أخبار الشركاتالرئيسية

كيف أصبح عمالقة التكنولوجيا خارج السيطرة؟

هاشتاق عربي

شارك هذا الموضوع:

إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، يبعد قيد أنملة عن شراء أكثر منصات النشر تأثيراً في العالم. قد يكون هذا البيان رائعاً لو تناولناه مجرداً، لكن ما يزعجكم حقاً بشأن صفقته لشراء شركة “تويتر” (Twitter) هو الجزء التالي: ماسك لن يكون مسؤولاً أمام أي شخص سوى نفسه.

يمكن لإيلون ماسك حلّ مجلس إدارة “تويتر” عندما تُصبح الشركة خاصة. وفي حال لم يفعل ذلك، فإن أي مجلس آخر ربما لن تكون له سلطة. وهذا ليس شيئاً جديداً في مجال التكنولوجيا، إذ غالباً ما تكون الضوابط والتوازنات فاقدة لفاعليتها. ومع ذلك، فإن لهذا الاتجاه تداعيات مدمرة بشكل متزايد.

قدّم مؤسِّسو شركات التكنولوجيا الضخمة مثل مارك زوكربيرغ، وسيرجي برين، ولاري بيج، من شركة “ألفابت” (Alphabet) أنفسهم على أنهم مستبدون في العصر الحديث للأعمال، ويعود ذلك للطريقة التي نظموا بها طرح أسهم شركاتهم للاكتتاب العام الأولي وأسهم التصويت على مدار العقد الماضي.

فعلياً، يملك زوكربيرغ غالبية أسهم التصويت في شركة “ميتا بلاتفورم” (Meta Platform)، بينما يتحكم المليارديران برين وبيج بحصة 51% من فئة خاصة من أسهم التصويت في شركة “ألفابت”، ما يمنحهما التحكم المطلق في “غوغل” (Google) و”يوتيوب” (YouTube).

ويُعدّ هيكل الأسهم من الفئة المزدوجة أمراً غير معتاد في الأعمال التجارية، إلا أنه شائع في عالم التكنولوجيا، حيث من المعتقد أنه يمنح مؤسِّسي الشركات الناشئة الحرية في تنفيذ رؤيتهم طويلة المدى. كما يمتلك كل من مؤسّسي “إير بي إن بي” (Airbnb) و”سناب” (Snap) حوالي 44% من السيطرة على التصويت في شركتيهما بفضل الهياكل ذات الفئة المزدوجة. وبينما يمتلك ماسك 20% فقط من شركة “تسلا” (Tesla)، فإن مجلس إدارته مليء بأصدقاء قدامى مثل، لاري إليسون، وكيمبال ماسك، شقيق إيلون ماسك. أما بالنسبة لزوكربيرغ، فقد وقف مجلس إدارته إلى جانبه على مر السنين.

غياب الحوكمة
كل هذا يتعارض مع الأفكار الحديثة لحوكمة الشركات، التي ترى أن المساءلة الصارمة أمر جيد، حيث إنه دون هذه القيود، يكون قادة التكنولوجيا أحراراً في اتخاذ قرارات متقلبة، وفقاً لديفيد يوفي، أستاذ القيادة في كلية هارفارد للأعمال، الذي قضى ما يقرب من ثلاثة عقود في مجلس إدارة شركة “إنتل” (Intel).

في بعض الأحيان، يمكن أن تكون هذه القرارات مفيدة للأعمال. فعلى سبيل المثال، عندما اشترى مارك زوكربيرغ “إنستغرام” (Instagram) مقابل مليار دولار في عام 2012، لم يكن للهدف الصغير أية إيرادات – ولم يطلب الإذن من مجلس إدارته لشرائه، ولكن بعد سبع سنوات، ساهم “إنستغرام” بمبلغ 20 مليار دولار في مبيعات “فيسبوك” (Facebook) السنوية.

لكن يمكن النظر إلى الموضوع من زاوية أخرى. أظهرت دراسات متعددة أن ظهور “إنستغرام”، تحت إشراف زوكربيرغ، ارتبط بارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق والانتحار بين المراهقين والمراهقات على وجه الخصوص. وقد حقق الموقع الكثير من الأموال، إلا أنه تسبب أيضاً في أضرار نفسية للأطفال والبالغين، وهو ما أكده بحث “فيسبوك” الخاص.

على المدى الطويل، يمكن أن يعاني المساهمون أيضاً من التحكم غير المقيد؛ حيث قاد زوكربيرغ “فيسبوك” إلى مطاردة مهووسة لهدف تجاري مجرد من خلال ميتافيرس. وفي حين أن المبادرة قد تُؤتي ثمارها في النهاية، فقد كلفت هذه الخطوة الشركة بالفعل 10 مليارات دولار. وانخفض سهم شركة “ميتا” بنسبة 40% منذ بداية هذا العام. لماذا لا يُعيد زوكربيرغ تشكيل “فيسبوك” ليصبح موقعاً أكثر أماناً يمكن أن يزدهر لسنوات قادمة؟ لأن أحداً لم يدفعه للقيام بذلك، سواء من فريقه من المساعدين المتملقين أو من مجلسه.

خسائر تسلا
من الصعب أيضاً مواءمة تحرك ماسك على “تويتر” مع مفهوم المسؤولية الائتمانية؛ فهو لا يريد شراء “تويتر” لجعلها نشاطاً تجارياً أفضل – حيث قال مؤخراً “أنا لا أهتم بالجانب الاقتصادي على الإطلاق” – ولكن لتحقيق أفكاره حول حرية التعبير. لكن الآن يدفع مساهمو “تسلا” الثمن. فعندما اقترض ماسك أكثر من 25 مليار دولار مقابل “تسلا” كضمان، فقدت أسهم شركة صناعة السيارات ما يقرب من ربع قيمتها في الأسابيع الثلاثة الماضية، وفي حال باع ماسك جزءاً من حصته لمواصلة دعم أجندته الشخصية، فسيؤدي ذلك إلى انخفاض سعر السهم أكثر.

في الواقع، ربما يكون من الصعب تذكر التزاماتك بكسب المال عندما تكون مليارديراً. وربما عندما تكون في صناعة تؤيد الحالمين، فمن السهل أن تنجذب إلى مطاردة تحقيق رؤيتك الأيديولوجية أو المستقبلية. وربما يحتاج المليارديرات الذين يتحكمون في منصات وسائل التواصل الاجتماعي اليوم إلى ضوابط وتوازنات أكثر صرامة.

هذا بالتأكيد أمر قابل للتحقيق، حيث يمكن في نهاية المطاف إلغاء الإدراجات ذات الفئة المزدوجة بشكل تدريجي، وذلك على النحو الذي دعا إليه العديد من المستثمرين المؤسسيين بالفعل، إلا أن التغييرات الهيكلية قد تستغرق سنوات. في غضون ذلك، كان المنظمون يتحدثون بصرامة، لكن من السهل أيضاً تجاهلهم من قبل أمثال ماسك، الذي أظهر ازدراءه لهيئة الأوراق المالية والبورصات عدة مرات، ومن المرجح أن يتجنب قوانين وسائل التواصل الاجتماعي الأوروبية التي تهدد، من الناحية النظرية، بتعطيل خططه لحرية التعبير.

في كل الأحوال، جاء العلاج الأكثر فعالية من المليارديرات الآخرين، فحتى الآن، كان أكبر تأثير على ممارسات جمع البيانات “عديمة الضمير” التي تمارسها “فيسبوك”، من شركة “أبل” (Apple) بقيادة الملياردير تيم كوك، وذلك عندما سمحت للعملاء بمنع شركة زوكربيرغ من تتبعهم. كما تُهدّد “بايت دانس” (ByteDance)، التي يديرها الملياردير زانغ يمينغ منذ سنوات، بإغراء مستخدمي “فيسبوك” و”تويتر” من خلال تطبيق “تيك توك” (TikTok) المسبب للإدمان.

ما من شكٍ أنه لا يجب أن تكون الأمور على هذا النحو، لكن في عالم تتشكل فيه وسائل التواصل الاجتماعي من قبل أصحاب المليارات الأحرار، فقد يكون خصومهم هم أملنا الوحيد.

بلومبرغ الشرق

اقتصاد الشرق مع بلومبِرغ هي أحد الخدمات الإخبارية الناطقة بالعربية والمتخصصة بتوفير الأخبار والقصص الاقتصادية من حول العالم، والتي تتبع الشرق للأخبار التي انطلقت في 11 نوفمبر 2020 لتقديم تغطيات إخبارية من حول العالم باللغة العربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى