الرئيسيةعملات إلكترونية

الرموز غير القابلة للاستبدال تضاعف أرباح الموسيقيين

هاشتاق عربي

شارك هذا الموضوع:

بدأ مجموعة من الفنانين المقدامين باستخدام التقنية الرقمية المستندة على بلوكتشين والتي تعرف أحياناً باسم “ويب3” (web3)، وذلك لتحقيق الأمر الذي طالما حلموا به: صنع المال من خلال صنع الموسيقا.

أغانٍ فريدة
تمكّن هؤلاء من بيع أغانيهم وموسيقاهم على شكل رموز غير قابلة للاستبدال، محققين إيرادات تتجاوز بكثير القروش القليلة التي كانوا يجنونها من خدمات البثّ مثل “سبوتيفاي”.

في الوقت نفسه، يقدم هؤلاء حالة ملموسة لآلية استخدام عناصر “ويب 3.0″، وهي التسمية المفضلة لدى أصحاب رؤوس الأموال المغامرة الذين يستثمرون في خدمات الإنترنت المبنية على تكنولوجيا بلوكتشين، حيث لا يكون التحكم متركزاً في كيان واحد للأعمال.

تقول إيمان يوروب، المغنية وكاتبة الأغاني: “اشترى شخص واحد أغنيتي مقابل سعر يوازي سعر بثها بمليون مرة”، فمنذ شهر نوفمبر، تمكنت يوروب من جنيّ 22.2 إيثيريوم (تساوي اليوم 60 ألف دولار) من بيع خمس أغان وفيديو كليب لها على شكل رموز غير قابلة للاستبدال، مقارنة مع مبلغ 300 دولار شهرياً كحد أقصى كانت تجنيها عبر خدمات البث، على الرغم من أنه تم الاستماع لأغانيها 4 ملايين مرّة عبر المنصات المختلفة. وتصل نسبة 40% من إيراداتها من الرموز غير القابلة للاستبدال من خلال المبيعات المتتالية، حيث تحصل على نسبة 10% من كل عملية إعادة بيع لأعمالها الفني.

الفنانون المستقلون
الموسيقيون مثل يوروب تمكنوا من تحقيق 83 مليون دولار من المبيعات الأولية عبر الرموز المشفرة

في العام الماضي، بحسب منظمة “ووتر أند ميوزيك” المختصة ببحوث الابتكار في عالم الموسيقا الرقمية. ويسهم الفنانون المستقلون بنسبة 70% من هذه الإيرادات، بحسب المنظمة.

من جهة أخرى بدأت هذه الموجة تستقطب مستثمرين أكبر، من طراز جون ليجند، الفائز بـ12 جائزة “غرامي”. إذ كان الفنان أعلن في وقت سابق هذا الشهر إلى جانب مجموعة من رواد الأعمال والرأسماليين المغامرين أنه سوف يطلق منصة للفنانين تمكنهم من تحقيق الأموال من عملهم استناداً إلى هذه التكنولوجيا.

وترجع شعبية هذه التكنولوجيا لدى الفنانين المستقلين جزئياً بسبب أن الوصول إلى عالم الرموز غير القابلة للاستبدال أسهل بكثير بالنسبة لهم من إمكانية الحصول على عقدٍ مدرٍّ للأرباح مع إحدى شركات الإنتاج. فحتى تطرح رمزاً غير قابل للاستبدال، يكفي أن يرفق الفنان عمله، مثل الأغنية أو الفيديو برمز رقمي ثابت، ثمّ يعرضه للبيع بالمزاد عبر أسواق على الإنترنت مثل “نيفتي غيت واي” (Nifty Gateway) و”أوبن سي” (OpenSea) اللذين يعملان استناداً إلى تقنية بلوكتشين التي توفر سجلاً رقمياً لتاريخ الصفقات.

نسخة حصرية ودعم للفنانين
عند إتمام الصفقة، يمتلك الشاري المنتج الرقمي الذي يمنحه شعوراً بالفخر الثقافي بسبب امتلاكه منتجاً يقتصر على عدد محدود من الأشخاص، وفي بعض الحالات لشخص واحد فقط. إذ أن عرض الموسيقي على شكل رمز رقمي غير قابل للاستبدال فقط، يشبه لحدّ ما امتلاكك للنسخة الوحيدة من ألبوم (CD) لفنانك المفضل.

أليك داليلو، شاب في الـ25 من العمر يقيم في بروكلين، قام بشراء أول أغنية من خلال الرمز غير قابل للاستبدال في فبراير عام 2021، وهي أغنية لفنان يدعى سوبا بوي، ويقول داليلو، إنه فنان مؤثر على الساحة الموسيقية في شيكاغو في المنطقة القريبة من “جامعة نورثويسترن” حيث كان يدرس.

وقال داليليو: “كان ذلك في أول مراحل الرموز غير القابلة للاستبدال في المجال الموسيقي، وكان القليل جداً من الناس يقومون بذلك”، مضيفاً: “أردت أن أثبت أن الناس سوف يشترون هذه الأشياء، وأنهم يهتمون بالآخرين ويرغبون في دعمهم”.

داليلو الذي ينتج الموسيقا كهواية أيضاً اشترى منذ ذلك الحين أكثر من عشرة رموز غير قابلة للاستبدال من الأغاني والألبومات لفنانين متنوعين. وتُقدّر قيمة مجموعته الإجمالية بـ4.75 إثيريوم، أي ما يوازي نحو 12 ألف دولار. حيث كان اشترى كلّ رمز بما بين 0.1 و1 إثيريوم.

مثله مثل كريستيان كاكزماركركزيك، المسؤول في شركة رأس المال المغامر “ثيرد برايم” (Third Prime) الذي يمتلك أكثر من عشرين رمزاً غير قابل للاستبدال لأغان تخصّ فنانين متنوعين، بعضهم موسيقيون كان يستمع كريستيان لأعمالهم خلال أيامه في الجامعة، مثل مغني الراب جون وولتز، فيما اكتشف بعض الموسيقيين الآخرين من خلال منصات الرموز غير القابلة للاستبدال. وبحسب تقديراته، تبلغ قيمة مجموعته نحو 150 ألف دولار.

يقول كاكزماركركزيك البالغ من العمر 27 عاماً: “بعض الفنانين لا أنوي بيع رموز أعمالهم أبداً لأنني معجب كبير بها”، ولكنه أضاف: “مع ذلك، من الجميل أن يكون لديّ الخيار لفعل ذلك إذا أصبحت هذه الرموز ذات قيمة كبيرة، يمكنني على الأرجح بيعها مقابل مبلغ كبير”.

احتكار ثقافي
فرصة بيع المشتريات بسعر أعلى هي أحد الدوافع المالية الأكثر وضوحاً بالنسبة للمشترين في هذه السوق. لكن، في هذا الإطار أعرب دانيال فولر، الخبير الإستراتيجي في قطاع الموسيقا في لندن عن قلقه من قيام حيتان المال، أي الهيئات أو الأفراد الذين يملكون مبالغ ضخمة من العملات المشفرة بالتوجه لشراء الرموز غير القابلة للاستبدال. وقال: “ندخل عالماً يضع فيه الناس أيديهم على الثقافة، تماماً كما كان يحاول البعض الاستيلاء على بناء ما، للتربح عن طريق تأجيره”.

وجدت إحدى الدراسات أن أكبر 10% من متداولي الرموز غير القابلة للاستبدال يقومون بما نسبته 85% من إجمالي التداولات، ويتداولون بنسبة 97% من إجمالي الأصول، لمرّة واحدة على الأقل. ويرى فولر الذي عمل سابقاً لصالح شركة ناشئة في مجال بلوكتشين أن الدافع الأساسي للارتفاع في أنشطة بلوكتشين يكمن في “امتلاك الأشخاص لعملات مشفرة فائضة يرغبون باستخدامها للقيام بأمور أكثر إثارة من مجرد شراء بتكوين”.

حقوق الملكية
ثمة تعقيدات أخرى أيضاً، فصحيح أن الجامعين لديهم حق التفاخر بـ”امتلاك” موسيقا أو فنون ضمن رموزهم غير القابلة للاستبدال، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنهم يمتلكون حقوق النشر لها. كما من غير الواضح دائماً ما إذا كان يحق لجامعي الرموز المشفرة أن يحدثوا تغييراً في الموسيقى التي يشترونها أو أن يستخدموها لغايات أخرى. وهنا يؤكد الفنانون والمنصات التي يستخدمونها الرفض القاطع لذلك. (إلا إذا كانوا يبيعون إيقاعات أو ألحاناً مفتوحة المصدر).

يقول كيفن غرين، أستاذ القانون في “كلية ساوثوسترن” للحقوق، والمتخصص في الملكية الفكرية وقوانين أعمال الترفيه: “لا يزال الجمع بين حقوق النشر والرموز غير القابلة للاستبدال مجالاً مجهولاً تماماً”، مضيفاً: “سوف تطرأ في مرحلة ما قضية يتم من خلالها توضيح بعض من هذه المسائل، ولكن حتى الوقت الحالي فإن الأمر متروك للقدر، بينما يواجه المحامون المتخصصون بحقوق النشر الصعوبات”.

نجوم في السوق
كذلك، توجد مسألة أخرى تواجهها مشاريع الرموز غير القابلة للاستبدال، وهي تتمثل بدخول فنانين من المشاهير إلى هذه الحلبة. إذ بدأ مشاهير الصف الأول من أمثال كايتي بيري وفرقة “بي تي إس” بمحاولة الاستفادة من هذه الرموز أيضاً. ففي حين لا يزال الفنانون المستقلون يحققون معظم الإيرادات، إلا أن الفجوة بينهم وبين كبار الفنانين العاملين تحت شركات الإنتاج بدأت بالانحسار، بحسب شيري هو، وهي مُؤسسة شركة “ووتر أند ميوزيك” (Water & Music).

مع ذلك، يمتلك الفنانون المستقلون أمراً يفتقر إليه فنانو الصف الأول، الذين غالباً ما تمنعهم عقودهم مع شركات الإنتاج من إدراج أغانيهم أو ألبوماتهم كرموز غير قابلة للاستبدال، بالتالي، يتوجه النجوم نحو إصدارات تتعلق بالفنون البصرية. مثلاً، قامت كايتي بيري ببيع مجموعة من الصور من خلف الكواليس، ورسم متحرك، وإحدى قطع الزينة المسرحية من حفل موسيقي لها.

بينما يُمكن للفنانين غير المتعاقدين مع شركات إنتاج أن يتفادوا عدداً من العراقيل القانونية التي تمنعهم من إصدار موسيقاهم كرموز غير قابلة للاستبدال. كذلك، بما أنهم يتعاونون مع عدد أقل من الأشخاص لإصدار العمل الفني، أو يُعِدّونه معتمدين على أنفسهم فقط، فإنهم يستطيعون الاحتفاظ بالجزء الأكبر من الأرباح.

نموذج الأعمال هذا جذب مغني الراب ألان كياريغا، المقيم في مدينة سان بول في مينيسوتا، والمعروف في عالم الموسيقا باسم “ألان كينغدوم”. وقال إنه في السابق توقف عن السعي لاتخاذ مهنة له من مجال الموسيقا بعد أن عرضت عليه شركات الإنتاج عقوداً “غير منطقية”.

ثم، بدأ كاريغا بإصدار الرموز غير القابلة للاستبدال بعدما نصحه أحد المعجبين ببيع فيديو موسيقي مستخدماً هذه التقنية في شهر نوفمبر. وبعد بيع عشرة من إصداراته، بلغ مجموع أرباحه 40 ألف دولار أو 15.8 إثيريوم، أي ضعفا المبلغ الذي كان ليحصل عليه كسلفة من شركة توزيع لفنان في مستواه. حتى إن واحدة من أغاني الفنان البالغ من العمر 28 عاماً أعيد بيعها بما يصل إلى سبع مرات سعرها الأصلي الذي بدأ من 0.1 إثيريوم، أي حوالي 400 دولار على السوق الالكتروني (Sound.xyz).

مع ذلك، لا شيء يضمن استمرار نجاح الفنانين في عالم الرموز غير القابلة للاستبدال. حيث سجّل العام الماضي ازدهاراً للرموز غير القابلة للاستبدال، وخاض غمار هذا المجال مشاهير وسياسيون وحتى نجوم اجتماعيون، من أمثال باريس هيلتون، وتجاوزت قيمة سوق المقتنيات الرقمية عالمياً 17 مليار دولار. ولكن مع تراجع العديد من العملات المشفرة هذا العام – تعتمد معظم الرموز غير القابلة للاستبدال على الرمز الأصلي للإثيريوم – يتساءل البعض ما إذا كان هذا النموذج مستداماً بالنسبة للموسيقيين.

يقول كاكزماركركزيك، جامع الرموز غير القابلة للاستبدال في مجال الموسيقا: “إذا لم يكتسب هذا الأمر شعبية إضافية قريباً، أو لم يحفز الناس لكي يشاركوا أكثر به، فسيذهب كل هذا إلى زوال”.

بلومبرغ الشرق

اقتصاد الشرق مع بلومبِرغ هي أحد الخدمات الإخبارية الناطقة بالعربية والمتخصصة بتوفير الأخبار والقصص الاقتصادية من حول العالم، والتي تتبع الشرق للأخبار التي انطلقت في 11 نوفمبر 2020 لتقديم تغطيات إخبارية من حول العالم باللغة العربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى