اقتصادالرئيسية

كيف تقولين لا للأعمال المنزلية المكتبية؟

شارك هذا الموضوع:

كانت ليز فيسترلوند طيلة حياتها المهنية، وهي خبيرة اقتصادية، تشعر بالدهشة إزاء عدد زملائها الذكور، الذين يجيدون بشكل استثنائي التدريس وكتابة الأوراق البحثية، لكن “بطريقة ما عندما يتعلق الأمر بفعل أي نوع من الخدمات، تظهر لديهم بعض العيوب التي نوعا ما لا تجعلهم يصلحون أبدا للعمل في أي لجنة”.
لذلك تختار زميلاتهم أن يقمن بهذا العمل، اللاتي ليس لديهن أي قدرة خاصة للقيام بوظائف لا يشكرن عليها، ما يضيع عليهن وقتا كان يمكن أن يقضينه بشكل أفضل في أعمال تعزز مهنهن. هذه المهام التي لا تدفع تقدمهن الوظيفي ولا ترقيتهن، هي موضوع بحث في كتاب جديد بعنوان “ذا نو كلوب” (نادي يعلم النساء كيف يقلن لا)، من تأليف الأكاديميات بريندا بيسر ولوري وينجارت وليندا بابكوك وفيسترلوند، أستاذة الاقتصاد في جامعة بيتسبرج.
يأتي عنوان الكتاب بعد اللقاءات المنتظمة للمؤلفات التي بدأت في مطعم في بيتسبرج في 2010، عندما اجتمعن للتذمر من حجم المهام التي كن غارقات في تأديتها. تناوبت النساء، ومنهن المحامية إم جي توتشي التي توفيت بسرطان المبيض في 2014 التي أهدي الكتاب إليها، على سرد “المهام المحبطة” التي قمن بها. كانت هذه المهام ضرورية لاستمرارية مكان عملهن – مثل تنظيم هدية لزميل سيغادر مكان العمل، وتنظيم اللجان، وإجراء مقابلات مع المتدربين – لكنها لم تحدث فرقا في تقدمهن الوظيفي. في واقع الأمر، تسببت هذه المهمات في إعاقتهن عن التقدم، لأنها كانت تضيع وقتا كان من الأفضل قضاؤه في عمل هادف يمكن أن يعزز ملفاتهن الشخصية.
قررت المؤلفات أن تطلق عليها “المهام التي لا تساعد على الترقية” وتعهدن بالاجتماع بشكل منتظم، وتشكيل نادي “ذا نو كلوب”، لمساعدة بعضهن بعضا على كيفية رفضها والتخلي عنها وتحديد الأولويات. لقد أدركن أن المشكلة كانت منتشرة وقمن معا بالبحث في هذا الموضوع. خلال ذلك، اكتشفن أن النساء يطلب منهن بشكل متكرر أكثر من الرجال القيام بمثل هذه المهام ولذلك يوافقن على ذلك في كثير من الأحيان. في الكتاب، كتبن أن التفسير الرئيس لهذه الدوافع يكمن في التوقع الجماعي بأن النساء، أكثر من الرجال، يقمن بالأعمال التي تكون بدون أجر والتي لا تؤدي إلى الترقية. في إحدى شركات الخدمات المهنية، من خلال تحليل وقت الموظفين، اكتشفن أن “المرأة العادية سواء كان منصبها كبيرا أم صغيرا، كانت تقضي تقريبا 200 ساعة إضافية في العام أكثر من الرجل العادي في القيام بأعمال لا تساعدها على الترقية. هذا يعادل شهرا من العمل الإضافي غير المجدي”.
يقدم الكتاب نصيحة للنساء حول كيفية التفكير فيما إذا كان يجب رفض هذه الأعمال من خلال جمع كل المعلومات عنها، وطلب الوقت لاتخاذ القرار بخصوصها، وعدم الوقوع فريسة للإطراءات. كما يوصي الكتاب بتشكيل مجموعة داعمة لبعضها بعضا أو سؤال صديق للمساعدة على التدقيق في هذه الطلبات من أجل صياغة الرفض بأسلوب مثالي.
مع ذلك، هن حريصات على التأكيد أنه ليس من مسؤولية الأفراد فقط مقاومة المهام التي لا تساعد على الترقية، بل إنها “مشكلة تنظيمية” ينبغي للمديرين معالجتها. معظم هذه الأعمال تتطلب قليلا من المهارة ويمكن لأي شخص القيام بها، لذا يمكن توزيعها بشكل منصف بين الزملاء في العمل.
عندما تحدثت إلى النساء الأربع عبر مكالمة بالفيديو حول الكتاب، أجمعن أن أكبر مفاجأة اكتشفنها خلال بحثهن هي أنه يتوقع من النساء في مكان العمل دائما أن يقمن بهذه المهام. في سلسلة من التجارب التي أجرينها، استنتجن في الكتاب أنه “عندما ينتقل الرجال من مجموعة مختلطة الجنس إلى مجموعة من جنس واحد، فإنهم يتطوعون أكثر. وعندما تنتقل النساء من مجموعة مختلطة الجنس إلى مجموعة من جنس واحد، فإنهن يتطوعن بشكل أقل”. لا يقتصر الأمر على الضغط الاجتماعي فحسب، بل أيضا في بعض الحالات على القوة المهذبة، التي يصفنها بأنها “التطوع بالقوة”، وهو ما يدفع النساء إلى تولي أعمال اللجان أو جمع التبرعات أو “الأعمال المنزلية المكتبية”، وهو المصطلح الذي صاغته روزابيث موس كانتر، الأستاذة في كلية الأعمال في هارفارد، لوصف الأعمال التي لا تختلف عن تلك التي يقمن بها في المنزل، مثل تنظيم وجبات الغداء أو التحضير للحفلات.
تعتبر الأعمال المنزلية المكتبية مجموعة فرعية من المهام التي لا تساعد على الترقية، لكنها طريقة مفيدة لإظهار أنواع العمل غير المرئي الذي تقوم به النساء في المنزل ومكان العمل كذلك. قد تسير أمور المنزل حتى لو كان الغبار منتشرا فيه، لكنه لن يكون مبهجا أبدا. لذا قد يتضح أن بعض الأعمال التي لا تساعد على الترقية يمكن الاستغناء عنها، لكن كثيرا منها سيجعل مكان العمل يبدو أكثر انسجاما.
كانت بايسر، إلى أن تقاعدت أخيرا، تعمل أستاذة في التواصل في جامعة كارنيجي ميلون، حيث عملت أيضا مساعدة للعميد في كلية السياسة العامة والإدارة. تقول “لم يتم تشخيص المشكلة حتى الآن”، ما يعكس أن أقرانها الذكور “كانوا جيدين جدا في التخلص من الأعمال التي يعتقدون أنها غير مهمة لهم حتى يتسنى لهم القيام بالمهام المهمة فعلا. لذا هم جيدون جدا في التركيز على الأعمال التي تساعد على الترقية”. كانت بايسر تعمل مع رجل يحضر الاجتماعات بدون دفتر ولا قلم، وكان يطلب منها تدوين الملاحظات وإرسالها إليه بالبريد الإلكتروني. “لقد أصبحت مساعدته الشخصية فعلا خلال تلك الاجتماعات. لم يحدث ذلك مرة واحدة فقط”، كما قالت بايسر. في وقت لاحق، أعطته دفترا وقلما حتى يفعل ذلك بنفسه.
إن أنماط العمل الهجين توجد مخاطر وفرصا على حد سواء. تقول وينجارت، أستاذة الإدارة في جامعة كارنيجي ميلون، “إن انتشار العمل عن بعد يعني أن مزيدا من الأعمال أصبح غير مرئي”. في الوقت نفسه، أدى التعطيل الذي ألم بممارسات العمل إلى زيادة حدة الشركات في التركيز على تحديد الأولويات بحيث “خرجت بعض الأعمال التي لا تساعد على الترقية عن دائرة الاهتمام”.
أيضا “الاستقالة الكبرى” جعلت قضية الأعمال التي لا تدفع إلى الترقية تظهر في الوقت المناسب. تقول بابكوك، أستاذة الاقتصاد في جامعة كارنيجي ميلون، “إن الناس استوعبوا بسبب الجائحة. الناس في الواقع يفكرون فيما يريدون الحصول عليه من الوظيفة ومن المهنة ومن الحياة. سوق العمل ضيقة ولدى الناس فرص كي يتنقلوا بين الوظائف، قد يكون هذا هو الوقت المناسب للحديث داخل الشركة حول العمل الذي سيكون مرضيا. إذا كانت الشركات تحاول الاحتفاظ بالعاملين، فسترغب في التفكير في كيفية جعل القوة العاملة سعيدة ومنتجة وتشعر بالرضا، والتفكير أيضا في كيفية الحفاظ على تركيزها على العمل الذي يساعد على الترقية”.
لا يدرك الموظفون وكذلك أرباب العمل كيف يقضون وقت عملهم. تقول وينجارت “إنها إلى أن التقت دوريا المشاركات في تأليف الكتاب: كنت أعمل بكد طوال الوقت. وقد ساعدني النادي على أن أعود إلى الوراء وأن أفكر فيما كنت أفعله، ولماذا كنت أفعله وتقييم ما إذا كنت أقوم بالأعمال التي يجب أن أنفذها أو أرغب في القيام بها”. كان من الأسهل دائما القيام بالمهام الأكثر وضوحا، التي عادة لا تحتاج إلى التفكير، والتي لن تقدم أي شيء إلى ملفها الشخصي. “لا بد لي من تخصيص وقتي للعمل الذي يساعد على ترقيتي، حتى لا تملأ الأعمال الأخرى هذا الجزء، لأنها موجودة أمامي مباشرة”.

فايننشال تايمز-إيما جايكوبز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى