اقتصادالرئيسية

الاقتصاد في قبضة أوميكرون

شارك هذا الموضوع:

إذا رغبنا في أن نعلق على وضع الاقتصاد العالمي هذا العام بوصفه مباراة لكرة القدم، فيمكن القول إن المباراة بدأت بداية قوية لمصلحة فريق الاقتصاد العالمي، بعد سلسلة الخسائر، التي مني بها الفريق في مباريات 2020.
الولايات المتحدة والصين رأسا حربة الفريق قادتا الهجوم على مرمى الخصم، وإحراز عدد من الأهداف، لكن فريق الخصم- فريق كورونا وتداعياته- لا يجب الاستهانة به، إذ واصل تهديد مرمى فريق الاقتصاد العالمي، وبعض الركلات كادت أن تهز الشباك لكنها لم تفلح.
المباراة على أي حال تقترب من النهاية وفريق الاقتصاد العالمي متقدما على خصمه، وبفوزه سيتأهل لدخول مونديال 2022 قويا.
قبل انتهاء المباراة وفي دقائقها الأخيرة يجري مدرب الفريق الخصم– فريق كورونا وتداعياته– تغيرا في اللاعبين ويعزز فريقه بلاعبين في الهجوم أحدهما أوميكرون والآخر “تضخم”، ويكثف الهجوم على أمل إحراز النصر لفريقه وإفساد فرحة جمهور فريق الاقتصاد العالمي، الذي سريعا ما غير تكتيكاته وركز لاعبيه على خط الدفاع لإعاقة أوميكرون والحيلولة دون أن يحرز “تضخم” أي هدف يضمن به التعادل وشوط إضافي لمواصلة المباراة المرهقة، دقائق وتنتهي المباراة ولا يزال فريق الاقتصاد العالمي متقدما، لكن لا شك أنه بات مضغوطا ومحاصرا قرب مرماه.
يمكن لوصف تلك المباراة أن يختصر لنا– إلى حد كبير- وضع الاقتصاد العالمي هذا العام. فالانتعاش الاقتصادي في الصين والولايات المتحدة، رفع من توقعات نمو الاقتصاد الدولي، على الرغم من التحديات، التي يواجهها، سواء جراء المصاعب الناجمة عن مشكلات سلاسل التوريد العالمية، أو ارتفاع معدلات التضخم، أو استمرار الإصابات بفيروس كورونا، أو عدم كفاية التقدم المحرز على صعيد التلقيح في عديد من الدول، رغم تلك العوائق والتحديات كانت قوة القاطرة الأمريكية الصينية كفيلة بجذب الاقتصاد العالمي للأمام خلال هذا العام.
لكن المشهد الاقتصادي الدولي بات محاطا في الربع الأخير من هذا العام بعديد من التساؤلات نتيجة ظهور أوميكرون المتحور الجديد من سلالة فيروس كورونا، وما أحدثه من ارتباك في الأسواق الدولية، إضافة إلى قلق محافظي البنوك المركزية حول العالم من احتمال أن تؤدي معدلات التضخم المتزايدة إلى ضغوط عنيفة على الاقتصاد الدولي في وقت لم يستعد بعد لمواجهتها.
من جهته، يشير لـ”الاقتصادية” البروفيسور إل. سي تشارلز، أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة باث، إلى أن أغلب التوقعات تراهن على تسارع النمو العالمي إلى 5.6 في المائة هذا العام، وعلى الرغم من هذا الانتعاش، فالمتوقع أن يكون مستوى الناتج المحلي الإجمالي العالمي في 2021 أقل 3.2 في المائة من التوقعات السابقة للوباء، وأن يظل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في كثير من اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية أقل مما كان عليه قبل ظهور وباء كورونا.
وفي الواقع، فإن أغلب التقديرات الدولية الخاصة بتقييم أداء الاقتصاد العالمي، يظهر أن حالة التعافي مستمرة لكن زخمها كان قد بدأ يتراجع ويضعف في النصف الثاني من العام، بسبب تزايد مستوى عدم اليقين الاقتصادي، والشكوك المحيطة بقدرة الاقتصاد على مواصلة تعافيه في ظل استمرار أزمة سلاسل التوريد، والتهديدات بسبب التضخم واحتمال انفلاته من عقاله، وما ترافق مع هذا كله من حديث عن استعداد البنوك المركزية لرفع أسعار الفائدة بعد أعوام طوال من انخفاضها.
لم تكن قضية التضخم مطروحة بقوة على جدول أعمال الاقتصاد العالمي في الربعين الأول والثاني من هذا العام، كان السبب وراء ذلك أن معدلاته انخفضت في 2020، وبدأ الاقتصاد العالمي يتعافى بشكل سريع وجيد في النصف الأول من 2021، وسادت القناعات حينها أن التضخم حتى إن ارتفع فسيكون ضمن النطاقات المستهدفة من قبل البنوك المركزية، إلا أن الوضع تغير في النصف الثاني من العام، وباتت قضية التضخم آخذة في الارتفاع، والمخاوف المتصاعدة بأن يذهب بعيدا عن الأرقام المرغوبة قضية الساعة في جميع الاقتصادات.
في الآونة الأخيرة أخذت المواجهة بين البنوك المركزية والتضخم تزداد تعقيدا، خاصة مع تغيير مواقف وتقييم جيروم باول محافظ المجلس الفيدرالي الأمريكي لمعدلات التضخم المستمرة في النمو، فقناعته الأولى تمحورت حول سعيه لتهدئة الأسواق عبر التأكيد الدائم على أن معدلات التضخم المتزايدة، ما هي إلا معدلات “عابرة” نتيجة أزمة سلاسل الإمداد، لكن تلك الرؤية تغيرت أخيرا مع حديثه وبشكل رسمي بأنه يستبعد أن يكون التضخم “عابرا”. تغير قناعات باول عزز من القلق الاقتصادي الدولي.
من ناحيته، قال لـ”الاقتصادية” شون بلاك ويل، الخبير الاستثماري، “أغلب التنبؤات تشير إلى أن التضخم في الاقتصادات المتقدمة سيصل إلى حد أقصى يراوح بين 3 و4 في المائة، خاصة في الأشهر الأخيرة من هذا العام، بينما ستكون المعدلات أكبر في الأسواق الناشئة وستراوح بين 6 و7 في المائة”.
إلا أن شون بلاك يرى أن تلك التوقعات تتأثر في كثير من الأحيان بحالة عدم اليقين الاقتصادي، ما قد يجعل التضخم مرتفعا لفترة أطول، وإذا كان من المرجح الآن أن يستمر التضخم في الشهور المقبلة، على أن يعود إلى مستويات ما قبل الجائحة في النصف الثاني من العام المقبل، فإن العوامل، التي تغير هذا المسار قد تشمل الارتفاع الكبير في تكاليف السكن مع استمرار نقص الإمدادات لفترة طويلة، سواء في الاقتصادات المتقدمة أو النامية، أو المخاوف المتصاعدة حاليا من ارتفاع أسعار الغذاء على مستوى العالم، وانخفاض أسعار العملات في الأسواق الصاعدة، كما يحدث في تركيا حاليا.
قضية التضخم أثارت نقاشات لم تنته حتى الآن، بشأن دور السياسة النقدية في التعامل مع هذا التحدي، فارتفاع التضخم ترافق مع موجة جديدة من جائحة كورونا نتيجة متحور “أوميكرون”، ما يؤدي إلى تعقيد الخيارات المتاحة للأسواق الصاعدة والبلدان النامية على حد سواء.
في هذا السياق، تعلق لـ”الاقتصادية” الدكتورة كارمن جورج، أستاذة السياسات المالية في جامعة لندن بالقول “الأسواق الناشئة والنامية معرضة لخطر الانتهاك المستمر لأهداف التضخم الخاصة بها خاصة أنها تعتمد على التوسع في السياسات المالية لضمان الانتعاش، وبصفة عامة يمكن القول أن هذا العام شهد قلقا بأن يكون التعافي الاقتصادي وتحديدا في النصف الأول من العام السبب في إذكاء مستوى التضخم بدءا من النصف الثاني، سواء في الاقتصادات المتقدمة أو الصاعدة، مدفوعا بالطلب المتزايد على السلع مع نقص في المعروض، وارتفاع تكاليف الإنتاج نتيجة الزيادات في أسعار السلع الأولية. وانفلات التضخم بسرعة سيصبح باهظ التكلفة وقد يحد من توقعات النمو في العام المقبل”.
المؤكد حاليا أن صناع السياسات النقدية سيسيرون على خط رفيع بين العمل على مواصلة دعم التعافي الاقتصادي الذي لم يكتمل، وإرساء أطر نقدية سليمة للتعامل مع شبح التضخم الذي يحلق في الأجواء ويزداد شراسة.
أحد أبرز التحديات، التي واجهت الاقتصاد العالمي هذا العام ولا يزال يواجهها مع توقعات بأن تتواصل في العام المقبل تتعلق بسلاسل الإمداد، حيث أدت المشكلة إلى نقص في المدخلات الرئيسة للإنتاج، وخفضت من نشاط الصناعات التحويلية في عديد من البلدان، ومع انطلاق الطلب العالمي وانتعاش أسعار المواد الأساسية، ازدادت المشكلة حدة.
بدورها، تقول لـ”الاقتصادية” كيرا بونهام، خبيرة التسويق البريطانية، “شهدت أجزاء مختلفة من العالم مشكلات في سلاسل التوريد تفاقمت لأسباب مختلفة، فعلى سبيل المثال، أثر نقص الطاقة في الصين على الإنتاج، بينما في المملكة المتحدة كان الخروج من الاتحاد الأوروبي عاملا كبيرا في نقص سائقي الشاحنات، والولايات المتحدة تعاني أيضا نقص سائقي الشاحنات، وأدى ذلك إلى تراكم كبير للسلع في الموانئ”.
وتضيف “تحديات سلاسل الإمداد تعبر عن جانب العرض في الاقتصاد العالمي، فارتفعت أسعار الشحن للبضائع المقبلة من الصين للولايات المتحدة وأوروبا، ومع نقص سائقي الشاحنات تفاقمت مشكلة وصول البضائع إلى وجهاتها النهائية، وهو ما يرجح أن يكون له تأثيرات في مستويات أسعار السلع، خاصة أن البلدان الغربية على أعتاب أبواب العطلات، حيث يرتفع الطلب بشكل كبير”.
مشكلة سلاسل التوريد تسببت في إيجاد تحديات للنمو الاقتصادي في الصين وأوروبا هذا العام، إذ أعلنت الصين أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث نما 4.9 في المائة وهي نسبة مخيبة للآمال، مقارنة بالربع الثاني، وألقت السلطات الصينية بجزء من المسؤولية على سلاسل التوريد، التي أدت إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي.
وتكرر هذا الوضع في ألمانيا أكبر اقتصاد أوروبي، كما أن معدلات أرباح الشركات بدأت تتضرر نتيجة تلك المشكلة، وهذا قد يؤدي إلى نتائج لا تظهر عقباها هذا العام، وإنما في العام المقبل، وذلك عندما تتأثر الشركات ذات هوامش الربح المنخفضة، بينما ستكون الشركات، التي لديها هوامش ربح أوسع نتيجة محدودية نفقاتها على المواد الخام أو أن لديها قوة عمل صغيرة مثل قطاعات التكنولوجيا أو الرعاية الصحية في وضع أفضل.
من المؤكد أن تفشي وباء كورونا منذ بداية 2020 تسبب في صدمة غير مسبوقة ومدمرة بشدة لأسواق العمل في جميع أنحاء العالم، وعلى الرغم من الجهود الهائلة المبذولة من قبل الحكومات لحماية العمالة ودعم الشركات للإبقاء على العمال، فإن البطالة وصلت إلى مستويات مقلقة 2020، وإذ أظهر الاقتصاد العالمي مؤشرات تعاف تدريجي هذا العام، إلا أن سرعة إيجاد الوظائف وفرص العمل لا تزال متباطئة بشكل عام، ولا تعوض الوظائف، التي فقدت العام الماضي، ولا سيما في الاقتصادات النامية وتحديدا في القطاعات الأكثر تضررا من وباء كورونا مثل قطاع السياحة والسفر والضيافة، بل إن بعض الاقتصادات النامية يتوقع أن تشهد انتعاشا اقتصاديا مصحوبا بمعدلات بطالة مرتفعة وطويلة الأجل مع زيادات غير مستقرة في الوظائف المؤقتة.
من ناحيتها، أشارت لـ”الاقتصادية” ريتشيل أور الباحثة في منظمة العمل الدولية إلى أن تقديرات المنظمة الدولية تتحدث عن أن نحو 220 مليون شخص يتوقع أن يظلوا عاطلين عن العمل على مستوى العالم هذا العام، في حين أن معدل البطالة العالمي قد يصل إلى 6.3 في المائة في 2021 على أن ينخفض إلى 5.7 في المائة العام المقبل، لكنه سيظل أعلى من مستوى ما قبل الجائحة البالغ 5.4 في المائة.
وتعتقد ريتشيل أور أن قضية البطالة إذا لم يتم التصدي لها بشكل عاجل فيمكن أن تهدد بعرقلة الانتعاش العالمي.
وتقول “يلاحظ أن قضية التضخم احتلت حيزا كبيرا من الاهتمام الدولي في النصف الثاني من هذا العام، هذا لم يحدث بالنسبة لقضية البطالة، وذلك على الرغم من أن كثيرا من الاقتصادات المتقدمة، سواء الولايات المتحدة وكندا وأستراليا والعديد من الاقتصادات الأوروبية، تواجه نقصا حادا في العمالة في قطاعات محددة، ولا يزال لدى تلك البلدان معدلات بطالة أعلى مما كانت قبل الجائحة”.
قضية البطالة كانت بارزة هذا العام في أوروبا على وجه التحديد، فأكثر من 27 في المائة من الشركات العاملة في قطاع البناء الأوروبية تعاني نقص العمالة، وتعد أن ذلك العامل الرئيس، الذي يحد من نشاطها الاقتصادي.
ويعتقد العديد من الخبراء أن 2021 اتسم بوضع متناقض ظاهريا متمثلا في استمرار ارتفاع معدلات البطالة المصحوبة بنقص خطير في العمالة.
ويفسر الدكتور أوزبورن ونتور أستاذ الاقتصاد الكلي في جامعة بروملي هذا الوضع لـ”الاقتصادية”، بالقول “الانتعاش غير المتوزان للاقتصاد العالمي عبر مختلف القطاعات، والتغييرات في تكوين الطلب الكلي من بين الأسباب التي تسببت في تحولات في نمط الطلب على العمالة، يضاف لذلك أن وباء كورونا غير نمط عرض العمال وأوجد صعوبة لأصحاب الأعمال في العثور على مرشحين مؤهلين، كما أن مخاطر الوباء جعلت بعض المهن أقل جاذبية للعمال، ما أدى إلى زيادة الأجور”.
ويعتقد الدكتور ونتور أن نقص العمالة لن يؤدي إلى إعاقة التعافي الاقتصادي فحسب، بل إنه يضر من وجهة نظره بالمسار الطويل المدى للنمو المحتمل للناتج في عديد من الاقتصادات الرائدة.
في ظل التطورات الاقتصادية المتعددة التي اجتاحت المشهد الاقتصادي العالمي هذا العام، فإن هناك ما يشبه الإجماع بين الخبراء أن التباعد الخطير في الأفق الاقتصادي بين البلدان مظهر رئيس للتطور الاقتصادي في 2021، وأيضا مصدرا للقلق.
أغلب التقديرات تشير إلى أنه حتى مع الضربات التي تلقتها بعض الاقتصادات المتقدمة نتيجة فيروس أوميكرون، فإن الناتج الكلي الإجمالي لها سيكون قادرا، العام المقبل، على العود إلى مساره السابق لتفشي وباء كورونا، بينما يختلف المشهد تماما بالنسبة للاقتصادات الصاعدة والأسواق النامية وستكون الصين الاستثناء الوحيد في هذا السياق، إذ لا يتوقع أن تستعيد الأسواق الصاعدة والنامية عافيتها إلا بحلول 2024، ما يعني انتكاسة كبيرة في الجهود المبذولة لرفع مستويات المعيشة في تلك البلدان.
الدكتورة تيلدا سونتون، أستاذة التنمية الاقتصادية في جامعة جلاسكو، ترجع ذلك إلى الفجوات الكبيرة الراهنة في مجال التطعيم، وكذلك في تفاوت القدرات بين حكومات البلدان المتقدمة ونظيرتها في الأسواق الصاعدة والنامية في تقديم الدعم المالي للقطاعات المتضررة من جائحة كورونا.
وتقول لـ”الاقتصادية”، “أغلب البلدان المتقدمة قامت بتطعيم السواد الأعظم من مواطنيها وكثير منها يقوم حاليا بتقديم الجرعة المعززة، على العكس تماما نجد أن أغلب المواطنين في البلدان النامية ومنخفضة الدخل لم يتلقوا الجرعة الأولى، هذا يؤثر في القدرة الإنتاجية، سواء برفع معدلات الإصابات أو الوفيات”.
وتضيف “أيضا نلاحظ أن ارتفاع معدلات التضخم يؤدي إلى زيادة الفجوة بين الجانبين، فالدول المتقدمة لا تزال قادرة على التعامل مع التضخم بمرونة أعلى بكثير، مقارنة بالاقتصادات النامية أو الأسواق الصاعدة، فخوف المجموعة الثانية من البلدان من انفلات معدلات التضخم وخروجها عن المعدلات التي تسعى بنوكها المركزية إلى الحفاظ عليها يدفعها إلى الإسراع إلى سحب الدعم المقدم إلى القطاعات المتضررة على الرغم من أنها لم يتم شفاؤها واستعادة توازنها بعد بشكل كامل”.
رأب تلك الفجوة كان واحدا من القضايا الاقتصادية محل النقاش هذا العام من خلال تضافر الجهود لتوفير سيولة دولية كافية للاقتصادات المكبلة بالقيود المالية، من هذا المنطلق احتلت دعوات صندوق النقد الدولي للبلدان، التي تتمتع بأوضاع اقتصادية إيجابية إلى توجيه مخصصاتها من حقوق السحب الخاصة نحو الصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر على أساس تطوعي، موقعا مهما في مسار الاقتصاد الدولي في 2021.
وسط تلك الأحداث كافة، كانت الأشهر الأخيرة من العام حافلة بنقاشات وتكهنات بشأن قرب اتجاه المجلس الفيدرالي الأمريكي وبنك إنجلترا إلى تغيير مسار سياستهما النقدية عبر رفع أسعار الفائدة، لم يحدث حتى الآن أي تغيير بهذا الشأن لكن جميع المؤشرات توحي بأن بدايات 2022 ربما تشهد إصدار مثل تلك القرارات، وربما يتأخر البنك المركزي الأوروبي بعض الشيء، مقارنة بنظيريه الأمريكي والبريطاني.
ولكن من الواضح أن تطورات الأحداث الاقتصادية في عامنا هذا تمهد الأرضية لرفع أسعار الفائدة في العام المقبل.
باختصار كان هذا العام عاما آخر يبرهن على أن جميع سكان الكوكب في قارب واحد شاء من شاء وأبى من أبى، وأنه إذا لم يتعاون الجميع، فإن التقديرات بأن تأثير وباء كورونا إذا ما امتدت آثاره للأجل المتوسط أي بين ثلاثة وخمسة أعوام يمكن أن تخفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقدار تراكمي قدره صندوق النقد الدولي بـ5.3 تريليون دولار على مدار خمسة أعوام.
وإذا كان الاقتصاد العالمي قد بدأ يتعافى تدريجيا من الضربات، التي تلقاها 2020، فإن التشققات والصدوع الكثيرة، التي تجعل من التعافي محل تساؤل، وقبل أن يلملم العام أوراقه ويرحل برهن متحور أوميكرون أننا لا نزال في قبضة الجائحة، ولم نتخلص منها تماما بعد، وأن تأثيرها سيتواصل معنا ومع الاقتصاد الدولي في عامنا الجديد إذا لم تتضافر الجهود لتحقيق ازدهار اقتصادي للجميع.

صحيفة الاقتصادية السعودية

صحيفة عربية سعودية متخصصة باخبار الاقتصاد العالمي و الخليجي و السعودي و كل ما يخص أسواق الأسهم و الطاقة و العقارات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى