الرئيسيةدولي

التعايش مع كوفيد لن يكون بلا آلام

شارك هذا الموضوع:

حسب بعض الروايات، اقتربت نهاية الموسم للجائحة. يبدو أن أوميكرون أقل حدة من متحور دلتا. يرجع هذا جزئيا إلى الحصانة التي تكونت من خلال التطعيم والعدوى، تشير الأبحاث أيضا إلى أن المتحور يستقر في الشعب الهوائية العليا أكثر من الرئتين. بناء على ذلك، تكون مدة الإقامة في المستشفى أقصر ويحتاج عدد أقل من المرضى إلى العناية المركزة.
أدى ذلك إلى تأطير الاعتقاد بأن الفيروس الذي يسبب كوفيد -19، يستقر في الخلفية إلى جانب فيروسات كورونا الأخرى الحميدة نسبيا التي تسبب في الغالب أعراض نزلات البرد. يتم تعزيز الشعور بنهاية وشيكة من خلال صورة المتحور “المعتدل” إلى جانب كثير من الإشارات إلى “التوطن” و”تعلم التعايش مع الفيروس”. قال ناظم الزهاوي، وزير اللقاحات البريطاني السابق، أخيرا إنه يأمل أن تكون المملكة المتحدة “واحدة من الاقتصادات الكبرى الأولى التي تظهر للعالم كيفية الانتقال من كون كورونا جائحة إلى فيروس متوطن”.
يشير العلماء إلى أن مثل هذا التأطير مضلل. في حين أن معناه الدقيق موضع نقاش، يشير مصطلح “متوطن” إلى مرض موجود باستمرار في منطقة معينة، بغض النظر عن شدته. الملاريا، مثلا، متوطنة في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، وقتلت أكثر من 600 ألف شخص في 2020، وفقا لتقرير الملاريا العالمي لـ2021. يعيش الناس معها – ولكن ليس بلا ألم.
تقول إليزابيث هالوران، مديرة مركز الاستدلال وديناميات الأمراض المعدية في سياتل، “التوطن لا يعني مرضا خفيفا، والمرض الخفيف لا يعني مرضا متوطنا. التحرك نحو التوطن له علاقة بالوصول إلى توازن ديناميكي حيث يصيب شخص واحد في المتوسط شخصا آخر. يمكن أن يشمل ذلك التقلبات الموسمية أو تقلبات الجو الأخرى”.
الوجود المستقر نسبيا لمرض متوطن يعني عالما بعيدا عن الارتفاعات والطفرات غير المتوقعة للجائحة الحالية. كما غرد بيل هاناج، عالم الأوبئة في جامعة هارفارد، “لتجنب الشك، أوميكرون ليس متوطنا في الوقت الحالي بالطريقة نفسها التي لا يعد بها القمر فأرا”.
على الرغم من أن اللقاحات ستساعد، كما تقول هالوران، “لا توجد أمور كثيرة يمكننا فعلها عن قصد للتحرك نحو التوطن (…) يعتمد ذلك على كيفية تطور الفيروس”. لا يمكنها التنبؤ بخطوة الفيروس التالية، بخلاف أن أي متحور جديد سيحتاج إلى أن يكون أكثر قابلية للانتقال أو أفضل في تفادي المناعة – أو كليهما – للقضاء على أوميكرون”.
لا تزال شدة الفيروس في المستقبل غير معروفة. لا يوجد قانون يفرض أن الفيروس يجب أن يصبح أكثر اعتدالا بمرور الوقت. يقول إدي هولمز، عالم الأحياء التطوري الذي ساعد العلماء في الصين على نشر تسلسل جينوم سارس-كوف-2 في كانون الثاني (يناير) 2020، “من الصعب جدا توقع تطور شدته. يمكن أن تزداد أو تنخفض أو تظل كما هي. من المؤكد أنه لا يزال من الممكن ظهور نوع أكثر ضراوة في المستقبل”. يساعد التفشي المستمر على إنشاء متحورات جديدة، أضافت منظمة الصحة العالمية 15 مليون حالة جديدة إلى لوحة أجهزة القياس الأسبوع الماضي.
لا يزال أوميكرون يثير زيادات مفاجئة في حالات الإصابة في المستشفيات، ما يدل على أن الأعداد الهائلة للأشخاص المصابين يمكن أن تقضي على أي مكاسب ناتجة عن انخفاض في الخطورة. أشار أحد مديري الصحة العامة في شمال غرب إنجلترا في “المجلة الطبية” البريطانية إلى أن زيادة حالات الإصابة بمتحور أوميكرون قد تسبب وفاة حالات غير مصابة بكوفيد أكثر من وفيات الحالات المصابة بكوفيد بسبب الضغط على هيئة الخدمات الصحية الوطنية، ولم يتم الإبلاغ عن هذا الخطر بشكل واضح.
تحتاج الاحتمالات الأخرى إلى التواصل أيضا. بشكل عام، هناك أربعة خيارات طويلة المدى للتعامل مع انتشار مسببات الأمراض، الاندثار، كما يعتقد أنه حدث لفيروس كورونا الأقل قابلية للانتقال الذي تسبب في انتشار وباء سارس-1 في الفترة ما بين 2002 و2003، وذلك بفضل جهود الصحة العامة المنسقة، الاستئصال العالمي، كما هو الحال مع الجدري من خلال التطعيم، الإقصاء الإقليمي أو المحلي، كما تحاول الصين تحقيقه من خلال سياستها الصفرية لكوفيد، والتوطن، حيث يكون المرض موجودا بشكل دائم.
فيروس كورونا الوبائي، الذي تنتقل عدواه قبل ظهور الأعراض، بارع جدا في العثور على أشخاص جدد لإصابتهم، بما في ذلك الذين أصيبوا به من قبل، ويبدو أن الاندثار والاستئصال العالمي له هو أمر مستحيل. يتطلب القضاء عليه محليا سياسات الاحتواء وضوابط الحدود التي يجدها كثيرون شديدة القسوة.
الأمر المتبقي هو التوطن. تؤدي المناعة السابقة من التطعيم والعدوى إلى تخفيف العبء الصحي ولكن التوطين لا يعني أن الفيروس سيكون لطيفا، ولا يعني أن الفيروس قد توقف عن التطور، وكما هو الحال مع الناموسيات الخاصة بالملاريا، فإنه لا يعني أيضا التخلي بشكل دائم عن التدابير الاحترازية مثل التطعيم والأقنعة والتهوية.
على الرغم من كونها مغرية، إلا أنه يجب أن نحذر من تعريف التوطين على أنه نهاية الجائحة.

صحيفة الاقتصادية السعودية

صحيفة عربية سعودية متخصصة باخبار الاقتصاد العالمي و الخليجي و السعودي و كل ما يخص أسواق الأسهم و الطاقة و العقارات

مقالات ذات صلة

أترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى