يعد ترك التعليم والانضمام إلى عالم العمل “هزة” للخريجين. يقول كريس هيرست، الرئيس التنفيذي لوكالة الإعلانات هافاس كريتيف، “إنهم لا يعرفون ما هو العمل”. يقول إن التحدي – الذي يواجه كل من أصحاب العمل والموظفين الجدد أنفسهم – هو مدى السرعة التي يمكن أن يصبح بها الخريجون “مفيدين حقا” دون المستوى نفسه من “الرعاية والتعلم المنظم” الذي تلقوه في الجامعة.
إن الخريجين الذين تعطل تعليمهم الجامعي بسبب الوباء، الذين ربما كانت خبرتهم العملية الوحيدة هي العمل عن بعد، هم على وشك الدخول إلى أماكن العمل التي تتصارع مع العمل الهجين، فضلا عن ميزانيات التدريب الضئيلة.
وفقا لتقرير صادر عن معهد تشارترد لشؤون الموظفين والتنمية، وهو اتحاد للموارد البشرية، أفاد نحو ثلث المنظمات البريطانية بخفض ميزانيات التعلم والتطوير، وعدد موظفيها، واستخدامها الاستشاريين الخارجيين أثناء الوباء.
هذا يفسر التحول إلى منصات التكنولوجيا إضافة إلى متطلبات التباعد الاجتماعي. قبل 2020، استخدمت 36 في المائة فقط من المؤسسات حلقات دراسية عبر الإنترنت أو فصول دراسية افتراضية، وفقا لمعهد تشارترد لشؤون الموظفين والتنمية، وارتفعت إلى 51 في المائة العام الماضي. بالنسبة إلى الخريجين، أصبح التدريب هجينا أكثر من أي وقت مضى، كما يقول أليستر وودز، الرئيس المشارك العالمي لتحليلات الأشخاص في شركة المحاسبة برايس ووتر هاوس كوبرز، “إذا كنت تتدرب لتصبح محاسبا أو محللا، فإن نسبة أكبر من التدريب تكون على الإنترنت”.
يقول سيمون هاليت، مدير الموارد في شركة ديلويت، إن الوباء أجبر شركة الخدمات المهنية على إعادة تقييم تدريبها والنظر “فيما إذا كنا بحاجة إلى العودة إلى العمل شخصيا بعد التحول إلى 100 في المائة عبر الإنترنت”. تبنت الشركة دمجا ينتصف بين التعلم عبر الإنترنت والتعلم الشخصي.
تتمثل فوائد التعلم عبر الإنترنت للخريجين في قدرتهم على التعلم بالسرعة التي تناسبهم وإعادة الدروس. الآن، يستكشف أرباب العمل كيفية جعل أجدد موظفيهم مواكبين لأنماط العمل الجديدة والثقافة التنظيمية، إضافة إلى تطوير مهاراتهم الشخصية، مثل التواصل، فضلا عن المهارات التقنية المطلوبة فعليا للقيام بوظائفهم.
يقول جيف ماجيونكالدا، الرئيس التنفيذي لشركة كورسيرا، وهي شركة تقدم دورات تدريبية، “الشركات التي لا تقوم بتحديث نماذج التدريب الخاصة بها استجابة للعمل الهجين ستصبح أقل تنافسية”.
من نواح عديدة، سيكون تعليم الخريجين الهجين بمنزلة إعداد جيد لمكان العمل الجديد، حتى لو كانت الشركات لا تزال تتكيف مع الواقع الجديد. لكن بعض الأنماط أصبحت واضحة.
أحد الأساليب التي يبدو من المرجح استمرارها هو “نظام المرافقة”، التي قدمتها عديد من المنظمات أو عززتها أثناء الوباء. مثلا، شركة الاستشارات أوليفر وايمان تجعل الخريجين الجدد يرافقون شخصين أو ثلاثة من كبار الموظفين لإجراء تفقد غير رسمي، بدلا من الشخص أو الشخصين المعينين قبل الوباء.
في ستاندرد تشارترد، يتماشى نهج البنك مع أنماط العمل الهجينة التي يطلق عليها داخليا اسم “مكان العمل المستقبلي، الحالي”. يتضمن مزيجا من التدريب العملي والتعلم وجها لوجه والتدريب عبر الإنترنت. يمكن لجميع الخريجين الوصول إلى منصة تعليمية عالمية تسمى “ديسكوفر”، التي توفر التدريب في مجالات مثل التمويل المستدام والخدمات المصرفية الرقمية والأمن السيبراني. للمساعدة على النمو الوظيفي والتطوير الشخصي، يشجع المقرض أيضا تقديم الملاحظات عبر أداة رقمية – في الشهر الماضي، أقيم تحدي “فيدباك5” Feedback5 الذي شجع جميع الموظفين على تقديم ملاحظات أسبوعية لمدة خمسة أسابيع.
تقول هارييت سكيبورث، مديرة التعلم والتطوير في أوليفر وايمان، “لقد أطلق الوباء مبادرات جديدة”، مثل الاشتراك في “ديجريد”، وهي منصة تسهل التعلم الإلكتروني في الوقت المناسب. كما أدى الاستخدام المكثف لعقد المؤتمرات عبر الفيديو إلى تغيير طريقة تفكير الاستشاريين في التدريب. تقول سكيبورث، “فوائد القيام بالأنشطة السريعة، واستطلاعات الرأي، ووضع شيء ما في محادثة زووم، هو أمر في أذهاننا بينما نصمم برامج جديدة الآن”.
يمكن للتكنولوجيا أن تساعد على تعليم المهارات الشخصية وتعزيز التعلم. يقول دومينيك بات، خبير التعلم والتطوير في برايس ووتر هاوس كوبرز، إن منصتها عبر الإنترنت تعتمد على العلوم المعرفية والتعلم الآلي لطرح أسئلة مخصصة للمستخدمين.
يقول، “إذا أردنا أن يغير الناس سلوكياتهم، فعليهم أن يتذكروا ما يفترض بهم أن يفعلوه بشكل مختلف”. يساعد تجديد المعلومات المنتظم المتعلمين على تذكر المعلومات لفترة أطول، وبناء عادات جديدة.
إذا تم استخدامها بشكل جيد، يمكن للتكنولوجيا أيضا أن تحسن التدريب الشخصي من خلال مساعدة الخريجين على الاستعداد مسبقا. يعطي بات مثالا على أن المتعلمين يشاهدون مقاطع فيديو حول النظرية والتقنيات قبل الالتقاء مع أقرانهم، والانتقال إلى جلسات “مع ممثلين يلعبون شخصيات مختلفة لكي يتدربوا على كيفية استجابتهم”.
في شركة ديلويت، يطور الموظفون المبتدئون مهارات الخطابة والكتابة الاحترافية من خلال برامج خارج الموقع وورش عمل افتراضية. باستخدام شبكة النخاب التابعة للشركة، يمكنهم ممارسة تقنيات الخطابة والعرض التقديمي في بيئة افتراضية.
تقوم الشركة أيضا بإنشاء موقع ويب جديد لدعم التدريب وتعليم الموظفين حول ثقافتها. يوصي تقرير صادر عن كلية إدارة الأعمال في جامعة ليدز يدرس خبرات المتدربين عن بعد بأن يقوم أرباب العمل بالترويج لجوانب الثقافة التنظيمية عبر الإنترنت، مثل “آداب السلوك والمعايير” بشأن التواصل والإجراءات الرسمية، و”أمثلة على قيم الشركة في الممارسة”.
مع ذلك، جادل المدافعين عن العودة إلى المكتب أن هناك حدا لما يمكن تدريسه عبر الإنترنت. كان ديفيد سولومون الرئيس التنفيذي لشركة جولدمان ساكس، معتدا بشكل صاخب وملحوظ بشأن حاجة الموظفين الشباب إلى التعلم عن طريق التناضح – يتم القيام به بسهولة أكبر عندما يسمع الأشخاص المحادثات ويلاحظون أقرانهم ذوي الخبرة في الاجتماعات أو المفاوضات. يقول هيرست، الذي يدعو إلى مزيج من العمل عن بعد والعمل المكتبي، “دون الوجود حول الأشخاص، يكون من الصعب جدا تعلم تلك المهارات المهنية”.
تقول هيلين هيوز، الأستاذة المشاركة في كلية إدارة الأعمال في جامعة ليدز والمؤلفة المشاركة لتقرير التدريب عن بعد، إن خطر العمل كثيرا من المنزل، هو أن الموظفين الشباب لا يفهمون معايير مكان العمل.
تقول إن بعض المتدربين الذين استطلعت آراؤهم كافحوا لإدارة عبء العمل لأنهم وجدوا أنه من الصعب “فهم أن فترات الذروة والانخفاضات كانت طبيعية عندما لا يتمكنون من قياس الأداء” لتجربتهم مقابل أقرانهم في المكتب.
وجد البحث أيضا أنه بينما كان الموظفون الشباب سريعين في اكتساب المهارات الرقمية، فإن هذا يخفي “مخاوف عميقة الجذور بشأن الحياة العملية بشكل عام (…) ما يجعل التحديات التي يواجهها الموظفون أكثر صعوبة بالنسبة إلى المنظمات للتعرف عليها ومعالجتها “، كما تقول هيوز.
بعض الخريجين الذين بدأوا في أوليفر وايمان أثناء الوباء سيكررون أجزاء من تدريبهم. تقول سكيبورث، “نموذج التلمذة الصناعية أصعب بكثير في العمل عن بعد”. مع ذلك، يقول تشارلي بول، كبير المستشارين في استخبارات سوق العمل في شركة “جيسك”، وهي شركة تكنولوجيا غير ربحية مقرها المملكة المتحدة، إن التعلم في المكتب ليس حجة لإجبار الموظفين الشباب على العودة بدوام كامل. يقول، “بشكل عام، يحب الموظفين الأصغر سنا العمل الهجين”.
يقول هيرست إن إصرار أصحاب العمل على أن التعلم التناضحي لا يمكن تسهيله إلا من خلال العودة إلى المكتب يمكن أن يكون بمنزلة “كسل” من جانب أصحاب العمل. “من الشائع جدا أن أدنى الموظفين رتبه خلال الاجتماع سيجلس فحسب. النصيحة، منطوقة أو غير منطوقة، هي فقط المشاهدة والتعلم. يتطلب الأمر القليل جدا من الجهد أو الخيال لمنح هذا الشخص دورا واضحا دون التظاهر بأنه سيكون المسؤول الأول عن الاستراتيجية. امنحهم شريحة لتقديمها، واسألهم عن رأيهم – يمكن أن يكون العائد على ذلك مفيدا”.