خاصمقالات

” زيكا ” و ” تاتا ” و “ريادة الأعمال”

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – إبراهيم المبيضين

أعلم بأنّه عنوان ” غريب” للوهلة الأولى، سيجعلك تفكّر كثيرا عن الرابط بين الاسمين الاولين : ” زيكا” ذلك الفيروس الذي يشغل العالم بأسره، وقد تفشى بسرعة رهيبة مخلفا أكثر من مليون إصابة حتى الآن،والإسم الثاني ” تاتا”الشركة الهندية التي تعد من كبرى شركات صناعة السيارات العالمية، والمصطلح الثالث ” ريادة الاعمال”.

هي الصدفة التي جمعت بين الإسمين الأولين، …..،فلم تكن شركة ” تاتا موتورز” – عملاق صناعة السيارات التجارية في الهند والعالم – تعلم بان الإسم الذي اختارته لواحدة من سيارتها الجديدة التي تستعد لطرحها في الاسواق هو مطابق في اللفظ لاسم ذلك الفيروس ” زيكا”، الذي أعلنت منظمة الصحة العالمية قبل أيام حالة طوارئ على مستوى العالم بسبب انتشاره في أكثر من 20 دولة أخرى.

صدفة غريبة وسيئة لعملاق السيارات – الذي يستند الى تاريخ عريق في تصنيع السيارات منذ العام 1945، ويمتلك علامات تجارية مثل ” جاكوار”، ستدفعه – بحسب ما اكدت تقارير اعلامية عالمية – الى بحث تغيير اسم سيارته الجديدة، وتقييم الحالة، في وقت تتسع فيه حالةالخوف من انتشار ” الفيروس” الذي تسبب في عيوب خلقية أصابت آلاف المواليد،..

ان دراسة تغيير الاسم التجاري للسيارة الجديدة ، هو سلوك منطقي وصحيح لشركة عملاقة على شاكلة ” تاتا موتورز”، حتى لا يتأثر تسويق سيارتها الجديدة سلبا، وخصوصا ان مثل هذه الشركات تنفق عشرات الملايين من الدولارات لتسويق منتجاتها الجديدة،وخصوصا في صناعة ضخمة ومتخصصة كصناعة السيارات.

هذه الحالة ” الغريبة” التي ربطت بين ” زيكا” الفيروس الخطير، والمنتج الجديد لشركة ” تاتا موتورز” تبعث – بإعتقادي – الى الباحثين ورياديي الاعمال العديد من الرسائل، وخصوصا تلك الشريحة من الرياديين التي تعتقد بان طريق ريادة الاعمال هي طريق مفروشة بالورود، وبان مجرد امتلاك الفكرة وخصوصا اذا كانت مميزة هو الاساس لتكون رياديا ناجحا، وباقي الامور ستكون سهلة في المراحل اللاحقة لتاسيس المشروع وتوسيع نطاق اعماله،…. ولكن واقع الحال مختلف، فطريق ريادة الاعمال محفوفة بالمخاطر، وهي تعجّ بالتحديات والمشاكل التي تظهر لك بين الحين والاخر: مشاكل ترتبط ارتباطاً مباشرا ببيئة العمل، واخرى خارجة عن إرادة الجميع مثل تلك التي تواجهها اليوم شركة ” تاتا موتورز” …..

فالرسالة الاولى من الحالة التي تمر بها شركة ” تاتا” اليوم، هو ان المشروع مهما بلغ من العمر، ومهما حقّق من النجاحات، فالمصاعب والحواجز والمعيقات المرتبطة بالعمل ستظل موجودة، سواء كانت مرتبطة ارتباطا مباشرا بسياق وتنفيذ اعمالنا، او خارجة عن ارادتنا، وفي كلتا الحالتين علينا التسلح بالصبر والقدرة على المواجهة والتغيير والتكيف مع الظروف مهما صعبت اذا ما اردنا الاستمرار والنجاح.

وشركة ” تاتا” الغنية عن التعريف – والتي يرجع تاريخها الى اكثر من 70 عاما- تواجه مشكلة تهدّد حملة تسويقية كلفتها الملايين لتسويق أحد منتجاتها، وهي تعمل اليوم على بحث ودراسة تغيير الاسم التجاري لسيارتها الجديدة، ….، اذا فالمصاعب لا وقت لها ولا حدود، واذا ما اردت ان تكون رياديا عليك ان تكون حاضرا لها قادرا على التعامل معها.

وأما الرسالة الثانية من الحالة التي نقرأ عنها اليوم، بان هناك امور خارجة عن ارادتنا، لا علاقة لها بطبيعة ومحيط عملنا او الصناعة التي نتخصص بها، قد تشكل خطرا على افكارنا ومشاريعنا الريادية وبشكل اكبر من تلك المصاعب والمشاكل التي اعتدنا على سماعها من صعوبة تاسيس العمل، وصعوبة التمويل، وصعوبة التسويق ودخول الاسواق وغيرها من المشاكل، ولذا على الريادي ان يكون متنبّها على الدوام، لكل ما يمكن ان يؤثر على مشروعه حتى لو كانت امورا غير اعتيادية خارجة عن ارادته.

لو كنت في مكان شركة ” تاتا” اليوم، وتعمل على منتجا قد يتعرض اسمه التجاري لخطر او تشويش من اي نوع، فكيف ستتعامل مع الموضوع ايها الريادي؟…..

والاهم من ذلك هل اكتسبت الخبرة الكافية للربط بين الاسماء التجارية مع ما يمكن ان يؤثر عليها وعلى تسويقها سلبا؟ …. تلك هي الرسالة الثالثة للرياديين الذين يجب ان يدرسوا ويبحثوا ويربطوا على الدوام بين ما يدور في الاسواق والميحط وطبيعة اعمالهم والمنتجات التي يعملون عليها، وبعد البحث عليهم اتخاذ القرارات المناسبة، اذا فالريادة حالة من التأهب الدائم….. حتى ولو كان الامر يتعلق بالاسم التجاري او هوية المنتج والشركة التي تعمل بها.

وتؤشّر الحالة التي تمر بها الشركة الهندية إلى اهمية الاسم التجاري لشركة او منتج ما، فعلى الريادي اختيار الاسم التجاري المناسب السهل والقريب من الناس، وان يحمل الاسم مؤشرات ورسائل ايجابية تحفز المشتري والمستخدم، ان يكون اسما خاليا من اية رسائل سلبية، قد تؤثر سلبا على تسويق المنتج.

واما الرسالة الاخيرة للرياديين فتتمثل بجدوى تغيير الاسم التجاري، وهو امر عادي وليس بالخطير كما يعتقد البعض، لا بل قد يكون لازما ومتطلبا في مرحلة ما من مراحل المشروع، فالكثير من الشركات غيرت اسماءها التجارية او اسماء لمنتجات تقوم عليها، وعدلت عليها، للمساعدة في النجاح والانتشار، او لدخول اسواق تجارية جديدة، او لغيرها من الأسباب، اذا فالعبرة في التكيف مع الظروف، ولا يوجد ما هو ثابت في بيئة الأعمال.

ان ريادة الاعمال هو مفهوم شامل يتعلق بكيفية ادارة كافة متعلقات المشروع ويشمل ذلك ” الاسم التجاري”، حتى لو قطعنا مراحل وسنوات كثيرة من العمل، وعلى رياديي الاعمال التنبّه لكل الظروف التي يعملون فيها، والتكيف معها حتى ينجحوا ويستمروا.

.

_

يمتلك مبيضين خبرة تقارب الـ 10 اعوام في مجال العمل الصحافي، ويعمل حاليا، سكرتير تحرير ميداني في صحيفة الغد اليومية، وصحافيا متخصصا في تغطية أخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الملكية الفكرية، الريادة، والمسؤولية الإجتماعية. ويحمل مبيضين شهادة البكالوريوس من جامعة مؤتة – تخصّص ” إدارة الأعمال”، كما يعمل في تقديم إستشارات إعلامية حول أحداث وأخبار قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني. Tel: +962 79 6542307

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى