الرئيسيةتكنولوجيا

تجار التجزئة يخططون لتحقيق الأرباح في “الميتافيرس”

هاشتاق عربي

يعد فرع سلسلة محال الأزياء السريعة “فور إيفر 21” في الميتافيرس “العالم الافتراضي” إهانة للعقول.
أنت – بصفتك أفاتار “شخصية افتراضية في العوالم الافتراضية” – تدخل عبر مجموعة من المعجبين والمصورين المحبين لك، كما لو كنت أحد مشاهير هوليود. وبعد ذلك يتعين عليك أن تختار من بين خمسة طوابق، بعضها يعرض ملابس رقمية تستطيع شراءها بعملة افتراضية، وبعض الطوابق الأخرى تضم مساحة للعناية برموشك. وعندما تصل إلى السطح، فستحلق حينها في فقاعة لتعود إلى مستوى الأرض مرة أخرى.
يسارع تجار التجزئة مثل “فور إيفر 21″، و”نايكي”، و”تشيبوتيل” لإنشاء متاجر في العالم الافتراضي في رهان على أنها ستعزز تحقيق الأرباح في العالم الحقيقي. لكن هل هي وسيلة عابرة للتحايل وإثارة الضجيج فقط، أم أن الميتافيرس سيسمح بإنشاء أعمال تجارة إلكترونية منخفضة التكلفة وعالية الهامش من شأنها تغيير شكل تجارة التجزئة العالمية؟
لقد وضع عمالقة التكنولوجيا، بمن فيهم “ميتا” وهي الشركة الأم لفيسبوك وشركة مايكروسوفت، بالفعل رهانات بملايين الدولارات على إنشاء تكنولوجيات تدعم عوالم افتراضية مليئة بالشخصيات الافتراضية “أفتار”، عادين ذلك بمنزلة التطور القادم الذي ستشهده الإنترنت. وتعهدت “ميتا” بإنفاق عشرة مليارات دولار سنويا على تطوير عالمها الافتراضي الخاص، حيث قد توجد فيها متاجر مثل فور إيفر 21 في يوم من الأيام.
وقال مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، متحدثا عن رؤيته، “ستتمحور كثير من التجارب في الميتافيرس حول القدرة على الانتقال الآني من تجربة إلى أخرى. لذا فإن قدرتك بشكل أساسي على نقل أغراضك الرقمية ومخزونك من مكان إلى آخر، سيكون استثمارا كبيرا يقوم به الأشخاص”.
يوجد متجر فور إيفر 21 اليوم داخل “روبلوكس”، وهو عالم افتراضي واسع مخصص للألعاب المصغرة واللقاءات الرقمية بين المستخدمين “هانجاوتس”، الذين يصل عددهم إلى 55 مليون مستخدم نشط يوميا. وقد كلفت “فور إيفر 21” شركة فيرتشوال براند جروب التي وصفت نفسها بوكالة – إيجاد الميتافيرس – من أجل تصميم المتجر وتشييده. حيث تظهر إحصائيات “روبلوكس”، أن أكثر من 200 ألف مستخدم قد زاروا المتجر منذ افتتاحه في أواخر كانون الأول (ديسمبر).
ويصر جاستن هوشبيرج، رئيسها التنفيذي، على أن “فيرتشوال براند جروب” ليست وكالة إعلانات، بالقول، “نحن مؤسسون للشركات في الميتافيرس. حيث نصمم الملابس، ونضع استراتيجيات التسويق، ونعمل مع المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، ونبني العالم بأكمله من أجلها”.
ويصف بنك جي بي مورجان الميتافيرس بالفرصة لتحقيق إيرادات سنوية بقيمة تريليون دولار، مشيرا في تقرير صدر حديثا إلى أن ما قيمته نحو 54 مليار دولار من البضائع الافتراضية تباع كل عام، أي أكثر من ضعف المبلغ الذي ينفق على شراء الموسيقى.
ووصف التقرير كيف بيعت قطعة أرض واحدة فقط داخل “ديسينترالاند”، وهي مساحة افتراضية موجهة للبالغين أكثر من “روبلوكس”، بنحو مليون دولار. وتستخدم شركة إيفري ريلم المطورة، هذه المساحة لتشييد مركز للتسوق عبر الإنترنت.
وكشف التقرير عن أنه بدلا من وجود متاجر في كل مدينة، قد يبني بائع تجزئة رئيس مركزا عالميا في الميتافيرس قادرا على خدمة ملايين العملاء”.
وفي هذا السياق، أطلقت “نايكي لاند” أخيرا على مساحة “روبلوكس”، حيث يتم الترحيب بالمتسوقين الذين يستطلعون منتجات “نايكي” الرقمية من خلال نسخة افتراضية لشخصية نجم كرة السلة ليبرون جيمس. فيما أطلقت “تشيبوتيل” مطعمها الخاص الذي حصل أول 30 ألف زائر له على قسيمة لتناول وجبة بوريتو حقيقية، بينما سارت ماركة الأحذية فانس في طريقها المعهود مع قاعدة عملائها – وافتتحت حديقة تزلج.
وقال ستيف ريندل، الرئيس التنفيذي لشركة في إف كوربوريشن، التي تمتلك “فانز”، إضافة إلى “نورث فيس” و”تيمبرلاند”، “الطريقة التي تقدم بها نفسك أو كيف تسمح باستخدام علامتك التجارية في هذه البيئة أمر بالغ الأهمية”. وأضاف، “سنكون مهتمين ودقيقين للغاية في طريقة تمثيل علامتنا التجارية داخل الميتافيرس”.
لكنه قال، “أعتقد أن هناك عملا يجب القيام به فيما يتعلق بكيفية ربط هذا كله بالتجارة”.
يرى البعض إمكانية استخدام هذه المساحات كوسيلة لدفع التجارة الإلكترونية والمبيعات في العالم الحقيقي من خلال إذكاء الارتباط المتنامي لدى البعض بشخصيتهم الرقمية.
على سبيل المثال، من أكثر المنتجات شهرة في متجر فور إيفر 21 قبعة صغيرة سوداء مكتوب عليها كلمة “فور إيفر”. ويمكن شراؤها مقابل 61 روبوكس، وهي العملة المستخدمة داخل المساحة الافتراضية التي يتم شراؤها بأموال حقيقية. وبأسعار التحويل الحالية، تبلغ قيمة القبعة نحو 0.75 دولار.
لم تحدد “فيرتشوال براند جروب” عدد القطع التي تم بيعها حتى الآن، لكن حتى الأهداف العالية لبيع مليون قطعة بحلول نهاية هذا العام فإنها تعد إشارة إلى بيان دخل “فور إيفر 21″، كما يقر هوشبيرج، على الرغم من وجود بعض الفوائد الملحوظة.
“لا توجد تكاليف هامشية. إذا قمت ببيع قطعة واحدة أو مليار قطعة، فالأمر سيان. لا يوجد بضاعة مرتجعة ولا عيوب فيها. لا يوجد شحن. ولا توجد مشكلات في سلسلة التوريد العالمية”.
وقد أدى الاهتمام بالقبعة الصغيرة الافتراضية أن تتطلع شركة فور إيفر 21 إلى إطلاق المنتج الحقيقي في فصل الشتاء المقبل، مستفيدة من الظواهر الشائعة بين الزوار الذين يترددون على مساحات الميتافيرس، فكرة “التوأمة” مع الشخصية الافتراضية “أفاتار الخاصة بك، وشراء الملابس والإكسسوارات نفسها لنفسك في العالم الحقيقي.
وقال سام إنجلباردت، الشريك العام في مجموعة رأس المال الاستثماري، جالاكسي إنتراكتيف، التي تركز على ميتافرس، إن إنشاء مساحة تجارة إلكترونية ناجحة في نهاية المطاف يتعلق بنسيان أشكال المحال التجارية الحقيقية.
وأضاف، “يا لها من مضيعة للتكنولوجيا إذا قمت بتصميم متجر، على سبيل المثال، كمتجر برادا في الميتافيرس، بحيث يشبه متجر برادا في الجادة الخامسة”. وزاد، “سيكون هذا مضيعة كبيرة لفرصتك من أجل التعبير عن نفسك كعلامة تجارية والبيع للعميل”.
ومن أحد استثمارات جالاكسي إنترآكتيف هي آر تي إف كيه تي – المعروفة باسم “آرتيفاكت” – والمتخصصة في ملابس الشارع الرقمية، عادة ما تكون تصاميم الأحذية الرياضية الرقمية الفريدة من نوعها في ميتافيرس، يتم تداولها كرموز غير قابلة للاستبدال. وقد شهدت مناسبة ترويجية في أوائل 2021، بيع 600 زوج من الأحذية الرياضية بقيمة مجمعة تزيد على 3.1 مليون دولار. وقد استحوذت شركة نايكي على “آرتيفاكت” في كانون الأول (ديسمبر) مقابل مبلغ لم يكشف عنه. وقال ديفيد جونز، الرئيس التنفيذي لمجموعة براندتيك جروب والرئيس التنفيذي السابق لشركة هافاس، “إنها تذكرني بصفقة شراء إنستجرام من قبل فيسبوك في إمكاناتها”. وأضاف، “ستمنح هذه الصفقة كثيرا من الإمكانات لشركة نايكي للبدء بقوة في عالم الأحذية الرياضية الافتراضية”.
ولكن، في خضم كل هذه الضجة، تأتي بعض التحليلات الرصينة من خلال استطلاعات الرأي التي تشير إلى أن الجمهور الأوسع لم يقتنع بالفكرة بعد. فقد أعطى مستخدمو “روبلوكس” متجر “فور إيفر 21” تصنيف الاعتماد بـ39 في المائة. وعلى نطاق أوسع من ذلك، أشارت دراسة أجرتها مؤسسة فوريستر ريسيرتش العام الماضي إلى أن أقل من ربع البالغين في الولايات المتحدة كانوا مهتمين بقضاء بعض الوقت في الميتافيرس.
ولكن بالنسبة لأولئك الذين يتعمقون في هذا الموضوع، فإن الخبراء يثيرون بعض الملاحظات التحذيرية حول نوع التجارب التي قد يتعرض لها المستهلكون في هذه المساحات الافتراضية.
فقد حذر آفي بار- زيف، المستشار في الواقع الافتراضي والمخترع المشارك لسماعة الرأس مايكروسوفت هولولينس، من أن هذه الأجهزة التي تدعم “الواقع الافتراضي / الواقع المعزز” ستكون جيدة جدا من أجل معرفة ما نفكر فيه بشأن العالم، مضيفا، “تكنولوجيا التعلم الآلي من المحتمل أن تستخدم لتقديم استنتاجات حول المستخدمين”.
وقال، “من خلال جمع كثير من المعلومات الشخصية، فإننا نهيئ أنفسنا بشكل فعال للتلاعب. وبمجرد أن يعرف النظام النقاط الخاصة بنا وكيفية الضغط عليها، ستقل إمكانيتنا في التحكم المنطقي بالذات”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى