خاصمقالات

الفضاء الإلكتروني ومخاوف الأمن السيبراني

هاشتاق عربي – كريستين جينواي تشيانغ*

يشكل الأمن السيبراني خطراً كبيراً على التنمية. فقد أدت الهجمات الإلكترونية إلى تعطيل عمل البنية التحتية، وابتزاز الحكومات والشركات، واستنزاف الحسابات المصرفية للأفراد، بل وتسببت فيما هو أكثر من ذلك. وقد دفع هذا الخطر البلدان في جميع أنحاء العالم إلى اتخاذ خطوات كبيرة لتدعيم وسائل دفاعها ضد هذه الهجمات، ولكن لا تزال هناك عقبة واحدة تعرقل هذه الجهود. ففي عام 2021، شهدت أعداد المتخصصين في مجال الأمن السيبراني نقصاً بلغ 3.5 ملايين متخصص. كيف إذن يمكننا التصدي لقلة المواهب في هذه الصناعة؟ أحد الحلول ماثل أمامنا مباشرة – ألا وهو الاستفادة من مواهب النساء المهنيات في هذا المجال، اللاتي تتدنى حتى الآن نسبة مشاركتهن أو الاستفادة منهن في هذا القطاع.

التباينات بين الجنسين

توجد مبررات قوية للسعي نحو تحقيق مشاركة أكثر تنوعاً. تشير الدراسات إلى أن ربحية الشركات التي تتبنى مبدأ التنوع بين الجنسين في فرق العمل التنفيذية تزيد على الأرجح بنسبة 25% عن المتوسط. في مجال التكنولوجيا، أثبتت القيادات النسائية أنهن يحققن نتائج أفضل من حيث كفاءة رأس المال، وفي المتوسط، يحققن عوائد على الاستثمار أعلى بنسبة 35%. ويشير هذا الأمر إلى أن قطاع الأمن السيبراني يمكن أن يحقق مكاسب كبيرة من زيادة عدد المتخصصات في هذا المجال.

على الرغم من ذلك، يوجد تفاوت ملحوظ بين الجنسين عندما يتعلق الأمر بفرص العمل في مجال الأمن السيبراني. ووفقاً لما ورد في تقرير أعدته الشركة الاستشارية لمساندة التنفيذ²، وهي جهة متخصصة في الأمن السيبراني، لا تمثل النساء حالياً سوى نحو ربع القوة العاملة الإجمالية (24%) في هذا المجال. وتُعد نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة في مجال الأمن السيبراني في منطقة الشرق الأوسط، 5%، وأفريقيا 9%، هي الأدنى على مستوى العالم. ولا تزال الفجوة بين الجنسين آخذة في الاتساع بسبب اختلاف معدلات الإلمام بالتكنولوجيا الرقمية بين الرجال والنساء. وفي ظل ما يشهده قطاع الأمن السيبراني من توسع على الصعيد العالمي، تسنح فرصة كبيرة لتلبية الطلب المتزايد على المواهب، جنباً إلى جنب مع جني الفوائد التي تتحقق من زيادة مشاركة النساء في هذا المجال.

اجتذاب المزيد من النساء إلى هذا المجال والاحتفاظ بهن

بفضل الطرق المرنة التي يمكن من خلالها اكتساب مجموعات المهارات اللازمة للأمن السيبراني، يتمتع هذا القطاع بوضع فريد يمكّنه من اجتذاب المواهب المتخصصة والمؤهلة مع تقليص المعوقات التي تحول دون دخولها هذا المجال. على سبيل المثال، ألغت شركات آبل، وآي بي إم، وجوجل، وتسلا وشركات أخرى شرط الحصول على درجة البكالوريوس لمدة أربع سنوات للتقدم للعديد من الوظائف لديها. وتمثل برامج الاعتماد نقطة انطلاق أكثر سرعة وسهولة للانضمام إلى القوى العاملة في مجال الأمن السيبراني. ووفقاً لمقال نُشر في مجلة عالم الكمبيوتر Computerworld، يذكر 76% من مديري الموارد البشرية أن برامج الاعتماد تُعد عاملاً من عوامل التوظيف في مجال تكنولوجيا المعلومات، ويتوقع 47% منهم على الأقل أن تكتسب مزيداً من الأهمية بوصفها أداة لتقييم المرشحين للعمل.

من جهة أخرى، يجب مراعاة المراحل المختلفة لحياة المرأة المهنية لضمان حصولها على فرص العمل. ومن المرجح أن يواجه العديد من النساء الناجحات اللاتي يتركن وظائفهن في مجال التكنولوجيا أو يغيرن مسارهن المهني عقبات عند العودة إلى العمل. فمن المحتمل أن يواجهن تحيزاً بشأن الفجوات في سيرهن الذاتية، لا سيما في ظل ما تشهده التكنولوجيا من تطور. وللتصدي لهذه الصعوبات، يسعى عدد متزايد من الشركات سعياً حثيثاً إلى اجتذاب هذه المجموعة من المواهب المتنوعة من خلال توفير برامج “العودة للعمل” لمدة 12-16 أسبوعاً، حيث تتمكن المتخصصات من صقل مهاراتهن بعد الابتعاد بعض الوقت عن العمل.

ويُعد وجود شبكة توجيه قوية أمراً ضرورياً للاحتفاظ بالنساء في صناعة عادة ما لا يكنّ موضع ترحيب فيها. وقد أعربت نسبة لم تزد عن 25% من النساء اللاتي يعملن في شركات التكنولوجيا عن ثقتهن في حصولهن على ترقيات إلى مستوى الإدارة التنفيذية، وأشار العديد منهن إلى افتقارهن إلى الدعم والتوجيه. ومن بين من بقين في وظائف في مجال التكنولوجيا، أشار 75% إلى التأثير الإيجابي للنماذج الرائدة في الشركات التي يعملن فيها على الرغم من هذه الصعوبات.

توجد أيضاً بوادر مشجعة على أن العديد من الأطراف المعنية قد أطلقوا مبادرات موجهة ومستدامة لضمان أن يصبح الأمن السيبراني والتكنولوجيا أكثر تنوعاً من حيث مشاركة الجنسين. وتعمل الكيانات العامة والخاصة على تنظيم معسكرات التدريب على الترميز، وفعاليات الهاكاثون، ودورات التدريب على اكتساب المهارات، وبرامج التوجيه والإرشاد للنساء، بالإضافة إلى تنظيم حملات لإثارة اهتمام الطلاب الصغار بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. ويمكن للشراكات بين القطاعين العام والخاص إرساء أساس قوي في هذا المجال.

في خضم هذه المتغيرات، يتزايد وضوح أحد المقترحات وهو أنه لكي يصبح قطاع التكنولوجيا أكثر قوة ويستمر في تقديم الحلول المجدية لقضايا الأمن السيبراني الملحة، يجب ألا يقل تنوعاً عن المجتمع الذي يعمل فيه.

للتّعرف على المزيد عن هذا الموضوع، شاهد إعادة تشغيل الفعالية التي نظمها فريق التنمية الرقمية بالبنك الدولي: المرأة والأمن السيبراني: إنشاء فضاء إلكتروني أكثر شمولاً.

* المصدر: مدونة البنك الدولي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى