الرئيسيةريادة

أصحاب المهارات..لماذا يفضلون العمل الحر على الوظائف الثابتة؟ 

هاشتاق عربي

سوق العمل مكان نشط للغاية هذه الأيام. مع انخفاض معدل البطالة وانفتاح عديد من الشركات على طرق جديدة وغير تقليدية لممارسة الأعمال التجارية، يضج القطاع بفكرة أنه سوق للعاملين.
العمل الحر الماهر “بمعنى الخدمات مثل البرمجة والتسويق بدلا من قيادة أوبر” يشكل جزءا متزايدا من هذه السوق. بين 2019 و2021 ارتفع عدد العاملين المستقلين الذين يقدمون خدمات ماهرة 8 في المائة.
غالبا ما يستشهد العاملون المستقلون الراضون بالمرونة والسيطرة الأكبر التي يتمتعون بها على عملهم ـ كما اتضح من نتائج توصل إليها “فيوتشر فورم”، وهو مجموعة أبحاث تابعة لشركة سلاك ـ أصبح العاملون الأصغر سنا ينظرون إلى العمل الحر، مع ما ينطوي عليه من إمكانات للعملاء المتنوعين وتدفقات الدخل، على أنه أكثر استقرارا من وظيفة بدوام كامل.
يمكن للعاملين المستقلين أيضا تطوير مهاراتهم للاستفادة من التوجهات بسهولة أكبر من العاملين بدوام كامل. قال نائب رئيس شركة فايفر، برنت ماسنجر المسؤول من السياسة العامة والمشاركة المجتمعية، “لقد رأينا كثيرا من مصممي الجرافيك في فايفر يقدمون خدمات ذات طبيعة فنية. ضاعف كثيرون دخلهم مرتين وثلاث مرات حتى أربع مرات”.
لكن لا يختار الجميع العمل الحر بسبب إيجابياته. يقول ما يقارب من 40 في المائة من العاملين المستقلين إنهم يفضلون الحصول على وظيفة تقليدية. يختار عديد من المهنيين المهرة الأعمال المؤقتة المستقلة ليس لأنهم يركضون نحو شيء ما – لكن لأنهم يهربون.
وجدت دراسة استقصائية لـ”بامبو إتش آر” أن أهم أسباب ترك الناس لوظائفهم تشمل عدم الرضا، أو الصحة العقلية، أو الأجور الضعيفة، أو القيادة غير الأخلاقية.
إلى ذلك أضافت دراسة أجرتها كلية إدارة الأعمال في جامعة هارفارد أن 32 في المائة من العاملين يغادرون وظائفهم لأن عليهم أن يعطوا الأولوية لرعاية أناس آخرين. والسؤال هو إذا تحسنت ظروف العمل هذه، هل سنظل نرى العاملين ذوي المهارات العالية يتدفقون على منصات العمل الحر؟
في الولايات المتحدة أشار 84 في المائة من العاملين إلى أنهم يعدون التأمين الصحي الامتياز الذي يهتمون به أكثر من غيره، بينما أشار 83 في المائة إلى الإجازات المرضية. “كثير من العاملين سيفقدون تأمينهم الصحي إذا تركوا العمل في وظيفة بداوم كامل”، حسبما قالت مارجريت ليلاني، نائبة الرئيس في شركة أبويرك.
حياة التوظيف الذاتي لم تأت جاهزة بمزايا مثل خطط التأمين الصحي والإجازة العائلية، التي تشكل تحديات للعاملين المستقلين المحتملين. هل مرونة العمل المستقل جذابة للغاية بحيث تستحق التخلي عن هذه المزايا؟ أم أن العمل بدوام كامل كئيب بما يكفي لتبرير هذه الجاذبية؟ إلى جانب ذلك يفقد العاملون المستقلون مزايا “بسيطة” مثل الوجبات الخفيفة المجانية، وعضوية الصالة الرياضية المدعومة، وبرامج الخصم للشركات.
قال ماسنجر، “يعد الوصول إلى رعاية صحية ميسورة التكلفة أحد أكبر التحديات التي يواجهها العاملون لحسابهم الخاص”. تتعاون “فايفر” مع “سترايد هيلث” لتقديم تغطية الرعاية الصحية للموظفين المستقلين الذين يستخدمون المنصة.
من الشائع أن يواجه أصحاب الوظائف الحرة صعوبة في الحصول على أجورهم في الوقت المحدد، أو لا يحصلون عليها على الإطلاق، كونهم لا يملكون كشوف رواتب منتظمة. وكونك رئيس نفسك قد يكون أمرا منعزلا – فبدون مكان عمل، من الصعب العثور على المشورة والإرشاد.
مع ذلك، يتم إغراء قادة الأعمال بفكرة “القوة العاملة عند الطلب”. وجدت دراسة حديثة أجرتها كلية هارفارد للأعمال أن ثلاثة من كل خمسة قادة قالوا إنهم يفضلون بشكل متزايد “تأجير” أو “استعارة” أو “مشاركة” المواهب مع شركات أخرى، وأن موظفيهم العاملين بدوام كامل سيكونون أصغر نتيجة لذلك.
أشار أولئك الذين شملهم الاستطلاع إلى إنتاجية وكفاءة أفضل وتكاليف أقل باعتبارها حوافز لاستخدام العاملين المستقلين بدلا من الموظفين بدوام كامل. إضافة إلى ذلك، يشعر القادة الذين يتجهون نحو نموذج عمل مستقل أكثر كثافة أنهم يمنحون العاملين المرونة التي يريدونها. لكن لماذا تترجم “المرونة” بسهولة إلى “عامل بالساعة من غير مزايا”؟.
هناك بالتأكيد أسباب وجيهة للشركات لاستخدام نموذج عند الطلب. ربما ترغب شركة ما في تجربة مشروع جديد قبل أن تقرر الاستثمار في التوظيف بدوام كامل، أو تريد التعاقد مع مستشارين من أجل تقديم شيء ما إلى السوق بسرعة – أو ربما تحتاج الشركة فقط إلى نقطة توقف للتخفيف من الوضع الحالي لقضايا العرض والطلب في سوق العمل.
تعيين عاملين مستقلين بدلا من الموظفين بدوام كامل يعني أن صاحب العمل لا يتعين عليه دفع تكاليف خطط الرعاية الصحية، أو أيام المرض، أو الإجازات، أو التدريب. لكن لمجرد أن العمل لا يتحمل الفاتورة لا يعني اختفاء التكلفة، يجب أن يقوم العاملون المستقلون أنفسهم بتغطيتها.
قال نحو 75 في المائة من القادة الذين شملهم استطلاع كلية هارفارد للأعمال إنهم يعتقدون أن منصات العمل المستقل يمكن أن تلعب دورا أكبر في توفير المزايا والتدريب والخدمات الأخرى للموظفين المستقلين. تقدم بعض المنصات المستقلة، مثل “فايفر”، دورات عبر الإنترنت، إضافة إلى برامج وخدمات أخرى لقاعدة المستخدمين الخاصة بها، لكن العاملين المستقلين يدفعون مقابل تلك الدورات بشكل فردي.
لا تستطيع الشركات الهروب بالكامل من تكاليف تطوير المهارات. سيتعين على الموظفين الباقين صقل المهارات وإنجاز المهام بقوة عاملة “مختلطة” تعتمد بشكل أكبر على العاملين المستقلين. ما هو أقل بروزا، لكن ليس أقل أهمية، هو أنه من خلال الانتقال أكثر إلى نموذج عند الطلب تفقد الشركات المعرفة المؤسسية التي يمتلكها الموظفون الدائمون، وليس من الواضح كيف سيتم رعاية هذه المعرفة من مشروع إلى آخر إذا كانت هذه المشاريع تعمل فيها مواهب “مستأجرة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى