الرئيسيةتكنولوجيا

التاكسي الجوي..هل هو خيال أم سنراه على أرض الواقع قريبًا؟ 

هاشتاق عربي

شارك هذا الموضوع:

ظلت السيارات الطائرة الشيء الكبير التالي لعقود من الزمن، من الحافلات الجوية في فيلم فريتز لانج عام 1927 “متروبوليس” إلى طرادات الشرطة المحطمة في فيلم الخيال العلمي “بليد رانر” لريدلي سكوت عام 1982. لكن في العام الماضي خطت خطوة عملاقة مع حشد من الشركات الناشئة التي جمعت أكثر من ضعف المبلغ الذي جمعته على مدى العقد الماضي، على وعد بأنها ستجعل “التنقل الجوي في المناطق الحضرية” حقيقة واقعة.
تعهدت شركة بوينج الشهر الماضي بمبلغ 450 مليون دولار أخرى لشركة ويسك، وهي شركة تضامنية لتطوير مركبات الأجرة ذاتية الطيران أو كما هو متداول التاكسي الجوي، بينما رفعت الشركات العاملة في الصناعة ـ من بينها إيرباص وإمبراير ـ الرهان في السباق ضد مئات من الشركات الناشئة، للحصول على موطئ قدم في سوق يتوقع أن يبلغ حجمها، وفقا لمورجان ستانلي، 1.5 تريليون دولار سنويا بحلول عام 2040.
بحسب شركة ماكينزي، المستثمرون اشتروا جزءا من الحلم وضخوا أكثر من سبعة مليارات دولار في هذه المشاريع، بشكل أساسي من خلال شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة “سباك” المدرجة في أسواق الأسهم الأمريكية. بينما يتم التخطيط لجميع أنواع المركبات، من طائرات الشحن إلى طائرات المراقبة دون طيار، ذهب ما يقارب 75 في المائة من الأموال إلى الشركات التي تعمل على تطوير طائرات كهربائية مأهولة تقلع وتهبط بشكل عمودي.
لقد تبخر كثير من الحماسة شهدها العام الماضي. الأسهم في عديد من الشركات الناشئة المدرجة في عام 2021 انخفضت أكثر من 50 في المائة. وفي أواخر العام الماضي تخلت شركة فولوكوبتر الألمانية، التي تعمل على تطوير طائرات كهربائية مأهولة تقلع وتهبط عموديا، عن خطط مبكرة للاندماج مع إحدى شركات سباك، ويعود ذلك جزئيا إلى تغيرات في ظروف السوق.
يشعر بعض الخبراء بالقلق من أن هذه الصناعة الناشئة بدأت بالانحراف عن مسارها، تماما مثل الفترة التي شهدتها السيارات ذاتية القيادة بين عامي 2015 و2018 عندما روج عديد من الشركات لوعود بنشر عشرات الآلاف من مركبات الأجرة الروبوتية على الطرقات بحلول عام 2020 لكن لم يتم الوفاء بها.
مع ذلك يسعى رواد الأعمال في جوبي آفييشين، وآرتشر آفييشين، وليليوم، وفيرتيكال إيروسبيس البريطانية إلى تحقيق انتشار واسع لمركبات الأجرة الطائرة بين عامي 2023 و2025. وقد أجرى عديد من هذه الشركات، مثل جوبي آفييشين، بالفعل برامج اختبار للطيران. لكن لا تزال هناك تحديات كبيرة بحاجة إلى حلول، مثل الاعتماد من قبل هيئات تنظيم الطيران، وتطوير البنية التحتية الأرضية، والحصول على القبول العام.
قال مارك أوسمان، المتمرس في مجال الطيران والرئيس التنفيذي لشركة إيرفلو أيرو، التي تبني طائرة كهربائية مصممة لمسافات متوسطة: “عندما تتحرك بسرعة وتتسبب في تحطيم الأشياء، فإن السلامة يتم وضعها جانبا – هذا ليس جيدا لصناعة الفضاء”. أضاف: “لا يمكنك ببساطة أن تدخل فيها وتتسبب في إحداث تغيير ثم تقدم اعتذارك للجهات التنظيمية في وقت لاحق. بل عليك أن تتبع مسار العملية”.
جاري غيسين، الرئيس التنفيذي لشركة ويسك، قال إن سوق الاستحواذات الخاصة جلبت “قدرا لا يصدق من الوضوح لهذا المجال من الأعمال”. أضاف: “هذه سوق جديدة تماما، والتكنولوجيا جديدة تماما (…) لم يحصل أي شخص حتى الآن على اعتماد. ستتغير الأمور (…) سيكون هناك عدد قليل جدا من الأشخاص الذين يتخطون المصاعب في هذه الرحلة من أجل إنتاج شيء آمن”.
بلقيز ساريهان، رئيسة استراتيجية التنقل الجوي الحضري في شركة إيرباص، التي تعمل على مركبة سيتي إيرباص نيكست جين، تحدثت أيضا بنبرة حذرة مماثلة. قالت: “هناك كثير من الاهتمام والإثارة حول هذه الصناعة، لكن في نهاية الأمر نحن نقوم ببناء منتج للطيران من أجل نقل الركاب، لذا نحن لا نعتبر هذا سباقا من وجهة نظرنا”.
صناعة جديدة كليا
يعتقد المؤيدون أن هذه الصناعة الناشئة تقدم تغييرا حقيقيا في مجال الطيران والنقل، لأنها قد تساعد في النهاية في حل مشكلات مثل الازدحام المروري في المدن. تقدر شركة إل إي كيه كونسالتينج أن صناعة “النقل الجوي المتقدم” يمكن أن تشكل 50 في المائة من رحلات مركبات الأجرة أو الرحلات المشتركة للمسافات التي تزيد على 15 كيلو مترا بحلول عام 2040. بحسب لوكاس غادوسكي، الذي يرأس شركة تيم غلوبال للاستثمار التكنولوجي التي قدمت الدعم لخمس شركات ناشئة، بما فيها فولوكوبتر وأوتوفلايت في الصين “يمكن في النهاية أن تحل المشكلات الموجودة في المدن، ولدى السلطات، والحكومات ومشكلات البيئة”. أضاف: “إذا كانت الطريقة الأكثر فاعلية لرعاية الناس تتم داخل المدن، لكن كان نمو المدن مقيدا بالبنية التحتية للقطاع العام، (إذا) هذه ليست حلا لكل شيء، لكنها إحدى الأدوات التي تعمل على التخفيف من ذلك”.
أما مارك لور، رجل الأعمال الذي باع شركته الناشئة، جيت دوت كوم، إلى وول مارت مقابل ثلاثة مليارات دولار، فقد استثمر شخصيا ثروة صغيرة في شركة آرتشر. رفض لور فكرة أن الاعتماد سيكون عقبة مستحيلة العبور في غضون أعوام قليلة فقط، مجادلا بأن بعض الطائرات الكهربائية المأهولة التي تقلع وتهبط عموديا هي في الأساس مروحيات كهربائية.
قال: “هناك بالفعل لوائح معمول بها حاليا تسمح لطائرات الهليكوبتر بالطيران من مطار للطائرات العمودية إلى مطار آخر”. أضاف: “ومن ناحية الطائرات الكهربائية التي تقلع وتهبط عموديا تتيح المروحيات لاستخدام العامة – لكنها أكثر أمانا، وأقل تكلفة، وأكثر صداقة للبيئة وأقل إصدارا للضجيج”.
من جانبه، يشدد مايكل سبيليسي، الرئيس التنفيذي لشركة أتلاس كريست، التي اندمجت مع شركة آرتشر، على أن الجدول الزمني للشركة الناشئة لا يتصف بالمغامرة. يقول: “الجداول الزمنية واقعية وواضحة لأن إدارة الطيران الفيدرالية تريد تحقيق ذلك. وتريد شركة يونايتد أيرلاينز، التي قدمت طلبا بقيمة مليار دولار لشراء طائرات آرتشر في المستقبل، تحقيق ذلك. لديك الآن تكنولوجيا قابلة للتطبيق تجاريا. هذا لا يتعلق بنسج الأحلام للمستقبل”. يتفق بعض المؤيدين الأقل تحمسا على أن الطيران يقف على بداية أكبر ثورة منذ الانتقال إلى استخدام الطائرات في الأربعينيات. التقدم في تكنولوجيا البطاريات والمواد يعد برحلة أنظف للبيئة، وأكثر استدامة، مما تقدمه مركبات الأجرة الجوية الكهربائية وصولا إلى الطائرات التي تعمل بالهيدروجين.
من المبكر جدا اختيار الفائزين
يعمل عديد من الشركات التي تتطلع إلى إطلاق الطائرات الكهربائية التي تقلع وتهبط عموديا على التكنولوجيا منذ عقد من الزمان أو أكثر. وبحسب خبراء الصناعة لا يزال من السابق لأوانه اختيار الفائزين من بين أكثر من 600 تصميم، بالنظر إلى التكنولوجيات المختلفة التي تتم تجربتها. بعضها يركز على المركبات الشبيهة بالمروحيات، فيما يطور ابعض آخر مركبات ذات أجنحة ثابتة ومراوح دوارة قابلة للإمالة.
وتختلف الشركات في أهدافها من صناعة هذه المركبات الجوية. فبينما يركز بعضها على المركبات الكهربائية التي تخدم الركاب التي تطير لمسافات قصيرة داخل المدن وحولها، تستهدف أخرى السفر الإقليمي.
أما الهدف النهائي الذي تريد شركة كيتي هوك تحقيقه، وهي شركة ناشئة مقرها ماونتن فيو في كاليفورنيا، يملكها مؤسس جوجل المشارك، لاري بيدج، وهو أيضا مستثمر في ويسك، فهو بناء طائرة مستقلة تماما للاستخدام الفردي.
قال سيباستيان ثرون، الرئيس السابق لمشروع جوجل للسيارات ذاتية القيادة، الذي يدير شركة كيتي هوك: “إن 75 في المائة من حوادث الطيران تنتج عن خطأ بشري. من خلال إلغاء العنصر البشري من هذه الحلقة، نجعل الطيران في النهاية أكثر أمانا، وليس فقط أقل تكلفة”.
عادة ما يعد الحصول على اعتماد من منظمي سلامة الطيران من بين أكبر التحديات. لكن وكالة سلامة الطيران في الاتحاد الأوروبي أجرت محادثات مع عديد من الشركات وقالت سابقا إنها تتوقع بدء الرحلات التجارية لمركبات الأجرة الجوية بين عامي 2024 و2025.
تعمل المطارات أيضا مع المنظمين والمصنعين للبحث في إعادة تصميم المجال الجوي الإقليمي من أجل توفير السلامة لمركبات الأجرة التي تطير على ارتفاعات منخفضة. لكن خبراء يحذرون من أنه ستكون هناك حدود لأي اعتماد لها وأن أحدا حتى الآن لم يختبر مستويات قبول الجمهور لها.
يتعين أيضا إدخال معايير مشتركة. يعتقد أندرياس بيروتي، كبير مسؤولي التسويق لدى شركة إي هانج الصينية الناشئة في مجال مركبات الأجرة الجوية في أوروبا، أن الصناعة تحتاج إلى التعاون من أجل صياغة معايير مشتركة. قال: “لن يقوم أحد ببناء مطار لمركبة واحدة أو فئة واحدة فقط. يجب أن يكون المطار حياديا إلى حد ما فيما يتعلق بأمور مثل الوزن والمساحة المتاحة”. وتأمل شركة إي هانج أن تحصل إحدى مركبات الأجرة الجوية التابعة لها على شهادة من إدارة الطيران المدني الصينية في وقت مبكر من هذا العام.
بناء الأعمال التجارية
حتى بعد حصول الشركات على الاعتماد سيكون التحدي النهائي هو بناء سلسلة توريد مستدامة تمكن من التصنيع على نطاق واسع يستطيع تحقيق الإيرادات.
قال ستيفان باور، رئيس فريق المنتجات والخدمات الصناعية في شركة رولاند بيرغر الاستشارية، إنه يتوقع أن تبدأ الشركات في تحقيق إيراداتها الأولى “في منتصف العقد الحالي تقريبا” عندما تبدأ المجموعات في إطلاق عملياتها التجارية.
لكن فلوريان رويتر، الرئيس التنفيذي لشركة فولوكوبتر، ليس في عجلة من أمره فيما يخص الاكتتاب العام. قال: “بمجرد حصولنا على اعتماد وبدئنا في تسيير الرحلات التجارية الأولى في العامين أو الثلاثة المقبلة، حينها قد يصبح الاكتتاب العام الأولي الاختيار الذي نفضله”.
بعد ضجة المستثمرين العام الماضي، يدرك المسؤولون التنفيذيون أن التحدي الذي يواجه هذه الصناعة الآن هو إثبات قدرتها على تحقيق النجاح. قال أوسمان، من شركة أيرفلو: “يستغرق الابتكار في الفضاء فترة أطول وتعد تكلفته أكثر مما يعتقد معظم الناس”.

فايننشال تايمز

صحيفة بريطانية دولية تتحدث عن الأعمال، يتم نشرها في لندن منذ تأسيسها في عام 1888 من قبل جيمس شيريدان وأخوه. هناك اتفاق خاص بين فايننشال تايمز وصحيفة الاقتصادية السعودية يتم بموجبها ترجمة لأهم مقالاتها يوميا

مقالات ذات صلة

أترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى