الرئيسيةريادة

زيبز.. من الصومال إلى نجم في المدفوعات الرقمية

شارك هذا الموضوع:

قبل 30 عاما، تسلل إسماعيل أحمد من أرض الصومال التي مزقتها الحرب إلى جيبوتي المجاورة، مختبئا على ظهر شاحنة قلاب. أرسل إليه شقيقه، الذي كان يعمل في السعودية، المال لدفع ثمن رحلة بالطائرة إلى لندن للحصول على منحة لدراسة الاقتصاد. يقول، “كان ذلك عندما أدركت حقا أن التحويلات كانت مصدرا رئيسا لأموال المهاجرين”.
اليوم، أحمد هو مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة زيبز Zepz، مجموعة ويرلد ريميت سابقا. وهي خدمة مدفوعات رقمية عبر الحدود لديها أكثر من 11 مليون مستخدم في 150 بلدا، وقدرت قيمتها بخمسة مليارات دولار في عملية لجمع الأموال في آب (أغسطس).
يوضح أثناء تناول الشاي في هرجيسا، مسقط رأسه وعاصمة دولة أرض الصومال المعلنة من جانب واحد، “إننا واحدة من أكبر شركات تحويل الأموال الرقمية المستقلة على مستوى العالم”.
يضيف، “لقد كان ممر التحويلات الأول لدينا من المملكة المتحدة إلى أرض الصومال – هكذا بدأنا. بعد ذلك، أصبحنا عالميين، واليوم نحن من بين الأفضل في كولومبيا والفلبين، مثلا”.
أسس أحمد الشركة ـ مقرها في لندن ـ منذ عقد من الزمان. ومولها بنحو 100 ألف دولار هي عبارة عن تعويض حصل عليه بعد أن فضح عمليات فساد في برنامج تحويلات أثناء عمله في الأمم المتحدة في نيروبي. في تلك المرحلة كان يبحث بالفعل عن طرق أكثر فاعلية لتحويل الأموال عبر الحدود بعد الاضطرار إلى دفع رسوم للبنوك الكبرى لإرسال الأموال النقدية إلى أرض الصومال عندما كان يدرس في المملكة المتحدة.
يوضح أحمد قائلا، “لقد تم بناء هرجيسا فعليا باستخدام أموال التحويلات، لذلك نشأت وأنا أرى التحويلات في كل مكان”، مشيرا إلى أن الصوماليين استخدموا نظام تحويل الأموال تحت الأرض “نظام الحوالة” القائم على السمعة الحسنة، الذي تم تطويره بعد ذلك ليكون وسيلة للسماح للمغتربين بإعادة الأموال إلى أرض الصومال بتكلفة تقترب من الصفر.
الصوماليون العاملون في دول أخرى – وهم ممثلون بقوة في جيبوتي وإثيوبيا وكينيا، مثلا – يسلمون نقودهم التي وفروها إلى التجار هناك الذين كانوا في حاجة إلى المال لشراء بضائع. ويقوم هؤلاء التجار بدورهم، ببيع بضائعهم في البلد الذي وجهت إليه أموال الصوماليين، وتسليم عائدات مبيعاتهم إلى مستلم معين. أظهرت المجتمعات الصومالية المتماسكة، والقائمة على العشائر، ثقة كافية بأن عمليات النقل هذه ستتم بحسن نية. فقد تم إرسال التحويلات المالية إلى أرض الصومال عبر متاجر وأكشاك التحويل على مر الأعوام.
لكن مع تطور الخدمات المالية عبر الهاتف المحمول – التي تزدهر في أجزاء من إفريقيا – دخلت سوق التحويلات مرحلة جديدة. تجلى ذلك في آب (أغسطس)، عندما جمعت زيبز 292 مليون دولار في شكل تمويل جديد من مستثمري الأسهم، بما في ذلك فارالون، إضافة إلى المساهمين الحاليين، ليب فروج و تي سي في، وأكسل. وتم اعتماد زيبز اسما للشركة في وقت سابق من هذا العام، بعد أن استحوذت ويرلد ريميت على تطبيق التحويلات، سيند ويف، الذي يركز على الأسواق الإفريقية والآسيوية، مقابل 500 مليون دولار.
لقد مكنت شركات تحويل الأموال الرقمية سريعة النمو المهاجرين من إرسال تحويلات طارئة أصغر لم تكن ممكنة في مواقع الوكلاء التي تعتمد على النقد “بسبب الحد الأدنى من مبالغ الإرسال وأعلى حد أدنى للرسوم”، كما يشير أحمد.
أثبتت هذه الخدمات ضرورتها خلال جائحة كوفيد- 19. يضيف أحمد قائلا، “النجاح الهائل في تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول والرقمنة، ولا سيما في إفريقيا، يعني أنه عندما أوصدت المحال أبوابها أثناء عمليات الإغلاق، كان الناس في الغالب قادرين على الحصول على أموالهم من خلال حساباتهم المالية عبر الهاتف المحمول أو حساباتهم المصرفية”. في أرض الصومال، التي يبلغ حجم اقتصادها 3.5 مليار دولار، ارتفعت قيمة التحويلات إلى أكثر من 1.3 مليار دولار في 2020، لتتخطى بذلك مبلغ 1.1 مليار دولار في 2019، وفقا للبنك المركزي.
يقول سعد علي شاير، وزير المالية في أرض الصومال، “لدينا ثقافة مجتمعية تدعم بعضها بعضا بشكل متبادل (…) الأشخاص الذين يملكون المال يقومون بإعطائه لأقاربهم، الذين لا يملكونه، لذلك نحتاج إلى نقل الأموال”. يضيف، “أينما يذهب الصوماليون، فهم بحاجة إلى إرسال الأموال للوطن، ومن أجل إرسال الأموال فهم بحاجة إلى شركات تحويل جديرة بالثقة”.
يتمتع شاير بخبرة في هذا القطاع، حيث شغل منصب العضو المنتدب في المملكة المتحدة لشركة دهبشيل، وهي أكبر شركة للتحويلات في إفريقيا. وقد فازت دهبشيل ذات مرة بأمر قضائي ضد باركليز، بعد أن حاول البنك البريطاني إغلاق حسابها، ما أدى إلى حملة قادها الرياضي البريطاني المولود في الصومال، مو فرح.
بالنسبة إلى أرض الصومال، تشكل تحويلات الأموال جزءا كبيرا من اقتصاد هذا البلد غير المعترف به، وهذا يمكن دولة صغيرة مثلها من أن تصبح مؤسسة خاصة مزدهرة.
يقول عبد الرشيد دوالي، الرئيس التنفيذي لدهبشيل، “يثق أفراد مجتمعنا ببعضهم بعضا كثيرا، بسبب الروابط العائلية، والروابط الثقافية، والروابط العشائرية – ودهبشيل تحترم هذه الروابط”.
أما والده، محمد دوالي، فهو “الأب المؤسس” للتحويلات المالية الصومالية، حيث بدأ دهبشيل – التي تعني “الصائغ” – في 1970، في بلدة بوراو.
وفي أوائل التسعينيات، اضطرت عائلة دوالي إلى الفرار من الحرب الأهلية الصومالية، عندما “ألقت الطائرات القنابل فجأة في كل الاتجاهات”. ومن خلال مسيرهم مع مجتمعات البدو الرحل، عبرت العائلة إلى إثيوبيا. ثم انتهى بهم المطاف أخيرا في المملكة المتحدة، وذلك قبل عودتهم إلى أرض الصومال لتعزيز أعمالهم.
واليوم توجد الشركة في 126 بلدا وتمتد أعمالها من الخدمات المصرفية إلى الطاقة إلى الاتصالات، إضافة إلى إي-دهب، وهي خدمة تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول.
يقول دوالي، “تحويل الأموال أمر بالغ الأهمية للمجتمعات الصومالية في جميع أنحاء العالم”. يضيف، “الأعمال تسري في حمضنا النووي. والناس هنا مبتكرون للغاية في ممارسة الأعمال التجارية، والاستثمار، وإرسال الأموال”.
تدير دهبشيل نسبة كبيرة من التحويلات في الصومال، بحسب دوالي، إضافة إلى التحويلات من وإلى أنحاء أخرى في إفريقيا.
يقول، “دائما ما يفكر الناس في الأموال القادمة من الدول الغربية، وهو أمر ضروري، لكنهم ينسون أمر المعاملات المالية الإقليمية. الناس يشترون البضائع من أنحاء شتى من إفريقيا ويحولون الأموال بين الدول في القارة والشرق الأوسط”.

فايننشال تايمز – أندريس شيباني

فايننشال تايمز

صحيفة بريطانية دولية تتحدث عن الأعمال، يتم نشرها في لندن منذ تأسيسها في عام 1888 من قبل جيمس شيريدان وأخوه. هناك اتفاق خاص بين فايننشال تايمز وصحيفة الاقتصادية السعودية يتم بموجبها ترجمة لأهم مقالاتها يوميا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى