصيرة عبارة عن فضاء رقمي تشاهد فيه بعض الرقصات الخرقاء، ودروس المكياج. أما الطرف الآخر؛ فسيصوره على أنَّه تهديد شديد التعقيد للأمن القومي للولايات المتحدة.

وبسبب ملكية شركة “بايت دانس” الصينية للتطبيق -ونظراً لأنَّ بكين مشهورة بالاطلاع على البيانات التي تجمعها شركات التكنولوجيا- فقد لوثت المخاوف الجيوسياسية شعبية “تيك توك” بين الأميركيين، إذ يرون أنَّ أغراضه تتجاوز مجرد استخدامه كتطبيق على الهاتف المحمول.

1) ما الذي يجعل “تيك توك” مختلفاً عن مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى؟
يشبه “تيك توك” منصات التواصل الاجتماعي المملوكة لشركات أميركية، مثل “يوتيوب” و”فيسبوك” و”إنستغرام”، من ناحية جمع جميع أنواع البيانات الخاصة بكل مستخدم على حدة. وبالاعتماد على خوارزمية معينة؛ يستخدم التطبيق هذه المعلومات لتقديم مزيد من المقترحات التي قد يريدها هؤلاء الأشخاص.

لكن يُنظر إلى “تيك توك” على أنَّه الأكثر تقدماً وفاعلية بشكل غير متوقَّع في التعرف على اهتماماتك، استناداً إلى المدة التي تقضيها مع مقطع فيديو، وما إذا كنت ترغب في إعادة توجيهه أو التعليق عليه. ومن خلال خوارزميته أيضاً، يُقدم مقاطع مشابهة ضمن مقترحاتك في باب “من أجلك”. ويمزح بعض الأشخاص بقولهم إنَّ ترشيحات “من أجلك” التي يقدّمها “تيك توك” تعرف ما تريده لنفسك أكثر منك، وهو ما يثير القلق بشكل خاص من ملكية الصين للتطبيق، التي تعد الفارق الأبرز بينها وبين وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، من وجهة نظر منتقدي التطبيق في الولايات المتحدة.

من مصادر القلق الأخرى أيضاً هناك فترة قضاء مستخدمي “تيك توك” الأميركيين من البالغين 56 دقيقة في المتوسط يومياً على التطبيق هذا العام، أي أكثر بكثير مما يقضونه في العادة على “فيسبوك” و”إنستغرام” وفقاً لشركة “إنسايدر إنتليجنس” (Insider Intelligence) البحثية.

2) ما أكبر المخاوف بشأن “تيك توك”؟
تنطوي مخاوف الأمن القومي على سيناريوهات افتراضية –بعضها غير قابل للتصديق أحياناً- وتفترض هذه السيناريوهات بسط الحكومة الصينية نفوذها على “بايت دانس” لتحويل “تيك توك” إلى وسيلة للإضرار بالمصالح الأميركية، باتباع طرق مثل:

جمع البيانات: فإلى جانب رصد الفيديوهات التي تهتم بها عادة على “تيك توك”، يتعرف التطبيق أيضاً على عنوان بروتوكول الإنترنت (IP) لجهاز الكمبيوتر الخاص بك، كما يحدد بيانات موقعك الدقيقة، فضلاً عن الأشخاص المدرجين في قائمة جهات الاتصال الخاصة بك إذا اخترت السماح له بذلك. وكتب السناتور ماركو روبيو من ولاية فلوريدا والنائب مايك غالاغر من ولاية ويسكونسن، وكلاهما جمهوريان، في نوفمبر الماضي أنَّ كل ذلك يمكن استخدامه “لجمع ملفات بيانات عن ملايين الأميركيين”، التي يمكن استخدامها فيما بعد لابتزازهم.
التجسس: تطرق الأمر التنفيذي لعام 2020 الصادر عن الرئيس الأميركي آنذاك، دونالد ترمب، إلى مخاوف “تمكّن الصين من استخدام بيانات (تيك توك) في تتبع مواقع الموظفين والمقاولين الفيدراليين، والتجسس على الشركات”.
عمليات التأثير: يشعر مسؤولو الأمن القومي في الولايات المتحدة بالقلق من أنَّ ” تيك توك” قد يحاول تشكيل الرأي العام الأميركي من خلال قمع أو ترويج مقاطع فيديو معينة لأغراض استراتيجية.
3) هل هناك دليل يدعم هذه المخاوف؟
في ديسمبر الماضي، اعترف الرؤساء التنفيذيون لشركة “بايت دانس” و”تيك توك” بأنَّ موظفي “بايت دانس” تمكّنوا من الوصول بشكل غير لائق إلى عنوان بروتوكول الإنترنت لبعض المستخدمين الأميركيين، بما في ذلك الصحفيون الذين يكتبون موضوعات تنتقد الشركة.

وتحقق وزارة العدل فيما إذا كان يرقى هذا الأمر إلى مستوى المراقبة غير المرغوب فيها للأميركيين. وعلى الرغم من عدم اتهام “تيك توك” على وجه التحديد بذلك، فقد كانت هناك تقارير عديدة في السنوات الأخيرة حول محاولة الصين التأثير على السياسة الأميركية من خلال وسائل مختلفة، بما في ذلك الانتخابات، إذ يستمر انتشار بعض الحملات المنسقة عبر جميع تطبيقات الوسائط الاجتماعية.

4) ماذا تقول الشركة؟
تقول شركة “تيك توك” إنَّ استقلاليتها تتضح في حقيقة أنَّ رئيسها التنفيذي يعيش في سنغافورة، ورئيس عملياتها في الولايات المتحدة، أما رئيس الشركة العالمي للثقة والأمان فيقيم في ايرلندا. وقال الرئيس التنفيذي للشركة، شو تشيو، في تصريحات معدة مسبقاً، من المقرر عرضها الخميس المقبل، في جلسة استماع في الكونغرس الأميركي: “أعلم أنَّ هناك مخاوف نابعة من الاعتقاد غير الدقيق بأنَّ هيكل شركة (تيك توك) يجعلها تحت وصاية الحكومة الصينية، أو يدفع للاعتقاد بأنَّها تشارك المعلومات حول المستخدمين الأميركيين مع الحكومة الصينية، لكن هذا غير صحيح على الإطلاق. اسمحوا لي أن أوضح بشكل لا لبس فيه أنَّ (بايت دانس) ليست عميلاً مخابراتياً للصين أو أي دولة أخرى”.

كانت “تيك توك” تأمل في أن تُحل المخاوف بشأن البيانات من خلال ما يسمى بـ”مشروع تكساس” (Project Texas) الذي تضمن شراكة مع مؤسسة “أوراكل”، ومقرها مدينة أوستن في تكساس، لتخزين بيانات المستخدم ومراجعة خوارزميات المنصة.

5) ما المخاوف بشأن “تيك توك” خارج الأوساط الحكومية؟
أدى نجاح “تيك توك” في جذب انتباه مستخدميه إلى إثارة انزعاج بعض شركات برامج الرقابة الأبوية والتعليمية. وحللت شركة “كوستديو” (Qustodio)، المتخصصة في صناعة برمجيات الرقابة الأبوية، نحو 400 ألف حساب عائلي على “تك كرانش” (TechCrunch)، ووجدت أنَّ المراهقين والأطفال الأميركيين قضوا ما معدله 99 دقيقة يومياً على “تيك توك” في 2021، مقارنة بـ 61 دقيقة على “يوتيوب”، كما أثارت بعض المواضيع الرائجة على “تيك توك” شديدة الانتشار المخاوف منه كذلك.

وذكرت “بلومبرغ بيزنس ويك” في نوفمبر أنَّ أحد الموضوعات الرائجة كان مثيراً للقلق بشكل خاص، والذي يُطلق عليه “تحدي حبس الأنفاس”، حيث تم الربط بينه وبين وفاة ما لا يقل عن 15 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 12 عاماً أو أقل، بالإضافة إلى 5 أطفال إضافيين تتراوح أعمارهم بين 13 و14 عاماً على مدى 18 شهراً.

6) ما الإجراءات التي اتُخذت ضد “تيك توك”؟
بناءً على مخاوف تتعلق بالأمن القومي، حظرت الهند في 2020 استخدام “تيك توك” وعشرات التطبيقات الأخرى التي طورتها الشركات الصينية. وجاءت هذه الخطوة بعد أيام من نزاع حدودي بين الهند والصين أسفر عن مقتل 20 جندياً هندياً.

كما حظرت الولايات المتحدة تحميل أو استخدام “تيك توك” على أجهزة الحكومة الفيدرالية، وقرر الأمر نفسه كل من حكومات المملكة المتحدة وكندا وبلجيكا وتايوان. وأصدرت أكثر من 20 ولاية أميركية حظراً مماثلاً، وبعضها يُطبق الحظر على شبكات الـ”واي فاي” العامة في الحرم الجامعي.

كان أمر “ترمب” التنفيذي لعام 2020 سيحظر فعلياً “تيك توك” في الولايات المتحدة، لكن جرى تعليقه في المحاكم حتى انتهاء ولاية الرئيس السابق. أما الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن؛ فقد اتخذ مساراً مختلفاً، إذ أطلق تحقيقاً في مخاوف الأمن القومي للتطبيق الذي استمر لسنوات، لكن دون التوصل لنتيجة واضحة. ومؤخراً، ضغطت إدارة “بايدن” على “بايت دانس” للتخلي عن حصتها في “تيك توك” أو مواجهة حظر أميركي.

7) ما الخطوات الأخرى المزمع اتخاذها؟
توجد 4 مشروعات قوانين مقترحة في الكونغرس ستحد من نفوذ “تيك توك”. وهناك مشروع قانون تفضله إدارة “بايدن”، وهو المشروع الذي سيعطي الرئيس الأميركي سلطة حظر أو فرض بيع التقنيات أو التطبيقات أو البرامج أو منصات التجارة الإلكترونية التي تملكها شركات غير أميركية إذا كانت تمثل تهديداً للأمن القومي للمستخدمين الأميركيين. وسبق أن ناقشت قيادة “تيك توك” إمكانية الانفصال عن الشركة الأم الصينية كملاذ أخير،

بحسب ما ذكرت “بلومبرغ”.

8) ماذا يعني حظر الولايات المتحدة “تيك توك”؟
لا توجد سابقة حقيقية لحظر تكنولوجيا موجهة للمستهلكين مثل “تيك توك” في الولايات المتحدة. (برغم أنَّ الصين اعتادت اتخاذ قرارات مماثلة، إذ حظرت استخدام “فيسبوك” في البلاد منذ 2009).

يمكن أن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى رد فعل عنيف جداً من المستخدمين الذين ينظرون إلى تطبيق الوسائط الاجتماعية كجزء من هوية جيلهم. ويخشى آخرون أن يؤدي ذلك إلى موجة من ردود الفعل الانتقامية من جانب الدول التي قد تمنع شركات التكنولوجيا الأميركية.

بلومبرغ الشرق

اقتصاد الشرق مع بلومبِرغ هي أحد الخدمات الإخبارية الناطقة بالعربية والمتخصصة بتوفير الأخبار والقصص الاقتصادية من حول العالم، والتي تتبع الشرق للأخبار التي انطلقت في 11 نوفمبر 2020 لتقديم تغطيات إخبارية من حول العالم باللغة العربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى