شبكات اجتماعية

علاقة مضطربة بين “فيسبوك” والأوساط الأكاديمية ومحاولات للتهدئة

هاشتاق عربي

في شهر آذار (مارس) الماضي، تقدم أوريستس باباكيرياكوبولوس، وهو باحث في جامعة برينستون، بطلب لاستخدام أداة خاصة للوصول إلى بيانات تتيح للأكاديميين إجراء بحث حول شركة فيسبوك. كان هدفه التحقيق في الحملات السياسية على الشبكة الاجتماعية.
تضمنت مجموعة البيانات معلومات بشأن الإعلانات المتعلقة بالانتخابات، وكيفية توزيعها، ولمن وبأي تكلفة. لكن باباكيرياكوبولوس سحب طلبه عندما رأى ما عده ضوابط صارمة للوصول للبيانات مكتوبة في العقد، الذي كان مطلوبا منه توقيعه.
“تتاح الفرصة لشركة فيسبوك لمراجعة المسودات… قبل وقت كاف من تاريخ النشر أو الكشف المخطط له… فقط بهدف تحديد أي معلومات سرية أو أي بيانات شخصية قد يتم تضمينها أو الكشف عنها في تلك المواد وأيها يحتاج إلى إزالته قبل النشر أو الكشف”، وذلك وفقا لنسخة من مسودة العقد، التي اطلعت عليها صحيفة “فاينانشال تايمز”.
طلب باباكيرياكوبولوس توضيحا بشأن ماهية “المعلومات السرية” لكن لم يحصل على إجابة.
يقول باباكيرياكوبولوس، “لا نستطيع بدء المشروع ليأتي شخص ما ليخبرنا فجأة أنه لا يمكننا النشر. وقالت شركة فيسبوك إن هذا العقد غير قابل للتفاوض لأنه مفروض من قبل الجهات التنظيمية بعد فضيحة شركة كامبريدج أناليتيكا”. وهو يعتقد أن “هذا مجرد عذر عام تستخدمه شركة فيسبوك”.
في وقت سابق من هذا الشهر، حاولت الشركة تهدئة بعض هذه المخاوف عن طريق إصدار أداة محدثة، تعرف باسم واجهة برمجة تطبيقات الباحث من فريق البحث المفتوح والشفافية في شركة فيسبوك. الأداة متاحة حاليا لقائمة غير منشورة من 20 مؤسسة بحثية تمت دعوتها من قبل شركة ميتا، شركة فيسبوك الأم المسماة حديثا.
ومع ذلك تعد الحادثة أحد الأمثلة العديدة على علاقة شركة ميتا المضطربة مع الباحثين الذين يسعون إلى فهم الآثار الاجتماعية الضارة المحتملة للمنصة. ويشتكي عدد متزايد من الأكاديميين من أن الشركة تضع عقبات مفرطة أو تحاول خنق الأبحاث التي قد تلقي أضواء سلبية على الشركة.
تم اختبار علاقة شركة ميتا مع باحثيها أخيرا بعد ما سربت المبلغة عن المخالفات، فرانسيس هوجن، مجموعة من الوثائق التي أعدت من قبل باحثين داخليين في الشركة لكن تم دفن استنتاجهم. تراوح الأضرار المحتملة من منصات الشركة التي حددوها من المعلومات الخاطئة عن الانتخابات على منصة فيسبوك إلى منشورات منصة إنستجرام التي تؤدي إلى تفاقم مشكلات الصحة العقلية بين الفتيات المراهقات المهتمات بصورة الجسم.
لقد غذت اكتشافاتها رواية مفادها أن شركة فيسبوك تعمل على عقلية النمو بأي ثمن، على الرغم من الانتقادات المتزايدة لتأثير الشبكة الاجتماعية على المجتمع والسياسة.
أخبر عديد من الأكاديميين والباحثين الخارجيين والمستقلين صحيفة “فاينانشال تايمز” أنهم قلقون من أن قبضة الشركة المحكمة على بياناتها هي مسألة شأن عام. حتى إن البعض قارنها بالطريقة التي حاولت بها صناعات مثل صناعة التبغ في الماضي تشكيل البحث الأكاديمي والتلاعب به.
يقول باحث عمل في مشروع بحث ممول من قبل شركة ميتا وطلب عدم الكشف عن هويته لكي لا تتأثر مهنته: “تحاول شركة فيسبوك حظر البحث في منصتها بشكل منهجي تماما، وهذا يتعارض مع مبادئ الأوساط الأكاديمية والمصلحة العامة. إنه قريب جدا من ما كانت تقوم به شركة بيغ توباكو… إنشاء معاهد بحثية والتكليف وإجراء بحوث ليست في الحقيقة بحوثا. إن عدد الحالات يزداد الآن لتتشكل صورة من الحرب المستمرة ضد الأوساط الأكاديمية المستقلة”.
قال متحدث باسم شركة ميتا إنها تشارك مع باحثين أكاديميين وتقوم ببناء منتجات تدعم عملهم. قالت الشركة، “تعني التكنولوجيا والشراكات الجديدة أنه يمكننا مشاركة مجموعات البيانات في بيئة تحمي الخصوصية وتعمل على تقدم البحث الأكاديمي بشكل كبير. مثل بقية العاملين في هذا المجال، نواصل التعرف على أفضل الطرق لمشاركة هذه البيانات مع الحفاظ على خصوصية الأشخاص الذين يستخدمون خدماتنا”.
بالنسبة إلى بعض المراقبين، تشير كل من المعلومات التي كشفت عنها هوجن وشكاوى الباحثين الأكاديميين إلى القضية نفسها – غياب في المجال العام لأي فهم حقيقي لكيفية عمل الخوارزميات على منصة التواصل الاجتماعي، ما يسمح للشركة بصد الانتقادات حول أي آثار سلبية معروفة للتكنولوجيا الخاصة بها.
تقول إيما بريانت، وهي باحثة الدعاية وعمليات التأثير في الجامعة الأمريكية في واشنطن العاصمة وكلية بارد، “أكبر كشف من وثائق المبلغة عن المخالفات فرانسيس هوجن هو ما يمكن لشركة فيسبوك إخفاءه – وهذا ينطبق على جميع شركات التكنولوجيا الكبرى، إنها تتسم بالغموض التام. ثم تستند ديمقراطيتنا بأكملها على الخيارات الأخلاقية وشجاعة الأفراد داخل الشركة الذين يتقدمون أو لا يتقدمون. هناك نمط مزعج حقا ينشأ هنا”.
مخلفات فضيحة شركة كامبريدج أناليتيكا
هناك أسباب وجيهة تدفع ميتا لتوخي الحذر الشديد بشأن الطريقة التي تدير بها التدقيق الأكاديمي لبياناتها.
أصبحت الشركة أكثر تقييدا للجهات الخارجية بعد فضيحة شركة كامبريدج أناليتيكا في 2018، عندما تبين أن شركة استشارية سياسية صغيرة حصلت على البيانات الشخصية لما يقارب 87 مليون مستخدم لفيسبوك عبر طرف ثالث دون موافقة صريحة. في 2019، دفعت الشركة تسوية بقيمة خمسة مليارات دولار للجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية بسبب انتهاكات الخصوصية هذه. منذ حينها، عملت شركة ميتا بحذر، في محاولة لتحقيق التوازن بين خصوصية المستخدمين مع مزيد من الشفافية، محاولة طيلة الوقت تعظيم نمو منصتها.
تقول بريانت، التي تعكف على دراسة شركة كامبريدج أناليتيكا لأكثر من عقد، إنه إذا لم يتم التعامل بشكل صحيح مع عمليات الوصول لبيانات الشركة، فقد تصبح هذه المعلومات متاحة للحكومات والجهات الفاعلة الأخرى. وتقول، “يسعى عدد كبير من الباحثين إلى الوصول للبيانات، ولا يتحلى الجميع بعملية أخلاقية جامعية صارمة، وأغراض شفافة وأمن مضمون”.
تقول الشركة إن بيانات المستخدم الخاصة بها تخضع لقوانين الخصوصية في جميع أنحاء العالم، مثل لائحة حماية البيانات العامة في أوروبا، وبذلك فهي تحتاج إلى إدارة أي وصول تمنحه لأطراف ثالثة بعناية.
في حالة الأداة الجديدة التي طورتها للأوساط الأكاديمية، تقول شركة ميتا إن الباحثين لا يحتاجون إلى توقيع العقد حيث ترغب الشركة بجعل الوصول للبيانات العامة أقل تعقيدا وقد تلقت تعليقات من الباحثين الذين تم منحهم حق الوصول المبكر.
وتقول الشركة إنها تأمل بتوسيع الوصول للأداة اعتبارا من شباط (فبراير) المقبل للباحثين الذين تم فحصهم، والذين يثبتون أنهم ينتمون إلى إحدى الجامعات ويخضعون لبعض التدريب على كيفية استخدام النظام.
وعلى الرغم من ذلك، تقول إنها لا تزال تطلب مراجعة قبل النشر عندما يشمل البحث بيانات حساسة للمستخدمين. وقالت الشركة أيضا إنها لن تطلب أبدا من الأكاديميين تعديل نتائجهم، لكنها قد تؤكد على معلومات الملكية أو تحدد المعلومات التي ينبغي إزالتها.
تشير الوثائق التي نشرتها هوجن إلى أن شركة ميتا قد حجبت أبحاثها الداخلية حول الآثار السلبية المحتملة عن الجمهور. لطالما تذمر بعض هؤلاء الباحثين الداخليين من العقود الصارمة المفرطة. حيث تظهر الوثائق التي اطلعت عليها صحيفة “فاينانشال تايمز” أن الأوساط الأكاديمية التي تعاقدت معهم للعمل داخليا للشركة، إما بشكل مؤقت وإما كموظفين دائمين، يخضعون للقيود نفسها التي يخضع لها الموظفون غير الأكاديميين.
في بعض العقود على الأقل، تدعي الشركة ملكية جميع “الاختراعات” – بما في ذلك منشورات المدونات والكتب وأوراق البحث المستقبلية – التي تستخدم أي معلومات أو معرفة تم الحصول عليها أثناء العمل هناك. لمدة عام بعد توظيف أكاديمي، يجب إعلان جميع الأعمال الجديدة (حتى لو كانت لا تتعلق بالشبكة الاجتماعية) إلى شركة ميتا، مع توضيح سبب عدم تمكن الشركة من المطالبة بها على أنها عمل خاص بها.
قال الأكاديميون الذين عملوا في شركة ميتا لصحيفة “فاينانشال تايمز” إنهم شعروا بالضيق من مثل هذه العقود. كان الباحثون قلقين من أن عملهم الأكاديمي المستقبلي ومنشوراتهم ستتأثر إذا تم تقييد استخدامها في رؤاهم وخبراتهم في الشركة – وهذا أحد الأسباب الرئيسة التي قد تدفع شخصا ما للعمل في شركة ميتا في المقام الأول.
قالت شركة ميتا إنها توظف أكاديميين للعمل داخليا بسبب خبرتهم، لكنها تحاول شرح معايير العلاقة بوضوح شديد. وأقرت بأن بنود السرية كانت مصدر خلاف لكنها قالت إن فريقها القانوني هو الذي أعد العقود.
وقالت متحدثة باسم شركة ميتا، “أي عقد يتضمن الوصول إلى البيانات يتضمن بنودا تتعلق بالسرية وهذا ليس استثناء. نحن نستخدم لغة سرية قياسية مع عديد من الاقتطاعات لحالات معينة، وليس لدينا بند غير تنافسي يقيد العمل المستقبلي للأكاديميين الذين يعملون معنا”.
قال أحد المتعاقدين الذين عملوا في فريق أبحاث شركة فيسبوك للذكاء الاصطناعي لكنه رفض وظيفة بدوام كامل، “فيسبوك من بين جميع شركات التكنولوجيا الكبرى هي الأقل جاذبية للمواهب الأكاديمية”.
تنامي الشكاوى من الأكاديميين المستقلين
باباكيراكوبولوس ليس هو الباحث الوحيد الذي يرفض الشروط التي فرضتها ميتا.
في آب (أغسطس)، قامت الشركة بإلغاء إمكانية الوصول إلى منصاتها لباحثين اثنين في جامعة نيويورك، بدعوى أنهما انتهكا تعليماتها الإرشادية. لكن الباحثين اتهماها في المقابل بمحاولة إيقاف عملهما لأنه كشف أن الشركة تبالغ في المعلومات الحزبية المضللة في الإعلانات التي تروج لها.
تقول لورا إديلسون، الباحثة الرئيسة المشاركة، “لم تظهر شركة فيسبوك نفسها كشريك جيد هنا”. وأضافت، “إذا نظرت إلى ما قاموا به في أبحاثهم الداخلية… فإنها لم تكن لترى النور لولا الأحداث أخرى. أعتقد أن هذا الأسلوب البحثي يجعل كثيرا من الباحثين المستقلين حذرين منهم للغاية”.
وتابعت قائلة، “لقد فتح (فيسبوك سابقا) جميع المنافذ وكان الناس ينظرون إلى الداخل، أما الآن فإننا لا نحب ما نراه فيها، ثم لم يكن رد فعلهم هو تصحيح تلك الأمور، بل قاموا بإغلاق المنافذ.”
كما اتهمت الشركة بالتدخل في عمل الباحثين المستقلين الذين تمولهم. في 2020، تبرعت فيسبوك بمليون دولار لمشروع الشراكة من أجل مكافحة عمليات التأثير، وهو مشروع بحثي ضمن مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، وهي مؤسسة فكرية غير حزبية في واشنطن العاصمة. كان الهدف من التمويل هو تسهيل التحقيق المستقل في آثار التلاعب والمعلومات المضللة عبر الإنترنت.
في حين أنه بدأ كمشروع بحث حقيقي، إلا أن تأثير ميتا قد ازداد بمرور الوقت. حيث يقول باحث مقرب من بي سي آي أوه، “لقد أصبح فيسبوك بشكل تدريجي يتولى توجيه البحث أكثر فأكثر. وأصبحت تعليماتهم تصلنا بشكل يومي، عبر رسائل تقول إنهم سمعوا شيئا ما مثلا… أو إنهم قرأوا ورقة بحث لم تعجبهم. لقد كانت كلها رسائل ضمنية من فيسبوك، عبر أشخاص آخرين دائما”. وقال الشخص ذاته لم يتم التشجيع على إجراء التحقيقات الأصلية، وأصبح إنتاجهم في الغالب ملخصات للمطبوعات الحالية. لكن ميتا قالت إنها لم تتدخل في شؤون تلك الدراسات التي تمولها.
تقول ريبيكا ترومبل، وهي أستاذة في جامعة جورج واشنطن حيث تدرس فيها انتشار المعلومات المضللة عبر الإنترنت، إن الشركة استخدمت القانون العام لحماية البيانات (جي دي بي آر)، وهي قوانين حماية الخصوصية في أوروبا، كذريعة لمنع الوصول إلى البيانات التي يطلبها الباحثون.
كانت ترومبل أحد الأعضاء الأصليين الذين شاركوا في مبادرة سوشال سايانس وان، وهي مبادرة غير ربحية أسسها أساتذة جامعتي هارفارد وستانفورد في 2018 هدفها هو أن تكون وسيطا لتداول البيانات بين كل من فيسبوك والأكاديميين. وقد تضمنت المجموعة الأولى من البيانات المعروضة “جميع” الروابط العامة تقريبا التي تمت مشاركتها والنقر عليها بوساطة مستخدمي فيسبوك على مستوى العالم، حيث بلغ حجمها نحو بيتابايت من البيانات.
تقول ترومبل، “إن إحدى مصادر القلق العميقة للباحثين الأكاديميين وعلماء الاجتماع، على وجه الخصوص، هي أننا إذا أردنا فهم السبب والنتيجة، فإننا يجب أن نكون قادرين على النظر إلى البيانات على مستوى المستخدم الفردي”. وأكملت قائلة، “لكن شركة فيسبوك كانت ترفض حيث استخدمت القانون العام لحماية البيانات كمانع رئيس أمامهم للقيام بذلك.”
ثم تواصلت ترومبل مع صانعي السياسات في بروكسل للتوضيح لكنها في ذلك الحين اكتشفت أن لدى القانون العام لحماية البيانات استثناء خاص للأكاديميين على وجه التحديد يمكنهم من الوصول إلى البيانات. وقالت ميتا إن هذه الاستثناءات موجودة بالفعل، ولكن فيها التباسا لا يوضح ما إذا كانت تنطبق على الشركة أم لا.
في النهاية، تم تقويض المشروع عندما سلمت فيسبوك للباحثين ما ادعى بعضهم أنها بيانات غير كاملة للباحثين، حيث استثنيت منها البيانات التابعة لنحو نصف المستخدمين الأمريكيين، الأمر الذي جعل شهورا من العمل والتحليل الذي قاموا به غير صالح للاستخدام.
قالت فيسبوك إن هناك خطأ ما حدث في مجموعة البيانات ما أثر في بعض الأبحاث، لكنهم يعملون بجد لتحديث البيانات منذ وقت الحادث.
تقول ترومبل، “تكمن المشكلة في أنه طالما أن فيسبوك والمنصات الأخرى تتحكم تماما فيما يرغبون في مشاركته مع الباحثين ولا يمكن التحقق من البيانات بشكل مستقل بأي شكل من الأشكال، فسنكون دائما عرضة للانتقاد بأننا لا نعرف على وجه اليقين إذا ما كانت تحليلاتنا صحيحة أم غير ذلك. إن ما نراه هو أن المنصات تستخدم هذا الأمر ضدنا بالفعل.”

وسائل التواصل الاجتماعي والديمقراطية
تقول ميتا إن عملها مع الأكاديميين كان في تطور دائم على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، وفي آذار (مارس)، أنشأت خصيصا فريقا للشراكات الأكاديمية للعمل كحلقة وصل داخلية للباحثين الذين يرغبون في إجراء دراسات على فيسبوك أو إنستجرام.
وحاليا، يعمل فريق مكون من 17 أكاديميا خارجيا مع ميتا في مشروع جديد، يعرف باسم إليكشين 2020، وهو عبارة عن سلسلة من الدراسات حول دور وسائل التواصل الاجتماعي في الديمقراطية اليوم. ويأمل المشاركون فيه أن يتمكنوا من تقديم نموذج للتعاون المستقبلي مع الشركة.
ومن أجل حماية استقلالية العمل الأكاديمي، لا يتلقى الباحثون أموالا من ميتا (على الرغم من أنها تمول أجزاء من البحث)، ولا تستطيع ميتا مراجعة العمل قبل نشره، ويشرف مراقب أكاديمي مستقل على عملية البحث، ويجب على المشاركين الانخراط في البحث في البيانات على مستوى فردي. فيما قال الباحثون الذين تحدثت إليهم “فاينانشيال تايمز”، إن المشروع يسير على ما يرام، مع تعرضهم إلى القليل من الضغط أو التدخل حتى الآن من قبل الشركة.
ومع ذلك، من أجل حماية هوية المستخدمين، لا يمكن للباحثين في بعض الحالات الوصول إلى البيانات مباشرة وعليهم الاعتماد على ميتا لاستخراجها نيابة عنهم.
حيث يقول أحد الباحثين المشاركين في المشروع، “لقد كنت قلقا بعض الشيء من الدخول في شراكة بحثية مع فيسبوك”. “لم أشعر بأي ضغط… (لكنها) عملية أكثر تعقيدا، وأنا لست معتادا عليها”.
على الرغم من البوادر الإيجابية الأولية لمشروع إليكشين 2020، إلا أن بعض الباحثين الذين هم جزء منه ما زالوا يشعرون أن القوة تكمن بشكل كامل لدى ميتا، التي يمكنها اختيار البيانات التي تريد مشاركتها وكيفية المشاركة. حيث يعتقدون أن القوانين التي تتطلب من الشركات توفير البيانات والمعلومات من أجل المنفعة العامة هي أمر بالغ الأهمية للأكاديميين حتى يتمكنوا من إجراء بحث مستقل بالفعل على منصات وسائل التواصل الاجتماعي.
تقول ترومبل، وهي أحد الباحثين المشاركين في مشروع إليكشين 2020، “أعتقد اعتقادا راسخا أنه دون تشريع يفوضنا للوصول إلى المعلومات، فإننا ببساطة لن نتمكن من الحصول على الشفافية والمساءلة التي نرغب جميعنا فيها”.
وقد كررت فرانسيس هوجن تلك المطالب عندما تحدثت إلى البرلمان الأوروبي حول قانون الخدمات الرقمية (دي إس أيه)، وهو مشروع قانون مقترح يوضح المسؤوليات الملقاة على شركات التكنولوجيا الكبرى في أوروبا. وقد حثت هوجن المشرعين على “تشجيع المنصة من أجل إتاحة المعلومات المخزنة لديها على نطاق واسع، بدلا من إتاحتها “للأكاديميين الموافق عليهم” فقط، على النحو الذي أوصي به في المقترح الحالي.
وقد أخبرت هوجن كلا من البرلمانين البريطاني والأوروبي أن فيسبوك “تجيد الرقص مع البيانات بشكل جيد”، وقالت إن على التشريعات أن تجبر فيسبوك على شرح المعلومات التي تقدمها، بما في ذلك أساليب الاستعلام المستخدمة لسحب البيانات.
يقوم نشطاء الحقوق الرقمية الأوروبية مثل منظمة ألجوريذم ووتش بحملات من أجل سن قوانين أكثر صرامة لفرض إمكانية الوصول إلى البيانات. ليضمن دي إس أيه حاليا هذا المطلب فقط للأكاديميين الجامعيين. وتقول أنجيلا مولر، التي تقود فريق السياسة والدفاع في ألجوريذم ووتش، “نعتقد أنه أمر بالغ الأهمية ولكن يجب تعديله ليس ليشمل الباحثين ذوي الانتماءات الأكاديمية فقط ولكن أيضا المهتمين من المجتمع المدني والصحافيين”.
أما في الولايات المتحدة، فقد صاغ الأكاديميون مشروع قانون من شأنه أن يسمح للجنة التجارة الفيدرالية بوضع متطلبات إلزامية من أجل مشاركة البيانات والمعلومات لمنصات التواصل الاجتماعي، مع فرض عقوبات على الباحثين والشركات الذين ينتهكون هذه المتطلبات. فيما يخطط عضوان في مجلس الشيوخ، واحد من كل حزب، الآن لإدخال تشريع مبني على هذا المقترح.
يقول نيت بيرسيلي، الأستاذ في كلية الحقوق في جامعة ستانفورد الذي صاغ مشروع القانون، وشارك في قيادة سوشال سيانسيز وان بروجيكت، “إننا بحاجة إلى طريقة ما لفرض تكلفة على شركات وسائل التواصل الاجتماعي إذا لم تقم بفعل ذلك – وإلا فإنها ستكون مجرد مخاطرة”. وقال أيضا “من وجهة نظري يجب أن ننجز هذا الأمر على الفور قبل انتخابات 2024”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى