الرئيسيةتكنولوجيا

الميتافيرس..ساحة المعركة القادمة بين عمالقة التكنولوجيا

هاشتاق عربي

شارك هذا الموضوع:

في وقت سابق، عندما أعلن مؤسس شركة “فيسبوك” مارك زوكربيرغ عن تغيير اسم الشركة الأم لمنصات التواصل الاجتماعي إلى “ميتا” للمساعدة في إنشاء عالم رقمي بديل يعرف باسم الميتافيرس، واجه ذلك سخرية عارمة.

واعتقد البعض أنه كان يتعمّد إثارة الجدل لصرف الانتباه عن الضجة السياسية القائمة آنذاك، في حين ظن البعض الآخر أن هذا الملياردير لا يزال يطارد أحلام الطفولة، مثل سعي كل من جيف بيزوس مؤسس شركة “أمازون” (Amazon) وإيلون ماسك مؤسسة شركة “تسلا”(Tesla) إلى غزو الفضاء.

وقالت صحيفة “إيكونوميست” (Economist) البريطانية -في تقرير لها- إن عمالقة تكنولوجيا آخرين مثل شركة “مايكروسوفت” (Microsoft) يخططون للنسج على منوال الميتافيرس، ولكن الشركات الكبرى وحدها التي لا تزال تخضع لسيطرة مؤسسيها لديها حظوظ أوفر بأن تصبح رائدة في هذا المجال. وعلى رأس هذه القائمة مارك زوكربيرغ، الذي يبلغ صافي ثروته 125 مليار دولار ويسيطر بشكل شبه كامل على شركة تقدر قيمتها السوقية بنحو 908 مليارات دولار.

نجد أيضًا جين سون هوانغ، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة “إنفيديا” (Nvidia) -المتخصصة في إنتاج معالجات الرسوميات- التي تبلغ قيمتها السوقية 722 مليار دولار. هذا إلى جانب بوني ما، الرئيس التنفيذي لشركة “تينسنت” (Tencent) التكنولوجية الصينية العملاقة التي تبلغ قيمتها السوقية 550 مليار دولار، الذي تشتمل محفظته الاستثمارية في مجال الألعاب حصة 40% في شركة “إيبك غيمز” (Epic Games) التي تمتلك لعبة “فورتنايت” (Fortnite)، وهي واحد من أشهر الألعاب في العالم. ويضاف إلى القائمة تيم سويني مؤسس شركة إيبك غيمز، الذي أخبر وكالة “بلومبرغ” (Bloomberg) مؤخرًا أن ميتافيرس مثلت فرصة تقدر بمليارات الدولارات، وأن الشركات -مثل شركته- كانت تتسابق للوصول إلى مليار مستخدم من أجل تحديد معايير ميتافيرس المستقبلية.

وذكرت المجلة أن معركة المليارديرات على الميتافيرس في طريقها إلى أن تصبح مثل سباق غزو الفضاء بين بيزوس وماسك، ولكن بدلا من التنافس في علوم الصواريخ سيتنافسون في صناعة سماعات رأس الواقع الافتراضي و”البلوكتشين” (Blockchain) والعملات المشفرة والقدرات الحاسوبية.

وتساءلت المجلة، هل سيكون هناك عالم مستقبلي مستهلك بالكامل للواقع الافتراضي، و”الأفاتار” (Avatar)، والقصور المطلة على المحيط وغيرها من الألعاب الإلكترونية التي ستجعل العالم الحقيقي مكانًا مملا بالمقارنة بالعالم الافتراضي؟ أم سيكون الميتافيرس مجرد نسخة أكثر ثراء وتأثيرا لواقعنا الحالي، أي وسيلة للتواصل الاجتماعي والعمل والتسوق واللعب عبر الإنترنت حتى مع استمرار نسق الحياة في العالم الحقيقي كالمعتاد؟

أوردت المجلة أن إلقاء نظرة على طموحات أصحاب شركات ميتا وإنفيديا وإيبك وتينسنت يعطينا فكرة عن نطاق هذا المشروع. على سبيل المثال، خصص زوكربيرغ 10 مليارات دولار هذه السنة لتطوير سماعات رأس ونظارات الواقع الافتراضي والواقع المعزز التي يأمل أن توفر نقطة وصول مهيمنة إلى ميتافيرس، مثلما تفعل هواتف “آيفون” (iPhome) التي تصنعها شركة “آبل” (Apple) مع ويب المحمول.

من جهتها، ركزت إنفيديا على ما تسميه “أومنيفرس” (Omniverse)، وهي تقنية تساعد في تجميع المهندسين والمصممين وأصحاب المهن الإبداعية الأخرى معًا تقريبًا لصنع منتجات في الغالب في إطار صناعي. وتعمل شركة إيبك غيمز -منذ سنوات- على إنشاء عوالم افتراضية، بما في ذلك لعبة فورتنايت.

أشارت المجلة إلى “أنرِيل إنجين” (Unreal Engine) قد يكون التطبيق القاتل بالنسبة للميتافيرس، وهو منصة تمنح مطوريها وغيرهم من المطورين القدرة على صنع تجارب ثلاثية الأبعاد نابضة بالحياة بما في ذلك الألعاب والأفلام والنماذج المعمارية والتصميمات الصناعية.

أما شركة “تينسنت” المتخصصة في مجال الألعاب والإنترنت، فهي من الشركات المهيمنة في الصين على هذه الصناعة. لذلك يتوخى بوني الحذر في هذه السوق، نظرا للعداء الواضح الذي أظهره الحزب الشيوعي الحاكم لشركات التكنولوجيا. لكن تطبيق “وي تشات” (We chat) الفائق الشهير لشركته، بما في ذلك “وي تشات باي” (We Chat Pay)، هو بالفعل نسخة ثنائية الأبعاد لما يمكن أن تصبح عليه الميتافيرس ثلاثية الأبعاد.

وراء طموحات هذه الشركات المستقبلية بعض التجارب المشتركة. أولاً، يبدو أن عهد شبكة الإنترنت الجوالة وصل إلى نهايته. وفي أميركا وأوروبا، يهدد السياسيون بفرض قواعد أكثر صرامة ضد الاحتكارات وانتهاكات الخصوصية، لا سيما ضد فيسبوك و”غوغل” (Google).

وفي الصين، تواجه صناعة التكنولوجيا أزمة بسبب الهجوم الذي تتعرض له من الحكومة. وقد دفعت الكثير من العوامل رواد صناعة التكنولوجيا من الجيل الأول في أميركا والصين للنأي بأنفسهم عن هذا القطاع. أما الشركات التي تمكنت من الصمود والمقاومة، فهي تحتاج لابتكار منتجات تمكنها من فرض وجودها وهيمنتها.

أشارت المجلة إلى أن شركة آبل تمثّل مصدر قلق خاص بالنسبة لمارك زوكربيرغ وتيم سويني؛ إذ يستخدم صانع هواتف آيفون إعدادات الخصوصية في نظام التشغيل “آي أو إس”(iOS) للتحكم في مدى قدرة فيسبوك على بيع الإعلانات الرقمية. ومن جهتها، تخوض شركة إيبك غيمز معركة على الاحتكار ضد شركة آبل بشأن الرسوم التي يفرضها متجر التطبيقات على مطوري الألعاب، لكن لم تكلل جهودها بالنجاح. وهذا هو السبب في تعهد كليهما بوضع نظام تشغيل مشترك بالإضافة إلى معايير مشتركة أخرى حتى يكونا مهندسي أنظمة تشغيل المستقبل.

لكن المنافسة لن تظل حكرا على هذه الشركات لفترة طويلة. ولا شك أن شركات الاتصالات تريد نصيبها أيضا من هذه السوق بعد أن استثمرت بكثافة في شبكة الجيل الخامس التي تتسم بسرعة فائقة وفترة انتظار قصيرة.

ذكرت المجلة أن المنصات سريعة النمو مثل “روبلوكس” (ROBLOX) تقدم نموذج ألعاب خاص بها يجذب 200 مليون مستخدم شهريًا، وقد استحوذت بالفعل على إعجاب الشباب. لكن الكثير من الجهات التي لا تروق لهم هذه الصناعة هم من مؤيدي تطوير المزيد من التقنيات الموزعة المعروفة باسم الجيل الثالث من الويب، والذين يجادلون بأن منصات تكنولوجيا البلوكتشين والعملات المشفرة من الصناعات التي تمثل المستقبل. ولكن المحلل المتخصص في التكنولوجيا بن طومسون يؤكد أن استخدام هذه التقنيات سيكون أكبر في عالم الميتافيرس.

نقلت المجلة عن طومسون قوله “يريد إيلون ماسك الذهاب إلى القمرK في حين يطمح مارك زوكربيرغ إلى إنشاء أقمار جديدة في الفضاء الرقمي”. ومثلما يشهد عالم الفضاء سباقًا محمومًا بين شركات التكنولوجيا العملاقة، فإن الميتافيرس تشهد منافسة أيضًا. ربما تعهّد زوكربيرغ وهوانغ وسويني وما وغيرهم بجعل مستقبل الإنترنت أكثر انفتاحًا وتأثيرًا وإشراكًا مما هو عليه اليوم، لكن كل واحد منهم يطمح لتحقيق هذا الهدف أولًا حتى يتمكن من وضع قواعد تخدم مصالحه.

شبكة الجزيرة

قناة تلفزيونية إخبارية حكومية تابعة لشبكة الجزيرة الإعلامية، تأسست في 1 نوفمبر 1996، ويقع مقرها في العاصمة القطرية الدوحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى