لابد أنك قد شاهدت يوماً ما فيديو سينمائيا مصورا في السماء بطريقة انسيابية جعلتك تتساءل كيف تم تصويره بهذه الجودة والقرب؟ ما هي الكاميرا المستخدمة وكيف تلاحق الهدف بهذه السرعة؟ إنها مسيّر “إف بي في” (FPV).
طرحت شركة “دي جي آي” (DJI) الصينية مؤخراً طرازاً مميزاً من نوع “إف بي في” ومعناه منظور الشخص الأول (First Person View) فما هو هذا الطراز وما مكوناته واختلافاته عن الأنواع العادية؟
ما هو مسير “إف بي في”؟
“إف بي في” مسيّر يتم التحكم به عن بعد، يعطي بثاً مباشراً من منظور الشخص الأول الذي يتحكم به، وذلك من خلال كاميرا خاصة مثبتة عليه.
ويعمل هذا المسيّر على إرسال بث مباشر من الكاميرا إلى نظارات خاصة يضعها الطيار الذي يتحكم في المسيّر عن بعد، ويمكن استخدامه لأغراض مهمة ومفيدة، أو فقط لمجرد الاستمتاع بتجربته الفريدة.
ويوفر “إف بي في” تجربة لا مثيل لها من حيث التصوير المباشر الذي يتم نقله إلى الطيار مباشرة، ذلك لأن زاوية الرؤية السينمائية توفر مشاهد رائعة، كما أن عوامل أمان الطيران الموجودة بالمسيّر العادي ليست موجودة هنا، وبالتالي يمكنك تجربة الطيران بالشكل والطريقة التي تتخيلها دون أي نوع من القيود، وهنا أيضا تكمن صعوبتها.
فهذا المسيّر المصنع يدويا -والذي لا يملك وسائل الحماية الخاصة المتطورة- مصمم للعمل بسرعة وللوصول لأماكن معينة مما يجعل التحكم فيه أمرا صعبا، ويحتاج لخبرة وتخطيط.
وربما لتقريب الفكرة يجب مشاهدة الفيديو التالي حول كيفية قيام فريق العمل والطيار بالتخطيط لتصوير أحد أصعب السباقات الخاصة بالدراجات الجبلية، ولكن في أزقة المدينة.
أجزاء مسير “إف بي في”
تنقسم أجزاء مسير “إف بي في” إلى جزأين، أولهما معدات للطيران، والثاني المعدات الأرضية.
وما يميز “إف بي في” كونه قابلا للتجميع من الصفر، أي أن جميع القطع قابلة للتبديل حسب ما يفضله المستخدم وحاجته.
الأجزاء القابلة للطيران:
1-الإطار:
يعد الإطار أساس المسيّر فهو البنية التي ستحوي كافة الأجزاء الأخرى، ويصنع عادة من ألياف الكربون مع قطع معدنية أو بلاستيكية.
ويجب أن يكون إطار هذا المسير متيناً وقادراً على تحمل الصدمات الناتجة عن الحوادث، والخاصية الأهم أن يكون سهل الفك والتركيب ويتيح الوصول لكافة الأجزاء داخله بسهولة للإصلاح أو التبديل.
2-نظام الطيران
يتضمن نظام الطيران كل المكونات التي تعطي المسيّر القدرة على الطيران، وهذه المكونات هي:
البطارية
وهي جزء أساسي لتحقيق قابلية الطيران، حيث تزود نظام الطيران بأكمله بالطاقة اللازمة لكي يعمل.
وبما أن الوزن عامل مهم بالمسيّر فيجب أن تكون البطارية خفيفة الوزن، لكن دون المخاطرة من ناحية كمية الطاقة التي تحتاجها، لذلك تستخدم بطاريات ليثيوم بوليمير القابلة لإعادة الشحن وتعد مناسبةً جداً في هذه الحالة.
المراوح
تماماً مثل ما يحدث في الطائرة المروحية، تعمل المراوح على دفع الهواء باتجاه الأسفل مما يعطي المسيّر القوة اللازمة للارتفاع والحركة.
وتأتي المراوح بأحجام وأشكال مختلفة، ويعتمد اختيارها على تفضيل المستخدم.
ويجب الحذر عند التعامل مع مراوح المسيّر أثناء عمله، إذ يمكن أن تكون مؤذية عند الالتماس معها حيث تسبب جروحا.
المحركات
مصدر القدرة الذي يجعل المراوح تدور، وتستخدم في مسير “إف بي في” أن المحركات ذات أداء عال، ونحتاج عادة إلى 4 محركات من نفس النوع والقدرة.
تدور هذه المحركات بسرعة تصل إلى عشرات آلاف دورة بالدقيقة، كما أنها تتطلب تحكماً دقيقاً جداً للعمل بشكل صحيح، ولهذا يوجد متحكم السرعة الإلكتروني.
متحكم السرعة الإلكتروني
هو الجزء المسؤول عن عمل المحركات بشكل متزامن وصحيح على طيف واسع من السرعات.
ويحتاج كل محرك إلى متحكم سرعة خاص به، وبما أن الشائع هو استخدام 4 محركات نحتاج إلى 4 متحكمات للسرعة والتي تأتي في حزمة واحدة على شكل جهاز يدعى متحكم السرعة “4 في1”.
وبتكامل عمل المتحكمات الأربعة، نحصل على تزامن مثالي لسرعة كل من المحركات.
المستقبِل
يعد أبسط الأجزاء، وهو عبارة عن هوائي مثبت على المسيّر، ومهمته استقبال الإشارات الواردة من جهاز التحكم الخاص بالطيار وإرسالها إلى نظام متحكم الطيران، ويجب أن يكون كل من المستقبل وجهاز التحكم من نفس النوع لكي يعملا بشكل متوافق وصحيح.
نظام متحكم الطيران
يعد هذا النظام القطعة المركزية التي تصل بين كافة أجزاء مسير “إف بي في” وهو أشبه ما يكون بوحدة المعالجة المركزية، حيث يمكن لنظام الطيران التواصل المسيّر ومعالجة أوامر جهاز التحكم الخاص بالطيار، وينقل تلك الأوامر إلى المحركات كلا على حدة للحصول على الحركات المطلوبة.
يُزود هذا النظام بحساس تحديد الاتجاه (جيروسكوب) للحفاظ على التوجيه وتصحيح الحركات غير المطلوبة الناتجة عن الرياح أو الانحراف.
كما أن بعض أنظمة الطيران الأكثر تعقيداً قادرة على معالجة إشارات الفيديو، فتستطيع بذلك عرض معلومات إضافية خلال البث إلى الطيار مباشرة، أمثلة ذلك نسبة البطارية المتبقية وقوة إشارة التحكم وغيرها.
3-نظام “إف بي في”:
إن الأجزاء التي استعرضناها سابقاً ستساعد على تجربة طيران مستقرة، لكن المتعة في تلك التجربة تكمن في نظام “إف بي في”.
لدينا نوعان من هذا النظام أحدهما الرقمي والآخر التناظري، ورغم وجود فروق معينة بينهما لكن الأجزاء نفسها توجد في كليهما، وهي كالتالي:
كاميرا “إف بي في”:
كاميرا مسير “إف بي في” عبارة عن كاميرا صغيرة تثبت على مقدمة المسيّر، وتقوم بالتقاط الفيديو مباشرةً في الوقت الحالي وإرساله إلى ناقل الفيديو.
والفيديو المسجل بواسطة كاميرا مسير “إف بي في” ذو دقة مرتفعة، والكاميرات الشائعة خفيفة الوزن وذات جودة التقاط عالية مثل كاميرات “غو برو” (GoPro) المعروفة.
ناقل الفيديو
يحول هذا الناقل الفيديو الملتقط من قبل الكاميرا إلى إشارة لاسلكية، ويقوم لاقط ملحق بالناقل بإرسال الإشارة اللاسلكية إلى نظارات “إف بي في” الخاصة بالطيار.
تجدر الإشارة إلى أهمية جودة الناقل في الحصول على تجربة خالية من التشويش أو أخطاء البث.
المعدات الأرضية
1-جهاز التحكم:
يخول جهاز التحكم الطيار إرسال أوامر الحركة إلى المسيّر، وهنا نلاحظ وجود عصاتي تحكم على الجهاز تعطيان تحكم طيران دقيقاً، كما توجد بضع أزرار لضبط وظائف معينة خاصة بالمسيّر.
ويجب الحصول على جهاز تحكم ذي مدى مناسب وفقاً لحالة استخدام المسيّر، كما أنه يجب أن يكون بحجم يلائم راحتي اليدين.
2-نظارات “إف بي في”
تعد هذه النظارة الجزء الأكثر أهمية في تجربة “إف بي في” وتزود النظارة بلاقط يستقبل إشارة الفيديو اللاسلكية من ناقل الفيديو، كما تحتوي على شاشة داخلها لتقوم بعرض الفيديو المستقبل من كاميرا المسيّر.
وتوجد عدة أجهزة أخرى لاستقبال الفيديو من المسيّر أبرزها الشاشة المنفصلة، لكن لتجربة “إف بي في” التي لا تضاهى، لذلك يجب استخدام النظارة المخصصة.
3-المعدات والأدوات
تشمل المعدات الملحقة بمسيّر “إف بي في” حقيبة المسيّر، والشاحن المرفق ذو الاستطاعة المناسبة لشحن بطاريات الليثيوم “بوليمير” كما توجد عدة الصيانة وقطع التبديل في حال تعرض المسيّر لحادث ما.
فروق أنواع مسير “إف بي في”
تختلف أنواع مسير “إف بي في” عن العادية في عدة نقاط أبرزها:
حرية الحركة: حيث لا توجد إشارة “جي بي إس” لتمنع تحليق المسيّر في مناطق حظر الطيران.
مسير “إف بي في” لا يحوي حساسات حركة لإيقافه من التصادم مع أي شيء في طريقه.
يحتاج إتقان الطيران بمسيّر “إف بي في” إلى تدريب قبل استخدامه، حيث إن الطيران بواسطته يدوي دون أي وسائل مساعدة، وحرصاً على سلامة الطيار والمسيّر يجب التدرب جيداً قبل استخدامه.
سرعة مسير “إف بي في” تصل إلى 200 كيلومتر في الساعة لبعض الأنواع، إضافة إلى ذلك فإنه غير مزود بخاصية توقف عن حد المدى الأقصى للتحكم أو خاصية عودة تلقائية، فعند خروجه عن المدى سيسقط ويجب البحث عنه واستعادته يدوياً.
بما أن مسير “إف بي في” سريع الحركة وغير مقيد بأي حساسات فإن الفيديو المصور الناتج قد يحوي نوعاً من ضجيج الصورة أو انخفاض الدقة، وإذا كانت هناك حاجة لاستخراج هذا الفيديو واستخدامه فيجب معالجته ببعض البرامج أولاً.