أخبار الشركاتالرئيسية

“غوغل” تواجه تهماً من قبل وزارة العدل الأمريكية

هاشتاق عربي

شارك هذا الموضوع:

من السهل أن ننظر إلى دعوى قانونية تقدمت بها حكومة الولايات المتحدة أخيرا ضد قوة شركات التكنولوجيا الكبرى على أنها إجراء بسيط جدا ومتأخر جدا. سمحت أعوام من التجاهل التقصيري من هيئات مكافحة الاحتكار لحفنة من الشركات بترسيخ نفسها في الأسواق الرقمية المزدهرة. لكن مع وصول دعوى قضائية أخرى من واشنطن، هناك شعور بأن شيئا مهما يتغير، وأنه حتى الانتصارات الصغيرة نسبيا يمكن أن تقطع شوطا طويلا.

القضية الجديدة التي رفعتها وزارة العدل الأمريكية تتهم “غوغل” بالتلاعب بجميع جوانب السوق لخدمة مصالحها الخاصة فيما يتعلق بترتيب مبيعات الإعلانات نيابة عن مواقع الويب الأخرى. توفر “جوجل” البرامج التي يستخدمها عديد من الناشرين والمعلنين، في حين تملك أيضا منصة تبادل الإعلانات حيث تتم مطابقة طلباتهم لشراء مخزون الإعلانات وبيعه.

وفقا لوزارة العدل، استخدمت الشركة هذه القوة لتوجيه الطلبات إلى منصة تبادل الإعلانات والتأثير في التسعير. على حد تعبير أحد المسؤولين التنفيذيين في “جوجل”، المذكور في الدعوى القضائية، موقف الشركة مماثل لـ”لو امتلك جولدمان أو سيتي بانك بورصة نيويورك”. طلبت الحكومة الأمريكية من المحكمة إجبار “جوجل” على فصل أجزاء من تكنولوجيا الإعلان عن الشركة الأم، بما في ذلك شركة دبل كليك، التي استحوذت عليها قبل 15 عاما.

ربما زعزعت الدعوى القضائية الأسبوع الماضي أركان “جوجل” مرة – وكذلك صناعة الإعلان الرقمي بأكملها. لكن ليس بعد هذه المرة.

عندما اشترت “دبل كليك”، كان بيع الإعلانات نيابة عن مواقع الويب الأخرى يمثل صفقة كبيرة لـ”جوجل”، لكونه يشكل نحو 40 في المائة من الإيرادات كل عام. الآن أصبح أقل من 12 في المائة. في النهاية تفوقت أرباح إعلانات محرك البحث الخاص بـ”جوجل” على الأشكال الأخرى من الإعلانات.

في الآن ذاته، يمر مشهد الإعلان الرقمي بتغيير جذري. منذ وقت ليس ببعيد، بدت “جوجل” و”ميتا”، الشركة الأم لـ”فيسبوك”، وكأنهما احتكار ثنائي منيع. لكن من خلال عرض الإعلانات عند بحث الناس عن منتجات على موقعها، نمت إيرادات “أمازون” بسرعة. وهي الآن تكسب ثلث إيرادات إعلانات “ميتا” وتتوسع بوتيرة أسرع.

بقية شركات التكنولوجيا الكبرى على أهبة الاستعداد. شركة أبل جعلت من الصعب على خدمات مثل فيسبوك جمع البيانات على أجهزتها، ما ألحق ضررا بقيمة إعلاناتها ومهد الطريق لشنها هجوما على أعمال إعلانات الجوال التجارية. من جهتها، فازت “مايكروسوفت” العام الماضي في المزاد لبيع الإعلانات نيابة عن “نتفليكس”، وكانت أهم صفقة رقمية في الصناعة في 2022.

حتى لو فازت وزارة العدل في إحدى مراحل التقاضي، فلا يزال أمام المحاكمة أعوام. أول دعوى قضائية رفعتها وزارة العدل ضد “جوجل”، مدعية أن الشركة تفاوضت على صفقات توزيع حصرية لمحرك بحثها من أجل إبعاد المنافسين، ستتم ما يقارب ثلاثة أعوام، إذا ـ كما يتوقع ـ وصلت أخيرا إلى المحكمة في أيلول (سبتمبر).

تقلل طلبات الاستئناف القانوني والتغييرات المحتملة في القيادة السياسية في واشنطن من إمكانية التنبؤ بالأحداث.

لأنهم بدأوا متأخرا في التصدي لمجموعات مثل “جوجل”، لا تلقي هيئات مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة اللوم إلا على نفسها لاستغراقها وقتا طويلا لتوجيه الاتهامات. لكنها ليست وحدها من أخفق. على الرغم من اعتداد كلا الحزبين السياسيين بنفسه لإحالتهما قادة التكنولوجيا للمثول أمام الكونجرس في سلسلة من جلسات الاستماع في 2020 و2021، توقفت عملية تشريع قوانين تكبح نفوذ شركات التكنولوجيا الكبرى.

مسألة واحدة، بالذات، أعاقت تقدم تنظيم التكنولوجيا في واشنطن، وتظهر كل العلامات التي تدلل على بقائها عقبة خطيرة في طريق إتمامه. سعى الجمهوريون إلى تحويل أي قانون جديد إلى وسيلة لمنع ما يزعمون أنه رقابة على وجهات النظر المحافظة تشرف عليها مؤسسة تقنية ذات ميول يسارية.

أكثر مشاريع قوانين مكافحة الاحتكار مدعاة للتفاؤل، قدمته عضوة مجلس الشيوخ الديمقراطية إيمي كلوبوشار وعضو مجلس الشيوخ الجمهوري تشاك جراسلي، كان سيمنع أكبر المنصات من التمييز ضد الشركات الأخرى من خلال منح معاملة تفضيلية لخدماتها الخاصة. مع ذلك، أراد الجمهوريون استخدام بند مكافحة التمييز لمنع منصات الإنترنت من قمع وجهات النظر المنافسة – حيلة لإضعاف الإشراف على المحتوى عبر الإنترنت، ولإفشال خطة الديمقراطيين.

من الصعب أن نرى تجسيرا لهذا الانقسام في المستقبل القريب. فالحزب الجمهوري الخاضع لأقلية يمينية متطرفة يسيطر الآن على أحد أذرع الكونجرس، والانتخابات الرئاسية قريبة، ما يعمق الانقسام الحزبي.

مع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن وزارة العدل وجهت دعواها القانونية بدهاء، ولا يزال بإمكانها تحقيق بعض الانتصارات. ربما يعد بيع الإعلانات لمواقع الويب الأخرى جزءا صغيرا نسبيا – ومتراجعا – من أنشطة “جوجل” الإجمالية، لكنه كان يساوي أكثر من 30 مليار دولار العام الماضي. بالنسبة إلى عديد من الناشرين، ستكون القضية مهمة إن نتج عنها دفعهم رسوما أقل لمقدمي “تكنولوجيا الإعلانات” الذين يتولون مبيعاتهم الإعلانية، مع أنه ليس أكيدا بتاتا.

نتيجة لذلك، ربما تحدث قضايا وزارة العدل تأثيرا أكثر من مجرد طعجة في درع “جوجل” مقارنة بالمعارك القانونية الطويلة التي تخوضها المفوضية الأوروبية مع الشركة. فرضت بروكسل ثلاث غرامات بلغ مجموعها 8.25 مليار يورو، لكنها لم تحدث أي تغييرات ذات مغزى في ممارسات “جوجل” التجارية. إذا نجحت في النهاية في فصل جزء من أنشطة تكنولوجيا الإعلانات في “جوجل” والحد من قدرة الشركة على الاتفاق على صفقات توزيع عمليات البحث، فستتمكن وزارة العدل من رفع دعوى للنيل منها مباشرة.

لا يزال أمام “جوجل” متسع من الوقت لإيجاد طرائق لتقليل الضرر. لكن انتصارا قانونيا لحكومة الولايات المتحدة سيثبت أن الدفاعات القانونية لشركات التكنولوجيا الكبرى ليست منيعة ويمكن أن تحول الرأي العام لمصلحة فرض رقابة أشد. ربما في تلك المرحلة سيستجمع الكونجرس أخيرا الإرادة لاتخاذ إجراء. لكن لا تأمل كثيرا.

صحيفة الاقتصادية السعودية

صحيفة عربية سعودية متخصصة باخبار الاقتصاد العالمي و الخليجي و السعودي و كل ما يخص أسواق الأسهم و الطاقة و العقارات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى