الرئيسيةتكنولوجيا

تخلى عنها المستثمرون..شركات التكنولوجيا الحيوية تعاني ماليا

هاشتاق عربي

شارك هذا الموضوع:

تواجه عشرات من شركات التكنولوجيا الحيوية نقصا في الأموال النقدية وتلقى صعوبة كبيرة في جمع أموال جديدة بعد أن تخلى عنها المستثمرون “السائحون” الذين اقتنصوا أسهمها خلال الجائحة.
جمعت شركات التكنولوجيا الحيوية ـ معظمها مني بخسائر ـ مبلغا قياسيا وصل إلى 32.7 مليار دولار في عمليات الطرح العامة الأولية على مدى العامين الماضيين، وفقا لبيانات من شركة ريفينيتف. لكن 83 في المائة من أسهم شركات التكنولوجيا الحيوية والأدوية الأمريكية المدرجة حديثا يتم تداولها الآن بأقل من سعر الطرح العام الأولي.
مجموعات التكنولوجيا الحيوية التي تم إدراجها في عام 2021 يجري تداولها بمتوسط 37 في المائة أقل من سعرها في الطرح العام الأولي، مقارنة بانخفاض 22 في المائة لجميع الشركات المدرجة حديثا في الولايات المتحدة.
كثير من هذه الشركات جمع الأموال من خلال عمليات الطرح العامة الأولية على أمل أنها ستكون قادرة على الاستفادة من المستثمرين في الحصول على أموال جديدة من خلال مبيعات أسهم لاحقة مع تقدم عقاقيرها خلال دورة البحث والتطوير.
لكن قدرتها على ذلك أعيقت بسبب انهيار أسهم التكنولوجيا الحيوية حيث يصبح مستثمرو التجزئة ومديرو الأموال العامون – تصفهم الصناديق المتخصصة بـ”السياح”، على سبيل الازدراء – عبئا على الصناعة.
قالت جيرالدين أوكيفي، وهي شريكة في شركة إل إس بي الاستثمارية للرعاية الصحية، إن أسهم التكنولوجيا الحيوية ضربت بـ” فترة من الخسائر الكارثية في جميع المجالات”. انخفض مؤشر ناسداك للتكنولوجيا الحيوية أكثر من الخمس منذ أن بلغ ذروته في شباط (فبراير) 2021 مقابل ارتفاع 3 في المائة و17 في المائة لمؤشر ناسداك ومؤشر إس آند بي 500، على التوالي.
أضافت أوكيفي: “أعتقد أن الجميع يحبس أنفاسه ويتنظر رؤية ما إذا كانت الأسهم قد وصلت إلى القاع وستعاود الارتفاع من هناك. لا يمكن أن تنخفض أكثر من هذا – لكننا فكرنا بهذه الطريقة في كل يوم من كانون الثاني (يناير) واستمرت في الانخفاض”.
كان الانخفاض شديدا لدرجة أن المستثمرين يمنحون بعض الشركات تقييما سوقيا أقل من احتياطياتها النقدية. حدد بنك جيفريز الاستثماري أخيرا 31 شركة تكنولوجيا حيوية مدرجة بقيمة سوقية تزيد على 100 مليون دولار يتم تداولها بقيمة مؤسسية سلبية.
كان الدافع وراء عمليات البيع الكبيرة لأسهم التكنولوجيا الحيوية مجموعة من العوامل، منها أن المستثمرين يسعون إلى الحصول على أصول أكثر أمانا بينما تستعد البنوك المركزية لرفع أسعار الفائدة لمحاربة التضخم المتزايد. خلص آخرون إلى أن أسهم الصناعة أصبحت مبالغا في قيمتها في ذروة الجائحة، عندما ساعدت الأخبار الإيجابية بشأن لقاحات وعلاجات كوفيد – 19 في رفع القطاع بشكل عام.
في الوقت نفسه، المخاوف بشأن زيادة التدقيق التنظيمي في تسعير العقاقير والممارسات المناهضة للمنافسة تقوض بدورها قطاعا كان يعتمد على تدفق مستمر من عقد الصفقات ليبقى قادرا على مواصلة العمل.
كانت النتيجة أن بعض شركات التكنولوجيا الحيوية تواجه أزمة نقدية. بنك جيفريز حدد على الأقل 11 شركة تملك أموالا تكفيها أقل من عام بمعدلات الإنفاق الحالية. استبعد البحث الشركات التي تقل قيمتها السوقية عن 200 مليون دولار أو تقل أسعار أسهمها عن دولار واحد.
إحدى هذه الشركات هي ناتكويست، المعروفة أيضا باسم إميونتي بيو، التي ألغت بيع أسهم بقيمة 500 مليون دولار في كانون الأول (ديسمبر) وبدلا من ذلك حصلت على الأموال عبر زيادة ديونها 470 مليون دولار. تم توفير معظم الأموال من مساهمها المسيطر والرئيس التنفيذي، باترك سون شيونج.
قال سون شيونج، الذي يمتلك صحيفة “لوس أنجلوس تايمز”: “في البيئة الاقتصادية الحالية، عندما يتم تقييم ليس شركتنا فحسب، بل قطاع التكنولوجيا الحيوية ككل بأقل من القيمة الحقيقية، فمن الحكمة أكثر بالنسبة إلي أن أقوم بهذا الاستثمار بنفسي”.
قال بيير كيكولت وال، الرئيس المشارك لأسواق رأسمال الأسهم في بنك الاستثمار بريان جرنير آند كو، إن التكنولوجيا الحيوية كانت تقليديا فئة أصول متخصصة يهيمن عليها مديرو الصناديق ذوو الخلفيات العلمية الذين دققوا في البيانات لاختيار الأسهم. لكن الصناديق العامة ومستثمري التجزئة زادوا من تعرضهم لأسهم التكنولوجيا الحيوية، في حين رأت صناديق التحوط أنها “تجارة تنافسية”.
أضاف: “وجه القصور في السوق العامة هو عودة المستثمرين الذين ما كان ينبغي أن يكونوا في هذا المجال – “السياح” – إلى ديارهم”.
أشار كيكولت وال إلى أن الشركات الخاصة التي تسعى للإدراج قد تحتاج لاتخاذ نهج أكثر حذرا، من خلال عمليات طرح عامة أولية أصغر يليها عرض ثانوي، معربا عن اعتقاده أن الشركات المدرجة بالفعل، خاصة تلك التي تعرضت لانتكاسات في العيادة البحثية، قد يتم إجبارها على البحث عن موارد بديلة بدلا من القيام بطرح ثانوي تقليدي.
وبالرغم من أن إخصائيي القطاع يلقون باللوم على “السياح” في التراجع الأخير، إلا أن انهيار التقييمات أضر بشكل خاص بالصناديق التي تركز على التكنولوجيا الحيوية. انخفض صندوق أسيمتري كابيتال ـ مقره سان فرانسيسكو ـ 10.2 في المائة منذ بداية 2021 حتى تشرين الثاني (نوفمبر)، وفقا لملفات 13F التنظيمية التي جمعتها شركة تتبع البيانات، ويل ويزدوم.
صندوق لوجوس جلوبال مانجمنت الذي يركز على علم الحياة انخفض 31.4 في المائة وخسر صندوق كورمورانت آسيت مانجمنت ـ مقره بوسطن ـ 28 في المائة خلال الفترة نفسها. رفض صندوق لوجوس التعليق. ولم يستجب صندوق كورمورانت على طلب التعليق.
قال سكوت كاي، مؤسس صندوق أسيمتري، الذي أغلق الشهر الماضي، إن جميع المديرين الذي يركزون على التكنولوجيا الحيوية والرعاية الصحية، الذين يملكون صندوقا واحدا لديه أقل من ملياري دولار من الأصول الخاضعة للإدارة، سيتعين عليهم اتخاذ قرارات صعبة بشأن الاستمرار في العمل أو البيع أو التوقف.
أضاف: “إننا في عالم جديد مع تضييق الاحتياطي الفيدرالي بعد 12 عاما مترفة من الظروف المتراخية”، مشيرا إلى أن الكثير من شركات التكنولوجيا الحيوية دخلت إلى السوق في وقت مبكر جدا ولم تكن تقييماتها مستحقة لأنها لم تكن تملك بيانات سريرية.
أبرزت الجائحة إمكانية تحقيق عائدات ضخمة لحفنة من الشركات الناجحة، لكنها زادت من صعوبة استقدام متبرعين للدراسات السريرية. كانت المستشفيات مشغولة بمعالجة المرضى المصابين بكوفيد – 19 وبالتالي انخفضت تشخيصات الأمراض الأخرى، ما أدى إلى تأخير نتائج التجارب وتناقص الأموال النقدية لدى الشركات.
اهتزت ثقة المستثمرين أيضا بسبب تدفق الأخبار المخيبة للآمال من شركات التكنولوجيا الحيوية، التي لا يملك الكثير منها حتى عقاقير في التجارب البشرية. قبل 60 يوما من نهاية عام 2021 أشار بنك جيفريز إلى 23 حدثا “سلبيا للغاية” تحرك السوق، إلى جانب سبعة إعلانات “إيجابية” فقط من قبل شركات التكنولوجيا الحيوية.
بحسب مايكل يي، وهو محلل في بنك جيفريز، المبيعات المنخفضة لعقار الزهايمر من شركة بيوجين – وهو أول علاج تمت الموافقة عليه منذ عقدين والوحيد الذي يهدف إلى إبطاء المرض – هزت القطاع أيضا.
قال: “ستصبح الشركات أكثر تشددا فيما يتعلق بإنفاق الأموال”، مشيرا إلى حملة لخفض التكاليف 500 مليون دولار أعلنت عنها بيوجين، وهي شركة كبيرة “رائدة” في مجال التكنولوجيا الحيوية. أضاف أن هذا قد يعني أن هناك “توظيفا أقل، وإنفاقا أقل، وأموال إقراض أقل يتم إنفاقها”.
يأمل بعض المستثمرين أن يؤدي انخفاض تقييمات التكنولوجيا الحيوية إلى إعادة إشعال عمليات الاندماج والاستحواذ في قطاع انخفض فيه عقد الصفقات إلى أدنى مستوى له منذ عقد. تملك مجموعات الأدوية الأمريكية والأوروبية الكبرى ما يصل إلى 500 مليار دولار من “الاحتياطيات النقدية للالتزامات المستقبلية” لإنفاقها على عمليات الاستحواذ بينما تبحث عن عقاقير واعدة لتعويض الإيرادات الأخذة في التراجع نتيجة لفقدان براءات الاختراع على أدويتها الرائجة الحالية، وفقا لبنك إس في بي ليرينك.
لكن بعض المصرفيين يحذرون من عدم وجود ضمان بأن شركات الأدوية الكبرى ستفتح باب عقد الصفقات، مجادلين بأن التقييمات المنخفضة ليست العامل الوحيد عند اتخاذ قرار بشأن إجراء عملية استحواذ.
قال إيرك توكات، وهو شريك في بنك الاستثمار سنترفيو بارتنرز: “قد يكون التقييم المرتفع للغاية مانعا أو قد يكون معيقا لحدوث عمليات الاندماج والاستحواذ لكن التقييم المنخفض جدا ليس بالضرورة عاملا مؤثرا لإتمام الصفقات”.
وقال إنه من غير المرجح أن تتبنى شركات الأدوية الكبرى نهج تصيد الصفقات الذي وصفه بأنه “يمكنك شراء ثلاثة بسعر واحد – دعنا فقط نذهب للتسوق”.
في الوقت الحالي، يتساءل مؤسسو ومستثمرو شركات التكنولوجيا الحيوية متى سينتهي تراجع السوق وكيف سيؤثر ذلك على القطاع على المدى الطويل.
قال براد لونكار، وهو مستثمر في مجال التكنولوجيا الحيوية: “لا أعتقد أن هذه فقاعة من نوع ما رأيناه من قبل مع فقاعة الإنترنت (دوت كوم)، بحيث تنفجر ومن ثم يصبح لدينا عقد من الحساب”.
أضاف: “سوف يتصف العقد المقبل بمنافسة عالمية في العلوم وستكون التكنولوجيا الحيوية في طليعة ذلك. بعد كوفيد، ستعطي الحكومات في جميع أنحاء العالم الأولوية للاستثمار في التكنولوجيا الحيوية وتطوير الأدوية”.
من جانبه، يرى كيكولت وال أن هناك عددا كافيا من المشترين على المدى الطويل، بما في ذلك أصحاب رأس المال المغامر، الممولون جيدا، ممن يعدون التكنولوجيا الحيوية اتجاها ضخما، للحفاظ على تدفق رأس المال إلى القطاع.
قال: “لا أعتقد أن لدينا مشكلة في المعروض من المال. لكن من الواضح أن الشروط تفضل أولئك الذين لديهم المال. لقد انتقل البندول إلى الجانب الآخر في الوقت الحالي”.

فايننشال تايمز

صحيفة بريطانية دولية تتحدث عن الأعمال، يتم نشرها في لندن منذ تأسيسها في عام 1888 من قبل جيمس شيريدان وأخوه. هناك اتفاق خاص بين فايننشال تايمز وصحيفة الاقتصادية السعودية يتم بموجبها ترجمة لأهم مقالاتها يوميا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى