الرئيسيةدولي

مرحبا أيها الكون .. هل من أحد هناك؟

شارك هذا الموضوع:

تعاملت الإنسانية مع بعض القضايا الصعبة خلال العام الماضي، على سبيل المثال لا الحصر: الجائحة العالمية، والاضطراب الاقتصادي، والتغير المناخي، والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة حول أوكرانيا وتايوان، وهذا نزر يسير لكن في المستقبل قد ننظر وراءنا إلى عصرنا هذا ونطرح سؤالا أكثر أهمية، هل كانت فكرة الاتصال بالفضائيين جيدة حقا؟
ميشيو كاكو، عالم الفيزياء النظرية والمؤلف البارز، ليس وحده الذي يعتقد أن أي محاولة، ناجحة، للفت انتباه أي حياة ذكية خارج كوكب الأرض إلى وجودنا قد تكون فكرة سيئة بشكل كارثي. قال العام الماضي، “أعتقد أن هذا سيكون أكبر خطأ في تاريخ البشرية”. استحضر كاكو صورا لغزاة فضائيين متفوقين على البشر تقنيا وهم يتصرفون بوحشية مع البشر تماما كما تعامل هرنان كورتيس مع مونتيزوما، إمبراطور الأزتيك، في القرن الـ16. قال، “إذا جاء الفضائيون، فلن يكون ذلك المشهد جميلا”. تابع، “سيقوم بعض الناس بتبجيلهم (…) وآخرون سيعتقدون أنهم شياطين، وسيرغب أشخاص آخرون في إبرام صفقة معهم”.
لكن هناك عديدا من علماء الفلك المتحمسين لفكرة الاتصال بأي حياة ذكية خارج كوكب الأرض ويكثفون الجهود لتحقيق مبتغاهم. فمن بين أهداف تليسكوب جيمس ويب الفضائي الذي بلغت تكلفته عشرة مليارات دولار، وتم إطلاقه أخيرا، البحث عن الكواكب الخارجية “الكواكب التي تدور حول النجوم خارج نظامنا الشمسي” الصالحة للسكن، التي يمكن أن يعثروا فيها على أشكال أخرى للحياة.
لكن هناك فرقا كبيرا بين البحث غير النشط عن حياة ذكية خارج كوكب الأرض، المعروف باسم SETI، وهو أمر غير مثير للجدل نسبيا بين علماء الفلك، وبين التخاطب النشط مع حياة ذكية خارج كوكب الأرض، METI، التي تثير زوبعة من الآراء المعارضة.
كانت المحاولة الأولى لقول مرحبا لبقية الكون في 1974 عندما بثت مجموعة من علماء الفلك رسالة عبر تليسكوب راديو مرصد أريسيبو موجهة إلى المجموعة النجمية إم13، على بعد نحو 25 ألف سنة ضوئية. لكن ستمضي آلاف الأعوام قبل أن نتوقع أي رد على الرسالة – إلا إذا كنت قد تناولت جرعة زائدة من السذاجة كي تعتقد أن دائرتين مرسومتين على محصول زراعي، تشبهان وجها بشريا وتشبهان كذلك الرسالة الأصلية، وجدتا في حقل إنجليزي في هامبشير في 2001 هما بالفعل “الرد على رسالة أريسيبو”.
منذ ذلك الحين خرج عديد من المجسات الفضائية خارج نظامنا الشمسي في رحلة ذهاب بلا عودة لإعلان وجود البشر. تمول “ناسا”، من بين وكالات الفضاء الأخرى، أبحاثا في مجال علم الأحياء الفلكي، الذي يبحث في “منشأ الحياة والحياة خارج كوكب الأرض”.
في 2015، تم تأسيس منظمة بحثية وتعليمية غير هادفة للربح، تسمى إم إي تي آي إنترناشونال، في سان فرانسيسكو بهدف التخاطب مع حضارات خارج كوكب الأرض. بعد تأسيسها بعامين، بعثت المنظمة برسالة تتضمن معادلات رياضية وموسيقى لجان ميشيل جار، إلى النجم القزم الأحمر، لويتين، الذي يبعد 12 سنة ضوئية عن الأرض.
يقول دوجلاس فاكوتش، رئيس ومؤسس إم إي تي آي إنترناشونال، في حال كان الفضائيون متطورين بما يكفي كي يتمكنوا من السفر لمسافات هائلة من أجل الوصول إلى الأرض، فمن غير المرجح أن يكونوا بحاجة إلى أي شيء نملكه. لذلك يجب ألا نخاف من البدء في محادثة كونية. يضيف، “الخوف لا يحمينا، بل يقيدنا فقط”.
من بين الأفكار المثيرة للاهتمام، فكرة طرحها جيف هوكينز، تقول إن بإمكاننا إطلاق بعض الأجسام الضخمة الحاجبة لأشعة الشمس كي تدور حول الشمس للإشارة إلى وجودنا على الأرض. ستحدث هذه الحواجز، التي ستدور حول الشمس لملايين الأعوام، انخفاضا طفيفا غير طبيعي في أشعة النجوم لكنه قابل للاكتشاف، وهو ما يشبه إرسال رسالة في قارورة إلى بقية المجرة.
لكن كل هذه المحاولات للاتصال بالفضائيين تثير أسئلة عميقة. فمن له الحق في التحدث نيابة عن كوكبنا؟ وما الرسالة التي يجب أن نرسلها؟ تساءلت كاترين دينينغ، عالمة الأنثروبولوجيا في جامعة يورك في تورنتو، لماذا يجب على الخبراء العلميين أن يقرروا من جانب واحد مستويات تحمل المخاطر على كوكب الأرض عوضا عن أن تقرر ذلك فتاة تبلغ من العمر ستة أعوام في ناميبيا، ستعيش لفترة أطول ولديها ما تقلق بشأنه أكثر منهم؟
هذه الأسئلة جيدة، لأنها تسلط الضوء على مقدار النقاش حول METI الذي يدور حول البشر أكثر من كونه حول الفضائيين. قد يعد الجدال أيضا نقاشا علميا نادرا حيث لا يستطيع أي من الطرفين تقديم جزء من الأدلة لدعم حجته. لكن المناقشة تخمينية بالكامل، وقد تشكلت من خلال روايات الخيال العلمي المثيرة للقلق، والمعتقدات غير الواضحة في عالمية دوافع البشرية والافتراضات “ربما الخاطئة” التي تشير إلى وجود حياة ذكية خارج كوكب الأرض.
إذن، في النهاية لعل السؤال يختصر على، هل تعد الرغبة الجماعية للبشرية في الاستكشاف أكبر من خوفها من المجهول؟ أود أن أزعم أن قرونا عديدة من تاريخ البشرية وفرت لنا إجابة واضحة: نعم.

فايننشال تايمز – جون ثورنهيل

فايننشال تايمز

صحيفة بريطانية دولية تتحدث عن الأعمال، يتم نشرها في لندن منذ تأسيسها في عام 1888 من قبل جيمس شيريدان وأخوه. هناك اتفاق خاص بين فايننشال تايمز وصحيفة الاقتصادية السعودية يتم بموجبها ترجمة لأهم مقالاتها يوميا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى