الرئيسيةشبكات اجتماعية

كيف واجه فيسبوك استخدامه بطرق “إجرامية” في الدول النامية؟

هاشتاق عربي

شارك هذا الموضوع:

كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن وثائق داخلية مؤخرًا تتحدث عن أن موظفين في فيسبوك دقوا جرس الإنذار، وهذا في شأن الاستخدامات الخاطئة للمنصة في الدول النامية، والتي بدورها الشركة لم يكن لها رد فعل مناسب وأحيانًا لم يحدث أي شيء أساسًا.

جاء ذلك ضمن سلسلة حلقات تنشرها الصحيفة الأميركية، تغطي اجتماعات ومناقشات دارت داخل أروقة عملاق التواصل الاجتماعي، وركزت الحلقة الأخيرة على انتهاكات المنصة في دول متعددة.

وحسب الوثائق، فقد اكتشف الموظفون أن تجارا للبشر في الشرق الأوسط، استخدموا الموقع لإغراء نساء للعمل في ظروف وظيفية مسيئة، حيث يعاملن مثل “العبيد”، أو يُجبرن على ممارسة الجنس.

وعلى سبيل المثال، حذر الموظفون من أن الجماعات المسلحة في إثيوبيا استخدمت الموقع للتحريض على العنف ضد الأقليات العرقية، ووفقا للوثائق، فقد أرسلوا تنبيهات إلى رؤسائهم بشأن ممارسات تشمل بيع الأعضاء البشرية والمواد الإباحية، وإجراءات حكومية ضد المعارضة السياسية في البلاد.

كما لفتت الوثائق إلى أن الشركة لم تحظر، بشكل كامل، نشاط تحالف إجرامي مكسيكي ينشط في تجارة الممنوعات، بما في ذلك المخدرات والسلاح. رغم أن الوثائق تقول إن الشركة أزالت محتوى مرتبطا به.

ولم يخف التحالف، الذي يقول مسؤولو إنفاذ القانون، إنه أكبر تهديد إجرامي للمخدرات للولايات المتحدة، نشاطه، بل تظهر الوثائق أن لديه صفحات متعددة على فيسبوك، تظهر صورا لجرائم دامية وحتى بنادق مطلية بالذهب.

واكتشف نشاط التحالف الإجرامي ضابط سابق، يعمل لدى فيسبوك منذ عام 2018، إذ حدد أفراده الرئيسيين، وتتبع المدفوعات التي دفعت مثلا للاعتداء على أشخاص، واكتشف مع فريقه كيف كان يتم تجنيد المراهقين الفقراء للانخراط بمعسكرات تدريب على القتل.

وطلب الضابط السابق، الموظف الحالي في فيسبوك، من فريق آخر بالشركة مكلف بالتنسيق بين الأقسام المختلفة، البحث في طرق للتأكد من إمكانية فرض حظر على التحالف المكسيكي. لكن ذلك لم يتم بشكل فعال أيضا، وفقا للوثائق، وذلك لأن الفريق المكلف بالمهمة “لم يتابع تنفيذها”.

وأوصى الشرطي السابق الشركة بتطوير متابعتها، لضمان فرض الحظر، والسعي إلى فهم نشاط التحالف بشكل أفضل.

وكان فيسبوك أعلن خطة إصلاحات خلال الأعوام السابقة تهدف إلى ضمان أن تكون المنصة مكانا “صحيا”بشكل أفضل، وتشجيع المناقشات وتبادل الأفكار في العديد من القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لكن الخوارزميات التي جرى اعتمادها أدت إلى نتائج عكسية، طبقا لـ”وول ستريت جورنل”.

وقال بريان بولاند، الذي شغل منصب نائب رئيس فيسبوك، وأشرف على الشراكات مع مزودي الإنترنت في أفريقيا وآسيا، قبل استقالته نهاية العام الماضي، إن الشركة تتعامل مع الضرر الحاصل في البلدان النامية على أنه “مجرد تكلفة ممارسة الأعمال التجارية” في تلك الأماكن.

وقال إن فيسبوك ركز جهوده في مجال السلامة على الأسواق الأكثر ثراءً، وذلك مع الحكومات والمؤسسات الإعلامية القوية، مع تحوله إلى البلدان الفقيرة من أجل زيادة عدد المستخدمين، مشيرا إلى أنه “نادرا ما يكون هناك جهد كبير ومتضافر للاستثمار في إصلاح تلك المناطق”.

ويضم العالم النامي بالفعل مئات الملايين من مستخدمي فيسبوك، وأكثر من 90 بالمئة من المستخدمين شهريا هم الآن خارج الولايات المتحدة وكندا.

ومع توقف نمو أعداد المستخدمين إلى حد كبير في أميركا وكندا وأوروبا، يأتي جميع مستخدمي فيسبوك الجدد تقريبا من البلدان النامية، حيث تعد المنصة قناة الاتصال الرئيسية ومصدر الأخبار عبر الإنترنت.

محنة كيماني
وحسب الصحيفة، وبعد ظهور تلك المشكلات بشكل علني، أعلنت فيسبوك أنها تعالجها بإزالة المنشورات المسيئة. لكنها لم تصلح الأنظمة التي سمحت للمخالفين بتكرار السلوك السيئ.

وبدلا من ذلك، تُعطى الأولوية للاحتفاظ بالمستخدمين، ومساعدة شركاء الأعمال، وفي بعض الأحيان لاسترضاء الحكومات الاستبدادية، التي يحتاج فيسبوك دعمها أحيانا للعمل داخل حدودها، كما تظهر الوثائق.

في عام 2020، قضى موظفو فيسبوك أكثر من 3.2 مليون ساعة في البحث وإزالة معلومات خلصت الشركة إلى أنها خاطئة أو مضللة.

تشير الوثائق إلى أنه تم إنفاق 13 بالمئة فقط من تلك الساعات في العمل على محتوى من خارج الولايات المتحدة، كما أمضت الشركة ما يقرب من ثلاث أضعاف ساعات البحث خارج الولايات المتحدة في العمل على “أمان العلامة التجارية”، مثل التأكد من عدم ظهور الإعلانات جنبا إلى جنب مع محتوى قد يعتبره المعلنون مرفوضا.

وعمل فريق من المحققين، بينهم ضابط شرطة سابق، وخبير مالي بولندي، وخبير مغربي في شؤون اللاجئين كان يعمل سابقا بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بالتحقيق في قضايا الاستغلال البشري على منصة فيسبوك وجمعوا أدلة على حدوث اتجار بالبشر.

وعبر البحث، رصد المحققون شبكات إجرامية تجند أشخاصا من البلدان الفقيرة، لتنسيق سفرهم وتوظيفهم في الخدمة المنزلية أو العمل القسري في الجنس بدول الخليج العربية، حيث سهلت منتجات فيسبوك تلك الخطوات، وتتبع المحققون الاتصالات عبر المنصات لتحديد الجناة والضحايا.

واكتشف فيسبوك عصابة للدعارة استخدمت الموقع لتجنيد نساء من تايلاند ودول أخرى. وبحسب تقرير تحقيق داخلي، فقد احتُجزت العصابة النساء وحرموهن من الطعام وأُجبروهن على أداء أفعال جنسية في صالونات التدليك بدبي.

وفي واقعة أخرى، قرأت معلمة كينية من نيروبي تدعى، باتريشيا وانغا كيماني، إعلان توظيف على فيسبوك يعد بتذاكر سفر وتأشيرات مجانية، وذلك رغم حظر الشركة إعلانات التوظيف التي تروّج لمصاريف السفر والتأشيرات المجانية.

وأوضحت كيماني أن “معظم المنشورات كانت تشير إلى الحاجة إلى عمال نظافة في السعودية”، وأوضحت أنها وعدت بمبلغ 300 دولار شهريًا للعمل في خدمات التنظيف في الرياض، لكنها لم تحصل على ذلك الأجر المتفق عليه.

ففي مطار نيروبي، قدم لها المتعهد عقدا للتوقيع، حيث تبين أنها ستحصل على أجر أقل بنسبة 10 بالمئة مما وعدت به، وأن صاحب العمل فقط هو الذي يمكنه إنهاء العقد، وإذا أرادت كيماني ترك هذا العمل، فستفقد تأشيرتها وستكون في السعودية بشكل غير قانوني. وعندها أبدت المعلمة الكينية رغبتها في التراجع عن السفر.

لكن المتعهد رد قائلا إن عقد العمل “تم بيعه” بالفعل إلى صاحب العمل، ولذلك سيتعين على الوكالة تعويضه، وسيتوجب عليها هي دفع ذلك التعويض.

وبما أن كيماني لم تكن تمتلك مالا، فقد اضطرت إلى السفر الرياض، فيما احتفظت الوكالة بجواز سفرها.

هناك، عملت كيماني في أحد المنازل، حيث وصفتها امرأة بـ “كلبة”، وكانت تقيم في غرفة تخزين بلا تكييف، وقالت إنها كانت تعمل من الخامسة صباحا حتى الغسق في التنظيف، بينما كانت “منفصلة تماما عن بقية العالم”.

بعد ذلك تقول كيماني إنها مرضت ولم يُسمح لها بالعلاج، ولم تحصل على أي أجر.

بعد شهرين، أخبرت الشابة الكينية الوكالة أنها ترغب في العودة إلى بلادها، لكن الرد جاء أنها ينبغي أن تدفع ألفي دولار لتحرير نفسها من العقد، وهي قطعا لا تملك المال لذلك.

نشرت كيماني تفاصيل محنتها على فيسبوك وأعلنت اسم شركة التوظيف التي لم تلبث أن أنهت عملها، وتركتها في مركز للترحيل.

في المقابل يرى المتحدث باسم فيسبوك، آندي ستون، أن فيسبوك تمتلك استراتيجية شاملة في البلدان المعرضة لخطر الصراع والعنف، “بما في ذلك الاعتماد على فرق عالمية، مع متحدثين أصليين يغطون أكثر من 50 لغة، والموارد التعليمية، والشراكات مع الخبراء المحليين ومدققي الحقائق التابعين لجهات خارجية للحفاظ على سلامة الناس”.

ويقول ستون: “نحن نحظر الاستغلال البشري بعبارات لا لبس فيها. نحارب الاتجار بالبشر على منصتنا منذ عام 2015 ويبقى هدفنا منع أي شخص يسعى لاستغلال الآخرين من امتلاك موقع على منصتنا”.

ويتابع: “لدينا فريق متخصص يعمل مع وكالات إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم. في حالات الضرر الوشيك، يجوز لنا أيضا تقديم المعلومات ذات الصلة إلى جهات إنفاذ القانون، وذلك وفقا للقوانين المعمول بها وشروط الخدمة الخاصة بنا”.

الحرة

الحرة قناة فضائية مقرها في الولايات المتحدة الأميركية وتمولها حكومة الولايات المتحدة. بدأت البث في 14 فبراير، 2004 وتصل إلى 22 بلد عبر الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى