إذا كنت ستختار كلمة مالية لـ2021، فإن “ميم” قد تكون مؤهلة. تذكر الهوس حول “جيم ستوب”، عندما أدى شراء مستثمري التجزئة الجنوني ووسائل التواصل الاجتماعي إلى دفع سعر السهم إلى أعلى 2700 في المائة بين الثامن والـ28 من كانون الثاني (يناير) – وتسبب في تداول 900 ألف شخص في يوم واحد؟
أو الضجة حول مجموعة الأفلام “أيه إم سي”، أو صانع معدات اللياقة البدنية “بيلتون”، أو كيف أجبرت منصة روبن هوود للتداول لفترة وجيزة على إيقاف بعض عمليات التداول وسط إقبال كثيف، ما أدى إلى تحقيق من جانب الكونجرس؟
مع ذلك، الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب – سيد جنون التواصل الاجتماعي – هو الآن في منتصف تطور آخر في موضوع الميم. في تشرين الأول (أكتوبر)، استحوذت شركة استحواذ ذات أغراض خاصة “سباك” تسمى ديجتال ويرلد أكويزشن جروب على ترمب ميديا آند تكنولوجي جروب. وأعلنت أن عضو الكونجرس، ديفين نونيس، سيتولى إدارتها في العام المقبل.
نونيس كانت لديه مزرعة ألبان وليس لديه خبرة سابقة في المناصب التنفيذية وكشفت ديجتال ويرلد أنها كانت قيد التحقيق من قبل المنظمين، لكن مع ذلك ارتفعت أسهمها 48 في المائة عقب الصفقة، ما جعلها ترتفع ستة أضعاف منذ تشرين الأول (أكتوبر)، وتصبح بالتالي موضع أحاديث مجنونة على منتديات وسائل التواصل الاجتماعي. لا تهتم بأن الشركة ليس لديها إيرادات أو استراتيجية عمل متوقعة حتى الآن – على عكس “جيم ستوب”، مثلا، التي لديها على الأقل منتج موجود يمكن التعرف عليه.
إذن، ما الذي يجب أن يستنتجه مجتمع الاستثمار الأوسع؟ أحد الدروس هو أن ملحمة ديجتال ويرلد أكويزشن جروب تظهر التأثير المستمر لعلامة ترمب التجارية على بعض قطاعات السوق الأمريكية، ولاسيما السياسية. وثمة أمر آخر هو الدرجة التي توجد بها تريليونات الدولارات من دعم السيولة من البنك المركزي زبدا في السوق حول جميع أنواع الأصول، حسبما يحذر بعض المراقبين المخضرمين.
الأمر الثالث، الحاسم، هو أنها تكشف كيف أن اندفاعنا الجماعي في الفضاء الإلكتروني يعيد تشكيل الأسواق المالية. لأنه مثلما يتم تعريف الخطاب السياسي اليوم من خلال القبلية الرقمية والرؤية الضيقة، فإن هوس الميم في السوق يسلط الضوء على قوة الشبكات الاجتماعية وأنماط لفت الانتباه. إن ملحمة ترمب وشركة سباك هي مجرد علامة واحدة على تحول هيكلي أكبر.
لفهم السبب يجدر التفكير في بعض الأبحاث المذهلة من أربعة اقتصاديين مقيمين في أمريكا، توران بالي، وديفيد هيرشلايفر، ولين بينج، ويي تانغ. قامت هذه المجموعة أخيرا بدراسة قاعدة بيانات رقمية ضخمة حول تدفقات تداول الأسهم وشبكات وسائل التواصل الاجتماعي لدراسة ظاهرة ما يسمى “أسهم اليانصيب” – أو الأصول التي تنتج أحيانا مكاسب تجارية ضخمة، وإن كانت تتبعها عادة خسائر بسبب نشاط مستثمري التجزئة. قد ينظر إلى أسهم الميم على أنها مجموعة فرعية حديثة من هذا.
لطالما كانت طبيعة أسهم اليانصيب موضوع نقاش في مجتمع التمويل السلوكي. قام الاقتصاديون بتحليلها بشكل عام من خلال مفهومين رئيسين، تحيز المستثمر “أو فكرة أن بعض المستثمرين يحبون أسهم اليانصيب، لأنهم ينظرون إلى الأسواق على أنها شكل من أشكال المقامرة”، وعدم تناسق المعلومات “أو حقيقة أن مستثمري التجزئة يفتقرون إلى البيانات التي من شأنها أن تسمح لهم باتخاذ قرارات معقولة بشأن المكاسب، ما يجعل مفهوم الجهات الفاعلة للاقتصاد العقلاني أضحوكة”.
مع ذلك، يجادل البحث الجديد بأن العامل الثالث قد يكون أكثر أهمية في تحليل أسهم اليانصيب، وهو “الاهتمام”، أو السؤال عن أين وكيف يختار المستثمرون التركيز في نظام بيئي يغرق في البيانات ولكنه مبتلى بظاهرة غرف الصدى. ربما من غير المستغرب أن يجادل الاقتصاديون الأربعة بأن الأسهم التي تظهر أشد تقلبات الأسعار هي تلك المرتبطة بالزيادات الهائلة في عمليات البحث على جوجل والتغطية الإخبارية والمناقشات عبر الإنترنت.
كما أنها توضح وجود علاقة متبادلة بين كثافة شبكات التواصل الاجتماعي – أي القبلية السيبرانية – وهوس أسهم اليانصيب. الأمر الأقل وضوحا، أنهم يسلطون الضوء على اكتشاف آخر هو أن هوس أسهم اليانصيب في الأغلب ما ينفجر حول الأصول التي تبدو قريبة من المستثمرين، إما لأنها علامات تجارية معروفة، مثل جيم ستوب أو ترمب، وإما لأنها قريبة جغرافيا من المستثمرين، مثل الشركات في المراكز الحضرية. يقولون، “تتضخم حالة الشذوذ في اليانصيب من خلال اهتمام المستثمرين الكبير (الذي يتبين من التغطية العالية للمحللين، أو مفاجآت الأرباح البارزة، أو حداثة العوائد الإيجابية القصوى) والتفاعلات الاجتماعية المكثفة (التي تتبين من خلال الترابط الاجتماعي على “فيسبوك” أو الكثافة السكانية بالقرب من مقر الشركة)”.
كيف يجب أن يستجيب صناع السياسة؟ لا توجد إجابات سهلة. قبل شهرين، أصدرت لجنة الأوراق المالية والبورصات تقريرا عن كارثة “روبن هوود” دعت فيه إلى مراقبة أفضل للسوق وتثقيف المستثمرين وتعديل هياكل السوق لجعلها أكثر قوة عند طفرات التداول. كل هذا منطقي.
لكن يبدو من غير المرجح أن تقوم هيئة الأوراق المالية والبورصات بعمل أي شيء جذري بشكل خاص. بدلا من ذلك، يبدو أن المنظمين يأملون في أن يؤدي اتخاذ مبدأ “فليحترس المشتري” في النهاية إلى تصحيح هوس الميم من تلقاء نفسه، إذا عانى ما يكفي من مستثمري التجزئة نتائج غير سارة.
ربما يهدأ هذا الجنون، فقد كان أداء عديد من أسهم الميم التي ارتفعت في وقت سابق من هذا العام سيئا في الآونة الأخيرة. لكن يبدو من غير المرجح أن يختفي هذا التوجه. قبل كل شيء، الجني الرقمي المعروف باسم شبكات التواصل الاجتماعي لا يمكن إعادته إلى الزجاجة في أي وقت قريب، في السياسة أو المالية.
الدرس الحقيقي للمستثمرين هو أنهم، في التمويل والسياسة، يحتاجون إلى دراسة أنماط لفت الانتباه في الفضاء السيبراني بقدر ما يحتاجون إلى الأساسيات الاقتصادية لفهم أين تتحرك الأسواق، على الأقل في المدى القصير. ترمب الآن هو ميم السوق بكل معنى الكلمة.
جيليان تيت- فايننشال تايمز