الرئيسيةتكنولوجيا

هل التكنولوجيا هي العيب الحقيقي في السيارات ذاتية القيادة؟

هاشتاق عربي

شارك هذا الموضوع:

قد تكون ابنتي كارسون البالغة من العمر ثلاثة أعوام من أكبر المعجبين بشركة ويمو. السيارة التي هي نتاج مشروع القيادة الذاتية لشركة جوجل، يجري اختبارها بشكل متكرر في حي سان فرانسيسكو الذي نعيش فيه لدرجة أننا عادة ما نرى أربعة منها في جولة تمشية الكلب لمدة 15 دقيقة. أنا وكارسون نلعب “أبحث عن سيارة ويمو” ونغني عن مستشعرات الليزر التي تمكن السيارة من الرؤية. “الماسح الضوئي على سيارة ويمو ينبض، ينبض، ينبض…”
تحب كارسون سيارة ويمو لأنها تبدو متميزة: لديها 29 كاميرا، وخمس مساحات ضوئية، وست مستشعرات بارزة من جميع جوانب طراز آي-باس من شركة جاكوار للسيارات. لكن حقيقة أن الروبوت يقوم بالقيادة يفشل في إثارة إعجابها. هذا مجرد الواقع الذي ولدت فيه. إنه ليس أمر أكثر تميزا عن حلقات أون ديماند بلوي.
أخبرني الرئيس التنفيذي السابق لشركة ويمو، جون كرافسك، العام الماضي أن كارسون لن تحتاج أبدا إلى رخصة قيادة. قال: “ستكون قادرة على استخدام سيارة ويمو في أي مكان قد تكون فيه. لذلك هذا أمر آخر ينبغي ألا تقلق بشأنه”.
إن 13 عاما وقت طويل، لكن العملية بدأت بالفعل في سان فرانسيسكو لتكون أول مدينة رئيسة فيها خدمة تأجير سيارات دون سائق. في الصيف الماضي، حصلت شركة ويمو وشركة كروز المملوكة لشركة جنرال موتورز على تصاريح “لتلقي تعويض عن الخدمات المستقلة المقدمة للعامة”. لا تحقق أي من المجموعتين أي إيرادات تذكر اليوم، لكن المستثمرين يقيمون كلا منهما بما يزيد عن 30 مليار دولار – وهو ضعف قيمة شركة ليفت، التي لديها عمليات في أكثر من 600 مدينة في أنحاء الولايات الـ50.
يعتمد المستثمرون على الاعتقاد بأنه بمجرد أن تثبت هذه المركبات أنها أكثر أمانا من البشر، فإنها ستتحول إلى آلات نقدية على عجلات. وقد جذبت هذه الرؤية أكبر الشركات في العالم، بما في ذلك أبل ومايكروسوفت وأمازون.
مع ذلك لا أزال متشككا. إنه ليس أمرا متعلقا بالتكنولوجيا كثيرا. عندما رتبت لسيارة ويمو لتقلني وعائلتي في جولة تجريبية مدتها 20 دقيقة، لم يقع الروبوت في أي خطأ واضح. إنه حازم وسلس. خدمة تأجير السيارات “ذاتية القيادة بشكل فعلي” التي تقدمها شركة ويمو منذ أكثر من عامين في فينيكس، لم تتعرض إلى أي حوادث كبيرة.
السبب وراء عدم توافر هذه الخدمات على نطاق واسع يتعلق في الأغلب بعدم وجود نموذج عمل واضح.
سابقا في عام 2014، قال ترافيس كالانيك، الرئيس التنفيذي لشركة أوبر آنذاك، إن احتمال وجود سيارات ذاتية القيادة يشكل تحديا وجوديا لشركة أوبر. أوضح أن السائقين من البشر يمثلون ثلثي تكلفة رحلة سيارة أوبر، لذلك “عندما لا يكون هناك رجل آخر في السيارة، ستكون تكلفة ركوب سيارة أوبر إلى أي مكان أرخص”.
منذ ذلك الحين، أصبح من الواضح أن الاقتصاد أكثر تعقيدا. ما جعل شركة أوبر شديدة الاضطراب هو اقتصاد الوظائف المؤقتة. يخدم التطبيق نحو 100 مليون شخص شهريا في أكثر من عشرة آلاف مدينة، دون أن تمتلك شركة أوبر سيارة واحدة. سائقوها مقاولون، لذا هي تدفع لهم فقط عندما ينقلون الركاب. إذا كان السائق ينتظر في المطار، مثلا، فهذه ليست مشكلة شركة أوبر. ويحتوي التطبيق على برمجيات متطورة لمطابقة الركاب مع السائقين، والقيام بذلك بشكل سريع، لكنه يتحمل القليل من الانتقاد بسبب وجود عدد كبير جدا من السائقين في وقت واحد، أو القليل جدا.
تتجاهل الصناعة ذاتية القيادة هذه المزايا. بدلا من توظيف سائقين بسعر رخيص، تحتاج شركة ويمو إلى قضاء أعوام في الاختبار في أي سوق. وعوضا عن نموذج الأعمال قليل الأصول والمربح، يجب على شركة كروز بدلا من ذلك بناء أو شراء مركبات تكلف الواحدة منها نحو 200 ألف دولار. إذا نشروا كثيرا من السيارات سيهدرون رأس المال. وإذا كان العدد قليل جدا سيؤدي ذلك إلى إحباط الركاب بسبب فترات الانتظار الطويلة.
يلعب السائق أيضا الدور الضمني للمقاول، حيث يضمن تزويد السيارة بالوقود وإعاقة النشاط غير المشروع. يجب صيانة السيارات ذاتية القيادة ومراقبتها للقيام بالشيء نفسه. يقول آشلي نونيس، وهو باحث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: “لا تعني القيادة الذاتية عدم وجود العنصر البشري”. خلص عمله في هذا الموضوع إلى أن الروبوتات الآلية لا يمكنها التنافس مع اقتصاد الوظائف المؤقتة من حيث السعر.
مثل الصناعة، أنا واثق بإمكانية حل التحديات التكنولوجية التي تواجه سيارة الأجرة الآلية. لكن نموذج العمل يبدو معيبا. الجرارات المستقلة التي صنعتها شركة ديري للتجول في الحقول الفارغة لأداء أعمال موسمية أكثر منطقية بكثير. ويبدو أن للشاحنات المستقلة أيضا مستقبلا مشرقا.
عندما يتم فتح سيارات الأجرة الآلية للجمهور أخيرا في سان فرانسيسكو، فإنها تنطوي على خطر أن تصبح وسيلة للتحايل. من الممتع المحاولة بالتأكيد، لكنها ستأخذ منك تكلفة سيارة أوبر نفسها، ولن تصل أسرع وستمتنع عن الإسراع عندما تكون في عجلة من أمرك. قد يتغير الكثير بحلول عام 2035، عندما تبلغ ابنتي سن القيادة. لكن على الرغم من ذلك، قد أضطر إلى الانضمام إلى الأجيال السابقة من الآباء والاستمتاع بالرعب الفريد المتمثل في الجلوس في مقعد الراكب.

فايننشال تايمز

صحيفة بريطانية دولية تتحدث عن الأعمال، يتم نشرها في لندن منذ تأسيسها في عام 1888 من قبل جيمس شيريدان وأخوه. هناك اتفاق خاص بين فايننشال تايمز وصحيفة الاقتصادية السعودية يتم بموجبها ترجمة لأهم مقالاتها يوميا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى