الرئيسيةشبكات اجتماعية

 ما هي منصة “بوك توك” وهل ستحدث تغييرًا في عالم النشر؟

هاشتاق عربي

شارك هذا الموضوع:

لطالما استوقف السؤال التالي الناشرين، كيف يجب التعامل مع الإمكانات التي توفرها وسائل التواصل الاجتماعي في خضم أساليب التعبير المستخدمة فيها ومنصاتها المثيرة للحيرة؟ المكاسب التجارية فيها واضحة، أما كيفية الحصول عليها فهي أمر أقل وضوحا.
لقد أتيحت في الأسبوع الماضي فرصة لعالم الأدب لكي يتعلم مزيدا عن الفنون الخفية المنتشرة على نطاق واسع على المنصات الاجتماعية، وذلك عندما نصبت منصة بوك توك BookTok خيمتها ذات الطابع الرمزي في “مهرجان هاي” على حدود ويلز. فقد أصبحت هذه المنصة الخاصة بمشاركة مقاطع الفيديو عن فنون الأدب، التابعة لتطبيق تيك توك ذي الشهرة الواسعة “الشريك الجديد في الوسائط الرقمية” للمهرجان، الذي عاد بازدهار في أول تجمع يحضره المشاركون “شخصيا” منذ 2019.
في حين أن عديدا من جوانب المهرجان مألوفة – كعشاق أجهزة الماكنتوش المهذبين، والطقس غير المستقر، ومجموعة الفعاليات المنتقاة بعناية ـ مقتطفات من معزوفات باخ التي تنعش الذاكرة الشخصية حول طرح الأسئلة المحرجة على المؤلفين الكبار عن كيفية تجنب كتابة رواية تجعل كاتبها يستحق إحدى الجوائز التي تمنحها مجلة “نيويورك” – إلا أن حضور بوك توك في هذا المهرجان أضفى صبغة مختلفة عليه.
فقد جلبت مجموعة من نجوم بوك توك في العشرينيات من العمر أزياء تجعلك تشعر بالانتعاش واتخذوا وضعيات احتفالية وسط قوة رائعة تلهم الحماس لقراءة الكتب.
ووفقا للمنصة الصينية، فإن مقاطع فيديو بوك توك – وهي عادة ما تكون أفلاما قصيرة جدا يشارك فيها الأشخاص مقتطفات من الكتب المفضلة لهم – قد سجلت نحو 55.9 مليار مشاهدة على مدار الأعوام الأربعة الماضية. كما أنها تحفز المبيعات. ففي مهرجان هاي، حيث كانت مجموعة بوك توك للكتب المختارة تباع بالكامل في مكتبة المهرجان بشكل شبه يومي.
وبكل تفاؤل وبطابع شخصي للغاية، أعطت منصة بوك توك فرصة جديدة في الحياة للكتب القديمة، مثل رواية “أغنية أخيل”، وهي رواية مستوحاة من الإلياذة برؤية عصرية للكاتبة مادلين ميلر نشرت في 2011، كما أنها عززت ظهور المؤلفين الذين نشروا كتبهم لأول مرة. كما اشتملت الأصناف الأدبية التي كان لها قبول شعبي كأدب الخيال، والجريمة، والشعر.
إذن، كيف تعمل المنصة؟ تحدث إلى “المبدعين” وسترى أن الأمر كله يتعلق بالصدق والنزاهة وقابلية الشخص للمشاركة. سلط جاك إدواردز الضوء على قوة التوصيات، “إن قراءة كتاب ما تتطلب التزاما كبيرا. ومنصة بوك توك تساعدك على ذلك”. أما بالنسبة إلى داكوتا وارين، فتعد المنصة أيضا مجتمعا “مفيدا جدا”، وهي ملجأ من المرارة المنتشرة في أماكن أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي. وعلى عكس بيئات الكتب الأخرى المكتظة والمزدحمة، يضيف بنجي كوسي “يبدو أن الحاجز بيننا وبينهم أرق (…) هذا يجعل الأمر أسهل بكثير”.
يتحدث موقع تيك توك عن تقديم نموذج مختلف لوسائل التواصل الاجتماعي، حيث يكون تأثير المنشور أقل اعتمادا على عدد المتابعين لديك من عدد الإعجابات التي تحصل عليها. وفي اللغة الاصطلاحية، تعد “رسما بيانيا للمحتوى وليس رسما بيانيا اجتماعيا”. في نهاية الأمر، بالنسبة إلى موقع تموله الإعلانات، فإن الأمر كله يرجع إلى جذب انتباه المرتادين والاحتفاظ بهم. فيما لا تزال بعض معايير وسائل التواصل الاجتماعي سارية عليه، حيث يقول جاك وداكوتا إنهما يحصلان على أكبر قدر من المشاركة في المنشورات ذات الطابع الانتقادي.
في حين أنه من السهل الاستعلام عن المكانة التي تشغلها منصة بوك توك في عالم الكلمات الآخذة في الارتقاء، إلا أن لغتها المرحة ليست على بعد مليون ميل من بعض الإصدارات اللاهثة التي تصدر عن الناشرين بحثا عن الدعاية. وعلاوة على ذلك، لا يظهر أي أحد عدم رضاه عن منصة بوك توك عندما يتعلق الأمر بما يشغل أذهان الناشرين، وهي المحصلة النهائية.
لا عجب أنهم مشغولون باجتذاب المشاهير على منصة بوك توك. وقد استغل بعضهم شعبيته بالفعل في عقد صفقات لكتبهم. فالأمر غير واضح ما إذا كانت المنصة ستساعد الناشرين على الاقتراب أكثر من فهم هذا السؤال المراوغ – ما الذي يجعل كتابا ما يحلق بينما الآخر يتخبط. كما قال أحد المديرين التنفيذيين في تيك توك، “لو كنت أعرف ما الذي يجعل شيئا ما ينتشر بسرعة، فلن تراني موجودا هنا”.
لم يكن حضور منصة بوك توك إلى مهرجان هاي هو وحده الأمر المستحدث هناك. فالمهرجان هذا العام هو أول مهرجان صيفي يقام على أرضه بغياب المؤسس المشارك للمهرجان، بيتر فلورنس. فقد استقال المدير السابق ذو الشخصية المتقلبة المزاج العام الماضي بعد أن تأكدت شكوى ضده بممارسة التنمر. وكان رحيله عن الشركة التي أسست قبل 35 عاما على طاولة المطبخ في بيت عائلته أمرا قاسيا للغاية، لأنه ترك ندوبا عميقة في مجتمع يعد متماسكا.
كما أثار ذلك تساؤلات حول ما إذا كان مهرجان هاي، مع غياب براعة فلورنس في إعداد البرامج للمهرجان، يمكنه الاحتفاظ بتميزه في عالم يكتظ بالمهرجانات الأدبية، التي في الأغلب ما تعيد استضافة قائمة المؤلفين نفسها. فمهرجان هذا العام تم التحضير له من قبل فريق، سواء كان هذا هو النموذج الذي سيتبع في النسخ المستقبلية للمهرجان أم سيكون هناك مدير إبداعي جديد أو ما إذا كان سيتم العمل بنظام القيمين المتناوبين، هو قرار يعود إلى جولي فينش الرئيسة التنفيذية القادمة لمهرجان هاي، التي ستتولى المنصب في آب (أغسطس).
لدى فينش سجل في إدارة الفعاليات الفنية في بريطانيا وأستراليا. أشرفت فينش في الآونة الأخيرة على إدارة معرض كومبتون فيرني، وهو معرض فني ومتنزه، حيث تولت تغيير مؤسسة كان طابعها فرديا قويا في بداياته لتصبح مؤسسة خيرية مستقلة ومستدامة. لا توجد لدي أي تخمينات عما لفت انتباه لجنة الاختيار في مهرجان هاي لها.
إن الفوز بجائزة كبيرة للكتاب هو أحد الأمور المهمة. أما أن ترى التغني بإنجازاتك بحفاوة فذلك يرقى بها إلى مستوى جديد تماما، كما وجد ذلك كل من غيتانجالي شري ودايزي روكويل. فبالكاد حصلت مؤلفة “توم أوف ساند” ومترجمة الرواية على جائزة بوكر الدولية لهذا العام، حيث منحتها إحدى أكبر العلامات التجارية لمنتجات الألبان في الهند أعلى وسام، وهو تصويرهما بأسلوب كرتوني على هيئة مبهجة منحوتة بالزبدة وملصقة على اللوحات الإعلانية التي نشرت في جميع أنحاء البلاد.
قالت شري، “هذا الأمر آت حقا!”، حيث أوضحت أنه شرف عادة ما يمنح لأفضل لاعبي الكريكيت في الهند ونجوم بوليوود فقط. إنه انعكاس للاستقبال المحموم في الهند الذي رحب بالجائزة – وهي المرة الأولى على الإطلاق التي يفوز فيها عمل مكتوب باللغة الهندية.
تعد الجائزة أيضا “رسالة عظيمة إلى العالم”، كما قالت روكويل، التي شبهت الرواية برواية “عوليس” لجيمس جويس في قدرتها على إيجاد المصطلحات الخاصة بها. أقرت شري بأن الكتاب يعد “رسالة حب” تهديه إلى اللغة الهندية – وهو أمر لا تراه غير معقد، نظرا إلى المتغيرات السياسية المشحونة حول الثقافة اللغوية في الهند – وأنها لا ترى حاجة إلى أن تكون مباشرة وخطية لأنها سعت إلى تجسيد “الواقع المعقد والمراوغ” لحالة العالم في الوقت الحاضر.
فيما كان نقل هذا العمل الأدبي إلى اللغة الإنجليزية محاولة “مربكة” في بعض الأحيان لروكويل، التي أمضت عامين في الترجمة بينما كانت تصارع قصة غنية بالكلمات وأخرى يستحيل ترجمتها تقريبا.
وقد جاء ذلك وسط نقاش معمق وواسع حول مزيد من الاعتراف بما يقوم به المترجمون من عمل، الذي كان أحد نقاط الحديث في حفل توزيع جوائز إنترناشونال بوكر هذا العام. تقول شري إنه نظرا إلى التعقيد الهائل في النصوص الهندية الأصلية التي كتبتها، فقد “كان عليها أن تترك شعورها بالقلق” وأن تثق في مترجمتها. تقول روكويل إنه بينما يعد من “المهم جدا” الاعتراف بعمل المترجمين، إلا أننا “لسنا مؤلفين مشاركين” وهي “سعيدة لأن لدينا أدوارا مختلفة”.
قد يكون هذا الأمر خلاقا، ترجمة كتاب طويل يفتح المجال أمام تعليم القراء الدوليين كلمات جديدة. كما أتاح لها الفرصة لمقابلة مجتمعات جديدة مثل مجموعة “مترجمون أصحاب القطط” على منصة فيسبوك الذين تواصلوا معها فورا بعد أن وثقت اسم قططها الأليفة في خطاب تسلمها الجائزة.

فايننشال تايمز

صحيفة بريطانية دولية تتحدث عن الأعمال، يتم نشرها في لندن منذ تأسيسها في عام 1888 من قبل جيمس شيريدان وأخوه. هناك اتفاق خاص بين فايننشال تايمز وصحيفة الاقتصادية السعودية يتم بموجبها ترجمة لأهم مقالاتها يوميا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى