يقع ما يسمى بحر سالتون (Salton Sea) على بعد نحو 50 كيلومترا جنوب منتزه جوشوا تري الوطني في ولاية كاليفورنيا الأميركية، وهو في الواقع بحيرة ملوثة وسط الصحراء.
وقد تشكلت هذه البحيرة عام 1905 عندما انسكبت مياه الفيضانات من نهر كولورادو إلى قناة للري وشقت طريقها إلى حوض سالتون، وهو حوض كبير لا تزال المياه فيه قائمة حتى اليوم.
وأصبحت حفرة السباحة العرضية وجهة سياحية السنوات التي تلت ذلك. ولكن اليوم، الهواء سام، والماء كريه بشكل استثنائي بسبب تفاعل المواد الكيميائية القادمة من المزارع.
وقد يكون هناك بعض الخير الذي يمكن أن يأتي من وراء هذا التفاعل.
ويقوم علماء من مختبر لورانس بيركلي الوطني (Lawrence Berkeley National Laboratory) في جامعة كاليفورنيا ريفرسايد، ومجموعة جيولوجيكا الحرارية الأرضية (Geologica Geothermal Group) بالبحث عن خزان ضخم للطاقة الحرارية الأرضية حول البحيرة وتحتها.
وتُعرف المياه المالحة الساخنة في الخزان باسم “المحلول الملحي الحراري الأرضي” وعندما يتم ضخها من على ارتفاع آلاف الأقدام تحت الأرض، يتم تحويلها إلى غاز يحول التوربينات التي تولد كميات هائلة من الكهرباء.
هذه العملية هي بالضبط ما يحدث في 11 محطة للطاقة الحرارية الأرضية في المنطقة الآن. ومع ذلك، هناك فائدة إضافية: عملية الضخ هذه تجلب الليثيوم، وهو المعدن الأساسي الذي يمكن استخدامه في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية.
ولسنوات، تم ضخ السائل مرة أخرى في الأرض بعد أن يبرد، لكن العلماء الآن يحرصون على استخراج الليثيوم منه أولا.
إن المحلول الملحي الساخن الذي يأتي من باطن الأرض، كجزء من إنتاج الطاقة الحرارية الأرضية في بحيرة سالتون في كاليفورنيا، عبارة عن يخنة غنية بالمعادن التي تشمل الحديد والمغنيسيوم والكالسيوم والصوديوم والليثيوم.
وباستخدام تقنيات الاستخراج المختلفة، يمكن استخلاص كلوريد الليثيوم من المحلول الملحي، ثم معالجته في أشكال أخرى لإنتاج البطاريات.
وجاء بمذكرة من مكتب تقنيات حرارة الأرض من الولايات المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول 2021 وهو مكتب كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة “في إعادة استخدام السوائل المستخرجة المستخدمة بالفعل لإنتاج الكهرباء كمصدر لليثيوم، يمكننا طرح الليثيوم المحلي بالسوق مع إنتاج الكهرباء في وقت واحد، وكل ذلك مع الحد الأدنى من البصمة البيئية”.
ويرعى المشروع مكتب تقنيات حرارة الأرض التابع لوزارة الطاقة الأميركية (DOE). وهذا المشروع أول تحقيق تفصيلي لرسم خريطة لما يسمى “وادي الليثيوم” في كاليفورنيا.
في 16 فبراير/شباط 2022، أعلن مختبر بيركلي أن مكتب تقنيات الطاقة الحرارية الأرضية يمول أبحاثه بقيمة تصل إلى 1.2 مليون دولار.
وأحد الأغراض العديدة للتحقيق هو تحديد كمية الليثيوم في الحقل. ويخطط الفريق أيضا لفحص التأثيرات البيئية المحتملة لتحديد كمية الماء والمواد الكيميائية اللازمة لاستخراج الليثيوم.
يقول بات دوبسون، عالم مختبر بيركلي وقائد المشروع “نظام الطاقة الحرارية الأرضية في سالتون سي هو المورد الأساسي المحتمل للطاقة الحرارية الأرضية لليثيوم بالولايات المتحدة، وهو مورد عالمي، ولكن هناك مجموعة واسعة من التقديرات من حيث حجم المورد، وليس هناك أيضا فهم جيد لمصدر الليثيوم، والمعدل الذي سينخفض به بمرور الوقت مع استخراج الليثيوم من محلول ملحي حراري، وما إذا كان سيتم تجديده بما تبقى من الليثيوم في الصخور”.
“الليثيوم السعودي”
ووفقًا للعلماء، فإن الحقل الحراري الأرضي المخفي تحت بحيرة سالتون لديه القدرة على احتواء ما يكفي من الليثيوم لتلبية جميع متطلبات الليثيوم بالولايات المتحدة. علاوة على ذلك، فإنه يمكن تصديره.
وقد أطلق حاكم الولاية جافين نيوسوم على كاليفورنيا اسم “المملكة العربية السعودية لليثيوم” وأنشأ لجنة وادي الليثيوم العام الماضي للتحقيق والإبلاغ عن الفرص المتاحة في الوادي.
ويتفق مع هذه الإمكانيات مايكل ماكيبين، الأستاذ في جامعة كاليفورنيا ريفرسايد، الذي كان يدرس مجال الطاقة الحرارية الأرضية لبحر سالتون منذ سبعينيات القرن الماضي.
يقول ماكيبين “إذا أجريت عملية حسابية بسيطة، فستجد ما بين مليون و6 ملايين طن متري من الليثيوم بهذا المكان، سيكون هذا أكبر مصدر لليثيوم في محلول ملحي بالعالم، وهذا يعني أن هناك إمكانية لما يعادل 50 إلى 100 عام من إنتاج الليثيوم”.
لماذا يعتبر الليثيوم مهما جدا للمركبات الكهربائية؟
إنها حقيقة لا يمكن إنكارها وهي أن الاهتمام بالسيارات الكهربائية آخذ في الازدياد. لذلك، يعد مشروع البحث هذا أمرا حيويا لصناعة السيارات الكهربائية.
وقد تكون نظافة تعدين الليثيوم موضوعا محل نزاع. ومع ذلك، إذا استخدمنا بطاريات الليثيوم أيون لشحن السيارات الكهربائية، فإن احتياطي الليثيوم في بحر سالتون سيكون كشفا مهما.
ويتمتع البحث بإمكانيات هائلة لأن صناعة السيارات الكهربائية يمكن أن تتطور بفضل الكمية الهائلة من الليثيوم المستخرج من أعماق بحر سالتون.