الرئيسيةمقالات

“الهيمنة الرقمية” قادمة.. التكنولوجيا بين الماضي والحاضر

هاشتاق عربي - وصفي الصفدي

شارك هذا الموضوع:

هاشتاق عربي – وصفي الصفدي

ما بين الماضي والحاضر، اختلفت الظروف، والآن تختلف الأدوات لفرض السيطرة على الشعوب والاقتصادات المختلفة.

إذا ما نظرنا لكل المجريات التي تحدث اليوم، وعمليات الاستحواذ الكبرى التي تتم على مستوى الشركات الكبرى، والاستثمار في مجالات تقنية مختلفة ومنها السيطرة على: صناعة المحتوى، التسوق الإلكتروني، والعملات المشفرة، والعالم الافتراضي، فإننا اليوم نقع فريسة سهلة لهذه الشركات، وهو ما قد يكون نوع جديد من أنواع “الهيمنة العالمية” من قبل مجموعة فئوية لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، وهي التي تمثل شركات التكنولوجيا العالمية.

العوالم الافتراضية والحياة الرقمية اليوم ما هي إلا بداية لخطوة جديدة نحو “الهيمنة الرقمية” الذي سيفرض قيود عليك مثلها مثل أي أنظمة أو قوانين صادرة عن أي دولة، حيث سيتم تطبيق قوانين رقمية، وعقوبات رقمية وافتراضية عليك منها الغرامات الرقمية، السجن الرقمي، والحجب الرقمي وعدم القدرة على النفاذ لعالمك الافتراضي وسيتم عزلك وحيدا وقد يتم نفسك لعالم رقمي أشبه بالجحيم.

إذا ما تصورنا أن حياتنا كلها ستصبح مجرد بيانات رقمية محكومة بشكل كبير بين عمالقة الشركات الكبرى، وأنت مجرد منتج يتم استهدافه والسيطرة عليه وعلى ما يملك، هو نظام استبدادي بحت أقوى من أعتى الدول العظمى لأن المجال الرقمي هو عالم فضائي غير محكوم بقوانين الطبيعة أو حدود دولية، فلا يحتاج لجواز سفر أو تأشيرة دخول.

فاليوم جواز سفرك هو حقك للنفاذ لخدمات الإنترنت ومن ثم الولوج لهذا العالم الخفي والشاسع، لن يصبح هذا العالم مجانيا بعد اليوم، لكي تستطيع العيش والتأقلم فيه، يجب عليك اقتناء الأموال المنقولة وغير المنقولة افتراضيا، ولن تستطيع اكمال حياتك أو الحصول على حقوقك، ما لم تدفع مقابل تلك الخدمات، وسيتم تخصيص مستوى حقوقك بناء على ما تملك وليس أي منصب، أو جماعة، أو طائفة، أو دولة، أو كيان تنتمي له.

اقرأ أيضا: ماذا تخبئ لنا التكنولوجيا؟ إنترنت فضائي وأشياء عديدة

ما يحدث على أرض الواقع اليوم، يتطلب من الدول مراجعة قوانينها ومن ضمنها قانون حماية البيانات الشخصية، الأمن السيبراني، والهوية الرقمية بالإضافة إلى كل ما يخص التطور التكنولوجي من أنظمة وتشريعات لضمان الحماية الرقمية للجميع.

بيناتك يتم استخدامها من قبل شبكات التواصل الإلكتروني وبالتالي نحن نساهم في نمو هذه الشركات وأرباحها من دون مشاركة هذه العوائد مع صاحب البيانات او حتى مع الدولة.

الدول الأوروبية من أوائل الدول التي أقرت قوانين حماية البيانات الشخصية وأجبرت بعض عمالقة التكنولوجيا على الإقرار بهذه التشريعات وحماية مواطنيها من الاستغلال المجحف لحقوقهم حيث أظهرت دراسة جديدة، أن الغرامات المفروضة على انتهاكات قانون الخصوصية للاتحاد الأوروبي ارتفعت سبعة أضعاف تقريبا في العام الماضي.

شركة المحاماة “دي أل أيه بايبر” قالت في تقرير لها إن سلطات حماية البيانات في الاتحاد الأوروبي فرضت غرامات إجمالية قدرها 1.25 مليار دولار على انتهاكات اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد منذ 28 يناير 2021. وهذا ارتفاع من حوالي 180 مليون دولار قبل عام.

ما تحدثت به أعلاه ما هو إلا نظرة مستقبلية يجب التنبه لها وخاصة، أنني أشرت في مقال سابق إلى أن التكنولوجيا ستصبح مختلفة عما هي عليه الآن، وعلى سبيل المثال يتحدث رجل الأعمال والريادي، إيلون ماسك عن شريحة رقمية تزرع داخل الأنسان، وإذا ما أخذنا الموضوع لأبعد من ذلك، فأنا أقول لكم إن تلك الشريحة ستكون متوفرة في أقرب فرصة ولن يتوقف الأمر عند تلك الشريحة، فإنترنت الأشياء، الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، ستلعب دورا كبيرا في صياغة وصناعة المستقبل، لتشكل عالما كاملا مترابط مع بعضه وسوف نشهد أجهزة قابلة للارتداء تبقينا على تواصل كامل مع بعضنا.

هاتفك الذكي سيكون عبارة عن مجموعة اشياء متصلة مع بعضها من خلال شريحة رقمية واحدة تزرع في جسدك، تستمد الكهرباء من الشبكة العصبية يستقبل أوامر صوتية أو عصبية لإجراء الاتصال، لن تحتاج لسماعات لأن أعصابك السمعية مربوطة بالشريحة وسترتدي عدسات رقمية لاصقة لتسجيل وإجراء المكالمات المرئية، لن تحتاج بعد اليوم لجهاز حاسوب شخصي لأنه سيكون عبارة عن لوحة رقمية والشاشة من خلال عدستك الرقمية التي ترتديها في عينيك وبرامجك كلها موجودة على الحوسبة السحابية وستكون تلك الشريحة بمثابة هويتك الرقمية وجواز سفرك عبر العالم وحتى الخرائط الرقمية ستكون محملة على تلك الشريحة ولن تحتاج بعد اليوم لمترجم، لأنه سيتم تحميل جميع لغات العالم على تلك الشريحة لتسهيل عملية التواصل وكسر حاجز اللغة لتساهم في عمليات التواصل المباشر بين الاشخاص في العوالم الرقمية.

هذا التصور للمستقبل الذي أشرت إليه لم يمض عليه خمسة أشهر حتى سمعنا عن أنباء إعلان بيل غيتس، مالك شركة مايكروسوفت أن هاتفك سيكون بمثابة وشم، وذلك بعد مساهمة بيل غيتس في شركة كايوتيك موون (Chaotic Moon) التي تقوم على تطوير التكنولوجيا الحيوية.

وصفي الصفدي

خبير في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بخبرة تزيد عن عشرين عاما، وكان قد عمل في العديد من كبريات الشركات في الأردن والمنطقة العربية التي تعمل في هذا القطاع، في مناصب قيادية، مثل رئيس تنفيذي، ومدير عام، ونائب رئيس تنفيذي، ونائب الرئيس التنفيذي التسويق. والصفدي له خبرة واسعة في مجال تسويق العلامة التجارية، وإدارة الربح والخسارة، الإدارة العامة والقيادة، التخطيط الاستراتيجي، الحملات التسويقية والترويجية، تصنيف الأسواق، خدمة العملاء، تطوير المنتجات، الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، إدارة الموردين، الخدمات اللوجستية، المبيعات وتطوير الأعمال، تطوير ومراقبة مؤشرات الأداء الرئيسية، التحول الرقمي، والتجارة الإلكترونية، والمحافظ الماليه الرقمية، والهوية الرقمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى