هاشتاق عربي – أجمع خبراء دوليون على ان نجاح عملية رحلة التحول الرقمي في أي بلد في العالم تحتاج توفر عوامل عدة أبرزها: إيجاد إطار قانوني وتنظيمي لرحلة التحول الرقمي، وكذلك نشر ثقافة “الرقمنة” في المجتمع، واللياقة الرقمية والتركيز على تنمية وتطوير المهارات، ومواكبة التطورات التكنولوجية العالمية المتسارعة، والتنسيق والتعاون الفعلي والمستمر بين القطاعين العام والخاص.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية ادارها المهندس أيمن مزاهرة، الشريك التنفيذي والرئيس المؤسس لشركة “اس تي إس”، على هامش فعاليات منتدى الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2022، الذي عقد في الأردن في منطقة البحر الميت، وشارك في الجلسة، الرئيس التنفيذي للمعلومات في هيئة الإصلاح والانفاق العام في إيرلندا باري لوري، وماريا اولمر المدير العام الفيدرالي والرئيس التنفيذي لـــ “البيانات – الرقمنه” والحكومة الإلكترونية في النمسا.
المهندس المزاهرة وخلال ادارته للجلسة الحوارية سأل السيدة ماريا اولمر عن الخطة الاستراتيجية التي تم اطلاقها في العام 2017 في النمسا، وتنفيذها في العام 2018، والتي من خلالها تحققت قصص النجاح في رقمنه العديد من الخدمات الحكومية في وقت قصير، وعن العوامل التي ساهمت في هذا النجاح؟
السيدة اولمر أكدت ان العمل في النمسا ركز على تنمية المهارات، وإعداد الأطر القانونية والتنظيمية لتعزيز الرقمنة في البلاد، مشيرة الى انهم فخورون بأن لديهم حكومة قوية ساهمت بدعم عملية التحول الرقمي، وذلك من خلال الشراكة مع مختلف القطاعات والمؤسسات المتوسطة والصغيرة وغرف التجارة.
وشددت اولمر على ان هنالك تحديات عديدة استوجبت تغييراً للثقافة، ونرى اليوم أن لدينا القدرة على المنافسة، نظراً لمهاراتنا المتقدمة وقوتنا الرقمية، ونحتاج إلى المزيد في توحيد الجهود لتعزيز اللياقة الرقمية وتطوير المهارات للاستمرار في نجاح عملية التحول الرقمي.
المهندس المزاهرة المتابع لعمليات التحول الرقمي على مستوى العالم، سأل السيد باري لوري عن استراتيجية التكنولوجيا والتحول الرقمي للخدمات العامة والتي أنشئت عام 2015، في ايرلندا، والتي كانت إحدى ركائزها الأساسية هي “البناء للمشاركة Build to Share” والتي تركز على إنشاء خدمات اتصالات وتكنولوجيا معلومات مشتركة لدعم عملية دمج الخدمات العامة، والتي توصف بأنها عبارة عن توفير خدمات تكنولوجيا معلومات واتصالات مشتركة لتعزيز الدمج وتوفير الكلف وموازنة المعايير وغيرها، والسؤال هنا والحديث للمهندس المزاهرة، كيف قمتم بإنجاح ذلك بالرغم من وجود العديد من الأنظمة والتي كانت موجودة في الجهات الحكومية منذ زمن.
السيد باري لوري وتعليقاً على ذلك قال: تضع الاستراتيجية الرقمية لإيرلندا التجربة الرقمية كمحرك أساسي لوضع الأهداف التي نود الحصول عليها، ومنها انبثقت الركائز الثلاث الأساسية والهوية الرقمية التي توفرت للجميع، ووفرنا منصة خدمية أيضا لاستخدامها، بل وتم زيارة المنصة من 100 مليون زائر، الأمر الذي يدل على تقبل الجميع لهذا التوجه الرقمي.
المهندس المزاهرة أكد أن اللياقة والثقافة الرقمية للمؤسسات والأفراد ضروريتان لإنجاح استراتيجية التحول الرقمي، موجهاً حديثه للسيدة اولمر ومتسائلاً: ما هو النموذج الأفضل اتباعه من قبل الدول لتمكين شعوبها رقمياً؟.
السيدة أولمر اكدت قائلة: كما قلنا في السابق علينا في النمسا العمل على المهارات وعلى إطار عمل قانوني لنتمكن من تعزيز الرقمنة، وأطلقنا استراتيجية موجهه نحو المدارس للطلبة ابتداءً من 6 سنوات، وعلينا أن نوحد جهودنا لتطوير اللياقة الرقمية ونشر هذه الثقافة.
المهندس المزاهرة وجه سؤال للسيد باري عن الركيزة الثانية وهي ان “البيانات عامل التمكين Data is an Enabler” والتي تهدف لتسهيل زيادة مشاركة البيانات والاستخدام المبتكر لها عبر جميع الهيئات العامة، كما سأله إن كان يوصي بجمع البيانات في مكان واحد (بنك البيانات).
السيد لوري أكد قائلاً: فيما يتعلق بالتسهيلات التي تخص زيادة كم البيانات واستخدامها، نرى أنه إذا كان هناك طريقتان للعمل عليها فإننا نبحث عن طريقة ثالثة، حيث أصدرنا التشريعات وطورنا “العمود الفقري للبيانات” والذي يحتوي على الخصائص والمجالات الرئيسية لأي نظام حكومي مثل (الاسم رقم الهوية، وما إلى ذلك)، كما ان لدينا خطط كبيرة للعام المقبل، لان ايرلندا الآن هي الدولة الأكثر تقدما في منطقتنا من حيث استخدام البيانات العامة.
وقبل ختام الجلسة الحوارية سأل المهندس المزاهرة السيدة اولمر عن النصيحة التي قد تعطيها لأي رئيس تنفيذي لعمليات الرقمنة أو لتكنولوجيا المعلومات، ليتمكن من تحقيق النجاح في تنفيذ استراتيجية تحول رقمي متكاملة.
السيدة اولمر قالت: نصيحتي هي أن يتعاون العاملون في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وأن يكونوا مستعدين لبذل جهد إضافي، كما عليهم الاقتداء بقصص النجاح الحاصلة، مثلما نفعله اليوم في هذا المنتدى.
وفي ختام الجلسة استفسر مدير الجلسة الحوارية المهندس المزاهرة من السيد لوري حول رأيه إن كان النموذج الإيرلندي يؤكد على أهمية توظيف الكوادر العاملة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لمواكبة احتياجات القطاع ومن ضمن الجهات الحكومية أم يتم استعارتها من القطاع الخاص للوصول إلى الأهداف المرجوة.
من جانبه أكد السيد لوري على ضرورة أن تركز الحكومات عل المهارات الأساسية التي تحتاج إلى التطوير، وبنفس الوقت التعاون مع القطاع الخاص لقدرته على مواكبة التغيرات السريعة، كوننا في القطاع العام لا نستطيع التنافس معه نظراً لسرعته في مواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة، مؤكداً انهم في إيرلندا يتبعون هيكلاً رباعياً يجمع بين الحكومة والقطاع الخاص والقطاع الأكاديمي والمجتمع ويعزز تعاونهم معاً، وهكذا نكون على الطريق الصحيح لتحقيق أهدافنا الرقمية.










