تكنولوجيا

ثلاجة ذكية تتمتع بمكانة فوق الحد

شارك هذا الموضوع:

إيزابيلا كامينسكا من لندن

قبل التفوه بما سيأتي حول تدخل الأجهزة الذكية في اختيارات المستهلكين لدينا، لنفكر في الإيجابيات التي تجلبها.

يمكن الرد قريبا على نقاش قديم حول ما إذا كنا أسياد مصيرنا أو عبيدا للحتمية. لكن ليس من قبل فيلسوف أو عالم بارز، وإنما عن طريق تفاعل المجتمع مع نباهة الثلاجات التي لديه.

قبل أن أتصدى لبحث الأزمة الوجودية التي على وشك أن تواجهها الروح الإنسانية نظرا لبدء نشر HAL 9000 (الكمبيوتر الشرير في فيلم أوديسة الفضاء 2001) في مطابخنا، أود أن أشدد على أنه ليست لدي مشكلة مع أي من هذه. إذا كانت هناك تكنولوجيا سوف تجعل حياتي أسهل أو أن تكون أكثر توفيرا للطاقة، سوف أتبناها.

أنا أقدر أي وقت فراغ أكسبه بسبب قيام مكنسة رومبا الكهربائية بتنظيف شقتي. ووجود الثلاجة التي تتوقع الأشياء المفضلة لديّ بمنتهى الدقة حيث إنها تعرف بالضبط عندما أكون في حاجة إلى مكونات إعداد طبق المقالي، يعتبر اقتراحاً مذهلاً، على الرغم من أنه يغلب على ظني في معظم الوقت أن التطبيق الصحي للساعة الذكية المربوطة إلى معصمي يقوم بإرسال تعليمات متضاربة لطلب الكرفس.

لكن حدث شيء مضحك في نقاش عام كان قد طلب مني المشاركة فيه، حول “إنترنت الأشياء”، في لندن الشهر الماضي. كنا جالسين، نناقش ونتصور أجهزتنا وحياتنا المتصلة على نحو متزايد، وفجأة انقلب الجمهور ليصبح عدائياً وقت طرح الأسئلة.

صرخوا، في ما بدا وكأنه انسجام تام للأصوات: “أنت تعبثين بحرية الإرادة ومعنى كون الشخص إنسانا”.

الجمهور العام، كما تبين، ليس حريصا جدا على احتمال وجود ثلاجات تقوم بإعادة تعبئة نفسها بالمواد، ويشعرون بالارتياب، بشكل مستغرب، من أي مفهوم مرتبط بإنترنت الأشياء. كنت أتوقع أن تكون الآراء متباينة، لكنني صدمت من عدم الثقة في التكنولوجيا.

يتلخص جوهر القضية في من هو بالضبط الذي سوف يسيطر على قراراتنا؟ إلى أين يمكن أن تذهب الإرادة الحرة لدينا؟ ما يقرب من نصف المشاركين في الغرفة اعتبروا الثلاجة الذكية بمثابة شيطان، بمعنى أنها تتدخل في اختياراتنا كمستهلكين وحقوقنا كما لو كان هناك حلف شيطاني على أرواحنا. ووجدت مشاركة أخرى أن هذا يعد تعديا على حرياتنا المدنية. وكانت البقية لا يشعرون بالراحة مع البيانات الشخصية التي أعطيت حول الجهاز والشركات التي وقفت وراء ذلك.

كانت تلك هي اللحظة التي أدركت عندها أنه، بالنسبة لكثير من الناس، فإن احتمال وجود ثلاجة تقوم بإعادة تعبئة ذاتية يعتبر ربما مصيراً أسوأ من الموت، على اعتبار أن ذلك سوف يفكك الاعتقاد الإنساني بأن الإرادة الحرة تميزنا عن جميع أشكال الحياة الأخرى.

حاولت طمأنتهم: “لا، لا، لا، إنها ليست الثلاجة التي تقول لك ماذا تأكل، إنها الثلاجة التي تتوقع لك ما تأكله. أنت لا تزال الشخص المسيطر على الأمر، ويمكنك أن تغير رأيك في أي لحظة”.

لكنهم ردوا بقوة قائلين: إن هذا مخيف فوق الحد. “كيف للثلاجة التي اتخذت الآن طابعاً شخصياً تماماً معرفة ما إذا كنا قد غيرنا رأينا أو الوقت الذي قد نغير فيه رأينا؟ وماذا لو طلبَت الثلاجة أمر شراء حفنة من الأشياء التي لا نريدها أصلا؟”. حاولت مرة أخرى: “إذا اتخذت خيارا غير صائب، أنا متأكدة من أن شركة تحليلات البيانات أو البائع المرتبط بها سيعرض أن يرد لكم المال”.

لكنهم تجاهلوا هذا القول الذي يهدف إلى بعث الاطمئنان لديهم. كانت الثلاجة الذكية شريرة، وكان إنترنت الأشياء أمراً لا لزوم له، وكانت شركات البيانات الكبيرة تطفلاً غير أخلاقي في حياتنا الشخصية بالأصل. الأمر الذي كان برمته، كما أعتقد، تقييما مثبطا للهمم إلى حد كبير.

أقترح ألا نلوم الثلاجة الذكية لانعدام الأمن لدينا حول معنى الحياة، والنظر بدلا من ذلك إلى الإيجابيات المذهلة التي يمكن أن تجلبها لنا هذه التكنولوجيا. إذا كانت الثلاجة قادرة على استخدام البيانات التي نبثها بحرية مسبقا لاتخاذ قرارات أكثر ذكاء حول عملية الشراء لدينا، فإن ذلك يوفر فرصة رائعة لتحقيق وفورات في الطاقة.

هذه بدورها تشجع تشكيل سلاسل التوريد التي تتميز بتصميم أكثر رشاقة وتشجع عمليات تخزين أقل، وبشكل تدريجي توليد نفايات أقل في كل مكان.

يمكن للبيانات أن تتوقع الاتجاهات الشرائية. إذا كنت تعرف أن قاعدة الزبائن الكاملة لديك ستطلب عشر حبات من الموز فقط في اليوم التالي، فلن تضطر إلى إضاعة الوقت والجهد في عملية نقل وتخزين 15 حبة من الموز لمجرد احتمال أن يكون هناك طلب أكثر على الموز، خشية أن تفوت إحدى عمليات الشراء. إذا كنتَ تعلم عدد الأشخاص الموجودين في منطقة الإرسال في المستودعات، الذين لن يكون لديهم حليب بحلول الصباح، تستطيع أن تعمل على إعداد الكميات اللازمة في وقت أبكر من أجل ضمان أن يكون الحليب المطلوب موجوداً، دون زيادة أو نقصان.

هذه في الواقع حكاية حول إمكانات اللوجستيات الذكية. وهي تدور حول إعطائك ما تريد استناداً إلى عاداتك وطريقة وأنماط حياتك، وليس – حسبما هو شائع – حول ممارسة الوضع الذكي للمنتجات على رفوف المتاجر استناداً إلى بيانات تم الحصول عليها من التزامك ببرامج الولاء.

لاحظ أنك إذا لم تكن تعتقد أن تيسكو تراك أصلاً وأنت قادم من على مسافة ميل، فعليك مراجعة نفسك. كما يقولون، لا يوجد شيء بالمجان. ربما تظن أنك تكافأ على ولائك بالحصول على منتجات “مجانية”، في حين أن الواقع هو أن البيانات التي تزودها للشركة تُستخدَم لاستخلاص أكبر قيمة ممكنة منك. وهذا أمر يجدر بك أن تضعه في الحسبان في المرة التالية حين تخرج من أحد محال السوبرماركت وأنت تحمل مشتريات أكثر مما كنتَ تنوي شراءها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى