IMG-20251020-WA0033
CB Saving #Arabi_468x60
IMG-20250929-WA0057
خاصمقالات

عندما ينجب الخجل إختراعاً

هاشتاق عربي – إبراهيم المبيضين

جزيل الشكر في البداية لمحرك البحث الشهير ” جوجل” على فكرته الإبداعية بالاحتفال والتذكير بالمناسبات العامة، والشخصيات المؤثرة في حياة مجتمعاتها والبشرية من خلال تغيير شعار صفحته الرئيسية الى رسم او رمز يعكس هذه المناسبات او يعبر عن تلك الشخصيات،….

إحتفل ” جوجل” يوم الاربعاء الماضي الموافق لتاريخ 17 من الشهر الجاري بالذكرى 235 لميلاد الطبيب الفرنسي رينيه ليناك ، والذي قادني البحث عنه وفي مسيرة حياته الى الكثير من المعلومات التي لم أكن اعرفها عنه، وعن إختراعه لـ ” السماعة الطبية” الذي كان الدافع وراءه ” خجلا” كبيرا كان يتميز به هذا الطبيب الفرنسي.

ولدى البحث عن هذه الشخصية تقرأ شيئا غريبا جميلا عن بدايات هذا الاختراع، فقد كان الأطباء حتى عصر رينيه يشخصون مرضاهم ويفحصونهم بوضع اذانهم على صدور هؤلاء المرضى ذكورا واناثا، وهو ما كان يخجل منه الطبيب الفرنسي رينيه ليناك لدرجة كبيرة وخصوصا المرضى من النساء، ما دفعه للتفكير في ترك هذه المهنة، لا سيما وان خجله في كثير من الحالات كان يحول دون الحصول على معلومات ضرورية من هذه المرحلة من التشخيص.

وظل رينيه يبحث عن فكرة وطريقة يمكن من خلالها فحص مرضاه بعيدا عن الطريقة التقليدية في الفحص : بأن يضع الطبيب أذنه مباشرة على صدر المريض وهي الطريقة التي لم تتغير منذ عهد ” ابقراط” ما كان يسمى بـ immediate auscultation

بيد ان حادثة رئيسية قادت ليناك الى اختراعه، والرواية تقول : ” جرى استدعاء الطبيب ليناك يوما من العام 1816 لفحص فتاة من مرض في قلبها، حيث كان ليناك معروفا بخجله الشديد، كما صدف بان الفتاة كانت ايضا محرجة بشكل شديد من الفحص، ما دفعه مباشرة لاستعمال صحيفة قام بلفها على شكل أسطوانة، ووضع طرفاً منها على صدرها والطرف الاخر على أذنه، فدهش حين سمع دقات القلب بوضوح، وما أن فرغ من فحصها حتى كانت قد اختمرت في راسه فكرة (السماعة) التي يستعملها الأطباء اليوم في مختلف أنحاء العالم”.

تلك الحادثة، شكلت البداية باتجاه ابتكار السماعة الطبية حيث تطورت من الأنبوبة الورقية الملفوفة على نفسها إلى أسطوانة خشبية، لتستمر في التطور تصنيعا وشكلا حتى وصلت الى شكلها الحالي.

اذا فالخجل أنجب اختراعا…!!! ، كان سبق ذلك وأعقبه الكثير من البحث والاصرار من قبل الطبيب الفرنسي الذي واجه رفضا كبيرا لاختراعه في البدايات من الوسط الطبي الفرنسي والاوروبي لاستخدام تلك الاسطوانة الورقية او الخشبية لفحص المرضى، الا ان الامر تطور مع البحث والتقدم العلمي بعد رحيل رينيه، لتحصل البشرية على اختراع لا يستغني عنه اي طبيب بل اصبح جزءاءا اساسيا من غرف الاطباء وشكلهم وشخصياتهم.

وفي قصة الطبيب الفرنسي الكثير من الرسائل لرياديي الاعمال، فالريادة والمشروع الناجح يتطلبان فكرة متميزة تسد حاجة لدى المجتمع وتحل مشكلة فيه، والا فانها ستواجه الكثير من المصاعب في تسويقها ونجاحها.

كما ان قصة رينيه تدلّل على ان الريادة والاختراع لا يقتصران على قطاع دون اخر ، فعلينا ان نعمم فكر الريادة في جميع القطاعات، وخصوصا تلك التي تمس حياة الناس كـ ” القطاع الطبي “، ولك ان تتخيل كم ساعد اختراع رينيه ليناك في تسهيل عمل الاطباء ، وفي تحسين الحياة الصحية او في انقاذ مئات ملايين البشر بتشخيص حالاتهم بالشكل الامثل.

ان قصة الطبيب الفرنسي تبعث ايضا برسالة للرياديين مفادها ان لا مواصفات شخصية محددة لشخص الريادي يمكن ان تسهم في نجاحه، فالكثيرين يعتقدون بان الريادة تتطلب دائما شخصيات جادة وجريئة ومنفتحة، ولكن كما راينا فالخجل هو الذي قاد الى اختراع هام.

لم يكسب رينيه من اختراعه المال، ولكنه ظل مواظيا على البحث للوصول الى اختراعه الذي انقذ وساهم في تحسين حياة الكثير من البشر بشكل غير مباشر، وفي ذلك رسالة بان من يسعى الى حل مشكلة ما يستطيع بالاصرار والتفكير ان يحقق ذاك بالارادة والتركيز على هذه المشكلة، وصولا الى حلول ومنتجات وخدمات واجهزة واختراعات يمكن ان تسهم في تحسين حياة الناس.

شكرا رينيه ليناك على خجلك الذي أنجب إختراعا هاما للقطاع الطبي والبشرية…..!!!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى