اقتصادالرئيسية

الإصلاحات الجديدة تحبط جنون شركات الاستحواذ

شارك هذا الموضوع:

كان جنون شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة سينتهي دائما بشكل مأساوي. منذ بداية الجائحة، تم تعويم أكثر من ألف شركة استحواذ ذات أغراض خاصة في البورصات العالمية، ووعدت كل منها بالاندماج مع شركة خاصة رائعة وجعل المستثمرين أثرياء.
أضفى الرعاة من المشاهير، بدءا من نجوم الرياضة والسياسيين إلى شخصيات وول ستريت اللامعة، طابعا من السحر على كثير من دليل المبيعات، عادة مقابل أسهم مجانية كما هي العادة. احتشد المستثمرون للمشاركة، متجاهلين التحذيرات بشأن الرسوم المرتفعة، وإضعاف الأسهم والثغرة التنظيمية التي يبدو أنها سمحت لشركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة بقطع وعود مالية وردية مستحيلة التحقيق.
كان من بين هذه الشركات ما لا يقل عن خمس شركات مصنعة للمركبات الكهربائية وعدت كل منها بتحقيق مبيعات بقيمة عشرة مليارات دولار، ومجموعة نقل فضائية ادعت كذبا أنها “اختبرت بنجاح” التكنولوجيا الخاصة بها، ومجموعة بث موسيقى أخبرت المستثمرين أن لديها 4.6 مليون عميل و120 مليون دولار في الإيرادات في حين يزعم أنه لم يكن لديها هذا ولا ذاك.
بعد مرور عامين، تحول الازدهار إلى إفلاس. أكثر من 600 شركة استحواذ ذات أغراض خاصة لا تزال تبحث عن شريك. حيث إن كثيرا من الشركات التي وجدت شركة هدفا واندمجت معها، في عملية معروفة باسم دي-سباك، فشلت في تلبية التوقعات. خذ شركة الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة التي اندمجت مع شركة روميو بور مثلا. عندما تم اقتراح الصفقة في أواخر 2020، وعدت الشركة المصنعة للبطاريات بأن عائدات 2021 ستصل إلى 140 مليون دولار. كان الرقم الفعلي الذي حقق 16.8 مليون دولار. انخفض سعر سهمها من ذروته عند 27 دولارا إلى 1.50 دولار.
تراجعت الأسهم في أضخم عملية دي-سباك إلى يومنا هذا، العائدة للشركة السنغافورية للتطبيقات الخارقة غراب، نحو 70 في المائة منذ اندماجها البالغ 40 مليار دولار في كانون الأول (ديسمبر). لا عجب أن مؤشر إبوكس سباك، الذي يتتبع أسعار أسهم القطاع، انخفض 30 في المائة خلال العام الماضي.
كانت الحملة الدعائية الأخيرة حول شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة سيئة لدرجة أن شركة ماروين، وهي شركة شيكات مفتوحة مقرها لندن، أعلنت الأسبوع الماضي أنها ستسعى إلى الإدراج العادي عوضا عن استخدام نظام شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في المملكة المتحدة. وصف جيمس كورسيليس، رئيس شركة ماروين، نموذج شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في الولايات المتحدة بأنه “غير لائق، وغير متسق وموضوع بشكل ردئ”.
بدأ المستثمرون بإدراك الأمر. حيث تباطأ طوفان طروحات الاكتتاب العام الأولي لشركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة إلى حد كبير، تم طرح 63 شركة فقط في الربع الأول، بانخفاض يربو على 80 في المائة عن 2021، كما قالت شركة ديلوجيك. انخفضت عمليات اندماج دي-سباك بمستوى مشابه إلى 32 في المائة وهي تتقلص الآن في الحجم مع ممارسة مزيد من المستثمرين لحقهم في المطالبة باسترداد أموالهم.
بدأت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية بشن معركة عبر طرح مقترحات تهدف بشكل مباشر إلى وقف الانتهاكات المنتشرة على نطاق واسع.
إذا تم تبني هذه الإصلاحات، من شأنها أن تجعل الجهات الراعية لشركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة – ومصرفييها – أكثر عرضة للمساءلة عن الوعود التي قطعوها بشأن النجاحات المستقبلية. لطالما كان الكذب غير قانوني، لكن تغيير القاعدة قد يتطلب أن تستند التوقعات إلى الواقع، كما هي الحال عندما تنضم الشركات لسوق الأسهم عبر الاكتتاب العام الأولي التقليدي.
ستوضح التغييرات أيضا للمستثمرين الأفراد معرفة مقدار الأموال الخاصة بهم التي سيتم استهلاكها عبر الرسوم والتكاليف الأخرى. سيتعين على رعاة شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة الإفصاح بمزيد من الوضوح – في نموذج موحد ومجدول – عن تضارب المصالح المالية الخاصة بهم والطرق التي يمكن للمستثمرين من خلالها رؤية إضعاف أسهمهم في عملية الاندماج.
تخطط لجنة الأوراق المالية والبورصات أيضا لإعطاء شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة موعدا نهائيا مدته 18 شهرا لإيجاد هدف وعاميين لإتمام الصفقة، ما يعالج أمر آخر يثير القلق من أن بعض شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة كانت بالفعل تتحول إلى صناديق استثمار.
هذه الإصلاحات غطت مجالات أكثر مما توقعه كثير من المصرفيين والمحامين. اشتكت الجمهورية هيذر بيرس، المفوضة الوحيدة التي تعارض المقترحات، بمرارة من أنه بدلا من مجرد وضع حواجز حماية، يبدو أن الحزمة “مصممة لإيقاف شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في مساراتها”.
بالكاد تكبد المفوضون الديمقراطيون عناء الاختلاف معها. قالت كارولين كرينشو إن الطفرة الحالية “سلطت الضوء على عملية فيها تضارب كبير في المصالح ومجموعة من الحوافز المنحازة”، في حين أشار جاري جينسلر، رئيس مجلس الإدارة، إلى أن شعبية شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة قد تعززت من خلال “تصور وجود مراجحة تنظيمية” مضيفا أن “هناك كثيرا من الرسوم (…) للجهات الراعية والمصرفيين والمحامين”. كان “سيتي جروب” في العام الماضي هو البنك الضامن الرائد لاكتتابات شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة. أما هذا العام تتقدم شركة كانتور فيتزجيرالد عليه قليلا. مازال مصرف جولدمان ساكس المستشار الرئيس لمعاملات دي-سباك.
لطالما ادعى الخبراء المتمرسون في شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة أن الهيكل له فوائد حقيقية عند استخدامه بشكل مناسب. أحد الأمثلة الواضحة على ذلك هو عندما يجلب الرعاة الخبرة الإدارية أو النفوذ المالي الذي قد تكافح الشركة المستهدفة لإيجاده بمفردها. إضافة إلى ذلك، يمكن للهيكل أن يمنح المستثمرين الأفراد، الذين عادة ما يتم استبعادهم من الطرح العام الأولي حتى يبدؤوا التداول، فرصة نادرة لوضع أموال في شركات المرحلة المبكرة.
في الواقع، كانت شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة موجودة منذ أوائل القرن الـ21، على الرغم من أن المعاملات كانت مرقمة دائما بالعشرات وليس بالمئات حتى الجائحة.
قد لا نعرف أبدا لماذا أصبحت شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة المكافئ المالي للعبة سبينر أو الحجر المدلل في 2020. ربما كان المستثمرون يائسين للغاية لتحميل أسهم النمو لدرجة أنهم تمسكوا بالفكرة وبدأوا الشراء بشكل عشوائي. من المؤكد أن وول ستريت كانت سعيدة للغاية بامتلاك العرض لتلبية الطلب.
قد يرى مستثمرو شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة الغاضبين أن هذه الإصلاحات متأخرة وعاجزة للغاية. تم بالفعل رفع نحو 54 دعوى جماعية تزعم الاحتيال في الأوراق المالية. لكن هذا ينبغي ألا يمنع اللجنة من التدخل في هذه الانتهاكات، فقط في حالة محاولة شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة العودة.

فايننشال تايمز – بروك ماسترز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى