هاشتاق عربي – وصفي الصفدي
أظهر تقرير مؤشر المعرفة العالمي الذي أصدر هذا العام ٢٠٢١ ان الأردن احتلت المرتبة ١٠٣ من أصل ١٥٤ دولة موضوع الدراسة بتراجع وقدره ٨ نقاط بالمائة كنسبة وتناسب عن العام ٢٠٢٠ رغم تراجعها ٢٤ مرتبة بالترتيب العالمي مقارنة بعام ٢٠٢٠ حيث احتلت المرتبة ٧٩ من أصل ١٣٨ دولة.
والمؤشر عبارة عن دراسة سنوية يتم من خلالها تقييم الدول من سبعة محاور او معايير رئيسية كالتالي:
١. التعليم قبل الجامعي
٢. التعليم التقني والتدريب المهني
٣. التعليم العالي
٤. البحث العلمي والابتكار
٥. تكنولوجيا المعلومات والاتصالات
٦. الاقتصاد
٧. البيئات التمكينيه
وتهدف هذه المعايير لبيان مدى تطور الدول في هذه المجالات ضمن دول الدراسة وهناك متوسط عالمي لكل مؤشر بناء على ما حققته دول الدراسة ضمن كل معيار وبالتالي تسعى هذه الدول للأخذ بهذه المعايير وتطوير استراتيجيات لتحسين و/أو المحافظة على الأداء والتميز في هذا القطاع.
وجاءت جميع هذه المعايير دون المتوسط العالمي لهذا العام على مستوى الدراسة رغم تحقيق المعايير التالية ارقام افضل من عام ٢٠٢٠
١. التعليم التقني والتدريب المهني
٢. التعليم العالي
٣. تكنولوجيا المعلومات والاتصالات
٤. البيئات التمكينيه
بينما حققت المؤشرات التالية نتائج أفضل من العام السابق إلا أنها بقيت أقل من التوسط العالمي
١. التعليم قبل الجامعي
٢. البحث العلمي والابتكار
٣. الاقتصاد
عند التعمق بدارسة هذه المعايير نجد أن المحاور التعليمية الثلاثة بحاجة إلى تطوير لسد الفجوة التعليمية، وعند قراءة كل تلك المعطيات والمتغيرات، ندرك تمام إننا بحاجة إلى إعادة التفكير بطريقة غير نمطية للتكيف مع الأوضاع في الحاضر والمستقبل وهنا لا بد من تطوير عملية ومنهاج التعليم من المرحلة الأساسية لغاية الجامعة والتحول من التعليم النمطي التلقيني لبناء مهارات وقدرات وكفاءات بشرية على مستوى عالي من المعرفة التعليمية والمهارات اللينة يتناسب مع ما يحتاجه سوق العمل المحلي والعالمي.
إذا ما أمعنا النظر في المتغيرات الحديثة والجدية التي تطرأ على المنظومة التعليمية في العالم اليوم وريادة الشركات العظمى مثل مايكروسوفت، غوغل، أمازون، فيسبوك وغيرها من شركات التكنولوجيا العملاقة وأثرها على مختلف الصناعات والقطاعات ومتطلبات مثل هذه الشركات من كفاءات ومهارات لينة أو صعبة على حد سواء مع ما تنتجه مخرجات التعليم اليوم، نرى فجوة كبيرة تتعمق يوميا لتشكل وتدق ناقوس التغيير على مختلف المجالات التعليمية ولتجسير هذه الفجوة لا بد من اعادة هيكلة المنظومة التعليمية وخاصة المرحلة العليا من المدرسة لتشكل اللبنة الاساسية للحياة ما بعد المدرسة والتركيز بشكل اكبر على مفاهيم الاختصاص في مجال الدراسة والمهارات المطلوبة لكل اختصاص مع الاندماج المبكر بسوق العمل وخاصة أن بعض التخصصات تحتاج لمهارات أعلى من التعليم مثل البرمجة والامن السيبراني أو تحليل البيانات او ادارة المشاريع وهذا ما دفع شركة مثل جوجل لتطوير واختزال السنوات الجامعية لعدة أشهر بإصدار شهادات مهنية بعيدا عن الدراسة الجامعية وهذاما أكده إيلون ماسك عندما قال ان الشهادة الجامعية ليست ضرورية للحصول على وظيفة في شركة تيسلا.
مثل هذا التوجه يحدث نقلة نوعية في مستقبل التعليم على الصعيدين الأكاديمي والمهني وبالتالي مثل هذا التغيير يجب أن يتم استثماره لتحسين مناهج التعليم الاساسية، المتوسطة، العليا، والجامعية بما يضمن مخرجات تعليمية وكفاءات قادرة على الانغماس بسوق العمل مباشرة مصقولة بالمهارات المهنية حسب الاختصاص للوصول لتنمية بشرية تساهم في تخريج ورفد الأسواق المحلية والدولية بأشخاص مدربين، محترفين وأصحاب اختصاص علمي، تقني، ومهني جاهزين للاندماج والانخراط المباشر بأسواق العمل مما يحفز الاشخاص على الابتكار بالإضافة إلى تشجيع بيئات البحث العلمي بما يتناسب مع المرحلة الحالية والمستقبلية. من أجل بناء بيئات تمكينيه، يجب تطوير مرحلة التعليم العالي لتحفيز الشباب وحثهم على توطين المعرفة، ثم منظومة البحث العلمي التي من شأنها دعم الوصول لمجتمع المعرفة ومن ثم يأتي دور التنمية لخلق الفرص وتنمية قدرات الشباب ومهاراتهم واستيعاب تطلعاتهم وانخراطهم واندماجهم في بناء مجتمعات المعرفة وضمان الأمن والاستقرار في مسيرة البناء والتنمية حتى يشعر الشباب بانتمائهم لهذه المجتمعات المعرفية وتطوير استراتيجيات ومنتديات شبابية تعنى بهم وتأخذ بآرائهم والتي تقوم بإيصال كلمتهم والتعبير عن مخاوفهم للجهات المسؤولة واشراكهم في عمليات التخطيط واكبر مثال على ذلك هو البرلمانات الشبابية التي تبنتها عدة دول منها الأردن وهذا ما ركز عليه جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم خلال لقاءاته المتكررة مع الشباب.
يبقى محوري تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والاقتصاد والذي تم دمجهم تحت مسمى ريادة الاعمال والاقتصاد الرقمي؛ وهذا دلالة على اهمية تلك المحاور في بناء التحول الرقمي، الهوية الرقمية، المهارات والقدرات الرقمية، والاقتصاد الرقمي الذي من شأنه نقل القطاعات داخل الدول لنموذج عملي مختلف تماما عما عليه الآن، لذلك تسعى معظم الدول للتحول الرقمي ووضع خطط استراتيجية لذلك التحول بدأ من محو الفجوة الرقمية من خلال تطوير البرامج التعليمية، التوسعة في انشاء البنى التحتية وخاصة شبكات الجيل الخامس والفايبر وضمان النفاذ الى الشبكة العنكبوتية لجميع المواطنين وحق الوصول للمعلومة، تطبيق برامج الحوكمة/الحكومة الإلكترونية، الأمن السيبراني والمحافظة على البيانات الشخصية وتفعيل الانظمة والقوانين الناظمة لحماية تلك البيانات، تمكين حق الحصول على الخدمات الحكومية مجانا مع دعم المجتمعات الاقل حظا من خلال مبادرات شراكة مع القطاع الخاص ضمن المسؤولية المجتمعية. مع انطلاق الثورة الصناعية الرابعة والتي تعتمد بشكل رئيس على الثورة الرقمية معتمدا بذلك على اظهار الفرص المتاحة للأفراد والمؤسسات في جميع القطاعات للاستفادة من الثورة الرقمية بتعزيز نموذج الاعمال ورفع كفاءة التسويق والمبيعات والوصول إلى اسواق عالمية بسهولة ويسر.