الرئيسيةمقالات

العودة إلى المكتب .. دروس جديدة للمديرين

شارك هذا الموضوع:

مع تصعيده الإجراءات لتشجيع موظفيه البالغ عددهم 22 ألفا على العودة إلى مكاتبهم في جميع أنحاء المملكة المتحدة هذا الشهر، يقر كيفين إليس، الشريك الأول ورئيس شركة برايس ووترهاوس كوبرز PwC، إحدى شركات المحاسبة الأربع الكبرى، أن هذه حالة “لا يوجد لها كتاب يتم الاسترشاد به”.
تواجه قيادة الشركة في المملكة المتحدة المشكلات نفسها التي يواجهها المديرون الآخرون على مستوى العالم، فيما يستلهم العديد من الشركات من تجارب القادة في الشركات التي لم يتمكن موظفوها من العمل من المنزل أثناء الجائحة. في الشهر الماضي، أشارت بيانات رسمية بريطانية إلى أن ثلثي القوى العاملة “تعمل بشكل أساسي في مكان العمل نفسه الذي كانت تعمل فيه قبل الجائحة”.
يقول الدكتور ريتشارد هيرون، نائب الرئيس والمسؤول الطبي الأول في شركة بريتش بتروليوم، التي اعتاد موظفوها على التعاون عن بُعد وعلى الصعيد العالمي: “هذه ليست بداية العودة إلى العمل”، مضيفا: “في كثير من بيئات العمل لدينا، كان الناس يعملون طوال فترة الجائحة، حيث يقومون بتشغيل البنية التحتية الحيوية للتدفئة، والضوء والطاقة، والبيع بالتجزئة. لقد تعلم الكثيرون أن العمل الذي افترضوا إنجازه في مكان معين لا يلزم له أن يكون دائما كذلك”.
يضيف أن الشركة تشجع على عقد اجتماعات فردية مع المديرين من أجل التحدث عما يصلح لهم وللعمل ولتطوير الاتفاقيات الخاصة بكل فرد. يتابع: “الناس يعتادون على الأشياء، لذا فإن العودة إلى أماكن العمل تعد تغييرا للعادة”، مشيرا إلى أن الشركة حاولت مساعدة الناس على التعامل مع القلق والحيرة. “عندما تثبت لهم أنك مهتم بالفعل، سترى النتائج تتحرك في اتجاه إيجابي”.أساليب جديدة للعمل
بعض المحاور المشتركة بين الشركات ظهرت أثناء اختبار منهجيات جديدة خلال الجائحة. تشمل هذه أساليب جديدة في العمل، حتى في الشركات التي يعتبر فيها الحضور إلى مكان العمل ضروريا. يقول مارك سلاتري، مدير العلاقات العامة في شركة بام كونستراكت، عندما كانت إحدى الموظفات في أحد مواقع البناء التابعة للشركة في ويلز تكافح من أجل التوفيق بين وظيفتها ورعاية والديها أثناء الجائحة، أعاد مديرها تنظيم جدول أعمالها حتى تتمكن من العمل من المنزل بشكل جزئي.
يقول: “لقد كانت النتيجة النهائية أن توقفت صحتها عن المعاناة وأصبحت أكثر إنتاجية”. ومنذ بداية عام 2021، التزمت الشركة بالمرونة في أنماط العمل التي يتفاوض عليها كل فريق في كل موقع على حدة.
تقول إما ستيوارت، المؤسسة المشاركة لـ” تايم وايز”، وهي شركة استشارية تقدم المشورة فيما يخص المرونة في العمل: “لا يزال الجميع قائما على حل هذه المشكلة. ولا أعتقد أننا وصلنا إلى مرحلة يمكننا فيها القول إن هناك طريقة واحدة تعمل بشكل جيد. فالأمر يتعلق بالاستعداد للابتكار وتجربة أنماط مختلفة “.
يقول الدكتور ويل بونسونبي، استشاري الصحة المهنية والرئيس السابق لجمعية الطب المهني في المملكة المتحدة، إن الشركات في القطاع الخاص – ولا سيما تلك العاملة في مجال الهندسة – كانت غالبا تسبق المشورة الحكومية أو الأوامر بالإغلاق بتوجيه الموظفين للعمل من المنزل وبإدخال تدابير مكافحة العدوى لأولئك الذين اضطروا إلى البقاء في أماكن العمل.
عندما بدأوا لم يفهموا الفيروس بشكل كامل ولا طريقة انتقاله. وتم بذل كثير من الوقت والجهد في التنظيف، والتبخير، والرش. “أما الآن فالتركيز ينصب أكثر على التهوية”.
في المقابل، يقول إن بعض مؤسسات القطاع العام في المملكة المتحدة كانت أبطأ في التكيف، بما في ذلك خدمة الصحة الوطنية نفسها التي توظف عددا قليلا من خبراء التعقيم. “لم يكن هناك من يقدم المشورة حول الحماية وتقييم المخاطر. لقد كانت الفجوة كبيرة حقا”.
المعرفة المسبقة بأن الموظفين الآخرين قد تم تطعيمهم بالكامل يمكن أن تطمئن الموظفين العائدين بشكل كبير. وفي حين أن الأوامر الرسمية بأخذ اللقاحات في أماكن العمل ليست مطبقة في المملكة المتحدة، إلا أن العديد من الشركات تقول إنها تشجع على ذلك بشدة. يمنح بنك نات ويست، مثلا، إجازة مدفوعة الأجر للموظفين لأخذ اللقاح.
في الولايات المتحدة، تم الترحيب بإعلان جو بايدن هذا الشهر بأن الحكومة ستطلب من الشركات الكبرى مطالبة الموظفين بأخذ اللقاح أو إخضاعهم للاختبار بصورة منتظمة، وكان الإعلان موضع ترحيب من قبل مجتمع الأعمال. وقع الرئيس بايدن أيضا على أمر تنفيذي يفرض التطعيم على موظفي الحكومة الفيدرالية والمقاولين العاملين معها. وأولئك الذين يرفضون اللقاح سيواجهون إجراءات تأديبية وبالتالي يفقدون وظائفهم.
إليس، من برايس ووترهاوس كوبرز، متفائل بأن عددا كبيرا من الموظفين العاملين من المنزل سيشعرون بالأمان والثقة للعودة إلى مكاتبهم. ويستشهد بتجربته الإيجابية. يقول: “لقد كنت أنوي العمل في المكتب ثلاثة أيام في الأسبوع. لكنني فضلت ذلك كثيرا وشعرت بالمزيد من الطاقة لدرجة أني آتي للعمل الآن في الأيام الخمسة كلها”.
رصد إليس أيضا آراء الموظفين. في اقتراع يجرى بشكل منتظم، قال معظم موظفي برايس ووترهاوس كوبرز، من جميع الأعمار، إنهم حريصون على الحضور إلى المكتب يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع. وقد تم إثبات ذلك حتى الآن، وتضاعف عدد الحاضرين إلى مكاتبهم خلال الأسبوعين الماضيين إلى أكثر من 4500. ويعتقد إليس أن العودة مدفوعة “بمزيج من الشوق والخوف من عدم اللحاق بالركب”.
وقد يتم تحفيز الموظفين العائدين أيضا عن طريق تخفيض سعر الطعام في المكتب إلى النصف، إضافة إلى مكافأة قدرها ألف جنيه استرليني لكل موظف، شجعهم إليس على إنفاقها في شيء مرتبط بالعودة إلى مكان العمل، مثل التذاكر الموسمية.
أعلن كذلك عن “صفقة” جديدة تمنح الموظفين مزيدا من الحرية للتخطيط لساعات عملهم وأماكن العمل، مع إعطائهم إجازة بعد ظهر يوم الجمعة في تموز (يوليو) وآب (أغسطس). وتحمل هذه الإجراءات معها توقعات بأن 40-60 في المائة من وقت العاملين سيقضونه مع زملاء آخرين في مكتب برايس ووترهاوس كوبرز أو في أماكن العمل التابعة للعملاء.
إيلين أردن، مديرة مجموعة الموارد البشرية في بنك إتش إس بي سي، الذي كان يعمل أقل من 10 في المائة من موظفيه على مستوى العالم من مكاتبهم أثناء الجائحة، تقول: “سنضيع الفرصة إذا عدنا إلى العمل بالطرق القديمة. السؤال هو كيف نحصل الآن على أفضل ما في التجربتين”.
تضيف أن البنك يشجع أي محادثات للبحث عن أفضل سبل العمل، ما يعكس نهجا أكثر فاعلية لوظائف الأفراد وفرقهم وعملائهم – وقد قام العديد منهم بتكييف أنماط عملهم بما في ذلك التحول إلى خدمات مصرفية أكبر عبر الإنترنت، الأمر الذي يقود إلى تداعيات في المستقبل تتعلق بترتيب إجراءات العمل.
إدارة الاختلافات
انخفاض معدلات الدخول إلى المستشفيات في المملكة المتحدة، المرتبط بارتفاع معدلات التطعيم، يسهل العودة إلى العمل، وكذلك نهاية العطلة الصيفية والعودة إلى المدرسة. وهذا بدوره يخفف من الاضطرابات التي يتعرض لها الآباء.
لكن هيرون يؤكد أن “هناك الكثير من الأمور الثقافية والتنظيمية والسياقية المختلفة التي يجب مراعاتها” في أماكن أخرى من العالم. فالبلدان الأخرى التي تعمل فيها شركة برتيش بتروليوم في حالة إغلاق، وتكافح من أجل الحصول على اللقاح أو تكافح التردد في تلقيه، والإمكانية المحدودة في الحصول على طقم اختبار كوفيد – 19.
يقول هيرون: “لدينا مبادئ مشتركة لكن الترتيبات مختلفة قليلا في كل مكان”. ومن ضمنها مطالبة الموظفين الذين يسافرون إلى مواقع نائية ذات مرافق طبية محدودة بأخذ الاختبارات معهم من أجل الحفاظ على سلامتهم.
تضمنت المبادرات العالمية لشركة برتيش بتروليوم جلسات لتبادل المعلومات مع الموظفين، وبث برامج حوارية رقمية (بودكاست)، وجلسات نقاش مع الأطباء النفسيين لتقديم الدعم في وقت يعتريه عدم اليقين. وحافظت الشركة على مستويات عالية من النظافة والتهوية، وشددت على أهمية ارتداء الموظفين أقنعة الوجه أثناء تنقلهم حول مبانيها.
كما قدمت حوافز ومفاجآت لتشجيع الأجواء الإيجابية في المكتب، مثل دروس اللياقة البدنية ووجبة الإفطار والقهوة المجانيتين. يقول هيرون: “نحن نحاول باستمرار أن نقول من الجيد العودة إلى المكتب”.
من جانبه، دعا بنك إتش إس بي سي الموظفين إلى استخدام قنوات الاتصال الداخلية لمشاركة مقاطع الفيديو عن المتع الصغيرة المرتبطة بالعودة إلى حياة العمل الطبيعية، مثل العودة إلى المقهى المفضل بالقرب من المكتب. يقول أردن: “هذا أفضل من أي شيء في الشركة”.
وبشكل أكثر واقعية، كان البنك يعيد ترتيب تنظيم المكاتب، من خلال إعطائها مزيدا من المساحات المفتوحة، واستخدام نظام للحجز يسمح للفرق بالجلوس سوية في الأيام التي يريدون الاجتماع فيها بصورة شخصية.
ويشعر إليس، من برايس ووترهاوس كوبرز، بالقلق بشكل خاص من أن الشباب بحاجة إلى قضاء بعض الوقت في المكتب لتطوير شبكات العلاقات والتعلم من خلال المبادلات غير الرسمية “والرؤية الخارجية التي يصعب تحقيقها مع استخدام تطبيق زووم”. وقد أجرى محادثات مع موظفين جدد وهو يقول: “إنهم يريدون التوجيهات وليس المرونة الكاملة”.

فايننشال تايمز – أندرو جاك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى