أصبحت فاتورة شراء إيلون ماسك شركة تويتر مستحقة قريبا، حيث يواجه الملياردير خيارات بغيضة في التعامل مع كومة الديون الهائلة على الشركة، بدءا من إجراءات إعلان الإفلاس إلى بيع أسهم “تسلا” مرة أخرى الذي سيكون مكلفا.
قال ثلاثة أشخاص، كانوا قريبين من صفقة شراء موقع تويتر التي نفذها رجل الأعمال، إن القسط الأول من مدفوعات الفائدة على الدين الذي بلغ 13 مليار دولار لتمويل عملية الاستحواذ قد تكون مستحقة في نهاية كانون الثاني (يناير) الحالي. هذا الدين يعني أن الشركة يجب أن تدفع نحو 1.5 مليار دولار على شكل دفعات فائدة سنوية.
قام رئيس شركتي “تسلا” و”سبايس إكس” بتمويل صفقته البالغة 44 مليار دولار لجعل تويتر شركة خاصة في تشرين الأول (أكتوبر) عبر تأمين هذا الدين الضخم من مجموعة مصارف بقيادة كل من “مورجان ستانلي” و”بنك أوف أمريكا” و”باركليز” و”ميتسوبيشي”. وضعت شركة تويتر الديون البالغة قيمتها 13 مليار دولار على مسؤوليتها، دون أي ضمان شخصي من قبل ماسك.
منذ تنفيذ عملية الاستحواذ، سارع ماسك إلى خفض التكاليف، مثل تسريح نصف موظفي الشركة، إضافة إلى البحث عن مصادر جديدة للإيرادات، كإطلاق خدمة الاشتراك “تويتر بلو”.
كانت الموارد المالية السيئة للشركة – حيث تكبدت خسارة قدرها 221 مليون دولار في 2021 قبل عملية الاستحواذ وقال ماسك إن الإيرادات انخفضت منذ ذلك الحين – قد دفعت بالمالك الجديد إلى إثارة احتمالية انهيار الشركة وإعلان إفلاسها.
تعد الطريقة التي يتعامل بها ماسك مع دفعة الفائدة القريبة اختبارا حاسما لقيادته شركة تويتر، التي اتسمت حتى الآن بالفوضوية ما أدى إلى نفور الشركات المعلنة عليها.
قال ماسك الشهر الماضي، “هذه الشركة تبدو كما لو كنت على متن طائرة متجهة نحو الأرض بسرعة عالية والنيران مشتعلة في المحركات وأجهزة التحكم فيها معطلة”.
في حال لم تسدد تويتر دفعة الفائدة الأولى، ستنضم حينها إلى ناد صغير لكنه سيئ السمعة يضم شركات يطلق عليها متداولو الديون اسم “إن سي أيه أيه” – وهو اختصار لعبارة “لا قسائم مدفوعات على الإطلاق”، أي أنها لا تدفع مدفوعات الفائدة الدورية المستحقة عليها – الذي يشمل شركة هيرتز الأمريكية لتأجير السيارات ومجموعة وايركارد الألمانية للمدفوعات.
من المحتمل أن يؤدي هذا التخلف عن سداد الديون إلى إعلان إدارة تويتر إفلاسها، وعندها ستبدأ المحاكم الأمريكية عملية بيروقراطية ومكلفة لإعادة هيكلة ديون الشركة.
لكن ماسك قد يتجنب هذا المصير من خلال تسوية الفائدة من احتياطيات تويتر النقدية الآخذة في التناقص أو بيع مزيد من أسهم الشركة لتمويل المدفوعات – وكلا الخيارين مر. قال ماسك إن للشركة مركزا نقديا يبلغ نحو مليار دولار. كما حذر من أن صافي تدفقاتها النقدية الخارجة قد يبلغ نحو ستة مليارات دولار العام المقبل وذلك دون وجود تدابير إضافية لتوفير التكاليف.
ارتفاع أسعار الفائدة يعني أن الدين سيصبح أكثر تكلفة، بالتزامن مع الضرر الحاصل في قيمة شركة تويتر.
قال مصرفيون وخبراء يراقبون الصفقة، إن من غير المرجح أن يتقدم ماسك بطلب للإفلاس، الأمر الذي قد يعرضه لفقدان السيطرة على الشركة.
لكن بدلا من ذلك، تتضمن خياراته إبرام صفقة جديدة مع المقرضين، كتبادل الدين مقابل الأسهم بخصم من القيمة الاسمية للديون، أو إيجاد طرق بديلة لتمويل مدفوعات الفائدة بينما يحاول كسب الوقت من أجل إنجاح الشركة. قال مصرفي مختص في إعادة الهيكلة، “من المرجح أن يطلب ماسك من دائني تويتر التحلي بالصبر لكي يحاول إيجاد حل”.
في حال الإفلاس، سيتم القضاء فعليا على استثمار ماسك الذي يقارب الـ26 مليار دولار كأسهم شخصية في تويتر، إلى جانب آخرين من أصحاب المصلحة مثل شركة سيكويا كابيتال، ولاري إليسون المؤسس المشارك لشركة أوراكل.
مع ذلك، يقول المصرفيون إن ماسك قد يحاول تحسين وضعه المالي من خلال شراء ديون تويتر بثمن بخس، سواء في حالة الإفلاس أو عدمها، وتحويلها فيما بعد إلى حقوق ملكية في حال تمكن من تحويل المنصة في المستقبل إلى شركة مربحة – على الرغم من أن ذلك سيتطلب وجود رغبة لدى المصارف في بيع الديون إلى ماسك بخصم، وهذا يعني أنه سيتعين عليه كتابة شيك آخر على تويتر إذا أراد أن يحافظ على سيطرته.
أدت المشاعر السلبية حول مستقبل تويتر منذ أن استولى ماسك عليها إضافة إلى أسعار الفائدة المرتفعة إلى إعاقة قدرة المصارف على تحميل الديون على المستثمرين. يمكن أن يؤدي تعرض المصارف الكبير للميزانية العمومية إلى الضغط عليها لبيع الديون إلى ماسك، سواء في حالة الإفلاس أو في حالة التسوية خارج المحكمة.
قال أحد المصرفيين المختصين في إعادة الهيكلة على دراية بصفقة “تويتر”، مشيرا إلى رغبة المقرضين في البقاء على علاقة جيدة مع ماسك، “سيكون ماسك في آخر الصف للسداد، لكن من الواضح أنه يتمتع بقدر كبير من النفوذ. قد يساعده خطر التعرض للإفلاس على الحصول على تنازلات من الدائنين، لكن تقدمه فعليا بطلب إعلان الإفلاس لن يساعده كثيرا”.
بدأت المباحثات حول مسألة إعادة الهيكلة المالية في “تويتر”. يجري المصرفيون مناقشات مع ماسك لاستبدال نحو ثلاثة مليارات دولار من الديون المكلفة غير المضمونة التي يبلغ معدل الفائدة فيها 11.75 في المائة، بقروض هامشية، مدعومة بحصة ماسك في “تسلا”، وفقا لما ذكره شخصان قريبان من مجريات الأحداث.
كانت المصارف عالقة في حيازة ديون بقيمة عشرات المليارات من الدولارات من صفقات أخرى أبرمت قبل عمليات البيع المكثفة في الأسواق المالية في العام الماضي – لكن صفقة “تويتر” هي الأبرز من بينها نظرا إلى حجمها ووتيرة تدهور الشركة.
هذا التبادل للديون سيعيق مرونة ماسك المالية. تم التعهد بالفعل بنحو 63 في المائة من أسهمه الحالية في “تسلا” كضمان للقروض، وفقا لإيداعات الشركات. كما تحد الشركة من كمية الأسهم التي يمكن لمدرائها التنفيذيين التعهد بها إلى 25 في المائة من أسهم القيمة، ما يعني أنه قد يضطر إلى طرح مزيد من ممتلكاته إذا استمر سهم “تسلا” في الانخفاض، الأمر الذي سيترك القليل له لدعم الاقتراض في المستقبل.
في غضون ذلك، مع تراجع سهم شركة تسلا 65 في المائة العام الماضي والبيع بكثافة من قبل ماسك، انخفضت قيمة حصته في الشركة إلى نحو 50 مليار دولار من 170 مليار دولار عندما عرض شراء تويتر في نيسان (أبريل) العام الماضي. تركه ذلك مع مساحة أقل بكثير لجمع السيولة من خلال ضمان مزيد من الأسهم. قد يكون أحد البدائل هو ممارسة بعض خيارات الأسهم الخاصة به، على الرغم من أن ذلك سيتركه مع فاتورة ضريبية كبيرة – وفورية.
من أكثر دواعي قلق مستثمري “تسلا” هو استمرار تويتر في استنزاف الأموال، وأن يضطر ماسك بعدها إلى بيع مزيد من الأسهم.
ماسك، الذي كان أغنى شخص في العالم حتى كانون الأول (ديسمبر) عندما انهار سعر سهم “تسلا”، وضع نحو 26 مليار دولار في صفقة تويتر، بما في ذلك حصته الموجودة مسبقا التي تبلغ 9.6 في المائة من “تويتر” بقيمة أربعة مليارات دولار. منذ أواخر 2021، باع ماسك نحو 40 مليار دولار من أسهم “تسلا” جزئيا لتمويل الاستحواذ على “تويتر”.
منذ ذلك الحين حاول جمع مزيد من الأموال لتمويل عملياتها. في الشهر الماضي، عرض جاريد بيرشال، مدير ثروته ومصرفي سابق في مورجان ستانلي، على مستثمري الأسهم الحاليين فرصة لزيادة مراكزهم بالسعر نفسه الذي دفعوه في تشرين الثاني (نوفمبر).
لكن قيمة تويتر تراجعت منذ استحواذ ماسك عليها. خفضت شركة فيديليتي، التي تمتلك حصة في منصة التواصل الاجتماعي من خلال صندوق مدرج، قيمة حيازتها من 19.7 مليون دولار في أكتوبر إلى 8.6 مليون دولار بعد أن أتم ماسك الصفقة.
قال دان إيفز، محلل أسهم شركات التكنولوجيا في “ويدبوش سيكيوريتيز”، إن قيمة “تويتر” تقترب من 15 مليار دولار اليوم بعد أن دفع ماسك 44 مليار دولار ثمنا لها.
قال إيفز، مشيرا إلى التحولات التي قام بها ماسك في كل شركة، “لهذا السبب لا يوجد من يتحمل هذا الدين، لذا قامت المصارف بحمله، وفي النهاية فإنها تراهن على أن يكرر ماسك ما فعله في شركتي سبيس إكس وتسلا”.